المحتوى الرئيسى

آخرهم «أبوعلم».. عام الحزن يصيد الظبى قرب النبع

12/26 12:40

بنظرة شاملة إلى الثقافة العربية، والمصرية خصوصًا، يكون عام 2015 الأكثر قسوة، بعد وفاة عددًا كبيرًا من المبدعين، ممن حققوا حضورًا بارزًا طوال مسيرتهم الإبداعية.

بدأ 2015 أيامه كأنه يستدعى الموت، ففى فبراير رحل عن عالمنا سليمان فياض، الفدائى فى فلسطين‏ والـ«نمام» فى بلاد الحواديت، فبعد استجابة وزارة الثقافة لطلب علاجه على نفقة الدولة بساعات قليلة، توفى تاركًا أثر خطوات مشواره الطويل مع الإبداع لمن يتعقبها، فضلًا عن مشاريعه اللغوية الهامة، التى تظل تبحث عن قارئ يهمه الأمر.

الروائى سليمان فياض، ولد فى فبراير 1929، بقرية برهمتوش، مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، وحاز على شهادة العالية من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر 1956، وحاز على شهادة العالية من الإجازة فى التدريس "تعادل درجة الماجستير" من الكلية نفسها 1959.

حصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1970 من المجلس الأعلى للآداب والفنون والعلوم الاجتماعية عن مجموعته القصصية الثانية "وبعدنا الطوفان"، بالإضافة لجائزة الشاعر سلطان العويس من الإمارات العربية المتحدة عام 1994 فى حقل القصة، جائزة الدولة التقديرية فى الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 2002، وكرمه ديوان العرب بمنحه درع المجلة فى 2006 تقديرا لجهوده الأدبية.

بدأ الربع الثانى من 2015، وأعلن أبريل عن رحيل الشاعر عبد الرحمن الأبنودى، فودعه المثقفون بترديد قصائده: «لما بلغنا الخبر، اتزحم الباب، وجونا الأحباب، ده يغسل، ده يكفن، ده يعجن كف تراب، وهو كان موصي لا تحمله إلا كتوف إخوان، أكلوا على خوان، وما بينهمش خيانه ولا خوان، وإلا نعشه ما حينفدش من الباب، ما أجمل نومه على كتوف أصحابه».

ولد الأبنودى عام 1938 فى قرية أبنود بمحافظة قنا فى صعيد مصر، لأب كان يعمل مأذونًا شرعيًا وهو الشيخ محمود الأبنودى، وانتقل إلى مدينة قنا، حيث استمع إلى أغانى السيرة الهلالية التى تأثر بها الشاعر، الذى تزوج من المذيعة المصرية نهال كمال، وله منها ابنتان آية ونور.

قدم عددًا كبيرًا من القصائد الشعرية والدواوين بالعامية المصرية، كما كتب أغانى العديد من المسلسلات مثل "النديم"، و"ذئاب الجبل"، و"شئ من الخوف"، و"البرىء"، وقدم دوره فى مسلسل "العندليب حكاية شعب" الفنان محمود البزاوى.

أبريل المنصرم، لم يكن خفيفًا على قلوب الإبداع العربى، فبعدما حاز على روح وجسد "الأبنودى"، رحل عن عالمنا أيضا محمد الفيتورى، شاعر إفريقيا والعروبة.

درس أعماله الشعرية طلبة كليات الآداب قسم اللغة العربية فى مصر، فى ستينيات وسبعينيات القرن الماضى، ونسمع معًا عددًا من الأغنيات التى قدمها بصوت كبار المطربين في السودان، بلا مبالغة هو أحد أهم أعمدة الحركة الأدبية العربية المعاصرة، وظلت القارة السمراء مسرحًا أساسيًا فى نصوص الفيتورى الشعرية، التى شكلت محنة الإنسان الإفريقى وصراعه ضد الرق والاستعمار ونضاله التحررى.

قال "الفيتورى" في أغنية قديمة له: أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باق/ وإذا الفجر جناحان يرفان عليك/ وإذا الحسن الذى كحل هاتيك المآقى/ التقى جيل البطولات بجيل التضحيات/ التقى كل شهيد قهر الظلم ومات/ بشهيد لم يزل يبذر في الأرض بذور الذكريات/ أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا/ بالذى أصبح شمسًا فى يدينا/ وغناءً عاطرًا تعدو به الريح، فتختال الهوينى".

مرت الأشهر بلا حزن على فراق مبدع أو كاتب، وظل الموت ذو ظل خفيف، حتى أكتوبر الماضى، ليرحل الأديب المصرى جمال الغيطانى عن عمر يناهز السبعين عامًا، بعد تدهور حالته الصحية فى أحد مستشفيات العاصمة المصرية القاهرة.

ولد الغيطاني عام 1945، وعمل فى الصحافة، ورأس تحرير صحيفة أخبار الأدب، وما بين أول قصة قصيرة كتبها عام 1959 بعنوان "نهاية السكير"، ومجموعته القصصية "أوراق شاب عاش منذ ألف عام"، كتب الغيطانى ما يربو على خمسين قصة قصيرة، ثم اتجه إلى الكتابة الروائية.

ينتمى الغيطانى إلى جيل من الروائيين وكتاب القصة المصريين الذين بزغوا بعد هزيمة عام 1967، مشكلين "موجة جديدة" فى السرد، كل يبحث عن طريق وهوية إبداعية، ومنهم إبراهيم أصلان وصنع الله إبراهيم وعبد الحكيم قاسم ويحيى الطاهر عبدالله.

من أهم مؤلفاته "التجليات"، "الزينى بركات"، "الخطوط الفاصلة"، "وقائع حارة الطبلاوى"، وأعمال قصصية وروائية أخرى.

منذ أكتوبر ولم يدخر الموت فرصة لانتقاء أرواح المبدعين والارتقاء بها بعيدًا عن عالمنا، فبدأ نوفمبر أيامه بوداع المثقف والناقد والمترجم والناشط اليسارى خليل كلفت، المولود بالنوبة فى 9 أبريل 1941، وسبق أن أجرى عملية زراعة الكبد فى 27 أبريل 2007 فى إيطاليا، لإصابة الكبد بالسرطان.

بدأ حياته منذ منتصف الستينيات مع كوكبة اليسار المصرى، وشارك فى إثراء المشهد النقدى آنذاك، عبر مقالاته ودراساته الأدبية التى كان ينشرها فى مجلتي جاليرى 68 المصرية، والآداب الييروتية، بالإضافة لجريدة المساء، وكتب عن الشعراء خليل حاوى وعبد الوهاب البياتى وشعراء المقاومة ومحمد إبراهيم أبو سنة، وكتب سلسلة مقالات يردّ فيها على أدونيس وغالى شكرى وآخرين، بعنوان "حملة مشبوهة ضد شعر المقاومة"، وغير ذلك من مقالات وأبحاث، جمع معظمها ونشرها فى كتابه "خطوات فى النقد الأدبى.

بعدها انخرط خليل كلفت مع رفاقه في تأسيس التنظيم الشيوعى المصرى فى 8 ديسمبر 1969 بالتحديد، والذى تحول اسمه بعد ذلك إلى "حزب العمال الشيوعى المصرى، وكان يعتبر رأس حربة فى الحزب، وكتب عددًا هائلًا من الكتب والدراسات النظرية السياسية تحت هذا الاسم الحزبى.

ارتفعت أمواج الموت وحصاده تزامنًا مع أمواج الشتاء القاسية، واستمر نوفمبر في حصد الأرواح، فعقب أزمة قلبية طارئة ألمت بـ"المسناوى"، توفى فى القاهرة الناقد السينمائى وأستاذ الفلسفة بالجامعات المغربية، عن عمر يناهز 62 عامًا.

جاء القاهرة متابعًا لفعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، فهو أحد أهم نقاد السينما بالوطن العربى، ومستشار وزير الاتصال المغربى لشؤون السينما، وأستاذ الفلسفة بالجامعات المغربية، وله العديد من الإصدارات والترجمات، ومئات المقالات النقدية فى كبرى الصحف المغربية والعربية.

ولد سنة 1953 بالدار البيضاء، والتحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، وتعرض للاعتقال سنة 1974 فى قضية سياسية، وأطلق سراحه فى 1976، وحصل على الإجازة فى الفلسفة سنة 1977 ثم على دبلوم الدراسات المعمقة، وكان يشتغل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء.

انضم إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1973، ساهم فى تحرير مجلة «الثقافة الجديدة»، كما عمل مديرًا لجريدة «الجامعة»، ولمجلة «بيت الحكمة» المختصة فى الترجمة، ويتوزع إنتاجه بين القصة القصيرة والترجمة عن الفرنسية والإسبانية، وله عمل قصصى وترجمتان.

لم يكتف نوفمبر بهذا القدر، فحصد كذلك روح شهرزاد الرواية المغربية، التى ودعتنا عن عمر يناهز 75 عامًا، جراء صراع طويل عاركت خلاله آلام المرض.

ولدت فى مدينة فاس المغربية، وعملت أستاذة فى جامعة محمد الخامس بالرباط، كما شاركت فى أبحاث ومحاضرات بجامعات أوروبا وأميركا. ومن أبرز أعمالها، كتب: "شهر زاد ترحل إلى الغرب، نساء على أجنحة الحلم، ما وراء الحجاب، الإسلام والديمقراطية، أحلام النساء الحريم، هل أنتم محصنون ضد الحريم؟".

وتناقش كتاباتها، الإسلام والمرأة وتحليل وتطور الفكر الإسلامى، ولها مساهمات فى إطار المجتمع المدنى والمساواة وحقوق المرأة، حصلت فى مايو 2003، على جائزة الأمير استورياس للأدب، أرفع الجوائز الأدبية الإسبانية، مناصفة مع الأديبة الأمريكية سوزان سونتاج، كما صنفتها مجلة أرابيان بزنس، كواحدة من ضمن 100 سيدة عربية مؤثرة.

بمجرد ما أعلن ديسمبر نهاية نوفمبر، وسط أمنيات بأن يتبدل الحال وألا يخسر الوطن العربى أى مبدع آخر فى 2015، بادر ديسمبر وأعلن وفاة الأديب إدوار الخراط، بعدما دخل فى غيبوبة، وتم نقله إلى غرفة العناية المركزة بمستشفى الأنجلو، بعد أن أصيب بالتهاب رئوى حاد، ولم يستجب جسده للمضادات الحيوية.

ولد الخراط بالإسكندرية فى 16 مارس عام 1926 من أسرة ترجع أصولها إلى أخميم بسوهاج، وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية، وله منجز أدبى كبير، تنوع ما بين الرواية والقصة والترجمة والنقد، ومن أشهر رواياته "رامة والتنين- ترابها زعفران".

في نفس اليوم، تلقت الأوساط الثقافية والأدبية المصرية، نبأ وفاة الشاعر الكبير صبرى أبو علم، عن عمر يناهز الـ73 عامًا، بعد صراع مع المرض، وأعلن بعدها عن تشييع جنازته من مسجد المواساة بالإسكندرية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل