المحتوى الرئيسى

رف السينما - ستار وورز : القوة تصحو.. وتستعيد مجدها السابق

12/18 23:28

لأول مرة من فترة طويلة أقعد في فيلم مدته ساعتين وربع من غير لحظة ملل، وكنت على استعداد إن زمن عرض الفيلم يمتد لتلت أو أربع ساعات .. والسبب مش بس في الإيقاع السريع الحيوي اللى بيحافظ عليه المخرج (J.J. Abrams) في آخر إصدارات سلسلة (ستار وورز) ، لكن كمان لأن العالم اللي بتدور فيه الأحداث شديد الثراء ومتعدد التفاصيل.. وابتعاد الجمهور عنه لفترة طويلة بيخلي فيه حاجات كتير ممكن تتحكي، زي ما تقابل صديق ماشوفتوش من كذا سنة.

غلطة (جورج لوكاس) – مبتكر السلسلة – واللي اتسببت في كراهية معظم المعجبين للثلاثية (الجديدة) اللى قدمها في بداية الألفينات، هي إنه حاول يرسم فوق العالم الفيلمي السابق، حس إن كل التفاصيل والأفكار المطروحة في الثلاثية القديمة مش كافيه، وإننا محتاجين نعرف أكتر المدن والشعوب المختلفة في المجرة، وإتفاقيات التجارة الخاصة بيهم، والنظام الإنتخابي، ومتاهات السياسة والدبلوماسية .. وواضح جداً إنه ماكنش اختيار حكيم ولا موفق.

هنا المخرج والمؤلفين مش بيحاولوا يشخبطوا على العالم القديم ويرسموا فوقه نسختهم الجديدة .. اللى بيعملوه هنا – على العكس – هو تمديد العالم السابق، منحه عناصر جديدة على أطرافه بتمشي بمسار مقارب العناصر السابقة .. حتى الخط العام للقصة يتشابه لحد كبير مع أول أفلام السلسلة الأصلية (الصادر في 1977) .. لكن الفرق إن عندنا المرة دي مشروع (جيداي) جديد غير (لوك سكاي-ووكر)، ومدربين جداد غير (أوبي وان كنوبي) و(يودا)، وقوة عظمى جديدة غير الإمبراطورية، وخطر جديد غير (ديث ستار)، وحتى تقديم روبوت جديد غير (آر-تو دي-تو) و(ثري بي أو) .. نفس التركيبة العامة، بس بشكل جديد يقدر يستمر ويمشي في اتجاهات قد تكون مختلفة. وكأن الفيلم في نواته هو إعادة إنتاج للجزء الأول وتقديمه لمتفرجين جدد بعد 38 سنة .. وبالتالي ممكن وصفه بإعادة بدء للسلسة (Reboot) في صورة جزء جديد، وإن (صحوة القوة) بعد عصر كامل من الاضمحلال هي (أمل جديد)..

الشخصية الوحيدة اللى افتقدت ظهورها في الفيلم هو (يودا)، وأتمنى يظهر بشكل ما في الأجزاء القادمة .. ولو في شكل رسالة من الماضى أو ما شابه.. خسارة تبقى ثلاثية (ستار وورز) الجديدة مافيهاش (يودا)، الكائن الأخضر الحكيم المقاتل.

وأنا باتفرج على المعارك في بداية الفيلم، افتكرت فيديوهات صناعة الأفلام الأولى المنتشرة ع اليوتيوب. وإزاي إن كل حاجة تم تنفيذها يدوياً من خلال تصوير عدة مصغرات وخلفيات مرسومة وتركيبها بطرق بدائية بالنسبة للعصر الحالي. وإن لقطة واحدة تحتوي على 20 مقاتلة – مثلاً – ده معناه تجهيز عدد كبير من المصغرات الحقيقية وتصويرها عشرات المرات على نفس الفيلم ودمجها مع بعض .. نموذج لتنفيذ الخدع السينمائية استهلك خبرات عدد من المهندسين والخبراء وغير شكل الصناعة وأفلام الخيال العلمي للأبد.

النهاردة، الفيلم كان عنده الفرصه إنه يروح لتضخيم الملحمة، والأحداث، والمعارك على قد ما يقدر. قدرات الكومبيوتر والصور الجرافيكية (CGI) هتساعده بشدة .. وبدل بطل رئيسي واحد ممكن يبقوا ستة أو سبعة، وبدل أربع كواكب بتدور فيهم الأحداث يبقوا عشرة، والإمكانيات مش هتخذله في صناعة فيلم طويل من المعارك المزدحمة العملاقة المبهرة.

لكن ده ماكنش قرار الفيلم. المخرج أدرك بذكاء قيمة السرد والحدوتة في أفلام الثلاثية القديمة، وإن الخدع السينمائية هي أدوات عشان يحكي القصة بأكبر قدر من المصداقية والتدفق وليست غاية في ذاتها .. فبيقرر الفيلم إنه يرجع للأصول الأولى، أو لـ (جوهر) أفلام (ستار وورز) السابقة كما يراه: المستضعفين الأخيار المناضلين في مواجهة قوة غاشمة شرسة.

بيعود الفيلم للتيمات العامة السابقة.. الصداقة، والحب، وأهمية الحرية. وقيمة المقاومة حتى لو أمام عدو يفوقك بأضعاف القوة والتسليح، وأخيراً جاذبية الشر وإغوائه.. مجرد ظهور (هان سولو) و (ليا) واشتراكهم في أحداث الفيلم ضد خطر جديد، بيخليك تفكر في جدوى الصراع .. وإن إزاي ممكن بعد تلاتين سنة من مقاومتك لظلم ما، إنه يفضل موجود، ويفضل قوي، وتلاقي نفسك محتاج لبناء جيل جديد من المقاتلين اللى بينتظرهم إختبار صعب ومكلف في وسط إغواء الشر لتجنيدهم في الجانب المظلم.

وأهم حاجة إن الفيلم بيركز على درس قاسِ لكنه حقيقي .. وفي وقت بتحاول فيه معظم الأفلام – لإضافة عمق ما للسيناريو – إنها تفسر الشخصية الشريرة وتمنحها دوافع وظروف إجتماعية ونفسية قد تدعوك لتفهم شرها ويمكن التعاطف معاها. هو هنا بيقول ببساطة إن هناك شر في العالم وهناك خير، شر حقيقي وخير حقيقي .. وإن الأمر مش مجرد ظروف متراكمة بتجبر الإنسان على نتايج محددة ..

كلنا بنشوف في التريلر مجند الـ (ستورم-ترووبر) (Stormtrooper) في الدرع المميز المعروف، وهو يبدو عليه المعاناة في مواجه كل الشر المطالب بفعله، برغم إنه تم تربيته من الصغر وإعداده لهدف واحد وهو القتال .. لحظة الإختيار دي في بداية الفيلم بتحدد موطن القوة الشعورية فيه، وبتتماس مع كتير من المشاهدين اللى ممكن يلاقوا نفسهم في موقع إختيار صعب ما بين المطالبين بفعله واللى المفروض يتعمل .. حتى لو الموضوع لا يتضمن قوات فضائية نازية و إمبراطورية شريرة.

تصميم الإنتاج والصورة بيخلوا للفيلم نفس شكل الأجزاء القديمة، ودي من أكبر مواطن النوستالجيا .. والغريب إن الشكل المميز لألوان الفيلم – على سبيل المثال – بيتم بإزالة المسحة اللونية بدل من إضافة الوان خاصة بالفيلم وبتمنحه شكل خاص!

والقصة، إن معظم أفلام هوليوود الجديدة بتعتمد على إخفاء معالم الجرافيك والتركيب والتلاعب المكثف بالصورة عن طريق إضافة مسحة لونية عامة على الصورة كلها في مرحلة تصحيح الألوان، بإضافة لون أصفر مثلاً أو أزرق، فبتخلي العناصر المختلفة تندمج مع بعض وتبدو وكأنها صورة نهائية واحدة .. لكن الحقيقي إن ده بيقضي على تلقائية الصورة واقترابها من الطبيعة. على العكس في زمن سابق (أفلام ستار وورز الأولى وحتى فيلم حديقة الديناصورات الأول) كان استخدام الخدع العملية أمام الكاميرا هو الأساس، وبيتم استخدام الجرافيك على نطاق ضيق، فكانت اللعبة هي تقريب ألوان الجرافيك من اللون الطبيعي للصورة .. وبدون الدخول في تفاصيل تقنية قد لا تهم القاريء، واضح إنه في إطار دراسة فريق الفيلم لصورة الثلاثية الأصلية ومحاولة الإقتراب منها، لقوا إنهم مش محتاجين يضيفوا الوان خاصة على الصورة وأحسن يسيبوها أقرب للطبيعة.. والنتيجة كانت مبهرة في بساطتها. والإهم، إنها مش شبه أي حاجة بتتعمل في هوليوود اليومين دول.. لو الفقرة دي صعب تخيلها، برجاء الرجوع لإعلان فيلم (Batman V Superman) وبعدين مشاهدة إعلان (The Force Awakens) ... الفرق هيبقى واضح جداً.

الجزء الآخر الحامل لنوستالجيا الأجزاء القديمة، وهو عودة موسيقى (جون ويليامز) لمصاحبة الأحداث .. شكل الصورة وإندماجها مع الصوت بيأكد لك إنك أمام قطعة لا تنفصل عن عالم (ستار وورز) المعهود. مع مجهود المخرج للمحافظة على الروح المرحة والمطاردات والمواقف المتلاحقة ..

ينقص كل المزيج السابق ده عنصر واحد ليقترب من الإكتمال، وهو الممثلين وشخصياتهم، وهنا إختيار الممثلين يستحق جايزة خاصة على نجاحه.. الشخصيات المكتوبة تحمل بوضوح خطة سياسية لشركة الإنتاج، بالذات مع شهرة (ديزني) بتحميل أفلامها رسائل مجتمعية خفية، ويبدو إنه رداً على اتهامات الأجزاء القديمة بالعنصرية والتحيز الذكوري .. اتخذ قرار إنتاجي منفصل عن الدراما أن تكون الشخصية الرئيسية بنت ،والبطل شاب أسمر .. قرار زي ده كان ممكن يوقع الفيلم لو حس الجمهور إنه مفيش داعي ليه، وإنه من خارج الفيلم، أو إن الممثل المختار ماقدرش يوصل للنجاح والجاذبية المطلوبة من الشخصية .. وهنا بيجي دور اختيار الممثلين وتوجيه أدائهم.

التمثيل شديد التلقائية والجمال من الأبطال الشباب، بيدل على إن الجميع مدرك صعوبة المهمة الموكلة ليهم، بالتحول لأيقونات (ستار وورز) الجديدة .. وملء مكان (لوك) و(ليا) و(دارث فيدر) وغيرهم من الشخصيات الشعبية .. البطلة (ديزي ريدلي) بتؤدي دورها عن طريق التواصل مع الجانب العاطفي والإنساني للشخصية، وإنفعالاتها شديدة التباين في المواقف الدرامية المختلفة بتخلي تمثيلها على طول متلون وجذاب. لكن البطل الشاب (جون بويجا) هو مفاجأة الفيلم بالنسبة لي .. مثال ممتاز للشخصية اللى ممكن تتعاطف معاها، ممثل موهوب وفي عينيه براءة غير مصطنعة، بتخليه مؤهل لتحمل جانب كبير من الكوميديا في الفيلم من غير ما تحس إنه بيهزر أو بيخرج عن الجو العام للأحداث.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل