المحتوى الرئيسى

10 آلاف مريض بـ"الهيموفيليا".. الدم ينزف والصحة من "بنها"

12/22 19:37

أزمة حقيقية يعيشها أكثر من 10 آلاف مريض بالهيموفيليا أو نزف الدم في مصر، بحثًا عن العلاج الآمن في ظل تجاهل وزارة الصحة لمطالبهم وجهل الأطباء بالمستشفيات الحكومية لطبيعة المرض، الأمر الذي زاد الطين بلة وجعلهم يذوقون مرارة الموت كل يوم دون حول لهم ولا قوة. 

ويعتبر الهيموفيليا "السيولة في الدم"، مرض وراثي نادر يسببه نقص أحد العوامل اللازمة لتجلط الدم، كما لا ينزف عادة الأشخاص المصابون بالهيموفيليا بشكل أسرع من الأشخاص العاديين ولكنهم ينزفون لوقت أطول.

محمد الديب، يروي تجربته مع المرض، موضحًا أن عمره 29 عامًا، وواحد من ثلاثة حالات مصابة بالهيموفيليا في أسرة واحدة، حيث ذاق الآمرين خلال حياته من أجل الحصول على الدواء.

وتابع في حديثه لـ "مصر العربية" أن والده كان يتبرع له بالدم منذ الطفولة ثم انتقل للتأمين الصحي ودوامته للحصول على الكرايو، فانتقل له فيروس سي، قائلًا: ثم تخرجت وبدأت المرحلة الأصعب في العلاج على نفقة الدولة، فكنت أسافر من المنصورة إلى القاهرة لتلقي الكرايو أيضًا حتى انضممت مرة أخرى للتأمين الصحي.

واستطرد الديب: وبعد الانضمام للعمل الحكومي بدأت رحلة البحث عن الدواء في التأمين الصحي التابع لي بالتفاهم تارة وبالطرق القانونية تارة أخرى، مؤكدًا أن الوعي بطبيعة المرض منعدم وتكمن المأساة في عدم الإحساس بحال المريض إلا المرضى أنفسهم والقلة من الأطباء المحترمين الذين يعلمون ما هو الهيموفيليا ومضاعفاته.

ولفت إلى أن المشكلة تتمثل في التباين الكبير بين نوعية الخدمة الطبية المقدمة للمرضى بين المظلات العلاجية من تأمين صحي ونفقة دولة ومستشفيات جامعية وخاصة وبين تأدية الخدمة الطبية في فروع التأمين، فتجد على سبيل المثال بعض المستشفيات المتميزة كمًا وكيفًا وذوقًا في التعامل مع المرضى والأخرى التي تفتقر إلى كل شىء لاعلم بالمرض ولا تعامل جيد.

وقال إن المحصلة بعد كل ذلك إعاقات بخمسة مفاصل بالجسم والإصابة بفيروس سي، بالإضافة إلى الألم المزمن جراء هذه المضاعفات، مؤكدًا أن وزارة الصحة أصدرت بيان منذ أسبوع وصفه بـ"غريب الأطوار" تؤكد فيه أن دواء فاكتور متوفر بكميات تفوق الاحتياج والدنيا جميلة وليس هناك إعاقات ولا فيروسات ولا ألم مزمن ولا ناس تموت أو تبتر أطرافها من قله الدواء.

ودعى لإقامة أنشطة ومخيمات صيفية للترفيه ولمشاركة الخبرات المرضية بين المرضى مثل الإعطاء الذاتي للدواء وغيرها، وتوفيرعيادات تخصصية ودورية مهيئة بأخصائيين في أمراض الدم، أمراض وجراحة العظام، العلاج الطبيعي، التهابات الكبد والامراض الوبائية، التغذية، العلاج النفسي، والمضاعفات الأخرى التي تصيب مريض الهيموفيليا نتيجة النزف المتكرر، وإنشاء مستشفى خاص بالعلاج الشامل لمرضى الهيموفيليا.

وشدد الديب على حتمية توفير الفاكتور دون غيره، وزيادة قيمة قرارات العلاج على نفقة الدولة للهيموفيليا، إدراجهم ضمن المعوقين والسيارات المجهزة بسبب الإعاقات التي لحقت بنا جراء نقص الدواء، ونشر الوعي بالمرض لدى المجتمع والجهات المقدمة للخدمة الطبية.

واستكمل الديب: المشكله لما بيان يطلع من وزارة الصحة للمصريين ويكون بالركاكة والضعف للمادة العلمية والحقائق أيضًا تبقى مصيبة، موضحًا أنه جارٍ التحضير لحملة بلاغات أطلقها المركز المصري للحق في الدواء وأنه تقدم للنيابة الإدارية بفاكس على رقم الخط الساخن للإبلاغ عن نقص العلاج وتقصير المسئولين في حق مرضى الهيموفيليا.

وفي نهاية حديثه، شدد على أنه أصيب بإحباط من كثرة المحاولات لأخد الحق في العلاج الآمن بلا جدوى، مطالبًا وزارة الصحة  بعمل إحصاء رسمي لمرضى الهيموفيليا في مصر، وتوعية المرضى وذويهم بطرق العلاج والجهات المقدمة له.

ونادى بالوقوف على احتياجات مرضى الهيموفيليا الطبية والصحية والمضاعفات النفسية والاجتماعية لهم ولعائلاتهم ومحاولة توفير مجموعات الدعم النفسي والاجتماعي للمريض ولأسرهم، ونشر الوعي في المجتمع باضطرابات النزف الوراثية وكيفية التعامل معها توفير الكتيبات ومصادر المعلومات الخاصة بالهيموفيليا.

لم يختلف الحال كثيرًا بالنسبة لمحمد أبو حجر، 34 عامًا، موظف بجامعة عين شمس، الذي أكد لـ"مصر العربية" أنه مريض بالهيموفيليا "بي" منذ أن اكتشف أبويه أنه مصاب بهذا الداء اللعين عند إجراء عملية ختان وهو ابن عامين، حيث أصيب بنزيف دموي شديد دفع أسرته لنقله لأقرب مستشفى بين الحياة والموت.

وشدد على أن دواء فاكتور 9 غير موجود في مصر لعدم استيراده من الخارج حيث يعتمد مرضى الهيموفيليا "بي" على مشتقات الدم "بلازما"وأن هناك حالات تجري عمليات جراحية ويجب أن يكون موجود فاكتور 9.

وردًا على بيان وزارة الصحة بشأن توافر علاج مرضى الهيموفيليا، قال أبو حجر إن عناصر التجلط 13 عنصرًا، في حين أن بيان الوزارة أكد توافر عناصر تحمل اسم فاكتور 88 وفاكتور 99.

ولفت إلى أنه بالنسبة لفاكتور 8 فهو متوفر بالفعل في أغلب فروع التأمين الصحي ولكن غير موجود لقرارات العلاج على نفقة الدولة،

في نظري مرض الهيموفيليا يعتبر أمن قومي، بهذه المقولة استهل أحمد محمد سمير، ٢٨ عامًا، محاسب،  حديثه لـ"مصر العربية"، موضحًا أن الأمر يتعلق بحياة ما يزيد عن ٩٠٠٠ روح.

وروى معاناته مع المرض بأنه ليس لديه تأمين صحي ولا يوجد لديه وظيفه حكومية رغم حصوله على شهادة ٥٪ معاقين للتوظيف، ويستطيع أن يعمل، موضحًا أنه يعاني مرض هيموفيليا "أ" بنقص عامل تجلط ٨.

وقال أحمد: لا أملك إلا قرارات نفقة الدولة بـ٢٥٠٠ جنيه كل 6 أشهر ولا يوجد لي دعم دوائي، لافتًا إلى أنه يحتاج عشر حقن ٥٠٠ وحدة، تكلفة الواحده ١١٠٠ جنيه، يعني أنه محتاج ١١ ألف جنيه علاج شهري،  وذلك مدى الحياة.

واستطرد: أما في الطوارئ يمكن أن يحتاج المريض كمية ضخمة من الفاكتور للنقل، مضيفًا: طبعًا الدولة مش بتوفر دعم وبروتوكول آدمي للمريض وغير كدا عندي فيروس سي ومش بنتعالج منه معنى كدا تكاليف باهظة على أسرة متوسطة بنبيع اللي عندنا عشان نقدر نجيب حقنة أو اتنين في الشهر والكارثة أن الدولة لسه بتنقل مشتقات دم دول كتير برا مبقتش تنقلها وبتعتمد على الفاكتور لحل أزمة انتقال الفيروسات.

وواصل كلامه: غير كدا مفاصلي فيها تليف وركبتي اليمين مدمرة والأنكل الشمال بايظ غير كمان أني بقيت مريض بالضغط العالي، يعني بشتري بفلوسي كلها علاجات لولا أهلي كان زماني مت من زمان، وعندي مراسلات لمستشفيات في النمسا وألمانيا وإنجلترا عشان أغير مفصل ركبتي اليمين بعلاج الفاكتور محتاجلي نص مليون جنيه دا للأسبوع بتاع العملية.

وتابع: الكارثة الأخرى برضو أنهم مش مديين الحق لينا في الحصول على سيارات مجهزة ضمن نسبة المعاقين، رغم أن أغلبنا عنده إعاقات حركية ومدرجين معاقين طبقًا للقوانين في الحكومة بحجة أننا خطر عالغير رغم أن مرضنا غير معدي أصلًا، بالتالي مريض الهيموفيليا يا بيموت يا بيقطعوله أطرافه زي محمد صابر يا بيتحول لعاجز وبيعيش بآلام أشد من مرضى السرطان وكمان مفاصل تالفة وفيروسات كبدية ونزيف متكرر في أي مكان في جسمه وضغط وسكر كمان.

"لا يوجد طبيب واحد في مصر متخصص في الهيموفيليا"، كارثة جديدة فجرها لـ"مصر العربية" محمد مجدي، مهندس نظم معلومات، 33 عامًا، مؤكدًا أن مرضى الهيموفيليا يعانون جهل الأطباء بالمستشفيات الحكومية للمرض.

ولفت إلى أن علاج الهيموفيليا خارج مصر يتم بمراكز طبية متخصصة على عكس ما يحدث بمصر التي يُدرّس مرض الهيموفيليا في كليات الطب بها في سطرين، موضحًا أن في الغالب تفوق خبرة ومعرفة المريض حول المرض عن الطبيب نفسه وذلك من واقع معايشة المرض والتجربة.

وقال إن الهيموفيليا تنقسم إلى 3 أنواع أولهم ضعيفة وتكون نسبة الفاكتور بالدم أعلى من 5%، وثانيهم متوسطة تكون النسبة ما بين 5% إلى 1%، وثالثهم عنيفة تكون النسبة 1% أو أقل، موضحًا أن 90% من مرضى الهيموفيليا مصابون بفيروس سي نتيجة لنقل مشتقات الدم الملوثة.

وبدوره، طالب تامر حسن، عضو مجلس إدارة جمعية لأصدقاء مرضى النزف، بزيادة قيمة قرارات العلاج على نفقة الدولة لمرضى الهيموفيليا من 2500 جنيه إلى القيمة التي تتناسب مع حالة المريض وطبقًا لاحتياجاته الفعلية وتجدد لمن ليس له تغطية بالتأمين الصحي وإمكانية صرف العلاج من أي مكان على مستوي الجمهورية.

وأوضح فيما الموقف الحالي لمرضى الهيموفيليا في مصر طبقًا للبيانات المسجلة بالجمعية، أن عدد المرضى المسجلين حاليًا بالجمعية ينقسم ما بين هيموفيليا أ حوالي 4230 مريض، وهيموفيليا ب حوالي 1045 مريضًا، فيما بلغ عدد مرضى فون وليبراند 513 مريضًا، بينما عوامل التجلط الأخرى حوالي 1123 مريضًا، بإجمالي 6911 مريضًا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل