المحتوى الرئيسى

كيف استفادت (إسرائيل) من التدخل الروسي في سوريا عسكريًّا واستراتيجيًّا؟ - ساسة بوست

12/24 12:44

منذ 20 دقيقة، 24 ديسمبر,2015

مع بدء الضربات الروسية في الأراضي السورية في 30 سبتمبر، أعربت دولة الاحتلال الإسرائيلي عن مخاوفها من هذا التدخل، لكن سرعان ما أصبحت الأجواء واضحة تمامًا بأن مكاسب عدة تجنى يومًا بعد يوم من هذا التدخل لصالح الاحتلال.

فقد أخذت دولة الاحتلال تحقق أهدافها في سوريا بشكل أسرع، تضرب شحنات السلاح التي تُنقل لحزب الله عبر سوريا، وتغتال شخصية تلو الأخرى من الشخصيات التي ترى فيها خطرًا على أمنها، وتضعف أي جبهة مقاومة على حدودها الجنوبية بكل وسائلها، كل ذلك يحدث بفضل التنسيق والتفاهم والتبادل للمصالح بين روسيا ودولة الاحتلال، هذا التنسيق الذي أدى قبل أيام لتنفيذ عملية اغتيال للقيادي في حزب الله سمير القنطار وآخرين من قادة إيرانيين بمنتهي السهولة في الأراضي السورية. وهو ما يطرح سؤالًا حول مدى الاستفادة الإسرائيلية من التدخل الروسي في سوريا عسكريًّا واستراتيجيًّا.

كيف استفاد الإسرائيليون من التواجد الروسي في سوريا؟

“أهدافنا في سوريا يجب ألا تتعارض مع بعضها البعض، فأنا أهدف إلى الحفاظ على أمن بلدي وشعبي، ولروسيا أهداف مختلفة هناك”، هكذا قال رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الرغم من إعراب حكومته عن تخوفها من التدخل الروسي في سوريا، فسرعان ما اتضحت ليثمر التخوف عن توافق وتنسيق في الأدوار بين الطرفين في سوريا.

كما أعلن الرئيس الروسي فلادمير بوتين في خطابه الأخير أمام الأمم المتحدة بأن: “روسيا تقر بحق إسرائيل في الدفاع عن مصالحها في سوريا”، وهو ما مثل حسب المحللين “تصريحا مفتوحا لإسرائيل بالقيام بكل ما تراه مناسبا للحفاظ على هذه المصالح في سوريا”.

لم يكن نتنياهو هو الوحيد الذي تحدث عن التوافق مع الروس في سوريا، فالكثير من التصريحات الإعلامية لجيش الاحتلال أكدت على التعاون والاستفادة الإسرائيلية من الوجود الروسي، فضابط رفيع المستوى في سلاح الجو بدولة الاحتلال قال: “إن إسرائيل لا تطلب إذنًا من أحد للعمل في سوريا، وهي تحرص على أن تقوم بعملها، هم في شأنهم ونحن في شأننا .. روسيا ليست عدوًّا. نحن نحاول الامتناع عن احتكاكات مع الروس، وهم يحاولون تجنب الاحتكاك معنا”، مؤكدًا أنه “لم يتم تحديد مناطق محايدة لا يمكن لإسرائيل العمل فيها، ولكن يوجد تفاهم متبادل بين السلاحين حول الأماكن التي يمكن العمل فيها وفي أيّ وقت”، أما نائب رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي  المسؤول عن التنسيق مع الجيش الروسي الجنرال يائير جولان، فيقول: “الروس لا يرون أي تناقض مصالح في أنشطتنا داخل سوريا، التنسيق مع الروسي يحقق الأهداف المرجوة منه، ويمنع احتكاكات غير مخطط لها مع الروس، ولا يشوش في الوقت ذاته على قدرة إسرائيل على الوفاء بأهدافها”.

ويذهب الإسرائيليون إلى الاستفادة أكثر من الوجود الروسي، فقد نقل عن معلّق الشؤون الاستخبارية في “معاريف”، يوسي ميلمان قوله إن: “تكثيف التدخل الروسي في سوريا، يحقق هدفا استراتيجيا إسرائيليا من الطراز الأول، يتمثل في إطالة أمد الحرب، الأمر الذي يعني إرهاق جميع الأطراف بشكل يخدم في النهاية المصالح الإسرائيلية”، وتابع القول: “إن إطالة أمد المواجهة الدائرة في سوريا سيفضي إلى تقليص فرص تورط إسرائيل بشكل مباشر في سوريا، ما يمكّن تل أبيب من تحقيق مصالحها بصمت، ودون دفع أثمان سياسية وأمنية كبيرة”.

وتوضح دراسة جديدة صادرة عن “مركز بيغن-السادات” الإسرائيلي أن التناقض في الأهداف النهائية بين روسيا وإيران أفاد دولة الاحتلال، ومنحها بعض النفوذ السياسي، وذكرت الدراسة: “إذا كانت إسرائيل تختار بذكاء طريقها من خلال الوضع، وهذا يعني أن إسرائيل لا ينبغي أن تميل إلى دعم الجهود التي تقودها السعودية للإطاحة بالأسد، أو إحداث نتائج حاسمة في الحرب الأهلية في سوريا”.

هل زادت الضربات الإسرائيلية في المناطق السورية بعد التدخل الروسي؟

“نحن نقوم بعمليات في سوريا من وقت لآخر لمنع تحولها إلى جبهة أخرى ضدنا، علينا أن نعمل من أجل منع نقل الأسلحة الفتاكة من سوريا إلى لبنان”. هذا التصريح الثاني لرئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الشهر الماضي الذي يقر فيه بتنفيذ عمليات عسكرية منتظمة داخل سوريا.

لم تتوقف الهجمات الجوية للاحتلال التي تستهدف عمليات نقل السلاح إلى لبنان واغتيال شخصيات لبنانية وإيرانية داخل سوريا، فخلال سنوات الثورة السورية عملت الاستخبارات الإسرائيلية بشكل واضح، ونفذت بدون تردد قصفًا لمناطق سورية وأهدافًا قالت إنها تحوي صواريخ باليستية واستهدفت شحنات سلاح إلى حزب الله اللبناني مرت من سوريا،  تصاعدت الضربات الإسرائيلية لمواقع الجيش السوري ولحزب الله بعد التدخل الروسي في سوريا نهاية سبتمبر الماضي، حيث تم قصف العديد من القواعد والمراكز التي تنقل السلاح إلى حزب الله.

ففي الثلاثين من أكتوبر الماضي (2015) شنت دولة الاحتلال هجومًا كبيرًا على  منشأة صواريخ باليستية بالقرب من مدينة قطيفة شنه اللواء 155 في الجيش السوري، والمعروف بلواء “سكود”، وفي الثاني عشر من نوفمبر (2015)  قصفت أهدافا عسكرية في قلب العاصمة السورية قرب مطار دمشق الدولي، واستهدفت شاحنات أسلحة إيرانية كانت متوجهة إلى حزب الله اللبناني.

وفي الثالث والعشرين من نفس الشهر شنت غارة تسببت في مقتل ثمانية من مقاتلي “حزب الله” وخمسة جنود سوريين في منطقة القلمون، وفي الرابع من ديسمبر (2015) قصف سلاح الجو الإسرائيلي قاعدة عسكرية تابعة للفرقة “155” التابعة للجيش السوري في القطيفة، واستهداف لقافلة شاحنات محملة بالصواريخ الباليستية.

أي أنه مع الوجود الروسي لم تتراجع ولم تحد الغارات الإسرائيلية، وبقيت تستهدف أنشطة النظام السوري وحزب الله وإيران داخل الأراضي السورية، وهذا دفع إيران للإعراب عن خشيتها من أن التعاون الاستخباراتي بين دولة الاحتلال وروسيا هو الذي أدى إلى إكساب الاحتلال المزيد من المعلومات حول القدرات العسكرية لحزب الله وخطوط السير الخاصة بقواته، وينقل موقع “المدن” عن مصدر موثوق قوله “إن هناك حالة من التأكد لدى الإيرانيين، بأن من يرصد تحركاتهم ويعطي إحداثياتهم للإسرائيليين، هم الروس، خاصة في ظلّ التنسيق الوثيق بين الطرفين”، وقال المصدر فيما يخص عملية اغتيال القيادي في حزب الله سمير القنطار قبل أيام: “هناك شكوك حول اختراقات أمنية من قبل قوات النظام، بخصوص هذه الضربة، هي منخفضة، نتيجة التأكد من جميع الحاضرين، وعدم تسرب خبر الاجتماع إلى قوات النظام وأجهزته الأمنية، بسبب الثقة المعدومة بين الطرفين”، ويقول السفير الروسي في دولة الاحتلال الكسندر شين: “إن روسيا تدرك الأسباب وراء قيام إسرائيل بضربات جوية سابقة في سوريا، منها ما استهدف عمليات نقل مزعومة للسلاح من إيران أو الجيش السوري إلى حزب الله، وهي تدرك تماما الأهمية الاستراتيجية لإسرائيل في الشرق الأوسط”.

أين تشترك المصالح الروسية-الإسرائيلية في المناطق السورية؟

مع بداية الثورة السورية، وضعت دولة الاحتلال الإسرائيلي أهدافًا لها في سوريا، فهي تريد منع وصول أسلحة غير تقليدية لحزب الله، ومنع حصول تغير استراتيجي في سوريا يخدم حزب الله، بمعنى سيطرة الحزب على الجنوب السوري، كما تهتم دولة الاحتلال بعدم تحويل سوريا لمركز انطلاق للمقاومة ضد أهداف إسرائيلية.

لذلك على مدار الساعة يتبادل عسكريون روس وإسرائيليين المعلومات خاصة في المجال الجوي السوري، إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تدريبات عسكرية لقواتها الجوية ونظيرتها الإسرائيلية لتجنب وقوع صدام بين طائرات البلدين بالأجواء السورية، بحيث “يتم تبادل المعلومات عن تحركات الطيران في الأجواء السورية بين مركز التحكم بالطيران الروسي في مطار حميميم في سوريا ومركز قيادة القوات الجوية الإسرائيلية”.

وتشير مصادر إعلامية إلى أن المصالح الروسية-الإسرائيلية تشترك في ثلاث مناطق بسوريا، هي مدينة تدمر ومنطقة كوباني (عين العرب) ففي هاتان المنطقتان يتركز تنظيم “داعش”، العدو المشترك لكل من دولة الاحتلال وروسيا، أما في منطقة الساحل الغربي – محيط مدينة اللاذقية – فهناك القاعدة العسكرية الروسية التي تعد مركزًا للطيران الروسي.

يقول المعلق العسكري أهاروون لبيدوت إنه: “بخلاف التوتر بين روسيا وتركيا، فإن التنسيق العسكري والاستخباري بين روسيا وإسرائيل يعمل بشكل جيد، هذا التنسيق لم يمنع حتى الآن احتكاكات فقط، بل أنه يسمح لإسرائيل بتحقيق مصالحها في ظروف مناسبة”، وتابع القول: “إسرائيل تواصل قصف كل إرساليات السلاح لحزب الله، على الرغم من أن حزب الله وإيران يعملان إلى جانب روسيا وفي صالح نظام الأسد”.

هل سهل التدخل الروسي تحقيق الهدف المشترك مع دولة الاحتلال بإقامة دولة للأكراد؟

مع تعدد المصالح بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وروسيا، تعد واحدة من أهم  مواطن الالتقاء بينهما هي الرغبة المشتركة في إلحاق الضرر بتركيا، والأداة لذلك هي دعم الأكراد في تمردهم ورغبتهم في إقامة دولة كردية مستقلة.

هذا الهدف الذي تدركه تركيا جيدًا، اتضح منذ زمن من قبل الجانب الإسرائيلي، إذ تعود جذور التعاون الإسرائيلي مع الأكراد إلى عام 1958، فقد سعت دولة الاحتلال إلى تعزيز العلاقات مع دول وشخصيات غير عربية بهدف الخروج من العزلة التي فرضتها عليها الدول العربيّة، وكان الدعم الإسرائيلي للأكراد بالسلاح انكشف عام 1963، وفي عام 1965  أرسلت دولة الاحتلال متخصصين عسكريين إلى جبال شمال العراق من أجل تدريب الأكراد، ورغم أن دولة الاحتلال أخذت بعين الاعتبار حساسية تركيا من أكرادها، إلا أنها أقامت علاقاتها مع أكراد تركيا، خاصة بعد توتر العلاقات بين تركيا ودولة الاحتلال إثر حادثة مرمرة، فلم يعد هناك ما يجبر دولة الاحتلال على الاستمرار في احترام موقف تركيا من الأكراد، ومؤخرًا  أدركت دولة الاحتلال أهمية دور الأكراد بعد دخولهم المعركة مع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.

الآن تعمل روسيا على فرض حل يقضي بمنح الأكراد في شمال سوريا الحق في الانفصال عن حكومة دمشق والانضمام لدولة كردية تضم كردستان العراق، وتذكر الإذاعة العبرية عن محافل أمنية إسرائيلية: “إن هناك تعاون خفي ومتعاظم بين الجيش الروسي والمقاتلين الأكراد في شمال سوريا، فالروس يحرصون على التنسيق بين بعض القوى العسكرية الكردية والنظام في دمشق”، أما صحيفة “معاريف” فتؤكد أن “رد الفعل التركي الحاسم ضد التعديات الروسية جاء لتكريس خطوط حمراء أمام موسكو وللتدليل لها على أن تركيا لا يمكنها أن تسمح بحال من الأحوال بوجود كيان كردي مستقل على حدودها الجنوبية، على اعتبار أن هذا يمثل تهديدا قوميا للأمن التركي”.

نصب روسيا لنظام جوي من طراز (S-400) هل أثر على علاقة روسيا بدولة الاحتلال الإسرائيلي؟

نرشح لك

Comments

عاجل