المحتوى الرئيسى

حلوى المولد النبوي لغة الحكام لاستمالة المصريين على مر العصور (تقرير)

12/19 16:01

تطل بعد أيام ذكرى المولد النبوي الشريف وأجواء الاحتفال التي تعم الأمة العربية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، ويظل الشعب المصري له نوع من الاحتفال مخصص به، فهناك علاقة وثيقة في نظر المصريين بين ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم والطعم الحلو، وليس هذا فحسب بل إنهم صنعوا لتلك المناسبة عروسا ليختلط الوقار المتمثل في ذكرى ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بطعم السكر في الحلوى مع أجواء الفرح بالعروس باعتباره أحلى الاحتفالات على الإطلاق.

تقرب حكام مصر على مر العصور من الشعب بالاهتمام بكل الاحتفالات الدينية وعلى رأسها المولد النبوي الشريف حتى أنهم غالوا في مظاهر تلك الاحتفالات وصرفوا عليها ببذخ كبير بدءا من الخلفاء الفاطميين الذين لعبوا على المشاعر الدينية باقتدار.

وبدء ظهور حلوى المولد في العصر الفاطمي حيث كان الفاطميون ينتهزون المناسبات الدينية والعامة لاستمالة الناس فكانوا يقومون بإعداد الولائم أثناء المولد النبوي ويتضمن ذلك صنع الحلوى وتوزيعها على الحاضرين.

ويقال إن عروسة المولد ظهرت خلال عهد الحاكم بأمر الله الذي كان يحب إحدى زوجاته فأمر بخروجها معه يوم المولد النبوي فظهرت في الموكب بردائها الأبيض وعلى رأسها تاج الياسمين فقام صناع الحلوى برسم الأميرة في قالب حلوى بينما الآخرون يرسمون الحاكم بأمر الله وهو يمتطي حصانه وصنعوه من الحلوى.

كما ارتبطت عروس المولد بفلسفة خاصة عند المصريين الذين كانوا يتصدقون بإعطاء الحلوى للمساكين في ذكرى المولد النبوي.

ويقول إن الحكام الفاطميين كانوا يشجعون الشباب على عقد قرانهم يوم المولد النبوي ولذلك أبدع صناع الحلوى في تشكيل عرائس المولد وتغطيتها بأزياء تعكس روح هذا العصر.

ويذكر المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي الذي عاش في زمن الحملة الفرنسية على مصر أن نابليون بونابرت اهتم بإقامة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف سنة 1213ه 1798م من خلال إرسال نفقات الاحتفالات وقدرها 300 ريال فرنسي إلي منزل الشيخ البكري نقيب الأشراف في مصر بحي الأزبكية وأرسلت أيضا إليه الطبول الضخمة والقناديل وفي الليل أقيمت الألعاب النارية احتفالا بالمولد النبوي وعاود نابليون الاحتفال به في العام التالي لاستمالة قلوب المصريين إلي الحملة الفرنسية وقوادها.

ويرى البعض أن الاهتمام الشديد لدى المصريين بتلك الأعياد الدينية ما هو إلا ميراث مصري قديم يضرب بجذوره في عمق التاريخ المصري الذي شهد اهتماما بإقامة طقوس وتقاليد دقيقة في أعياد جلوس الملك علي العرش وعيد ميلاد وعيد الحصاد وعيد وفاء النيل ومن ثم ورث المصريون من أجدادهم ذلك الاهتمام بطقوس الاحتفالات الدينية فيما بعد.

وتوارث المصريون عبر الزمن الاحتفال بالمولد النبوي حتى عصرنا الحالي ولم تتغير مظاهر الاحتفال كثيرا عن العقود الماضية خاصة في الريف والأحياء الشعبية في المدن الكبري.

ومع بداية شهر ربيع أول من كل عام تقام سرادقات كبيرة حول المساجد الكبرى والميادين في جميع مدن مصر خاصة في القاهرة حيث مساجد أولياء الله والصالحين كمسجد الإمام الحسين والسيدة زينب رضي الله عنها تضم تلك الشوادر أو السرادقات زوار المولد من مختلف قري مصر والباعة الجائلين بجميع فئاتهم وألعاب التصويب وبائعي الحلوى والأطعمة وسيركا بدائيا يضم بعض الألعاب البهلوانية وركنا للمنشدين والمداحين وهم فئة من المنشدين تخصصت في مدح الرسول صلي الله عليه وسلم.

وتعد حلوى المولد من المظاهر التي ينفرد بها المولد النبوي الشريف في مصر حيث تنتشر في جميع محال الحلوى شوادر تعرض فيها ألوان عدة من حلوي المولد علي رأسها «السمسمية والحمصية والجوزية والبسيمة والفولية والملبن المحشو بالمكسرات».

كما تصنع من الحلوى بعض لعب الأطفال التي تؤكل بعد انتهاء يوم المولد وهي عروس المولد للبنات والحصان للأولاد.

وقد ارتبطت ذكرى المولد في وجدان جميع الأطفال المصريين على مر العصور بهذه العرائس واللعب.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل