المحتوى الرئيسى

عيد ميلاد حزين في بلد القديسة بربارة برام الله

12/24 05:17

قبيل عيد الميلاد بأيام، انشغلت مريم سالم "أم ميشيل" ورفيقاتها في إعداد طبق الحلوى الخاص بإحياء ذكرى "استشهاد القديسة بربارة" في قرية عابود الفلسطينية غرب رام الله، لكن الطقس السنوي مر هذا العام حزينا بلا شجرة ميلاد ولا أجواء احتفالية في القرية المغلقة منذ أسبوعين.

أم ميشيل قالت إنها تعد هذا الطبق منذ أربعين عاما، لكنها المرة الأولى التي تجري طقوسه في القرية التي تضم قبر "القديسة بربارة" بحضور أهالي القرية فقط، بينما كانت طقوس البربارة تمتد لأكثر من أسبوع في دعوات يتبادلها مسلمو القرية ومسيحيوها.

وفقدت القرية قبل أسبوعين أحد أبنائها بعد إعدامه بالرصاص الإسرائيلي بزعم محاولته طعن جنود مسلحين، وقال الأهالي إن الشهيد عبد الرحمن البرغوثي كان يستعد لزفافه وقتل بدم بارد. 

وعلى إثر الحادثة، أغلق الجيش الإسرائيلي المدخل الرئيسي شرق عابود وعرقل حياة سكانها، بينما كانت تستعد القرية التي يقطنها 2200 نسمة -نصفهم مسلمون والنصف الآخر مسيحيون- لإحياء ذكرى استشهاد القديسة بربارة وأعياد الميلاد.

ويقول رئيس المجلس القروي يوسف حبيب إن عيد البربارة هو الطقس الأهم الذي تنطلق منه أعياد الميلاد في القرية، ويتزامن مع ذكرى مقتل القديسة بربارة على يد والدها بسبب اعتناقها المسيحية.

وحسب الرواية المحلية، عاش في القرية قبل نحو 1800 عام رجل من الأشراف اسمه ديوسقورس، وكان له ابنة اسمها "بربارة" بنى لها برجا عاليا لتعيش فيه، ومنعها من الخروج والتكلم إلا مع من يختارهم.

واعتنقت بربارة المسيحية رغم وثنية والدها، فحاول قتلها لكنها استطاعت الفرار ورفضت كل محاولات ثنيها عن مسيحيتها، ولكن والدها قرر في آخر المطاف قطع رأسها بالسيف، فقتلت عام 236 للميلاد.

ويحيي المسيحيون ذكرى مقتلها يوم 4 ديسمبر/كانون الأول حسب التقويم الشرقي، ويوم 17 منه حسب التقويم الغربي.

وفي العام 2002 فجر الجيش الإسرائيلي مقام القديسة بربارة غرب القرية بحجة اتخاذه مخبأ لمقاومين فلسطينيين، وأعاد الأهالي ترميمه رغم محاولات الاحتلال ضمه إلى الأراضي المصادرة لصالح جدار يعزل القرية عن مستعمرة "بيت أريه" المقامة على أراضيها، والتي التهمت نحو خمسة آلاف دونم هي ثلث مساحة أراضي عابود.

رئيس مجلس عابود يوسف حبيب يقف أمام مقام القديسة بربارة (الجزيرة)

ويكشف يوسف حبيب أن مسيحيي عابود تعرضوا لهجرات عديدة أشدها بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، حيث هاجر غالبيتهم إلى الأردن وأميركا الجنوبية ودول أوروبا والولايات المتحدة. ويعتقد أن حوالي ثلاثة أضعاف أهالي القرية يعيشون خارجها الآن.

وأطلق على عابود قديما اسم "مدينة الزهور" لكثرة تنوع زهورها البرية وندرة بعضها، لكن الاسم الحالي أخذ من كثرة معابدها أو نسبة لراهب عمّر أديرتها ويدعى "عبديا".

وكانت القرية تحوي ثماني كنائس وديرا، وهدم معظمها بسبب الحروب أو الظروف الجوية. وبقيت "كنيسة رقاد العذراء" للروم الأرثوذكس وكنيسة "أم الأوجاع" لطائفة اللاتين المقامة على بقايا كنيسة بيزنطية قديمة تدعى "مار سمعان".

وحسب الرواية المسيحية، كانت عابود محطة المسيح عيسى عليه السلام عند انتقاله من القدس إلى الناصرة في الجليل، وفيها كان يلقي مواعظه لأتباعه في كنيسة تدعى "الميسية"، وقد اندثرت وتحولت إلى مقبرة منذ عهد قديم.

والزائر لقرية عابود قبيل عيد الميلاد هذا العام سيلاحظ الفرق، حيث لا شجرة عيد ميلاد ضخمة وسط القرية كما جرت العادة، ولا شوارع مضاءة بالزينة ولا صوت أجراس في كل مكان.

يقول راعي كنيسة الروم الأرثوذكس في عابود الأب عمانوئيل عواد إن احتفالات أعياد الميلاد اقتصرت على الشعائر الدينية احتراما لدماء الشهداء الذين قتلوا في الشهور الأخيرة، ومنهم أحد شبان القرية.

ونظمت عابود مسيرتها السنوية إلى مقام القديسة بربارة بدون فرقة الكشافة، وبتراتيل دينية شارك فيها عدد محدود من الأهالي.

وقال الأب عواد إن إحياء ذكرى القديسة بربارة واحتفالات الميلاد اقتصرت على الصلوات والدعاء طلبا من الله بأن يمن بالسلام والأمن ويرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني.

وأضاف أن إغلاق القرية حال دون وصول ضيوف من كل فلسطين كما جرت العادة، حيث كان يزورها حجاج من الجليل والناصرة وعكا وحيفا ومن خارج فلسطين، "لكن عند توجيه الدعوات هذا العام كان الجميع يدرك أنه لا يستطيع الوصول بسبب إغلاق القرية".

وتابع قائلا "احتفل أهالي القرية وحدهم بعدما أطفأ الاحتلال بهجة العيد، فالعيد هو اجتماع الناس ليصلوا لله بصوت واحد".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل