المحتوى الرئيسى

أحمد الزغبي يكتب: الضبعة في عيون وقحة | ساسة بوست

12/25 22:23

منذ 2 دقيقتين، 25 ديسمبر,2015

كدولة مركزها قبل الأخير من حيث جودة التعليم، خبراتنا النووية بأقصى تقدير محدودة، وليس هناك أدنى قدر من مشاركة المجتمع في صنع القرار، سنحاول هنا حل عُقد برنامج مصر النووي لكن لنفعل ذلك، نحن بحاجة للتعمق أكثر في الماضي والحاضر والمستقبل، لندخل سريعًا في صميم التساؤلات.

هل مصر بحاجة للطاقة نووية؟

نعم، مصر بحاجة لمصدر طاقة نظيف نسبيًا وذي سعر منطقي وهو بالتأكيد نووي، لكن مشاكله ضخمة، نحن لم نطور بعد منظومة سكة حديدية دقيقة، حيث تتأخر قطارات مصر حتى ساعتين في بعض الأحيان، منظومة نووية على حافة الانفجار هي آخر ما يمكن أن نفكر فيه.

اختيار موقع الضبعة شيء يثبت تعنت السلطة السياسية في عدم التشاركية، ففي حالة كارثة نووية أسهل المدن المتضررة من خطر التعرُّض للإشعاع عن طريق الهواء أو البحر هي مدن كثيفة والأقرب للقاهرة وأقربهم الإسكندرية بسبب توجيه الرياح وقرب الساحل البحري. حتى الاقتراحات الأخرى كمدينة العريش تبدو منطقية أكثر كبديل، على الأقل إسرائيل ستكون أول من يُأمِن المفاعل من مخاطر الإرهاب أو إذا كنّا على يقين من سيطرتنا على سيناء فلا مشاكل إذن.

لما لا نعتمد على طاقة الشمس والرياح؟

حتى إن كنت من مناصري الطاقة المتجددة، لنكن صادقين مقارنة الطاقة النووية بالطاقة المتجددة (الشمسية والرياح) من المقارنات غير العادلة بعض الشيء؛ حيث إن الطاقة المتجددة مازالت مكلفة جدًا والأسوأ أنها تحتاج مساحة أرض ضخمة جدًا مقارنة بالطاقة النووية. نعم هناك جوانب مهمة إيجابية لكنها ليست منطقية حتى الآن لتحمل عبء إنتاج كمي ضخم للطاقة على الأقل في مصر! هناك ثوابت مهمة هي وجوب تبني الطاقة الشمسية بالأخص في أسطح المنشآت الضخمة التي تشغل مساحة كبيرة غير مستغلة، وذلك في الاتجاه لتقليل استهلاك الطاقة قدر الإمكان، لكن لنعد لموضوعنا.

لتوضيح الرؤية هناك حسابات مبدئية عن كلفة الأرض التي تحتاجها أمريكا للتحول الكامل لمصدر طاقة واحد ومساحتها:

    خليط طاقة متجددة (رياح٥٠٪ شمسية ٥٠٪) بتكلفة حوالي ٢٩ تريليون دولار ومساحة ولاية إنديانا (١٠٠ ألف كم مربع تقريبًا)     طاقة شمسية فقط بتكلفة حوالي ١٨ تريليون دولار ومساحة ولاية فيرجينيا الغربية (٦٣ ألف كم مربع تقريبًا) مساحة شبه جزيرة سيناء كاملة تقريبًا.     طاقة نووية باستخدام مفاعلات اليورانيوم بتكلفة حوالي ٣ تريليون دولار ومساحة “بضع” الكيلومترات المربعة.     طاقة نووية باستخدام مفاعلات الثوريوم بتكلفة حوالي ١ تريليون دولار بالمساحة نفسها دون معظم سلبيات مفاعل اليورانيوم.

هل هناك أنواع من الطاقة النووية؟!

بالتأكيد، لو قسمناها من حيث الوقود النووي ستجد أن أشهر وقودين هما اليورانيوم المخصب والثوريوم، داخل مفاعلات اليورانيوم وحدها هناك ٣أجيال من تكنولوجيا الطاقة النووية منذ مطلع الستينات. هناك حوالي ٣ طرق نظرية لاستخدام الثوريوم كوقود تم تطبيق واحدة منهم أو هذا ما هو معلن على الأقل.

لماذا لا نسمع إلا عن اليورانيوم؟

أثناء “مشروع مانهاتن” لدول الحلفاء لإنتاج قنبلة نووية، بهدف إنهاء الحرب بسلاح رادع تحت التهديد العسكري، بدأوا في تجارب كافة العناصر المشعة والقابلة للانشطار والاندماج، وبعد عدة تجارب على الثوريوم صنفوه على أنه من العناصر ذاتية التوقف عن الانشطار النووي، بالتالي لا يمكن تسليحه المطلوب العكس تمامًا. من هنا تم تكريس كَم ضخم من الأبحاث على اليورانيوم واليورانيوم المخصب لعمل القنبلة الذرية، وبعد خمس سنوات فقط، قنبلتي هيروشيما ونجازاكي كانت النتاج.

بعد انتهاء الحرب العالمية أصبح هناك حاجة للتوجه للطاقة النووية لإنتاج الطاقة. كان هناك ٣ طرق يمكن اتخاذها، لم يستطع أحد عمل نموذج تطبيقي لإنتاج كهرباء من الاندماج بصورة آمنة. كما تم ضمنيًا استبعاد الثوريوم كوقود ليس لأي سبب غير أنه لم يتم تجربته كفاية لعمل نموذج تطبيقي منه بسرعة. بالطبع كم الأبحاث التطبيقية التي تمت على وقود اليورانيوم جعلته الأسهل والأسرع وقتها.

مع دخول السبعينيات كانت الحرب الباردة في مطلع مجدها للاستمرار حتى عام ١٩٩٠ وقد ساهمت بشكل كبير في تبني كل من قطبي الصراع -أمريكا وروسيا- الاعتماد على اليورانيوم، ليس لأي سبب غير أنه سهل تسليحه وعمل رؤوس نووية من مخلفاته المشعة. توقف تمامًا العمل على الثوريوم لأن الحرب الباردة دفعت هستيريا تسليح نووي داخل أروقة السياسة الأمريكية والروسية وانتقلت هذه الهستيريا لكل دول العالم التي استخدمت مفاعلات نووية بالتبعية وغاب كليًّا الثوريوم.

ما النموذج التطبيقي الذي تم عمله للثوريوم؟

عام ١٩٦٤ تم تمويل معهد بحثي يدعى “أوك ريدچ”، حيث تم عمل نموذج مصغر لمفاعل نووي يعمل بالثوريوم، بحجم غرفتين طبيعيتين تقريبًا، بقوة ٧٫٤ ميجا وات بحد أقصى واستمر المفاعل حتى إنهاء خدمته ١٩٦٩. خلال الخمس سنوات قضى المفاعل منهم عام كامل على الأقل من ساعات التشغيل القصوى. تم تلافي كثير من مشاكل التطبيق وتطوير حلول لها، وكانت هذه نهاية الثوريوم.

ما الفرق بين استخدام الثوريوم واليورانيوم؟

الثوريوم موجود في القشرة الأرضية بقدر تواجد اليورانيوم ٣ إلى ٤ أضعاف، ونحن نتحدث عن اليورانيوم الطبيعي ليس المخصب الذي يستخدم كوقود نووي، حيث إن اليورانيوم المخصب يمكن إنتاجه من عملية تخصيب لليورانيوم الطبيعي بنسبة ١٤٪ أي أنه يمكن إنتاج ١٤٠ كيلو يوارنيوم مخصب من كل ١ طن يورانيوم طبيعي. أي أن الثوريوم موجود تقريبًا أكثر من ٢٢ ضعف اليورانيوم المخصب ودون أي تخصيب صناعي.

يوجد الثوريوم غالبًا على الشواطئ أو في مناجم الفحم والمعادن، غالبًا ما كان يتم التخلص منه للحصول على شيء آخر. بالمناسبة مصر تعتبر من أكثر ١٠ دول بها ثوريوم في العالم، مقدار ربع أمريكا أو أكبر من روسيا بعض الشيء، بمقارنتها بالمساحة تعتبر مصر من أغنى دول العالم بالثوريوم.

نفايات اليورانيوم النووي تحتاج من١٠ لـ١٠٠ ألاف عام لتكون آمنة.

نفايات الثوريوم ينتهي إشعاع ٨٣٪ منها بعد ١٠ أعوام فقط و ١٧٪ تحتاج لـ٣٠٠ عام لتصبح آمنة.

منتج نفايات مفاعل اليورانيوم يستخدم فعليًّا لإنتاج رؤوس نووية عسكرية، منتج نفايات مفاعل الثوريوم لا يمكن تسليحه بل يمكن استخدامه في مدخلات الوقود النووي الجديد بعد انتهاء فترة إشعاعها الضار.

مفاعلات اليورانيوم وقودها صلب، يصعب نقله في حالة خروج المفاعل عن السيطرة، لهذا يحتاج المفاعل لسائل واحد مبرد ومولد للطاقة في الوقت نفسه بجانب مصدر قاذف لبداية التفاعل النووي. يتزايد حجم الماء (المبرد) الذي يشمل الحيّز نفسه ليصبح بخار (المولد) ليدفع التوربينات. هذا هو الدافع لتصميم المفاعل النووي بغرفة احتواء حديدية من حوائط سميكة وقبة ضخمة، لتحتوي في حالة الطوارئ أكبر كم من الماء (كمبرد) ممكنة عن طريق محاولات تبريد مستمرة ١٠٠٠ مرة حجمه لتحوله كله لبخار ثم يبدأ البخار المتراكم بالتحلل للهيدروجين والأكسجين مع احتماليات انفجار. يخرج وقتها كل شيء عن السيطرة و يكون ٢٠-٣٠كم حول المفاعل غير قابلة للعيش. يحتاج المفاعل لنظم تبريد طوارئ متتابعة ذاتية التشغيل، حيث تتوقف غرف تحكم المفاعل عن العمل بسبب الإشعاع.

مفاعلات الثوريوم وقودها محلول ملح ثوريوم أي سائل ويعتمد على دورتين سوائل منفصلة للتبريد وتوليد الكهرباء. يمرر المحلول في ملف ليُعَرض للقذف من مصدر لبداية التفاعل ومبرد يكمل دورته بعملية انتقال حراري مع ملف آخر (به سائل أو غاز) يقوم بتوليد الكهرباء. يُحَافظ على نقطة تحت ملف محلول الثوريوم متصلة بوعاء أو “تنك” تفريغ تحت الأرض بمسافة كبيرة، هذه النقطة تحتوي على ماء مثلج ليمنع الملح من الانفصال عن الدورة، في حالة الطوارئ يُفصَل نظام تبريد النقطة ويذوب الماء ويفرغ تمامًا محلول الثوريوم عن مصدر التفاعل النووي (توقف ذاتي).

مفاعلات اليورانيوم كفاءتها ٣٣٪ من مجموع الطاقة المنتجة بسبب اعتمادها على الماء كمبرد ومولد في الوقت نفسه، مما يؤثر على كفاءة المفاعل ككل بسبب ضعف كفاءة بخار الماء في توليد الكهرباء، مقارنة بالبدائل غير المبردة.

مفاعلات الثوريوم كفاءتها ٥٠٪ حيث يمكنها فصل دورة التبريد عن التوليد مما يساعد على اختيار أنواع سوائل أو غازات أكثر قدرة على توفير كفاءة أعلى.

مرفق مقارنة لمحاكاة إنتاج ١ مليون وات كهرباء من مفاعل الثوريوم أو مفاعل اليورانيوم التقليدي أو الفحم:

هل هناك مستقبل لمفاعلات الثوريوم؟

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل