المحتوى الرئيسى

خبراء يطالبون بتصعيد «الحرب الإلكترونية» لمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية

01/02 22:58

الجندى: لا يوجد قانون مصرى يوصف الجريمة الإرهابية الإلكترونية.. الألفى: غياب الدليل الملموس بسبب وسائل الحماية يسهل مهمة المجرمين

تجنيد داعش شابين عبر الإنترنت يدفع الداخلية لإطلاق «أسس المواجهة الأمنية الإلكترونية للإرهاب»

كان اكتشاف وزارة الداخلية أخيرا تجنيد تنظيم «داعش» الإرهابى شابين من مدينة نصر عبر وسائل التواصل الاجتماعى، ثم تدريبهما فى مدينة الإسماعيلية لمدة 6 أشهر على تنفيذ عملية إرهابية باسم «المهاجر» التى أسفرت عن استشهاد قاض واثنين من رجال الشرطة فى فندق بالعريش إبان المرحلة الأخيرة من انتخابات مجلس النواب، ثم نشر «داعش» صور للشابين للتأكيد على نجاحهما فى تنفيذ الجريمة بمثابة ناقوس خطر لاستخدام التكنولوجيا فى استقطاب الشباب لمستنقع الإرهاب وهو ما يعنى أن الحرب ضد الارهاب لم تعد بالسلاح فقط إذ تتطلب مواجهة حاسمة مع خطر هذه التنظيمات الإرهابية التى باتت تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعى.

وأعلنت وزارة الداخلية ما وصفته بـ«الحرب الإلكترونية» على الإرهاب إذ نظمت ندوة شارك فيها عدد من خبراء أمن المعلومات ومسئولين بالجامعات وشركات الاتصالات لتنفيذ ما أطلقت عليه «أسس المواجهة الأمنية للإرهاب».

كان الرئيس عبدالفتاح السيسى حذر من أن تكنولوجيا الإرهاب تشكل خطرا على الدول العربية، مطالبا بالمواجهة الإلكترونية الحاسمة، وهو يؤكده الدكتور محمد الجندى خبير أمن المعلومات وأستاذ تكنولوجيا المعلومات بجامعة 6 أكتوبر، الذى رصد معوقات المواجهة الإلكترونية للإرهاب منها عدم وجود قانون مصرى يوصف الجريمة والأدلة التى يمكن بها مواجهة الإرهابى، فضلا عن عدم وجود إدارات بالمواقع المهمة مثل «جوجل» و«فيس بوك» وغيرهما داخل مصر إذ يوجد مندوبون فقط ما يحد من القدرة على المواجهة الحاسمة لهذه المخاطر التكنولوجية.

وأشار إلى أن وزارة الداخلية تخاطب المقار الرئيسية للشركات العالمية المنوط بها إدارة شبكات التواصل الاجتماعى، وهذا يقف حائلا أمام الوزارة ويعطل عملها، مطالبا بتشريع قانونى يجرم هذه التصرفات الإلكترونى، مشيرا إلى أن السعودية والإمارات نجحتا فى التصدى لأنشطة هذه التنظيمات عبر مواقع التواصل الاجتماعى بقوانين صارمة، وأشادت بهما جميع الدول الأجنبية.

وأشار الجندى إلى أن التطرف والإرهاب الإلكترونى انتقل من تنظيمات إلى أخرى تحت مسمى الجهاد الإلكترونى وهناك متطوعون لديهم خبرة بالإنترنت يعملون لحساب تلك الجماعات، مؤكدا أن الجماعة الإسلامية فى مصر هى أول من استخدمت الإنترنت فى الإرهاب عام 1996 وبعدها تنظيم طالبان والقاعدة فى معارك الروس فى أفغانستان والتواصل مع بن لادن وقتها وأخيرا داعش وغيره من التنظيمات المتفرعة منه.

وأضاف أن استخدام التكنولوجيا فى الجرائم الإرهابية ليس مقتصرا على داعش فقط، لكن هناك تنظيمات متنوعة تنتهج نفس أسلوب التنظيم الإرهابى مثل «بوكو حرام» النيجيرية، وكل هذه التنظيمات ترتبط عبر وسائل التواصل الاجتماعى وتخطط لتجنيد الشباب وسرقة البنوك ورجال الأعمال وبيع السلاح والبترول العراقى وغيره من أساليب النصب والاحتيال للحصول على مصادر التمويل .

وطالب الجندى بسرعة إصدار قانون مصرى لتوصيف الجريمة الإرهابية الإلكترونية، ووضع آليات قوية لرفع قدرات أجهزة الأمن للتعاون مع الدول العربية لتكوين سياج إلكترونى عربى لمواجهة داعش.

واتفق المستشار حاتم جعفر رئيس المكتب الفنى لمركز المعلومات القضائى مع الجندى بضرورة إعداد تشريع مصرى يبلور فى قانون يوصف الجريمة الإلكترونية ويضع سياسات واضحة لمواجهة هذه النوعية من الجرائم الخطيرة، مشيرا فى ورقة قدمها فى مؤتمر «ملتقى الشرق الأوسط لحماية أمن المعلومات» الذى عقد فى القاهرة إلى أن مصر تستخدم قانون مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية وقانون العقوبات فى مثل هذه الجرائم الإلكترونية هذا بالإضافة إلى المادة 113 من قانون 1994 الذى يعاقب من يقوم بجمع معلومات وأيضا قانون الطفل رقم 12 لسنة 196 والمعدل فى 2008 وقانون حماية الملكية الفكرية وقانون الاتصالات رقم 10 لسنة 2008 وقانون التوقيع الإلكترونى رقم 15 لسنة لكن مازالت مشروعات القوانين الخاصة بالأمن الإلكترونى وهى 8 تقريبا حبيسة الأدراج على الرغم من موافقة مجلس الوزراء ووزارة الداخلية.

فيما قال المستشار محمد الألفى رئيس الجمعية المصرية لمكافحة جرائم المعلوماتية والإنترنت أن مشكلة الجرائم تكمن فى غياب الدليل المرئى الممكن بالقراءة فهمه، حيث إن أكثر ما تتيحه النظم المعلوماتية من أدلة على هذه الجرائم بيانات غير مرئية، ولا تفصح عن شخصية معينة عادة.

وكشف عن أن تجميع الأدلة لإثبات وقوع الجريمة الإلكترونية والتعرف على مرتكبها هو أحد أبرز المشكلات التى يمكن أن تواجه جهات التحرى والملاحقة خصوصا فى جرائم الإنترنت التى تعتمد على البريد الإلكترونى إذ يكون من الصعب على جهات التحرى تحديد مصدر المرسل مثلا، فضلا عن أن الإنترنت عالم لا يلتزم بمكان ولا بزمان ولا بحدود فمن الصعب التوصل إلى مرتكبى الجرائم الواقعة فى ذلك السياق أو البحث عن دليل أو أثر تقليدى مثل المحررات المزورة فى التزوير المادى ولكن على الإنترنت فإن جريمة التزوير يتم دون تحديد شخص مرتكبها أو ضبط المحرر المزور.

وأشار الألفى إلى أن صعوبة الوصول إلى الدليل بسبب وسائل الحماية الفنية كما نجد فى كبرى المواقع العالمية على الإنترنت التى تحيط البيانات المخزنة على صفحاتها بسياج من الحماية الفنية لإعاقة المحاولات الرامية للوصول غير المشروع إليها لتدميرها أو تبديلها أو الإطلاع عليها أو نسخها، كذلك يمكن للمجرم زيادة صعوبة ضبط دليل يدينه كاستخدام كلمات مرور بعد تخريب الموقع مثلا، كما يشكل استخدام تقنيات التشفير أحد أكبر العقبات التى تعوق جهات التحرى.

والكارثة كما يقول الألفى أان سهولة محو الدليل أو تدميره فى زمن متناهى القصر من أهم الصعوبات الإضافية التى أن يمكن تعترض إثبات مجال تلك الجرائم بسهولة، إضافة لسهولة تنصل المتهم من مسئولية هذا العمل حسبما تشهد بذلك وقائع عديدة مثل قيام الجانى بالتوجه إلى أى «مقهى إنترنت» والدخول على أحد المواقع وإرسال رسالة على البريد الإلكترونى لآخر تحوى عبارات سب وقذف ويقوم بمحو الدليل وإرجاع كل شىء كما كان عليه والانصراف.

ويضاف إلى ذلك كما يقول الألفى الضخامة البالغة الكم للبيانات المتعين فحصها والإحجام عن الإبلاغ فى مجتمع الأعمال مثل المصارف والبنوك ومؤسسات السمسرة، حيث تخشى مجالس إداراتها عادة من أن تؤدى الدعاية السلبية التى قد تنجم عن كشف هذه الجرائم أو اتخاذ الإجراءات القضائية حيالها إلى تضاؤل الثقة فيها من جانب المتعاملين معها ونقص خبرة الشرطة وجهات الإدعاء والقضاء.

وطالب الألفى بضرورة أن يعكف عدد من خبراء وزارتى الاتصالات والعدل على تنقيح مشروع قانون «الأمن الإلكترونى» حتى يظهر بالشكل الملائم لطبيعة المجتمع المصرى، لافتا إلى أن الولايات المتحدة أصدرت قانونا مستقلا لجرائم الإنترنت، فيما عدلت فرنسا القوانين الوضعية الحالية، أيضا السعودية والإمارات أصدرتا قوانين خاصة تصف الأفعال التى ترتكب على الشبكات وتجرمها وتضع الشكل العقابى لها. وطالب بتشكيل لجنة دولية عربية تنبثق منها لجان محلية مهمتها رصد تطور تلك الجرائم واقتراح التعديلات التشريعية اللازمة وذلك بصفة مستديمة وسريعة مع ضرورة دعم القضاء المتخصص فى الجرائم التكنولوجية نظرا لتزايدها وتكاثرها وتدريب رجال الشرطة والنيابة والمحامين وتثقيفهم بصفة دائمة فى مجال الجرائم المعلوماتية والاتصالات بواسطة التعليم عن بعد عن طريق الحاسوب والإنترنت.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل