المحتوى الرئيسى

الاحتكاكات الروسية التركية إلى أين؟

12/22 09:36

تتواصل الاحتكاكات الروسية – التركية بشكل غير مسبوق، بعد أن تدهورت العلاقات بين البلدين عقب إسقاط سلاح الجو التركى القاذفة الروسية.

الرئيس الروسى فلاديمير بوتين كان قد أمر خلال اجتماع لقيادة وزارة الدفاع الروسية، ترأسه فى 11 ديسمبر الحالى، بالرد الفورى على أى تهديد للقوات الروسية، ويبدو أن الأمور تتجه إلى شكل من أشكال "الثأر" من جانب موسكو، لأسباب كثيرة داخلية وخارجية.

أعلنت موسكو استدعاء الملحق العسكرى التركى على خلفية حادث إطلاق أعيرة نارية روسية على سفينة صيد تركية، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن إحدى سفن الدوريات الروسية اضطرت لإطلاق أعيرة نارية لمنع التصادم مع سفينة صيد تركية فى بحر إيجه، موضحة، فى بيان رسمى، أن نائب وزير الدفاع الروسى أناتولى أنطونوف استدعى الملحق العسكرى إلى مقر الوزارة فى موسكو على خلفية الحادث، وكان رد الملحق العسكرى التركى، أنه سينقل الرسالة الروسية الصارمة إلى مركز القرار فى أنقرة.

ووفقا لتوضيحات وزارة الدفاع الروسية، كانت سفينة الحراسة الروسية على مسافة 22 كلم من جزيرة ليمونس اليونانية فى المنطقة الشمالية من بحر إيجه، وفى الساعة التاسعة وثلاث دقائق بتوقيت موسكو كشف طاقم سفينة الحراسة "سميتليفى" عن سفينة تركية على بعد 1000 متر بحرى تقترب من الجانب الأيمن لـ"سميتليفى" التى كانت فى وضع الرسو، مضيفة: "السفينة التركية تجاهلت جميع محاولات طاقم "سميتليفى" للاتصال اللاسلكى وبالإشارات الضوئية وقنابل الإنارة بها".

وأكد بيان وزارة الدفاع الروسية أنه "عند اقتراب سفينة الصيد التركية من السفينة الروسية على مسافة نحو 600 متر أطلقت السفينة الروسية أعيرة نارية على مسار سير السفينة التركية، على مسافة لا تسمح على الإطلاق بإصابتها بهذه الأعيرة، وذلك بهدف تفادى اصطدام السفينتين".

وأشار البيان إلى أن السفينة التركية غيرت مسارها بسرعة بعيد إطلاق الأعيرة النارية التحذيرية، وأنها تابعت سيرها على مسافة 540 مترا، دون أن تحاول الاتصال بالسفينة الروسية.

ولكن المشهد أصبح أكثر ضبابية بعد أن نفى مالك السفينة التركية مظفر جيتشيدجى ما أعلنته روسيا.

قال جيتشيدجى: "لم نقترب من السفينة الروسية أقل من ميل بحرى واحد، أو 1800 متر، وسفينة الحراسة الروسية "سميتليفى" لم تكن تتحرك، ولكنهم لم يطلقوا النار علينا، وحتى إن تم فتح النار فلم يسمع ذلك أحد".

وأوضح جيتشيدجى، الذى يدير شركة صيد أسماك، أن سفينته التى يبلغ طولها 46 مترا، مجهزة بالأجهزة الضرورية وتم تسليم التسجيلات من الكاميرات الخارجية لحرس الحدود.

هذا الحادث يثير الكثير من اللغط فى ظل الحديث عن صعوبات تواجه السفن الروسية أثناء مرورها بالمضايق التركية، سواء كانت البوسفور أو الدردنيل، وكانت موسكو قد أعلنت عن بعض الشكاوى الخاصة بتعطيل سفنها، ما ينذر بتكرار مثل هذه الحوادث فى البحر والجو أيضا.

على الجانب الآخر، تواصل الولايات المتحدة حرصها على أمن الطاقة فى أوروبا ضد ما تعتبره التهديدات الروسية، هذا الحرص تضاعف مؤخرا، عقب الأزمة التى نشبت بين موسكو وأنقرة، إذ أعلنت واشنطن أن بناء مشروع الغاز "تاناب" الأذربيجانى سيساهم فى الحفاظ على أمن الطاقة فى أوروبا، ومن الواضح أن الولايات المتحدة ستشجع تنفيذ هذا المشروع بطرق مختلفة لكى ينتهى بنجاح، حسب تأكيدات الممثل الرسمى الخاص بقضايا الطاقة فى وزارة الخارجية الأمريكية آموس هوكشتين.

هذا المشروع يراعى تشييد البنية التحتية لخط أنابيب نقل الغاز الأذربيجانى إلى أوروبا عبر تركيا وتقدر تكلفة المشروع بـ45 - 47 مليار دولار.

كما أن دوره إيجابى للغاية لأمن الطاقة فى أوروبا، من وجهة نظر واشنطن، وأن اتخاذ قرار الاستثمارات النهائى بشأن بناء هذا الخط بين اليونان وبلغاريا سيتيح الفرصة لتوسيع جغرافيا إمدادات الغاز الأذربيجانى، وبطبيعة الحال سيكون كل شىء بعيدا عن روسيا.

غير أن المهم هنا هو أنه من المتوقع أن تبدأ إمدادات الغاز الأذربيجانى إلى أوروبا عام 2020 بحجم 10 مليارات متر مكعب، سيذهب منها 6 مليارات متر مكعب إلى مناطق فى غرب تركيا.

الرئيس التركى رجب طيب أردوغان توجه إلى قطر مؤخرا لبحث هذا الموضوع، ثم توجه إلى أذربيجان، وقريبا سيتوجه إلى تركمانستان للهدف نفسه، ما يعنى أن أنقرة تبحث عن بدائل، سواء فى منطقة الخليج أو فى آسيا الوسطى، بعد أن توقف مشروع السيل التركى الذى كان جزءا من المشروع الأكبر "السيل الجنوبى"، والذى كانت تحاول روسيا استخدامه لتصدير غازها بعيدا عن الأراضى الأوكرانية.

فى الحقيقة، كانت شركة "ستروى ترانس غاز" الروسية قد أعلنت، فى مارس الماضى، تدشين مشروع بناء خط أنابيب الغاز فى مدينة "كليتشوفيتشى" الذى يصل شبكة أنابيب الغاز المقدونية بخطوط الأنابيب اليونانية، هذا الجزء المقدونى من خط الأنابيب كان يعتبر أحد تفريعات خط "السيل الجنوبى" الذى توقف بعد أن جمدت بلغاريا مشاركتها فيه نتيجة اعتراض اللجنة الأوروبية عليه.

ووفقا للمشروع الجديد كان من المقرر أن يتم توصيل الجزء المقدونى بالتفريعة التركية المتبقية من مشروع السيل الجنوبى السابق، غير أن الأزمة بين روسيا وتركيا عقَّدت الأمور، ومن الممكن أن تدفع بها إلى اتجاهات غير محمودة العواقب.

لقد بدأت تركيا، عضو حلف الناتو، فى وضع العراقيل أمام روسيا وبأشكال مختلفة، وليس هناك شك أن كل ذلك يروق لواشنطن وحلف الناتو، مهما كانت التصريحات الدبلوماسية المرنة من جميع الأطراف، ولكن العراقيل التى تضعها أنقرة أمام موسكو تنعكس، شئنا أم أبينا على دول المنطقة، وخصوصا فى العراق وسوريا، ما يستدعى اتخاذ إجراءات أخرى من جانب دول المنطقة بشكل عام فى مواجهة خلط الأوراق وتأجيج الصراعات الطائفية والعرقية فى المنطقة.

بعد اختتام جلسات مجلس الأمن الدولى بطلب من موسكو حول مسألة وجود الوحدات العسكرية التركية فى العراق، لم يكتف رئيس الحكومة التركية أحمد داود أغلو، مثلا، بعدم الاعتراف بأن دخول الوحدات العسكرية التركية هو انتهاك لسيادة العراق، بل اتخذ موقفا هجوميا باتهام موسكو بتنفيذ عمليات تطهير عرقى فى سوريا ضد التركمان والسنة.

كان الهدف من مبادرة موسكو لعقد جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولى للنظر فى موضوع دخول الوحدات العسكرية التركية إلى العراق دون موافقة السلطات العراقية، كانت تهدف إلى تبريد الرؤوس الساخنة فى أنقرة، ومنع تصعيد النزاع فى المنطقة.

ولكن التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة التركية أحمد داود أغلو تشير إلى أن أنقرة لا تنوى التراجع عن موقفها، ولا تعتبر عملها هذا مغامرة أو استفزازا، لأن هذه الوحدات، حسب قول أغلو، أرسلت إلى بلدة "بعشيقة" لحماية معسكر تدريب وحدات البيشمركة الكردية، التى من المحتمل تعرضها لهجوم من جانب مسلحى "داعش"، ولأن الجنود المرابطين هناك لا يملكون سوى أسلحة خفيفة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل