المحتوى الرئيسى

بالصور: "سنترال بيرك" في بور فؤاد.. صورة طبقة الأصل من "F.R.I.E.N.D.S"

12/20 20:08

كتبت- هدى الشيمي ورنا الجميعي:

داخل مقهى صغير من المفترض إنه في نيويورك، ولكنه كان في الحقيقة داخل كاليفورنيا، اجتمع ستة أصدقاء يهربون من مشاكل الحياة اليومية، محاولين التخلص من الروتين، مختلسين بعض ساعات متكئين على الأريكة البرتقالية اللون، يجلس أحدهم على ذلك المقعد الأخضر الوثير، يحتسون القهوة يتناولون البسكويت، داخل الـ "Central Perk" الموقع الرئيسي الذي شهد على معظم أحداث مسلسل "Friends"، فلا تخلو حلقة من حلقاته 236، والذي استمر لعشرة أعوام من مشهد مصور به، تغني فيه فيبي "smelly cat"، نتناب مونيكا نوبات غضب وجنون عندما تتحدث عن عدم تقبل زملائها في العمل لها، يصرخ روس عندما يعلم أن أحدهم في العمل أكل شطيرته، يحاول جويي بسذاجته وبراءته ايقاع الفتيات به، وتعمل به رايتشيل حتى تجد فرصة عمل مناسبة في بلومنجدال.

 في تمام الحادية عشر صباحًا، يوم الجمعة الماضي، أمام مدرسة الراعي الصالح فتح عبدالله أبواب الكافيه للرواد، اليوم هاديء تمامًا، سيارات قليلة تمر عبر شارع الجمهورية الواصل من العبّارة، البعض يجلس عند القهوة على الناصية، فيما يتردد آخرون على المقهى الجديد، ذو الواجهة الخضراء، يعلوها فنجالان من القهوة تخرج السخونة منهما بمنتصفهما اسم الكافيه "سينترال بيرك"، أرضية خشبية تخط عليها بمقدمة المقهى، خمسة مناضد موضوعة بالخارج للمدخنين، ومحبي الأماكن المفتوحة، وما إن تدلف يقابلك جو من الدفء، وفجوة زمنية تقع فيها محلها المسلسل، جلس مجموعة من الشباب على اليسار، رغم اليوم الذي مازال في أوله، بجوارهما على أريكة برتقالية جلس شابين، رجل وفتاة، يوجههان وجههما شطر شاشة التلفاز، يشاهدان باهتمام إحدى حلقات "فريندز".

 أصبح "سنترال بيرك" مكان مقدس لمشاهدين أو عشاق المسلسل، حلم بعضهم بأن يكون لديه مكان مماثل خاص به وبأصدقائه، ومنهم من رغب في قضاء بعض الوقت مع الأصدقاء الستة يشاهد الحلقات ويضحك مع الجمهور الذي لا يصطنع الضحك، ليأتي عبد الله حسن وزوجته أمنية ويحققوا حلم كثيرين، بافتتاح مقهى مماثل في بور فؤاد المدينة الصغيرة ببورسعيد. 

في 16 ديسمبر الماضي افتتح الكافيه، غير أن الافتتاح الرسمي سيتزامن مع احتفالات الكريسماس في 25 ديسمبر، هوس المسلسل ألمّ أيضًا بأمنية ــــ وعبدالله حسن "إحنا مشغلينه على طول في البيت" يقول عبدالله مبتسمًا. شريكا الحياة الزوجية حولا حلمهما حقيقة، ثلاثة أعوام عمر ذلك الحلم، ثُم التخطيط له منذ سنة ونصف، والتنفيذ على الأرض منذ ستة أشهر.

 تتابع أمنية شريكة عبد الله في الحلم، المسلسل منذ حوالي 13 سنة، فلا يمر يوم عليها إلا بمشاهدة حلقة أو اثنين لتنسى ضغوط الحياة وتتمكن من النوم، "بقالي 13 سنة بتابعه يوميا، وحافظة كل كلمة بيقولها، على طول في دماغي ومعايا، وكان نفسي يكون في حاجة بعملها ليها علاقة بيهم".

تغيرت حياة أمنية وعبد الله بعد الزواج والإنجاب، فاختلفت المسئوليات وأصبحا يفكران أكثر في المستقبل، وزادت المشاغل بسبب ظروف العمل في البنك، فأخذت القرار بانشاء عملها الخاص قبله، وفتحت حضانة في بور فؤاد وتديرها الآن "الفكرة كانت في دماغي دايما، إني يبقى عندي مكان خاص بيا احط فيه فكري، أوقات بيبقي عندي شطحات ومش عارفة انفذها"، وبعد فترة اتخذ عبد الله القرار بسبب ظروف طرأت في عمله.

مع حلول الظهيرة بدأ عدد الرواد في الزيادة، قدم شابين ليجلسا على المقاعد ذو الورود السوداء، وما إن جلسا، حتى أخذا في التقاط "السيلفي" مع صور فريندز المنتشرة بالمكان.

 يتحدث عبدالله عن المشروع ثُم يقوم مجددًا ما إن يجد أحدهم يطلبه، هو المتولي لتفاصيل المقهى، ارتدى اليونيفورم الأخضر الخاص بالمقهى، يذهب ليرى طلبات الشباب، ثم يرجع ثانية ليتحدث.

 بدأ النقاش بين الزوجين، يفكران في مشروع جيد يعملان فيه معًا، واستقرا على أنهما سيفتتحان مكان خاص بهما، وبدأ في البحث عن مكان خاص، وبعد العثور عليه اكتشفا أن فكرة عبد الله بتنفيذ محل خاص باللعب لن تكون مناسبة "قولتله طيب نعمل سنترال بيرك قالي طبعا، وشجع الفكرة، لأن المسلسل حاجة أساسية في حياتنا، ولازم نشوفه يوميا".

 لم يكن تحقيق ذلك الحلم أمر سهل، ترك عبدالله عمله في البنك ليتفرغ له، واجه أقاويل مثل "أنت عندك وظيفة"، الاستنكار من تركه عمله المضمون ليبدأ في مشروع لا يعلم مدى الربح من ورائه، ووصلت معارضة الأهل والاقارب إلى اسم المقهى، فـ"سنترال بيرك" لم يكن بالاسم الصائغ لهم، وتقول أمنية "قالولنا طيب سموه فريندز على اسم المسلسل، ولكننا أصرينا على الاسم ده".

لم يطمح عبدالله فقط بأخذ شعار الكافيه، لمجرد الشهرة، غير أنه حاول الإمساك بجميع التفاصيل حتى أصغرها، الباب البنفسجي بإطار الصور الفارغ المميز لشقة مونيكا، الأريكة برتقالية اللون ذات "الشراشيب"، الألواح المخطوط عليها التي اشتغل عليها الشاب بيديه "أنا اشتغلت نجار وسباك، يقول ضاحكًا مشيرًا إلى اللوحة السوداء المعلقة بمنتصف المقهى، فتجد مكتوب بها الوصفات الخاصة المسماة بأسمائهم، حتى الطوب الأحمر، هو بالفعل طوب أحمر وليس مُجرد شكل صناعي "التفاصيل دي بتفرق"، على يسار المقهى يستقر جيتار فيبي على الجدار، يُصّر على معرفة آراء الرواد في أية تفاصيل يريدونها بالمقهى.

خلال الثلاثة شهور الماضية لازم عبدالله موقع الكافيه، للتأكد من إتمام كل شيء، ظلّ الشاب يؤكد على العمال ومهندس الديكور، ليتثبت له من تلك التفاصيل، فمسألة الطوب الأحمر لاقت استغراب العمّال، فيما لم يكن المهندس محبًا للمسلسل، لكنه استطاع بمهارته الوصول إلى النتيجة المبتغاة، كما يؤكد صاحب المقهى.

 العمل لم ينتهي حتى الآن، حيث يراقب الشاب الثلاثيني كل التفاصيل المتعلقة بالمسلسل، وينفذها بشكل حرفي، لا يرغب أن يوجد شيء غير مكتمل "أناعايز الأحسن دايمًا، فعيني طول الوقت بتشوف لو حاجة مش متظبطة"، يسكن الزوج بور فؤاد، لذا كان موقع المقهى بها، هذا بالإضافة إلى أن سوق العقارات ببورسعيد مرتفع أكثر، ضمن الخطة المستقبلية افتتاح فرع لهما هناك ثم القاهرة.

على الجدران لوحة جمعت أشهر جمل المعروف بها الأبطال، والتي يستمعون لأصواتهم عندما يقرأوها مثل " How YOU doin'? '"، "Joey doesn't share food أشهر عبارتين لجويي، و"Oh my God" عبارة جانيس حبيبة تشاندلر السابقة، وغيرها من العبارات، يقبل الزوار على المقهى بدءًا من الساعة السابعة مساءً، "الإقبال بيكون في المواعيد اللي الناس بتخلص فيها شغلها، بعد الضهر يعني، وبيستمر للساعة واحدة بليل مثلا"، بحسب أمنية.

خلف البار وقف أحمد عمران، هو الطاهي الرئيسي، مشغولًا بعمله، أخذ ساعة كاملة لينتهي من الطلبات، ثُم قدم في وقت راحته للتحدث، يساعد عبد الله وأمنية في العمل، الشاب أوشك على إتمام عقده الثالث، أي في عمر أبطال المسلسل عندما بدأوا التمثيل فيه، واستطاع عمل خلطات سرية أو سحرية، تتشابه إلى حد كبير مع شخصيات المسلسل، وأطلقوا عليها أسمائهم، يوصفها؛ منها "الفروزن يوجرت" والذي حمل اسم رايتشيل، و"نوتيلا تشيز كيك" باسم جويي، وأكلة حملت جوز الهند باسم البروفيسور "روس جيلر"، و"ووايت شوكليت موس" لمونيكا.

يعمل عمران، الذي شغل وظيفة على مركب بحري إنجليزي منذ عام 2007 برفقة أصدقائه كمسئول عن المطبخ، في إجازته، عندما يحصل على إجازة بعد ثمانية أشهر يدور فيهم حول العالم بحكم عمله "عبد الله صديقي عرض عليا الفكرة، وكان عامل كل حاجة في المكان، خلاه تحفة فنية، تشبه الموجود في المسلسل بالظبط".

 في نيو كاسل بانجلترا، رأى عمران مقهى مشابهة، امتلك نفس الوجهة وحمل الاسم ذاته إلا أن الإعدادت والتفاصيل التي حرص عبد الله على أن تكون داخل محله لم تتوفر به "الجدران المصممة من الطوب الأحمر، والسقف وكل شيء، المكان بيخلي ناس تحس إنها مش في مصر".

شاشتا تلفاز في منتصف الكافيه، حلقات مختلفة من المسلسل معروضة عليهم، كأن الحلقات هناك لا تنتهي للأبد، أمام إحداهما جلس شاب وفتاة باهتمام بالغ، دون أحاديث متبادلة يشاهدون الحلقة المعروضة، أحمد وهبة شابان قدما من القاهرة خصيصًا ، للاستمتاع بالمقهى لأول مرة، من خلال موقع الفيس بوك رأت هبة المقهى، وهي المعجبة ب"فريندز"، تقول الفتاة بعينين فرحتين "اتصدمت لما عرفت إنه في بورسعيد، بس جينا"، رافقها أحمد غير أنه لا يهتم به، لكنه أكّد على أن المقهى "معمول كويس، وشكله قريب جدًا من المسلسل".

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل