المحتوى الرئيسى

«العلفى»: وقف إطلاق النار والهدنة ليس أكثر من «استراحة محارب».. والوحدة اليمنية الخيار الاستراتيجى

12/25 11:26

قال المهندس عبدالرحمن العلفى، المدير التنفيذى لمركز الدراسات الاستراتيجية والتاريخية فى اليمن، إن «قرار الهدنة ووقف إطلاق النار بين المتصارعين فى اليمن ليس أكثر من استراحة محارب، لأن حالة التكافؤ بين المتقاتلين بلغت حالة من عدم القدرة لأى طرف أن يحسم المواجهات لصالحه، وأضاف، فى حوار خاص لـ«الوطن»، أن «خيوط الفتنة مع تنظيم القاعدة ومن خلفه تنظيم (داعش) الإرهابى، لا يمكن فصلها عن الأدوار الخطيرة للمخابرات اليمنية والعربية والدولية».

وأشار إلى أن «مشاريع الإسلام السياسى تدفع المنطقة العربية لجعل الصراع فيها (شيعى - سنى)»، لافتاً إلى أن النسيج الاجتماعى اليمنى فى حالة من الضعف والوهن وعلى وشك التمزق، نتيجة الصراع العسكرى والتنافر السياسى فى البلد، وأكد «العلفى» أن العرب يخوضون مواجهة مع مشروع عالمى للسيطرة على المنطقة لإعادة إنتاج اتفاقية «سايكس بيكو» جديدة لضمان أمن إسرائيل وبقائها.

مدير مركز الدراسات الاستراتيجية اليمنى لـ«الوطن»: «القاعدة وداعش وأنصار الله» جزء من أدوات الصراع العسكرى إقليمياً ودولياً

■ بداية، ما قراءتك للمشهد السياسى اليمنى فى ظل تطورات الأحداث المتسارعة على الساحة؟

- المشهد السياسى بالغ التعقيد لتداخل ما هو متصل بالدوافع الحقيقية للصراع الداخلى بين مكونين:الأول الشرعية الدستورية، والثانى أسميه مجازاً بـ«الشرعية الثورية» التى ارتبطت بالتكافؤ العسكرى فى ميادين الاقتتال وذات الارتباط بالخلفية السياسية للمتصارعين وارتباطهما بالمشروع الإقليمى والدولى وكذا بالمكونات الوطنية المتصارعة على السلطة، وفى الصدارة منها مكون «أنصار الله» الحوثيين، وحزب المؤتمر الشعبى العام التابع للرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، وحلفائه وحزب الإصلاح وشركائه والحراك الجنوبى بشقيه السلمى والمطالب بفك الارتباط. كما ينظر إلى المشهد السياسى من خلال البعد الإقليمى، حيث تمثل العمليات العسكرية المستمرة من التحالف العربى، التى انقسم الموقف السياسى حولها بين من يعتبرها عملاً عدوانياً يرقى إلى وصفه بجرائم الحرب، فيما يبرر المؤيدون للعمل العسكرى الخارجى بأنه «استجابة لطلب الشرعية الدستورية، وهذه الحالة معقدة وتتصادم مع منطق وإفرازات الصراع العسكرى السياسى الذى بدأ فى مطلع 2014». وتوالت الصراعات بين المكونات السياسية ولكن تبدلت مواقع بعض المكونات، فمن كان يدافع عن السلطة السياسية انتقل إلى موقف المعارض للسلطة السياسية وهذا الوضع هو نتيجة لعدم حسم الصراع على السلطة فى ضوء الاختلاف على شكل وطبيعة النظام السياسى وفى الصدارة الموقف من النظام الاتحادى أو استمرار الدولة البسيطة، وهذه الحالة هى الجذر الحقيقى للصراع السياسى العسكرى، الذى تغذيه القوى الإقليمية والدولية بدرجات متفاوتة، وتتفاعل مشاريع إقليمية ممثلة فى دعاة عودة الخلافة الإسلامية أو إعادة إنتاج الدولة الصفوية، لهذا فالمشهد السياسى عسكرى بين سلطة ومعارضة أو تصادم لمشروعين: شرعية دستورية وشرعية ثورية، ولعل أخطر ما فى المشهد السياسى هو حالات الخوف المتبادل بين المشروعين، القائم على خلفية سياسات الإقصاء واستباحة دم المنهزم من قبل المنتصر عسكرياً، وهذه الظاهرة هى الصورة القاتمة للمشهد السياسى وما لم تتبلور سياسات جديدة لدى المكونات الوطنية تنطلق من الثوابت الوطنية «الثورة والجمهورية والوحدة» ونبذ ثقافة الإقصاء وبناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة واستعادة دور ومكانة المؤسسة الوطنية الجيش والأمن خارج نطاق الولاءات الطائفية والحزبية وتقوم على المهنية والبعد الوطنى فى تكوينها وعلاقاتها بالمكونات السياسية ومؤسسات الدولة كحارس للشرعية الدستورية والسيادة الوطنية.

يجب إبطال مشروعى «دعاة الخلافة والدولة الصفوية».. والإسلام السياسى يدفع المنطقة لصراع «سنى - شيعى»

■ وإلى أى مدى ستلتزم الأطراف المتصارعة بقرار وقف إطلاق النار وعدم خرق الهدنة المحددة؟

- تقديراتى أن قرار الهدنة ليس أكثر من استراحة محارب، ذلك لأن حالة التكافؤ بين المتقاتلين بلغت حالة من عدم القدرة لأى طرف أن يحسم المواجهات لصالحه، كما أن غياب مؤسسات الدولة وضعف جاهزية السلطة المحلية وتغييب دور الجيش والأمن غير المنحاز إلى طرفى الصراع سوف يؤدى إلى أن تكون الهدنة ليس أكثر من استراحة محارب.

■ وماذا عن جدية الأطراف السياسية فى إنجاح «جنيف 2»؟

- المراوغة والتلاعب بالألفاظ بين طرفين، طرف يريد تنفيذ القرار الدولى 2216 بمفهومه هو، فيما الطرف الثانى يريد تنفيذ القرار بمفهومه وبآلياته، فلا يمكن عودة سلطة الشرعية الدستورية على حساب إقصاء الشرعية الثورية، ولا يمكن التسليم بتنفيذ القرار وفق آلية الطرفين المتصارعين، لذلك لا بد من معالجة موضوع الصراع على السلطة السياسية والاتفاق على شكل وطبيعة الدولة المقبلة ووصول القوى المتصارعة إلى حالة من الأمان وعدم الخوف من إقصاء أى مكون، وهذا يستلزم إبطال مفعول المشروعين المتصارعين فى الوطن العربى والإقليم، أى تجاوز التأثير لدعاة عودة الخلافة أو مشروع الدولة الصفوية، إضافة إلى التفاهمات الدولية على علاقه الدولة اليمنية بالمياه الدافئة والمصالح الاقتصادية الجيو - سياسية للدول الكبرى، وتحديداً أمريكا وبريطانيا وفرنسا، فى مقابل الدور الروسى الصينى فى هذه المنطقة الاستراتيجية التى تمثل مفتاح الأمن والسلام أو الحرب العالمية الثالثة.

العرب يواجهون مشاريع للسيطرة العالمية.. ومحاولات لإنتاج «سايكس بيكو» جديدة لضمان بقاء إسرائيل

■ فى رأيك، ما العوامل التى تؤخر إحلال السلام فى اليمن وتفشل أى مفاوضات بين فرقاء العملية السياسية؟

- العامل الأول يتمثل فى توافر القناعة لدى المتقاتلين من أنه ليس بمقدور أحد أن يقضى على الآخر، وكذا توصل القيادات العليا والمكونات الوطنية لإمكانية القبول بالجميع. مشروعيتى الشرعية الدستورية والشرعية الثورية والمواءمات بينهما فى ظل تسوية الملعب السياسى لتحديد شكل الدولة وطبيعة العلاقة بين المكونات السياسية الوطنية وفى ظل قناعة الدول الإقليمية وتحديداً السعودية وإيران ومصر وتركيا لتجعل من اليمن منطقة توافق على الأمن والسلام وتغييب الدوافع لجعل الصراع المقبل طائفياً (شيعى - سنى) وكذا التسليم بحل الصراع فى سوريا والعراق ولبنان وليبيا وبقية الدول العربية، حيث تؤكد مسيرة الأحداث والمتغيرات السياسية والعسكرية أن هذه البلدان يدار الصراع فيها من مطبخ واحد للدول الكبرى وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا والصهيونية العالمية والماسونية تلعب دوراً أساسياً لإعادة رسم معالم الحدود السياسية للدول العربية، كما لو أننا أمام إعادة إنتاج مشاريع السيطرة العالمية منذ بداية القرن العشرين وفى الصدارة إنتاج «سايكس بيكو» جديدة تضمن لدولة إسرائيل البقاء والاندماج الاقتصادى والثقافى والسياسى فى الوطن العربى.

■ كيف تفسر الأحداث الجارية فى عدن؟ أى الهجمات الإرهابية وكذا اغتيالات لمسئولين حكوميين ورجال الجيش والأمن؟

- إن غياب التوجه لدى الشرعية الدستورية بإعادة بناء مؤسسات الدولة وفى الصدارة منها دور الجيش والأمن والسلطة المحلية هو السبب الرئيسى لاستمرار الفوضى واستقواء أمراء الحرب وتشكيلات الميليشيات لفرض الأمر الواقع، كما أن مسلسل «القاعدة وداعش وأنصار الله» هو جزء من أدوات الصراع السياسى العسكرى بأبعاده الثلاثة، البعد الوطنى والإقليمى والدولى، ولا يمكن التغلب على هذه المعادلة إلا بإقناع المجتمع المحلى بوجود سلطة دولة بمؤسساته، وتوقف ممولى الصراع فى اليمن إقليمياً ودولياً ولعل ظاهرة تغييب دور الحيش والأمن فى المناطق الواقعة تحت نفوذ الشرعية الدستورية يلقى بظلال قاتمة على حاضر ومستقبل الدولة والنظام السياسى، وبالتالى فإن مشاريع القاعدة تكبر وتصغر وتتحول وتتبدل من حين لآخر ومن منطقة إلى أخرى، ولعلنا نتذكر ملاحمة السيوف الذهبية التى ضربت القاعدة وأنصار الشريعة فى مقتل وأعادت إنتاج هذه الجماعات بعد أن استنفدت دورها فى الصراع فى سوريا، إن خيوط الفتنة مع القاعدة ومن خلفها داعش لا يمكن فصلها عن الأدوار الخطيرة للمخابرات اليمنية العربية الدولية، وإن محاولة فك طلاسم هذه القوة الزئبقية خارج إطار الصراع بين ما هو إقليمى وما هو دولى بما فى ذلك مشاريع الإسلام السياسى التى تدفع المنطقة العربية لجعل الصراع «شيعى - سنى»، وهذا هو الخطر الداهم للأمتين العربية الإسلامية وفى خدمة الصهيونية والماسونية، وتشترك فى هذه اللعبة الديكتاتورية العربية التى تمارس الاستبداد وتقف حجر عثرة أمام مشاريع الوحدة العربية وتجاوز الأمة لحالات الانكسار والتراجع عن الأدوار الحضارية لشعوب المنطقة العربية ومحيطها الإقليمى اللذين يشكلان نسيجاً واحداً.

■ «الحوثيون» يبررون حربهم فى تعز ومن قبلها عدن بأنها مكافحة لإرهاب داعش.. ما قولك فى ذلك؟

- فى لقاء هيئة تنسيق التحالف المدنى للسلم والمصالحة الوطنية بالمجلس السياسى لـ«أنصار الله» كنا قد طرحنا موضوع وقف الاقتتال فى تعز كهدف استراتيجى وطلبنا من أنصار الله موقفاً للتاريخ، فرد علينا الأخ صالح الصماد، رئيس المجلس السياسى، بأنهم موافقون على الانسحاب غير أنه قال من سيضمن أن تكون القاعدة هى البديل لأن المتصارعين عسكرياً يلوحون بوجود طرف ثالث هو القاعدة ووليدتها داعش، وهذا جزء من ذر الرماد على العيون ويخفى وراءه حقيقة مرة بل هى أشد من العلقم إنها توافق المتصارعين على الاستمرار فى تغييب دور الجيش الوطنى المهنى والمؤسسة الأمنية التى تخدم الشعب وليست من أدوات السلطة أو من أذرع المكونات المتقاتلة على السلطة، هذا الوضع سيظل طالما نسبة المتفرجين على المتقاتلين تزيد على 90% وطالما المحيط العربى لليمن لا يريد دولة متكاملة الأركان وجزءاً من نسيجها العربى وعمقها الإسلامى وفضائها الإنسانى.

■ هناك من يرى أن مخرجات الحوار واتفاق السلام والشراكة المتفق عليها من كافة المكونات السياسية لم تعد لها حاجة وصارت بحكم المنتهية نتيجة الحرب؟

- أكرم وأشرف ما عملته القوى السياسية هى مخرجات الحوار الوطنى الشامل، وتكاد هذه المخرجات تكون الصورة الحقيقية للتدافع السياسى والاجتماعى والثقافى للمكونات الوطنية، وينطبق على مخرجات الحوار الاتفاقات التى أبرمها المتصارعون سواء اتفاق السلم والشراكة ومن قبله المبادرة اليمنية بإخراج خليجى (المعروفة بالمبادرة الخليجية)، فما توافقت عليه القوى المتصارعة المتقاتلة ووقعت عليه برضاها أو غصباً عنها فى ظل التدافع الوطنى، لا بد أن يكون ملزماً للجميع، ومن أراد التنصل منه فهو فى خندق اللاهثين وراء استمرار الاقتتال ونحو المجهول، ولا يمكن أن يكون المجهول أقل خطورة مما نحن عليه، ذلك أن الصراع يفرز المزيد من أمراء الحرب ويستفحل الصراع الطائفى المخلف لقيم الدين والمتقاطع مع الفطرة الإنسانية، خاصة فى ظل المال المدنس الذى يأتى من الخارج أو الناجم عن مدخرات من أفسدوا فى إدارة شئون الدولة والمجتمع أو من ينهب المال العام حالياً، فهذه المصادر للمال هى وقود الصراع العسكرى الذى لم يعد للشعب وتحديداً السواد الأعظم من الناس غير المنفذين للقتل والاقتتال، والأمر جلى واضح وضوح الشمس، فقد تحاوروا بندية وتكافؤ على مدى ما يقرب من سنة كاملة، وكان المتحاورون هم من انقلبوا على مخرجات الحوار لأسباب عميقة وبالغة الدلالة، وهى أن مخرجات الحوار كانت الطريق المفضى للشروع فى بناء دولة المؤسسات وفى الصدارة حسم ما يتصل بالإشكالية الأزلية فقه السلطة وعلى وجه التحديد طبيعة النظام السياسى وشكل الدولة والنظام الاقتصادى وبناء القوات المسلحة والأمن وجبر الضرر للمتضررين من الصراعات العسكرية والسياسية وتحديد أسس وقواعد المصالحة الوطنية، وأكثر من هذا وذاك تحديد طبيعة وشكل العلاقات اليمنية مع دول الجوار والعمق الاستراتيجى لليمن عربياً ودولياً، وبالتالى استكمال التحرر من استبداد الداخل والاستعمار الخارجى فى إطار الصيرورة التاريخية والحضارية لليمن، وبالتالى فما تروج له بعض قيادات الصراع السياسى التى تشعر أنها فى ظل الالتزام بمخرجات الحوار الوطنى ستكون خارج إطار التحول الوطنى للبناء وكنس ما علق بالنظام الجمهورى من مخلفات الكهنوت والطغيان والاستبداد وإعادة إنتاج المشاريع الصغيرة بدأ بدعوات فك الارتباط إلى عودة النظام الإمامى وحتى الرفض للإسلام السياسى وتغول الفساد المالى والإدارى وانتهاء بالتبعية المقيتة لبعض دول الجوار التى كانت ولا تزال السم الزعاف والكابح للوجدان الجمعى لأبناء اليمن والأمة العربية وحتى للعالم الإسلامى، والكل يشير إليها بالبنان ويكفى أن نقدم حقيقة موضوعية واحدة لو أنفقت السعودية 20% على الانتقال الطبيعى لأوضاع اليمن من حالات العسر إلى اليسر وسخرت المال لدعم التنمية متجاوزة منهجها فى شراء الذمم وإنتاج أمراء الحرب لتحقق الاستقرار والسلام اليمنى العربى الإسلامى، ونستأنس بقول المفكر وعملاق الشعر والأدب الدكتور عبدالعزيز المقالح حينما قال: «سنظل نحفر فى الجدار، فإما فتحنا ثغرة للنور أو متنا على وجه الجدار».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل