المحتوى الرئيسى

«قصر العينى» يطلق حملة لمواجهة ظاهرة «الموت المفاجئ»

12/29 12:11

«إثر أزمة مفاجئة» جملة أعقبت العديد من أسماء المشاهير الذين مثّل رحيلهم المفاجئ صدمة فى أوساط من يعرفونهم، النائب السابق طلعت السادات، توفى فجأة إثر أزمة قلبية، كذلك الأمر مع الخبير الاقتصادى صلاح جودة، الذى توفى أثناء ممارسته الرياضة بأحد النوادى الشهيرة وقبل وصوله إلى المستشفى، ونهاد عبدالعزيز محمود زوجة المنتج والموزع السينمائى محمد حسن رمزى كانت ضمن ضحايا الأزمات المفاجئة، السبب ذاته كان وراء رحيل راشد بن محمد، نجل حاكم دبى، الذى ضجت لأجله وسائل التواصل متعجبة من الوفاة المفاجئة للرياضى الأول فى الإمارات، «كانوا بصحة جيدة» قاسم مشترك بين الضحايا جميعاً، يرحلون تاركين خلفهم أسراً لا تكاد تفهم السبب الذى أودى بحياة أقرب الناس دون سابق إنذار، أغنياء وفقراء، ذوو صحة جيدة ومرضى، مشاهير ومواطنون عاديون بسطاء، الكل أصبح هدفاً للموت المفاجئ.

الإحصاءات غائبة عن سجلات الدولة.. والأسباب كثيرة وغير محددة.. والضحايا شباب وكبار سن من الرجال والنساء بعضهم لا يعانى أى أمراض

منار سعد، شابة بورسعيدية، تتذكر كيف تلقت خبر وفاة والدها قبل عدة أشهر غير مصدقة، فالوالد الذى توفى عن 60 عاماً لم يكن يشكو من أى أمراض «بابا كان شديد، وصحته كويسة جداً، حتى لو تعبان كان بيقوم وينزل شغله وعمره ما رقد، فجأة ودون مقدمات مات»، تتذكر اليوم الحزين: «كان عنده مشاكل فى المثانة ومركب قسطرة ورايح يشيلها عند دكتور المسالك البولية، مجرد ما دخل العيادة اتوفى، الدكتور مالمسهوش، وكان مستغرب جداً، لما قالوا لى مات لم أصدقهم، وأصريت أروح أشوفه بنفسى وأتأكد لأنى عارفة أبويا، لم أكن مقتنعة، قلت يمكن جاله سكر ودخل فى غيبوبة فجأة، أكيد هم فاهمين غلط، ولحد دلوقتى مش فاهمة إزاى كان بيتكلم معايا وكويس جداً ورايح على قدميه ولوحده وبيجهز عشان ينزل شغله، يتوفى فجأة»، تتذكر مشهد الوالد عقب الوفاة: «هو هو بصحته الكويسة وجسمه المليان»، التعليل الذى قاله الأطباء حول الوفاة فى الشهادة التى جرى إصدارها تمهيداً للدفن، «هبوط حاد فى الدورة الدموية»، لكنه لم يكن مرضياً لشقيقها الذى انفعل على الطبيب المعالج: «يعنى إيه؟ بابا كان سليم ومفيهوش حاجة»، الصدمة التى تلقتها «منار» وشقيقها لم تكن صدمة فى الوالد فقط، لكنها تكررت كذلك مع الجد الذى توفى بنفس الطريقة: «كانت صحته كويسة جداً وعمره ما اشتكى من حاجة، كان بياكل فاكهة فجأة شرق وتقيأ ثم مات وسطنا، كان أكبر من بابا بشوية، بس صحته حلوة».

أمثلة عديدة، وحالات متباينة، تعرضت للمفاجأة المؤلمة ذاتها خلال الفترة الأخيرة، الشباب أيضاً أصبحوا فى مرمى الهدف، «مصطفى عز»، الشاب العشرينى، كان أحد هؤلاء، فقد حياته فجأة دون أى سابق، لا تزال زوجته شيماء مصطفى تحاول الاستيعاب: «كنا مع بعض بنتكلم عادى وفجأة سكت واتوفى»، هكذا سارت الأمور مع الزوج الذى لم يبلغ الثلاثين عاماً بعد، تضيف: «كان كويس، عمره ما اشتكى من أى حاجة، مجرد بطنه كانت بتوجعه ورحنا للدكتور قال عنده التهاب فى المعدة، الكلام ده قبل وفاته بـ3 شهور»، يومه الأخير مرّ طبيعياً تماماً، كان عامراً بالضحك والنقاش والحديث الهادئ، لم تتخيل زوجة «مصطفى» أن ما حدث لزوج صديقتها عقب 13 يوماً من الزواج فقط، سيتكرر مع زوجها: «أيوه ناس كتير بتموت فجأة لكن التجربة صعبة، اللى مجننى إنى مش عارفة السبب إيه ولغاية دلوقتى بسأل إيه سبب السكتة القلبية؟ ماكانش منفعل، ولا فيه أى حاجة مضايقاه، لدرجة إنى شكيت إنه أخد حاجة تسببت فى وفاته، لكن رجعت وقلت أنا عارفة جوزى كويس، مستحيل ياخد حاجة عمره ما عملها».

«الجوهرى»: الظاهرة منتشرة فى أوساط الشباب وأغلب حالات الوفاة تعود لتوقف القلب دون مقدمات

صحيح أن مصطلح «الموت المفاجئ» أصبح يتكرر بكثرة خاصة مع سحب بعض الأدوية من السوق المحلية والعالمية بدعوى أنها سبب رئيسى وراء ارتفاع معدلاته، لكن يبدو أن الموضوع أكبر من ذلك بكثير، للدرجة التى دعت الكلية المصرية لأطباء الحالات الحرجة، تحت قيادة الدكتور شريف مختار، إلى قيادة حملة لمواجهة الظاهرة التى لاحظوا انتشارها، الدكتور طارق سمير الجوهرى، أستاذ طب الحالات الحرجة فى كلية طب قصر العينى، وعضو وحدة «شريف مختار» التى دشنت الحملة، قال «الظاهرة منتشرة خاصة فى أوساط الشباب، صحيح أنه لا توجد إحصاءات توضح حجم الضحايا، لكن بالتأكيد الكل لاحظها بين الأقارب والأصدقاء أو الزملاء، وأغلب حالات الوفاة المفاجئة تعود لتوقف القلب دون أى مقدمات، لكن ما لا يعلمه الكثيرون أن أقارب المتوفى بهذا الأمر، من الدرجة الأولى يكونون معرضين بشكل أكبر لحدوث تلك المأساة وبشكل مفاجئ أيضاً»، الحملة التى دشنتها واحدة من أهم وحدات علاج الحالات الحرجة فى مصر، التى تأسست قبل 30 عاماً، تعتمد على محورين أساسيين: «الأول عبارة عن مسح شامل للمواطنين العاديين الذين لا يعانون من أى أمراض وفى أماكن تجمعاتهم مثل المصانع والمدارس والنوادى، عبر فحصهم إكلينيكياً وإجراء رسم قلب لكل منهم، ومن يظهر لديه مشكلة أو يعطى معلومة أن له قريباً توفى فجأة يتم التعامل معه بشكل أعمق لعمل مزيد من الفحوصات الأكثر تعقيداً كعمل أشعات مهمة، وتركيب أجهزة صدمات القلب الداخلية للوقاية من هذه الأزمات مجاناً، أما الجزء الثانى فهو التعامل مع أقسام الطوارئ فى جميع مستشفيات الوزارة والجامعة والتأمين الصحى لجمع معلومات عن عدد الذين يصلون لأقسام الطوارئ فى حالة التوقف المفاجئ للقلب سواء استجابوا للإسعافات الأولية أم لا، الجهود رغم إيجابيتها الشديدة، لكنها غير مكتملة تصطدم فى كثير من الأحيان بصعوبات الروتين وعوائق البيروقراطية: «نجد مقاومة من بعض الأطباء والمستشفيات، الكثيرون يعجزون عن العمل ضمن فريق»، «الجوهرى» أشار إلى اكتشافهم حالات عديدة بين الأطفال، موجهاً الدعوة إلى كل من يعلم أن شخصاً توفى فجأة أن يبادر بالتوجه مباشرة إلى مركز رعاية الحالات الحرجة بقصر العينى لإجراء جميع الفحوص بالمجان، يؤكد: «سكرتارية القسم لديهم تعليمات ويقومون بترتيب كل الإجراءات فوراً لأقارب المتوفى من الدرجة الأولى وفى مقدمتهم الأبناء والأشقاء».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل