المحتوى الرئيسى

عمارة ترينج .. حكاية ممتلكات العدو وسرغرفة المشنقة

12/16 12:28

من ناصية شارع الجوهري بميدان العتبة.. تراها أمامك، تحفة معمارية أوروبية الملامح، لا تكاد تخطئها العين لجمالها الذي لا يماثله سوى ثلاثة أبنية على مستوى العالم.. إنها عمارة “تيرنج” التي لم يشفع لها تاريخها الذي تجاوز المائة عام أن تحظى بالقليل من الاهتمام، حتى صارت غارقة ما بين زحام الباعة الجائلين وبين ما قد يراه البعض إهمالا من المسؤولين.

إحدى المعالم المهملة فى منطقة العتبة و هى عمارة كبيرة فى أعلاها كرة تحملها 4 تماثيل . تم بناؤها علي يد معماري نمساوى و هو المهندس (أوسكار هورويتز ) و هو معماري يهودي نمساوي ولد فى أكتوبر 1881 فى مدينة جاجندورف فى النمسا و التى هى الآن (كرانوف فى جمهورية التشيك ) . درس العمارة في النمسا و جاء إلي القاهرة في الفترة 1913-1915 م بني خلالها المبني التجاري « تيرينج» بميدان العتبة الخضراء و كان المقاول للمشروع هو ليون رولين فيلز و من أعمال هذا المهندس فى القاهرة فيلا على إبراهيم باشا و عمارة الإيموبيليا سنة 1895 وعاش فيها الكثير من اليهود، ولذلك يطلق عليها اسم عمارة اليهود , وتقع فى شارع الجوهرى بالعتبة.

عمارة تيرينج كانت ملك خواجة يهودى هو فيكتور تيرينج من مواليد مدينة القسطنطينية و قد أراد أن يحاكى متاج ( سيزار ريتز ) فى أوروبا . وقف عند الساحة الشهيرة لميدان العتبة في عام 1910 و قال أنه اختار موقع العتبة فى القاهرة لبناء مركز تجاري له .

و اختار هذا الموقع الرابط بين القاهرة القديمة و القاهرة الجديدة . ففى شرق المبنى حي الموسكى المكتظ بالسكان و المليئ بالشوارع و الحوارى بعطوره الشرقية و أصواته الغريبة . و إلى الغرب منه أفخم الحدائق الفرنسية فى القاهرة ( حديقة الأزبكية ) و المبانى المزينة الأوروبية الفخمة التى انشأها الخديوى إسماعيل مع ميادينها الجميلة و الفنادق الفخمة و أوبرا القاهرة و الكثير من المشاهد للقاهرة .

مبنى تيرينج غلب على هذا المشهد بأكمله بواسطة الكرة الأرضية أعلى قبته التى كانت تظهر لامعة براقة فى الليل .

و قد تم الانتهاء من بناء مبنى التيرينج عام 1913 مما جعله من أكبر متاجر البيع متعددة الطوابق في القاهرة ( المولات بالتعبير الدارج الآن ) . يتكون مبنى تيرينج من أربعة طوابق فخمة تقدم كل شيء من حيث الأزياء و العطور الباريسية و الأقمشة الإنجليزية و المنسوجات النمساوية و الأدوات المنزلية الألمانية .

وكان فيكتور تيرينج و إخوته غوستاف و كونراد قد افتتحوا تجارتهم في فيينا في العام 1882 و بعد فترة وجيزة أصبحت منتجات شركة فيكتور تيرينج و إخوانه لخياطة الملابس في كل أنحاء المدينة ثم عبر الإمبراطورية النمساوية الهنغارية كلها . و استهدفوا فتح فروع لهم في الخارج و لكن لسوء حظهم أن الحرب العالمية الأولى أوقفت أنشطتهم في التوسع . كان لديهم رغبة فى نقل إمبراطوريتهم للتسوق إلى لندن بدلا من فيينا و كان يمكن أن يكون هناك محلات تيرينج في شارع أكسفورد اليوم .

في عام 1915 ( تيرينج القاهرة ) كان تحت إدارة كارلو ميناسس ، و أدرج مؤقتاً تحت مسمى ممتلكات العدو . و كان الجيش البريطاني في ذلك الوقت قد فرض الأحكام العرفية على جميع الممتلكات التى تعود للأجانب من بلد العدو و قد تم عزلها .

و في نهاية المطاف تم منح مبنى التيرينج ترخيصا مشروطا للتجارة في مصر مع الإمبراطورية البريطانية و مع الحلفاء من بريطانيا العظمى ”. و لكن نظرا لفقدانها لمصادر الإمداد لمخزنها بسبب العزل عن الإمبرطورية النمساوية الهانغارية تم تصفية نشاطها في عام 1920 .

و تم تجريد مبنى التيرينج من أصحابها الأصليين في وقت كانت تجاوز منافسيها ( مثل شيكوريل و صيدناوي و عمرأفندي ) بكثير فى أحدث المعروضات . و بعد ذلك تنقلت ملكية المكان بين عدد من المالكين و ظل المبني على قيد الحياة بمحبة من قبل أصحابه المتعاقبين عليه. و ظل محتفظا بعملائه القدامى و استمر التسوق به حيث كان لا يزال شكلا من أشكال الترفيه .

وبالرغم هذا التاريخ الكبير لذلك المبنى العريق و الاهتمام به منذ لحظة التفكير فيه ثم بنائه ثم استغلاله إلا أنه بعد يوليو 1952 استولى عليه مجموعة من واضعى اليد الذين حولوه إلى ورش صغيرة و محال تجارية و بعد ذلك تحول لمخازن للبضائع لمجموعات كبيرة من المحال التجارية فى منطقة العتبة و الموسكى .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل