المحتوى الرئيسى

المعارضة السورية تتهم مجلس الأمن بتقويض مؤتمر الرياض

12/19 23:26

شكك معارضون سوريون بقرار مجلس الأمن حول سوريا واعتبروه تقويضا لمخرجات اجتماعات قوى الثورة في الرياض وتمييع للقرارات الأممية السابقة المتعلقة بالحل السياسي في سوريا، وأن الأمريكيين والروس أعطوا الأولوية لمصالحهما وقاما بفرضها على الدول الأخرى"، وانتقدوا تجاهل التطرق إلى مصير الأسد، معتبرين أن ما يقوم به المجتمع لا يتعدى وضع الشعب السوري رهينة الألعاب السياسية والدبلوماسية

وكان مجلس الأمن تبنى وبالإجماع قرارا دوليا حول سوريا خطوة غير مسبوقة في إطار المساعي السياسية المبذولة لإنهاء الحرب التي يشنها نظام الأسد منذ نحو خمس سنوات ضد الشعب السوري، إلا أن صعوبات عملية تعترض تطبيق بنود هذا الاتفاق، وفق ما يؤكد محللون ومعارضون لدمشق.

ومررت القوى الكبرى في مجلس الأمن وبينها روسيا قرارا دوليا الجمعة يدعو إلى وقف لإطلاق النار على كافة الاراضي السورية وبدء مفاوضات رسمية حول عملية انتقال سياسي بين ممثلين عن النظام والمعارضة اعتبارا من مطلع كانون الثاني/يناير.

وبإجماع قل نظيره، أيد مجلس الأمن في قراره "وقفا لإطلاق النار على كل الاراضي السورية" من المفترض ان يدخل حيز التنفيذ "فور اتخاذ ممثلي الحكومة السورية والمعارضة الإجراءات الأولية على طريق الانتقال السياسي برعاية الأمم المتحدة".

ويطلب القرار من الأمم المتحدة أن تعد ضمن مهلة شهر "خيارات" لإرساء "آلية مراقبة وتحقق" من حسن تطبيق وقف اطلاق النار.

ويقول مدير الأبحاث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية كريم بيطار "هناك العديد من النقاط الغامضة والدوافع الخفية". ويرى أن "اللحظة الراهنة ملائمة للتوصل إلى حل والاجماع في مجلس الأمن خير دليل، لكن الوضع الميداني قادر على نسف كل شيء"، موضحا على سبيل المثال ان "القرار ينص على وقف لإطلاق النار ومرحلة انتقالية ولكنه لا يعتبر وقف اطلاق النار شرطا ملزما".

ويقول سمير نشار، عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أبرز تشكيلات المعارضة في الخارج "قبل ايجاد آلية كفيلة بوقف اطلاق النار بشكل دائم، على النظام والطائرات الروسية أن توقف قصف المدنيين أولا".

وتشن روسيا حملة جوية مساندة لقوات النظام في سوريا منذ 30 أيلول/سبتمبر تقول إنها تستهدف تنظيم "الدولة الاسلامية" و"مجموعات إرهابية" اخرى. وتتهمها دول الغرب والمجموعات المعارضة باستهداف الفصائل المقاتلة اكثر من تركيزها على الجهاديين.

ويستثني وقف أطلاق النار، وفق قرار مجلس الأمن، "الأعمال الهجومية أو الدفاعية" ضد التنظيمات (الإرهابية)، لا سيما تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي تتعرض مواقعه وتحركاته في سوريا لضربات جوية تنفذها طائرات الائتلاف الدولي بقيادة أمريكية منذ أيلول/سبتمبر 2014.

وعلى الرغم من تأكيد القرار الدولي دعم مجلس الأمن "لإعلان جنيف" الصادر في حزيران/يونيو 2012 بشأن الانتقال السياسي في سوريا، ومصادقته على "تصريحات فيينا"، وإشادته بـ"فائدة" مؤتمر الرياض الأخير لقوى المعارضة السورية، لكنه لم يأت على ذكر مصير الرئيس السوري بشار الأسد، وهي النقطة التي لا تزال محور خلاف بين واشنطن وموسكو بشكل رئيسي.

ويرى نشار أنه "انطلاقا من الوضع الميداني القائم حاليا ومن تجاهل القرار التطرق إلى مصير الأسد، يمكن القول إن الاتفاق ليس قابلا للتطبيق عمليا". ويرى نشار ان "ما حصل في مجلس الأمن هو أن الأمريكيين والروس أعطوا الأولوية لمصالحهما وقاما بفرضها على الدول الأخرى".

وفي تغريدة على موقع تويتر، اعتبر رئيس الائتلاف السوري المعارض خالد خوجة، أن قرار مجلس الأمن "بمثابة تقويض لمخرجات اجتماعات قوى الثورة في الرياض وتمييع للقرارات الأممية السابقة المتعلقة بالحل السياسي في سوريا".

ويقول بيطار "بقدر ما يبدو أن الروس والأمريكيين مستعدون للتوصل إلى تسوية مؤقتة، بقدر ما تستمر خشية القوى الإقليمية السنية من أن تؤدي هذه البراغماتية إلى اطالة أمد الوضع الراهن وتسمح ببقاء الأسد خلال فترة انتقال طويلة".

بدا المعارض السوري المخضرم لنظام دمشق ميشال كيلو منهكا أمام "الالعاب السياسية والدبلوماسية الدقيقة" التي تمارسها الدول لإنهاء المأساة السورية، مؤكدا أن "الوثائق والقرارات المفصلة لا تصنع السلام. ففي النهاية، الأفعال هي التي تفعل".

يشكل هذا الصحافي والكاتب المسيحي السوري البالغ 75 عاما أحد أهم شخصيات المعارضة السورية في المنفى، وسبق أن سجن عدة مرات في أثناء حكم الراحل حافظ الأسد ولاحقا نجله بشار، كما كان أحد قادة ما عرف بتسمية "ربيع دمشق" الوجيز في سنوات الألفين عند تولي بشار الأسد الحكم.

منذ انطلاق الاحتجاجات ضد النظام في 2011 مثل ميشال كيلو التيار الليبرالي في الائتلاف الوطني السوري لقوى معارضة، والذي يعتبر محاورا مشروعا لدى الدول المؤيدة للمعارضة، قبل أن ينسحب منه نتيجة خلافات.

وكان كيلو من ضمن "الشخصيات المستقلة" المدعوة إلى مؤتمر الرياض في منتصف كانون الأول/ديسمبر الذي شكل منصة جمعت فصائل مسلحة وكتلا سياسية لبحث التفاوض مع نظام دمشق وإنهاء حرب أسفرت عن مقتل أكثر من 380 ألف شخص في أربع سنوات.

وحول مختلف المبادرات الدبلوماسية الجارية قال كيلو "إننا رهينة الألعاب السياسية والدبلوماسية الدقيقة، الوثائق لا تصنع السلام، ما يصنع السلام هي الأفعال. لذا علينا ألا نحلم بكثير من الوثائق والعبارات الرنانة". وسبق أن نظمت عدة مبادرات بهذا الخصوص من اجتماعات في فيينا إلى تدريب جزء من المعارضة السورية في الرياض أو خطة أمريكية روسية وافقت عليها الأمم المتحدة لتنظيم مفاوضات فعلية بين المعارضة ونظام دمشق وغيرها.

وقال كيلو "ليس لدي ادنى شك في أن السوريين سينتصرون في نهاية المطاف. لكن فكرة أن بشار الأسد سيرحل والانتقال فورا إلى الديموقراطية غير ممكنة"، موجها انتقادات حادة إلى الدول الكبرى الضالعة في النزاع ولا سيما روسيا.

وأضاف المعارض المخضرم بغضب "ما يجري في سوريا مروع ولا يعقل. بوتين نذل وكاذب" فيما تصفح على هاتفه المحمول أخبارا يتلقاها دوريا من معارفه في حمص (وسط) وحلب (شمال). وأضاف "انظروا إلى عدد الضحايا المدنيين. أنظروا إلى جانب من يقاتل الروس"، متهما موسكو باستهداف مواقع المعارضين لنظام الأسد على الأخص، عوضا عن استهداف مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.

وأضاف أن الحرب السورية التي انطلقت باحتجاجات شعبية سلمية تحولت سريعا إلى نزاع مسلح انخرطت فيه قوى اقليمية ودولية أدت إلى "أننا اصبحنا رهينة الألعاب السياسية والدبلوماسية الدقيقة" للدول التي بات كل منها يملك "ورقة سورية".

وبعيدا عن إعفاء المعارضة السورية من مسؤولياتها أضاف كيلو "إننا منقسمون، ولسنا على نفس الخط"، علما أنه ما زال يرفض توقيع بيان الرياض الذي صدر في ختام اجتماع استضافته السعودية في مطلع كانون الأول/ديسمبر شارك فيه ممثلون عن المعارضة السياسية والمعارضة المسلحة.

وتابع "نقدم أنفسنا بصورة متسولين، لا كممثلين عن شعب قام بإنجازات كبرى"، موضحا أن "كل بلد ضالع في النزاع، سواء الولايات المتحدة أو روسيا أو السعودية، يلعب ورقته السورية".

لكن كيلو أقر بأن اجتماع الرياض أدى إلى تقريب فعلي في مواقف المعارضين السياسيين وممثلي الجماعات المسلحة. وقال "فوجئت بالخطاب الوطني الذي صدر عن الفصائل المسلحة" المعارضة ذاكرا على الأخص جماعة أحرار الشام السلفية النافذة وشاركت في اجتماع الرياض. وأوضح أن "التنظيمات الإسلامية تتخذ "صبغة سورية" وتعتمد خطابا وطنيا، وهذا تطور إيجابي جدا".

وتتمسك المعارضة السورية والفصائل المقاتلة بمطلب رحيل الأسد عن السلطة وبمقررات مؤتمر جنيف -1 الذي نص أبرز بنوده على تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة. ويعني هذا البند وفق المعارضة والقوى الدولية الداعمة لها أنه لا دور محتمل للأسد في المرحلة الانتقالية، في حين تتمسك موسكو ببقاء الأسد.

ويشترط اتفاق الرياض الذي تم التوصل اليه بعد مؤتمر استمر ليومين وشاركت فيه قرابة مئة شخصية سياسية وممثلة لفصائل عسكرية، رحيل الأسد مع "بدء المرحلة الانتقالية".

وفي 14 تشرين الثاني/نوفمبر، توصلت الدول الكبرى في فيينا إلى خريطة طريق تنص على تشكيل حكومة انتقالية واجراء انتخابات وعقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة بحلول بداية كانون الثاني/يناير، من دون الاتفاق على مصير الأسد. لكن المواقف الدولية الصادرة في الأسابيع الأخيرة بدت أكثر مرونة تجاه مشاركة الأسد في الجهود المبذولة لإنهاء الصراع في سوريا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل