المحتوى الرئيسى

التاريخ يعيد نفسه.. تركيا العثمانية وروسيا القيصرية وجهًا لوجه

12/18 18:37

من الجنرال عمر باشا إلى القيصر نيقولا الأول

«بوتين» و«أردوغان» صراع الهيمنة وتحقيق الحلم القديم

غباء الرئيس التركى جعله يستهين بغضب الدب الروسى

إسقاط الطائرة الروسية.. ورقة التوت الأخيرة التى أخفى وراءها أردوغان حقيقة أهدافه وأطماعه التوسعية

إيران وأذرعها فى دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء تستثمر كل أزمة لنشر المذهب الشيعى وتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية

يبدو أن مقولة «التاريخ يعيد نفسه» صادقة إذا ما طبقناها على الصراع القائم حالياً بين روسيا وتركيا، ففى يوليو 1853 اندلعت حرب القرم الشهيرة بين الإمبراطوريتين: تركيا العثمانية، وروسيا القيصرية، واستمرت هذه الحرب الشاملة زهاء ثلاث سنوات، انخرطت فيها قوى غربية مع العثمانيين ضد الروس، وهى بريطانيا وإيطاليا ومملكة سردينيا حينها وغيرها من الغربيين، وذلك فى سعى للجم الطمع الروسى فى الشرق الأوسط، بحجة الامتيازات الدينية فى القدس والأراضى المقدسة، وانتهت تلك الحرب بمعاهدة باريس، التى كانت بوابة لكثير من التغيرات السياسية على كل الدول التى شاركت بتلك الحرب، وكان من ضمن جولات حرب القرم معركة رومانيا التى هزم فيها الجنرال التركى عمر باشا القوات القيصرية الروسية، وحين عرض الإمبراطور الفرنسى نابليون الثالث الوساطة لإنهاء القتال بين العثمانيين وروسيا، رفض القيصر الروسى نيقولا الأول ذلك، وقال: أشعر بأن يد السلطان على خدى، والآن علّق بوتين على إسقاط الأتراك للمقاتلة الروسية بأن روسيا تعرضت لطعنة فى الظهر، وليس من الضرورى أن يعيد التاريخ نفسه بتطابق، ولكن بعض مسببات الأزمة الثابتة فى الجغرافيا والهوية السكانية والسياسية، وأيضاً المصالح الاقتصادية، فضلاً عن الرواسب التاريخية القديمة، واستمرار أطماع الهيمنة على المنطقة من قبل بعض الأطراف، تجعل عودة الأزمات على مدار التاريخ أمراً متوقعاً بصيغ مختلفة من حين لآخر، لذلك ربما كانت كل من روسيا وحلفائها، وتركيا وحلفائها بحاجة إلى جرس إنذار صاخب يصاحب الضجة التى أحدثها إسقاط الطائرة الروسية، وحتى لا تتحول هذه الأزمة إلى حرب قد تستمد كسابقتها ثلاث سنوات كما حدث فى الماضى، تستقطب وتورط أطرافاً أخرى فيها، لا سيما وأن كلاً من أردوغان وبوتين له معتقداته وأهدافه وأطماعه الخاصة.

فمن ناحية نجد أردوغان يريد أن يأخذ تركيا إلى منطق الدولة العثمانية التى تسعى لقيادة المنطقة والمقايضة بها داخل الاتحاد الأوروبى ليحقق حلمه القديم والحديث بقبول عضوية تركيا فى هذا الاتحاد، أما بوتين فمن جهته تجده يسعى إلى إعادة سلطات القيصر الروسى إلى الكرملين، وبناء إمبراطورية تقوم على قوة السلاح والغاز والمصالح التجارية والاقتصادية، مستغلاً فى ذلك ضعف شخصية الرئيس الأمريكى أوباما الحريص على عدم توريط بلاده فى صراعات خارجية، ومن الغريب والشاذ فى هذا الصدد أن نجد شخصاً يرأس سوريا - هو بشار الأسد - يعتقد خاطئاً أنه يستطيع أن يقتل 350 ألف سورى، ويجرح أكثر من 2 مليون مواطن، ويؤدى إلى نزوح وهجرة 12 مليوناً، ثم يستمر زعيماً محبوباً وحاكماً لديه شرعية إلى الأبد!

مما لا شك فيه أن من أبرز الأسباب التى دفعت أردوغان لاتخاذ قراره الخاطئ، بإسقاط الطائرة الروسية، هو غضبه الجنونى من قصف القاذفات الروسية لأسطول لشاحنات تركية مكون من حوالى 1000 ناقلة تحمل النفط المسروق بواسطة داعش من حقول سوريا والعراق إلى تركيا، تحمل 2٫5 مليون جالون نفط كانت متجهة إلى تركيا، ذلك قبل الحادث بيومين.

ولا يمكن أن نفصل بين ما يحدث وسوف يحدث مستقبلاً عن الجوانب الشخصية لأصحاب القرار فى هذه الأزمة، وأعنى بهم أساساً كلاً من أردوغان وبوتين، فلم يكن من المتصور أن أردوغان غبى إلى هذه الدرجة حتى يسقط بلاده فى مستنقع الإرهاب، وحيث تشير كل الشواهد أنه لا حول له ولا قوة، وأنه أداة فى يد واشنطن تحركه لتنفيذ أهدافها، وخدمة مصالحها، ويزداد غباء أردوغان عندما اعتقد خاطئاً أن أمريكا والناتو يمكن لهما أن يحمياه من رد فعل غاضب من قبل روسيا، لذلك كان المراقبون للأحداث على حق عندما قالوا إن الحماقة هى أقرب وصف لقرار أردوغان بإسقاط الطائرة الروسية، وأن كل تفسيراته وتبريراته التى اتسمت بالاضطراب والتناقض والارتباك،تؤكد وجود اضطراب وقصور فى إدراكه معنى وأبعاد ما حدث، وفى توقع ما سوف يحدث ويخص بلاده، كما أن كلامه بعد الحادث يعد محاولة للخداع وتعبيراً عن ثقة فى قدرات تركية غير موجودة أصلاً، تزعم لصاحبها الدهاء الذى يجعله يتوهم أن بمقدوره أن يدخل الغش على العالم كله، عندما يحاول أن ينفى عن نفسه حقيقة تعاونه مع داعش، أو قدرته على تحدى دولة عظمى مثل روسيا اعتماداً على حلف الناتو، وهو ما يعد قمة الغباء كما ذكرنا آنفاً، وأما تحذيره وتهديده لروسيا من اللعب بالنار فهو إثبات آخر بأن الرجل لا يعى بالدقة ما يقول، فضلاً عن أنه لا يعلم أن هذا الحادث يلقى على كاهل الروس عبئاً ضاغطاً بوجوب أن يتعاملوا معه بقدر حجمه، وألا فإنهم سيتركون انطباعاً يشجع على تكراره، وأن أول رد فعل روسى سيكون ضد بلاده معرضاً مصالحها لخطر داهم، فى حين كانت العلاقات بينهما قبل الحادث على أفضل ما يكون، فكيف يغامر ويقامر بتعريضها للخطر؟ ويراهن خاطئاً وخاسراً على أوهام بأن تحديه لروسيا سيضمن له رضاء أمريكا والناتو، ويسرع بقبول تركيا فى الاتحاد الأوروبى!! وأن شعاره «لن نركع» إلا لله الواحد الأحد يمكنه أن يستقطب قوى شعبية ينجح بها فى التصدى للروس، ولكن حقيقة ما لا يدركه أردوغان أنه كان بمثابة مخلب قط لأمريكا والناتو أمكنهما به أن يتعرفا على رد الفعل الروسى إزاء مثل هذه الأزمات، كما لم يدرك أردوغان أن أعضاء الناتو حسبوا حساباتهم وهم أساتذة عبر التاريخ فى حساب المصلحة المباشرة، وأصحاب الماضى التليد فى توريط البعض ثم نفض اليد منهم ليواجهوا مصيرهم وحدهم، لا شك أن أردوغان فقد صوابه، وأصبحت أحلامه باستعادة الأمجاد الغابرة للإمبراطورية العثمانية التى تداعت واندثرت مع الزمن دافعاً له لمزيد من العنجهية التى ليس لها معنى عند الآخرين، حقيقة الأمر أن الأطماع التى ارتكن إليها أردوغان، لخلق دور فى منطقة الشرق الأوسط ضارباً عرض الحائط بأى علاقات تاريخية وثقافية بين الشعبين العربى والتركى، ومن أمثلة ذلك تدخله السافر فى الشئون الداخلية المصرية لصالح جماعة الإخوان وزيادة تورطه فى الأزمة الليبية بإرسال مئات الإرهابيين ومن داعش أساساً إلى ليبيا لتأجيج نيران الفتنة المشتعلة هناك، ناهيك عن تهديده لمصر بفتح أراضى بلاده لجماعة الإخوان وتنظيمهم الدولى واتخاذه موقفاً معادياً لثورة 30 يونية، وأحلامه واعتقاده بعودة مرسى لحكم مصر من جديد!! إن ما نجح فيه أردوغان أنه بقراره الأخير بإسقاط الطائرة الروسية هو فى الحقيقة إسقاط ورقة التوت الأخيرة التى أخفى وراءها أردوغان حقيقة أهدافه وأطماعه التوسعية، ولتحقيق ذلك اعتمد على تنظيم داعش الإرهابى.

أما فيما يتعلق ببوتين، فمع حرصه على عدم توريط بلاده فى الرمال السورية المتحركة، فإنه من البديهى لاعتبارات قومية وشعبية ودولية لن يتراجع عن مخططاته لتحقيق الأهداف الروسية الاستراتيجية من وراء التدخل فى سوريا، ذلك أنه يسير على هدى مشروع قومى تاريخى وفقاً لنظرية أرثوذكسية تتعارض مع نظرية الإسلام السياسى الذى يتبناه أردوغان، وهو أمر بالغ الخطورة ويدغدغ تطلعات قومية وتاريخية للشعب الروسى الذى يدين بهذا المذهب، وينسبون أنفسهم للشعب السيريانى القديم الذى استوطن شمال سوريا وجنوب تركيا، إلا أن ديناميكية بوتين تتمثل فى قدرته على تحويل خسارة روسيا للطائرة ووفاة أحد طياريها، إلى مبررات تعزز تعاظم قوة روسيا فى شرق البحر المتوسط، فيما يتمثل بتعزيز التواجد الروسى البحرى والبرى والجوى فى سوريا، وإعلان أن طائراتهم المقاتلة سوف ترافق الطائرات القاذفة، وإغلاق المجال السورى فى وجه تركيا، ورغم أن الدراسات الدولية تفيد بأن أمريكا وروسيا والصين بينها اتفاق على أطر وحدود ومناطق نفوذ لكل منهم لا يتجاوزونها، إلا أن ذلك أصبح موضع شكوك بعد حادث الطائرة الأخير، وفى مدى احترامهم للخطوط الحمراء التى سبق أن اتفقوا عليها، فالذى يبدو أن أحدهم - وهو روسيا - قد ولج إلى فخ القوة مستغلاً ضعف وارتباك سياسة غريمه باراك أوباما رئيس أمريكا، وفى هذا ما يوحى بإمكان وقوع حسابات خطأ من قبل أحد الأطراف قد يؤدى إلى وقوع ما لا يحدث عقباه، خاصة إذا خرج عن نطاق سيطرة أحد هؤلاء الأطراف الثلاثة ولا سيما بعد أن نجح بوتين فى تعزيز قدرات القوات الروسية فى سوريا للحيلولة دون تراجع عن أهداف عملياتها العسكرية، وإغلاق المجال السورى أمام الطيران التركى، وإفشال فكرة المنطقة الأمنية التى تريدها تركيا فى شمال سوريا، وإحلال بديل منها يقوم على إغلاق الحدود التركية - السورية نهائياً، ولكل ذلك فإن الأزمة السورية تظل مصدراً رئيسياً لاندلاع المواجهات بين الدول الكبرى وساحة الحرب الباردة الجديدة فى ظل التشابكات والاستقطاب بين أطراف الأزمة الداخلية والأطراف الخارجية سواء الإقليمية أو الدولية.

وستكون وسيلة القوى الكبرى وأسلوبها فى إدارة الحرب الباردة المشار إليها آنفاً، والتى بدأ دخانها فى الظهور التصاعد، هم الأقليات التى أفرزتها مخططات التقسيم والتجزئة العرفية والطائفية والمذهبية والتى أشعلت الصراعات المسلحة فى الحروب الأهلية التى تئن من ويلاتها دول المنطقة حالياً، فقد تضخمت هذه الأقليات بفعل ما تحصل عليه كل أقلية من دعم مادى وسياسى من الدولة الأم صاحبة الأغلبية العرقية أو الطائفية فى المنطقة، وأيضاً من الدول الكبرى التى من مصلحتها استقطاب أقليات تعمل وتقاتل لحسابها، وهو ما أدى إلى اهتزاز النظام العالمى، وربما لن يطول الزمن قبل أن نرى أمريكا وروسيا والصين والهند، تتناوبها حروب الأقليات الانفصالية، تماماً كما يحدث اليوم فى المشرق العربى وباقى منطقة الشرق الأوسط، فسوريا على سبيل المثال تتنازعها سبعة عرقيات وطوائف، فضلاً عن أكثر من ست فصائل إرهابية أبرزها داعش والنصرة، أما لبنان فهى صارت مقسمة إلى ست كونتونات عرقية وطائفية ومذهبية، وكذا العراق وليبيا واليمن، وفى هذا الإطار تأتى العاب أردوغان بوتين تعبيراً عن مأزقهم مع هذه الأقليات، فأردوغان لا هو قادر على نجدة حماية الأقلية التركمانية التى يقصفها بوتين وبشار يومياً، ولا أيضاً هو قادر على تأديب الأكراد خوفاً من أمريكا، ولا على غزو سوريا وإسقاط بشار خوفاً من إيران والأقلية العلوية فى تركيا ومشكلة بشار من مشكلة أردوغان، فهو يحكم الغالبية السنية باسم الأقليات، والسنة لا تعرف تحكم أقلياتها ولا تدع أحداً يحكمها، وهو واقع لا حل له، لا على المستوى الإقليمى ولا المستوى الدولى، وهو ما تستغله المنظمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش والنصرة لتنفيذ أجنداتهم فى السيطرة على دول الإقليم باسم الدين.

وفى إطار إدارة الحرب الباردة القائمة والمتوقع للأسف توسعها فى ظل استمرار وقوع أحداث مثل سقوط الطائرة الروسية - لا يمكن تغافل دور إيران الساعية لتصدير ثورتها لكل بلدان العالم العربى والإسلامى، وبسط سيطرتها عليها، وهو ما انعكس فى اعتراف قادة إيران بأنهم يسيطرون اليوم على أربع عواصم عربية، بيروت، ودمشق وبغداد وصنعاء، وذلك بواسطة أذرعها الممتدة فى معظم الدول العربية، مثل حزب الله، وأحزاب الله الخليجية والحوثيون والأحزاب الشيعية فضلاً عن العملاء والجواسيس المنتشرين فى جميع الدول العربية ويعملون لخدمة الأهداف الإيرانيين، وأخطرها نشر المذهب الشيعى بين الأغلبيات السنية، فقد استغلت طهران حادث إسقاط الطائرة الروسية فى دعم علاقاتها الاستراتيجية مع كل من روسيا ونظام بشار الأسد مستغلة فى ذلك ما حصلت عليه من مساندة ودعم غير مباشر من أمريكا وأوروبا بعد إبرامها الاتفاق النووى مع مجموعة دول 5 + 1، وترتب عليه استرداد إيران لحوالى 2 مليار دولار مجمدة فى بنوك أمريكا، وإبرام اتفاقيات اقتصادية مع دول أوروبية، فضلاً عن إعطاء الضوء الأخضر لإيران للمضى قدماً فى برنامجها النووى التسليحى بعد عشر سنوات، هذا رغم اعتراف أوباما بأن إيران تشجع الإرهاب وتدعم عملياته ثم أضاف داعماً بشكل غير مباشر إيران قائلاً من الفضل أن تكون إيران جزء من الحل وليس فقط جزءاً من المشكلة، ورغم فشل إيران عسكرياً فى حسم الحرب فى سوريا لصالح بشار الأسد، رغم اعتمادها فى ذلك على حزب الله والحرس الثورى الإيرانى، مما أجبر بشار الأسد، على طلب الدعم الروسى، وما ترتب على ذلك من هيمنة روسيا على سوريا، الأمر الذى أزعج طهران والتى أدركت أن روسيا صارت المنافس الأكبر على النفوذ الذى حققته إيران فى سوريا خلال السنوات الطوال الماضية، وأوقع طهران فى معضلة خطيرة..حيث صار عليها أن توائم بين مصالحها مع روسيا من جهة، وبين مقاومة نفوذها التصاعدى فى سوريا، وانجذاب بشار الأسد للسياسة الروسية فى المنطقة، فقد كانت أمنيته من أربع سنوات أن يرى روسيا تهب لنجدته لتخلصه من تصاعد النفوذ الإيرانى فى سوريا على الصعيدين المدنى والعسكرى، ولكن موسكو اكتفت حتى سبتمبر الماضى بدعمه عن بعد، ولقد كان بإمكان إيران ألا تدخل فى حرب مكلفة فى سوريا، خصوصاً وأنها حصلت على العراق كحليف بديل، وهو أهم لها من سوريا كامتداد طبيعى بنسب الحدود المشتركة والأغلبية الشيعية فى جنوب العراق، فضلاً عن كون العراق بلداً غنياً من أكبر بلدان العالم نفطاً، بعكس سوريا التى ليست بالأرض التى يمكن أن تذعن للإيرانيين بسهولة، وبيئتها السنية المعادية لها، ولكن من أجل إيجاد منفذ لإيران على ساحل البحر المتوسط يوسع من امتداد حزب الله فى لبنان على الأراضى السورية، توطت بشكل عميق وواسع فى سوريا دفاعاً عن حليفها بشار الأسد، ولكن لفشل إيران فى حسم الحرب لصالحه، أخذت تقدم التنازلات وآخرها قبول مشاركة المعارضة فى حكم سوريا، ذلك لأنها تخشى من الهزيمة الكاملة.

وبسبب سوريا، تشهد المنطقة بناء تكتلات سياسية وتحالفات أخرى، فإن التحدى الصعب هو ما تواجه دول الخليج العربية، لأن إيران وسوريا وكذلك العراق ينسجمون مع المعسكر الروسى، وتركيا تتمتع بحماية الناتو، بينما السعودية وشريكاتها فى مجلس التعاون الخليجى، فتمر بحالة انعدام وزن، ولم تحسم أمرها بعد، لاسيما أنها تخوض حرباً صعبة باليمن ضد العميل الإيرانى المتمثل فى الحوثيين الذين يريدون تهديد السعودية من جنوبها، وإغلاق باب المندب لكى تسيطر إيران بذلك على المنفذ البحرى الثانى لحركة البترول والتجارة العالمية فى قناة السويس، بعد سيطرتها من قبل على مضيق هرمز على الخليج.

وإذا كانت دول الخليج تاريخياً محسوبة على المعسكر الغربى، كما لاتزال منظومتها العسكرية مرتبطة به.

وفى الوقت نفسه لا ترى فى الولايات المتحدة حليفاً يمكن الاعتماد عليه فى حال اتساع الصراع مع المعسكر الآخر، وطالها خاصة بعد الاتفاق النووى الذى رعته أمريكا ضمن مجموعة 5 + 1 لصالح إيران، كما يأتى النزاع السورى فى وقت سيئ بدأت فيه دول الخليج فى تحسين علاقتها مع روسيا، وتود ألا تتورط فى النزاع بين تركيا والناتو من جهة وروسيا من الجهة الأخرى، لكن هذا الحياد ليس بالخيار اليسير لأنه قد يعنى التفريط فى مستقبل سوريا وترك الإيرانيين يستولون عليها مع العراق، الأمر الذى يهدد مصالح دول الخليج بشكل كبير مستقبلاً، هذا فضلاً عن كون السعودية وحلفائها فى الخليج لا يكون أخلاقياً القبول باستمرار وجود بشار الأسد على رأس سوريا بعد الجرائم الدموية التى ارتكبها فى حق شعبه، وهو ما يضعهم فى مواجهة مع روسيا فضلاً عن المواجهة القائمة مع إيران، خاصة داخل اليمن وفى البحرين.

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل