المحتوى الرئيسى

جوامع حلب الأثرية.. ذاكرة في مهب الحرب

12/23 10:44

شكلت مساجد حلب القديمة (شمال سوريا) تراثا معماريا فريداً، يتداخل فيه الفن المملوكي والعثماني في العمارة، ليقدم مئات المساجد والجوامع التي ارتبطت بذاكرة أبناء المدينة، وجعلت من حلب مقصداً رئيساً للسياح من أنحاء العالم.

ومنذ بداية الحرب في حلب، والمدينة تودع في كل يوم جزءا من إرثها التاريخي العالمي جراء تعرضها لقصف قوات النظام السوري بالصواريخ والبراميل المتفجرة، وباتت معظم الجوامع ركاما من الأحجار، وفقد الكثير منها مآذنه الأثرية، وأصبحت أثرا بعد عين.

في حلب القديمة، حول القلعة الأثرية، تنتشر عشرات المساجد والجوامع، ولكل منها قصة ترويها زواياها المدمرة بفعل براميل النظام الحاكم، حيث تشير جبهة علماء حلب المهتمة برصد الدمار في دور العبادة أن أكثر من ثلاثين جامعا دمر بشكل كلي أو جزئي جراء القصف من جيش النظام.

إلى قلب المدينة القديمة، حيث حي باب الحديد الشهير، وإلى الشمال منه يشاهد المرء جامع الحدادين شبه المدمر، فمنذ اندلاع المواجهات تعرض للقصف المدفعي العنيف أكثر من مرة، الأولى عام 2012، والثانية في يونيو/حزيران 2015عندما سقط برميل متفجر وسطه، حتى لوحة التعريف به لم تسلم من الدمار ونالت حصتها أيضا.

وتشير المصادر التاريخية إلى أن الجامع سمي كذلك لوجوده في سوق الحدادين، أو نسبة للشيخ الحدادين الفقيه، ويسمى أيضاً جامع بنقوسا العتيق، ويعود تاريخ بنائه إلى منتصف القرن الـ14 الميلادي في ظل الحكم الأيوبي، وبانيه هو الحاج علي بن معتوق الدينسيري، وقد جدد عام 1841.

ويصف أبو محمد -وهو أحد سكان الحي- الجامع بالكنز الأثري الذي لا يقدر بثمن، مشيراً إلى أنه شهد تخرج العديد من علماء الدين، وأمَّ فيه عدة مشايخ أمثال الشيخ أديب والد المفتي الحالي بحكومة النظام أحمد حسون، وكان مدرسة للمنشدين الكبار مثل صبري مدلل وبكري كردي.

وأكد المواطن أن النظام الحاكم يقوم بين الفينة والأخرى باستهداف هذا الجامع، والمنطقة المحيطة به رغم خلوها من أي وجود عسكري للمعارضة.

وإلى الشرق من باب الحديد بمسافة لا تزيد على ستين مترا، يقع جامع بانقوسا العريق الذي بني في القرن الثامن الهجري (الـ14 الميلادي) وقد قام ببناء المراحل الأولى منه الخواجة "خاص بك" بالعهد المملوكي، ثم أكمل البناء على نفقة أهل الخير.

وفي عام 2014، سقط برميل متفجر على جامع بانقوسا ما أدى إلى تهدم عدد من الأروقة والغرف الداخلية، بينما لا تزال مأذنته شاهدا على تاريخه حتى اليوم.  يقول أبو الليث مدرس التاريخ المتقاعد في حلب إن "لهذا المسجد قدسية كبيرة لدى سكان حلب، فيعتقد وجود أثر لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) بهذا الجامع، وهو عبارة عن حجر دائري يبلغ قطره ثلاثين سنتيمترا تقريبا يقال إن الرسول (عليه الصلاة والسلام) لمسه وما يزال موضع أصابعه محفورا على الحجر".

وأكمل أبو الليث "في السابق كان الناس يقصدون الجامع بكثافة لمشاهدة الأثر، والصلاة في الجامع، أما هذه الأيام فأصبح مهجورا وبقايا آثار محطمة".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل