المحتوى الرئيسى

بالصور| سجون ومعتقلات تروى تاريخ الإخوان

12/25 10:22

معتقل «الهايكستب» استقبل الإخوان في 1948 بعد اغتيال النقراشي باشا

سجن العامرية استقبل الإخوان بعد ضبط مفرقعات مع حسن عشماوي في 1954

إعدام 6 من قيادات الإخوان في السجن الحربي بعد محاولة اغتيال عبد الناصر

على الجدران وفي الليالي الكاحلة كان يدون السجين ذكرياته المريرة عن يوميات القبض عليه واحتجازه ونهاره الذي يمر بسرعة السلحفاة وليله الذي لا يأتي صباحه إلا بعد "طلوع الروح"، هذه التدوينات تحولت فيما بعد إلى تاريخ يحكي تفاصيل أحداث جسام مر بها الوطن وانعكس مردودها على تلك الجدران.

في السطور التالية نتجول بين السجون والمعتقلات التي دخلها الإخوان منذ نشأة الجماعة وحتى تاريخ قريب مذ دخلوا معتقل "الهايكستب" عام 1948 بعد اغتيال النقراشي، ومرورًا بمعتقل الطور ومعتقل عيون موسى ثم سجن العامرية والسجن الحربي وغيرها من المعتقلات والسجون تروي تفاصيل عن نفسها وعن القضايا والجرائم والأحكام التي تتعلق بالإخوان.

في ديسمبر 1948 أصدر رئيس الوزراء، محمود فهمي النقراشي، قرارًا بحل جماعة الإخوان المسلمين، فأغلقت مقرات الإخوان المسلمين، وصودرت ممتلكاتهم، واعتقل عدد كبير منهم، إلا فردًا واحدًا هو الإمام حسن البنا، وبعد 20 يومًا من حل الجماعة أغتيل النقراشي، على يد الطالب عبد المجيد حسن، الذي ارتدى زي ضابط شرطة، ودخل مكتب رئيس الوزارة وقتله بمسدسه، وجاء إبراهيم عبد الهادي، رئيسًا للوزراء, ثم أغتيل حسن البنا في 12 فبراير 1949، وكان الإخوان المعتقلون بالمئات أودعوا في معسكر الهايكستب.

وهذه المنطقة كانت معسكرًا للإنجليز، وهي بين القاهرة ومحافظة الشرقية، تبعد حوالي 30 كيلومترًا شمال شرق القاهرة، وبعد أن رحل عنها الإنجليز قامت الحكومة بتجهيزها كمعتقل، وفي عام 1948، تم اعتقال وترحيل الإخوان من جميع المحافظات إلى معتقل الهايكتسب كمركز تجميع، تمهيدًا لترحيلهم إلى جبل الطور في سيناء, هذا المعتقل كان فيه أسرة، ولكثرة عدد المعتقلين كان كل اثنين من الإخوان المعتقلين ينامان على سرير واحد.

الهايكستب عبارة عنابر واسعة من البناء سابق التجهيز، كل منها محاط بالأسلاك الشائكة، وبه عنبر الإدارة به مكتب قومندان المعسكر والضابط, وكان في جناح الإدارة معتقلون من اليهود والشيوعيين والوفديين، ولكن في طرف آخر غير منفصل إلا معنويًا، وكان الفناء واسعًا من دون السلك الشائك، فترك مجالًا للتمشية والرياضة.

بعد أن تم تجميع الإخوان في معسكر الهاكستب تم نقل حوالي ألف منهم إلى السويس وركبوا الباخرة "عايدة" إلى معتقل الطور (طور سيناء) في وسط شبه جزيرة سيناء وكان المعتقل مكانًا يتوقف فيه حُجَّاج البواخر للكشف عليهم بعد عودتهم من الحج "الحجر الصحي"، وتم تحويل المكان إلى معتقل للإخوان.

معتقل الطور يتكون من 5 حزاءات "عنابر" كل حزاء ما يقرب من 20 غرفة اتساع الواحدة 6 × 10 أمتار تقريبًا، ويتوسطه مصلى به حنفيات مياه عذبة، وبجوارها دورة مياه مالحة، وطول الحزاء يقرب من مائتي متر، يتوسطه فناء واسع استعمل للرياضة ويحيط به سلك شائك يليه أبراج الحراسة.

نزل الإخوان في حزاء رقم 3، ونزل الشيوعيون في حزاء رقم 4، وبين كل حزاء وآخر ما يقرب من 100 متر.

ولما اقترب موسم الحج كان لابد من إخلاء معتقل الطور؛ لأن مكان الحجر الصحي، فتم ترحيل 250 معتقلًا، قيل إنهم قيادات الإخوان، إلى معتقل عيون موسى.

معتقل عيون موسى عبارة عن (كرنتينة) للحجر الصحي خاص بالأجانب، ومبانيه فاخرة، عبارة عن فيلات لها (فرندات) ودورات مياه وغرف بأرضية من الخشب وداخل (الكرنتينة) كنيسة يعلوها صليب ومبخرة، وبه ماكينة إنارة معطلة وبجوارها خزان للماء، وكان يرفع الماء من عين في باطن الأرض "طلمبة ماصة كابسة"، وتوقفت الماكينة عن الحركة من عشرات السنين، وعجز مهندسو مصر والأجانب عن إصلاحها.

ما إن وصل الإخوان إلى معتقل عيون موسى كان شغلهم الشاغل توفير المياه، إذ وصل القارب التجاري من السويس يحمل ما يقرب من 5 مترات مكعبة لا تكفي الشرب، وتقدم المهندس عبد المنعم صالح، رئيس شبكة النور بمدينة دسوق، بطلب من المسئولين لفحص ماكينة الإنارة وفتحت له أبوابها، ثم طلب بعض قطع الغيار ووسائل إنارة من السويس، وأخذ يزاول عمله حتى أمسى الليل، واستطاع تشغيل "الطلمبة".

في بداية عهد ثورة يوليو بدأ الرئيس جمال عبد الناصر في اعتقال الإخوان المسلمين في 15 يناير 1954، وبعد تجميعهم في السجن الحربي في مدينة نصر تم ترحيلهم إلى معتقل العامرية في 18 يناير 1954، ونشرت الصحف عن ضبط كميات هائلة من الأسلحة والمفرقعات في منزل حسن عشماوي بإحدى قرى مركز فاقوس محافظة الشرقية، وبدأت النيابة التحقيق معه.

نُقِل الإخوان إلى معتقل العامرية، وسط الصحراء قريب من الإسكندرية، أقامة الإنجليز, لكنه كان تابعًا لإدارة المباحث العامة ويشرف عليه آنذاك ممدوح سالم، عبارة عن 4 جمالونات حديدية، لا تكاد تمنع المطر، وكان الاعتقال في أواخر فصل الشتاء والمطر يغمر المعتقل بمن فيه.

تم توجيه ضربة لجماعة الإخوان المسلمين في أكتوبر 1954، أحدثت جرحًا عميقًا في صفوف الجماعة، في الإسكندرية، حين اتهم الإخوان بتدبير حادثة اغتيال جمال عبد الناصر، وتم القبض عليهم وإعدام 6 منهم شنقًا، واتهم في الحادث أحد إخوان إمبابة بالجيزة، بإطلاق الرصاص، محمود عبد اللطيف، وتم إعدامه، ومعه مسئول الإخوان في إمبابة هنداوي دوير، ومسئول القاهرة إبراهيم الطيب، مع 3 من أبرز قيادات الإخوان هم الشيخ محمد فرغلي، وعبد القادر عودة، ويوسف طلعت.

حجم الزنزانة في السجن الحربى 3.5 متر طولًا  × 180 سم عرضًا بارتفاع 4 أمتار وبها شباك صغير 60 سم × 30 سم مرتفع جدًا، والباب حديد مصمت به فتحة قطرها 5 سم فقط ينظر منها العسكري، 8 أشخاص في كل زنزانة، وفي 1965، كانت الزنزانة الواحدة تضم 4 أشخاص, وتُفتح مرة واحدة في الصباح لمدة 5 دقائق لتغيير الماء، وتفريغ جردل البول والغائط (أو الإناء الكاوتش)، ومرة أخرى في المساء لمدة 5 دقائق، وعند تقديم الوجبات الثلاث لمدة دقيقة أو دقيقتين في كل مرة.

منطقة السجون الحربية كانت تبدأ بالبوابة السوداء، مكتوب عليها بخط كبير "السجون الحربية.. تأديب وتهذيب وإصلاح"، ومساحة كبيرة محاطة بأسوار عالية ارتفاعها حوالي 4 أمتار، وعلى أركان هذه الأسوار أبراج مراقبة عالية يقف فيها عساكر للحراسة ليل نهار، يتم تغييرهم كل ساعتين.

بداخل السجن الحربي عدة مبان: السجن الكبير، أكبر السجون مساحة به 258 زنزانة في 3 أدوار, وسجن رقم 1 وسجن رقم 2، يسكنهما عساكر السجن، وسجن رقم 3 به حوالي 60 زنزانة, وسجن رقم 4 وهو أقل من سجن 3, وسجن رقم 5 وهو دور واحد لسكنى كبار المسئولين الذين يحكم عليهم في القضايا المختلفة، ومستشفى صغير دور واحد به حوالي 12 عشرة زنزانة, وملحقة بالمستشفى يسكنها المرضى والذين يشرفون على الموت "كانت تسمى الشفخانة"، ومكاتب للضباط والمساعدين والشاويشية، لإدارة شئون السجن, ومطبخ ملحق به عدة مخازن، وحوالي 8 مكاتب للتحقيق، أمامها نافورة مياه، وبجوارها حديقة بها أنواع كثيرة من الأشجار والزهور والورود والرياحين وبها حظائر لتربية أنواع كثيرة من الطيور والدواجن، وأبراج صغيرة للحمام وبها حظائر لتربية الأغنام والماشية وهناك عساكر متفرغون للعمل في هذه الحظائر والحدائق، وغالبًا كان يختلس من طعام المسجونين كي يوضع لهذه الطيور والحيوانات علفاً وغذاء.

ليمان طرة بناه الإنجليز عام 1886 كسجن على النظام الإنجليزي، بعد احتلالهم مصر، في ضاحية طره الملاصقة للقاهرة على كورنيش النيل، أكبر سجون مصر على الإطلاق حتى بداية التسعينات من القرن العشرين, فبعد أن صدرت الأحكام في قضايا الإخوان في 1954/ 1955 تم توزيع الإخوان كالآتي:

الأشغال الشاقة المؤبدة ومعهم قيادات الإخوان إلى ليمان طره حيث تقطيع الأحجار من الجبال والبعض الآخر إلى ليمان أبي زعبل حيث تقطيع البازلت في محاجر البازلت في منطقة أبي زعبل شباب الإخوان من (إخوان الخمسات) وإخوان (العشرات) بعضهم إلى سجون ني سويف والمنيا وأسيوط وقنا والقناطر.

المعتقلون أغلبهم بقى في السجن الحربي عامين إلا قليلًا، منهم من نقل إلى سجن مصر وقليلون نقلوا إلى سجن الاستئناف، الأول كان في منطقة القلعة حتى عام 1972، والآخر لازال في منطقة (باب الخلق).

ليمان طره عبارة عن 4 عنابر، كل عنبر 4 أدوار، ويسع العنبر لحوالي ألف سجين، بمعدل 4 سجناء في كل زنزانة صغيرة (180 سم عرضًا × 350 سم طولًا).

أما أعضاء مكتب الإرشاد ومعهم المرشد الثاني حسن الهضيبي أودعوا مع جميع الإخوان في عنبر رقم واحد، والأحكام الصادرة ضد الإخوان حتى 3 سنوات تم ترحيلهم إلى سجن القناطر للرجال، وتم ترحيل زينب الغزالي وحميدة قطب إلى سجن النساء بالقناطر، وتم ترحيل الأحكام من 5 سنوات حتى الأشغال الشاقة المؤبدة إلى ليمان طره.

بعد 8 أشهر تم ترحيل الأحكام من 5 سنوات إلى 10 سنوات إلى سجن القناطر، وبقي الإخوان الصادر ضدهم أحكام 12 سنة، 15سنة، 25سنة (مؤبد) في ليمان طره، وتم ترحيل علي جريشة بمفرده إلى سجن قنا نفيًا وتغريبًا (بلغة السجون) في أغسطس 1968، وبعد 3 أشهر أخرى تم ترحيل 21 فردًا من الإخوان من ليمان طره إلى سجن قنا العمومي في 21 نوفمبر 1968، وتم ترحيل 16 فردًا من الإخوان من سجن القناطر أحكام 5، و7، و8، و10 سنوات، إلى سجن قنا العمومي في 22 نومفبر 1986.

عاش الإخوان المحكوم عليهم بـ 6 أشهر في ليمان طره يقطعون الحجارة في جبل طره، وبعد تدهور صحة المرشد الثاني، حسن الهضيبي، أصدرت الحكومة قرارًا بحسبه في منزله في منطقة الروضة بالقاهرة، وتم ترحيل قيادات الإخوان إلى سجن الواحات الخارجة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل