«صدى البلد» يفتح ملف الدفايات «القاتلة».. 75 % «مهربة» ومجهولة المصدر.. والأسعار تصل لـ50 جنيها

أسر بأكملها تتوفى بـ"إسفكسيا الاختناق" بسبب الدفايات الرديئة تسرب غاز ثانى أكسيد الكربون ورداءة الوصلات الكهربائية.. أبرز المسببات دفاية الهالوجين الصينى بسعر خمسين جنيها عبر الإنترنت دفايات الكهرباء بأسعار لا تتعدى 150 جنيها عبر مواقع وتجار مجهولين أسعار الدفايات "الشعبية "بالمحال التجارية تبدأ بـ100 جنيه للصينى الدفاية جيدة الصنع تبدأ أسعارها من 500 جنيه وأغلبها تركى ومحلي الصنع دفايات الهالوجين بلا ضمان أو بلد منِشأ ولكن الإقبال شديد لرخص سعرها الدفاية الزيت الأكتر أمانا ولكن الإقبال ضعيف لارتفاع سعرها لألف جنيه تجار الأرصفة يببعون الدفايات المجهولة والمجمعة محليا من وصلات رديئة الدفايات الرديئة سبب رئيسي للإصابة بالنزلات الرئوية والالتهاب الشعبي وربما الوفاة ترك الباب مفتوح وعدم ملامسة مواد قابلة للاشتعال أبرز توصيات الاستخدام التوصيلات الكهربائية والعوازل المقاومة للصدأ والرطوبة أبرز اشترطات الأمان 3 آلاف قطعة من الأجهزة مهربة وبلا مستندات بمنطقة الموسكى

تجلس أمام التلفاز هى وأبناءها، تحاول الهروب من برودة الشتاء ببعض الأغطية والبطاطين، ولكن انخفاض درجات الحرارة حال دون ذلك، وخلال تلك اللحظات، شاهدت إعلان عن دفايات الشتاء بأسعار خيالية، لا يتعدى سعرها خمسين جنيها لدفاية الهالوجين، وبالغ المعلن فى مزايا السلعة وأعلن أن سعرها يصل ثلاثين جنيها عند شراء قطعتين، مع خدمة التوصيل المجانى.

تواصلت "أسماء" ربة منزل، مع رقم الهاتف وطلبت شراء دفاية وتوصيل لمنزلها بمنطقة شبين القناطر، وفي اليوم التالى، جاء مندوب الشركة وسلمها الدفاية ولكن بلا شهادة ضمان أو بلد منشأة، ولم تهتم أسماء فهى كل ما يعنيها أن الدفاية تعمل وبسعر رخيص يناسب ظروفها، ولم تكن تعلم أنها تشتري بهذا السعر الرخيص شهادة وفاة أسرتها.

تلقى مدير أمن القليوبية، اللواء محمود يسري، إخطارا بوافاة أسرة بأكملها، وبالانتقال والفحص تبين وجود جثتي كل من "مصطفى إسماعيل السيد سالم 24 سنة عامل" ومقيم بالمريج دائرة مركز شبين القناطر، و"أسماء إبراهيم عراقي حميد 17 سنة ربة منزل" زوجته، ومقيمة بذات الناحية على سرير غرفة النوم، وبمناظرة الجثث تبين عدم وجود ثمة إصابات ظاهرية، ويرجح أن تكون الوفاة نتيجة قيامهما بتشغيل دفاية كهربائية أثناء نومهما ونتج عن ذلك احتباس غاز أول أكسيد الكربون بالغرفة نتيجة غلق جميع النوافذ أدت إلى اختناقهما، وسبب الوفاة هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية نتيجة "إسفكسيا الاختناق".

وبالمثل لقيت أسرة كاملة من 5 أفراد بإحدى قرى مركز إيتاي البارود بالبحيرة مصرعهم، اختناقاً بالغاز أثناء التدفئة من برودة الجو، حيث غلب النعاس على أفراد الأسرة وناموا بجوار الدفاية المشتعلة واستنشقوا غاز أول ثان أكسيد الكربون مما أدى لوفاتهم جميعاً، الأب عثمان عبده عثمان 40 سنة فلاح وزوجته عزة سعيد بسيوني 38 سنة ربة منزل، وأولادهم محمود 13 سنة، وأحمد 5 سنوات، وشهد 3 سنوات داخل حجرة النوم بمنزلهم بقرية كفر الحاجة بناحية صفط الحرية.

وفى مدينة النوبارية بمحافظة البحيرة شب حريق بشقة المواطن الشحات البهي ، أصيب إثره محمد (15 سنة) بحروق من الدرجة الثالثة فى القدمين والوجه، وأكد الوالد فى التحقيقات أن المتسبب في الحادث هو حدوث ماس كهربائي بالدفاية الكهربائية.

تواصل "صدى البلد"  مع تجار الدفايات المضروبة فى محاولة للوقوف على حقيقة ومصدر تلك الدفايات التى تغرق السوق المصري، وخلال التواصل مع أحد تجار الدفايات "البيت السعيد" أفاد أن لديه شحنة من الدفايات المستوردة "الهالوحين" بسعر خمسين جنيها للقطعة وهى 2 شمعة موفرة للكهرباء مزودة بزر أمان ضد عبث الأطفال.

وتحت شعار "حافظى على بيتك وعيلتك من البرد مع دفايات آريون أقوى دفاية فى مصر بأحسن سعر فى مصر" يعلن أحد التجار عن بضائعه من الدفايات وهى دفاية 3 مستويات للتدفئة 400 وات – 800 وات – 1200 وات، ويدعى أنها مزودة بنظام أمان للغلق الأوتوماتيكي عند انقلاب الجهاز بسعر 199 جنيها بدلا من 220 جنيهًا بالإضافة لمصاريف الشحن.

والأمر لا يختلف كثيرا بالمحال التجارية فهى تملتى بالدفايات المجهولة والمهربة والمجمعة محليا، وبالأخص بشارع عبد العزيز، قبلة شراء الأجهزة الكهربائية، فيوضح محمد عبدالله، تاجر أجهزة كهربائية، أنه مع بداية موسم الشتاء بدأ الإقبال على الدفايات نظرا لانخفاض درجات الحرارة بصورة كبيرة، ويزداد الإقبال على الدفايات الصينية لانخفاض أسعارها التى تبدأ من 100 جنيه للدفاية، ويقل الإقبال على الدفايات المصري رغم دقة تصنعها، لأن أسعارها تبدأ من 500 جنيه وتصل لحوالى 1500 جنيه.

"الإقبال شديد على الدفاية الهالوجين وهى تبدأ من نوع 2 شمعة وتصل لحوالى 5 شمعة وسعرها لا يتعدى 150 جنيها، وأغلبها بلا ضمان أو شهادة منشأة ويبعها تجار التجزئة وبعض أصحاب المحال يضعونها بالمخازن للزبائن فى حال تم طلبها" موضحا التاجر.

وتابع "الدفاية الزيت هى من أكثر الدفايات أمانا ولكن الإقبال ضعيف عليها لأن أسعارها تصل لحوالى ألف جنيه، وهناك شريحة من المواطنين أبناء الطبقة المتوسطة يفضولون شراء الدفايات المصرية أو التركية ويصل سعرها ما بين 500 و1500 جنيه دفايات مجهولة.

ويضيف "هناك دفايات أغلبها مجهولة المصدر وبعضها لا يملك خطاب ضمان وبالتالى يصعب علينا التعامل بها لصعوبة استراجعها، ولكن تجار الأرصفة بشارع عبد العزيز يتعاملون بها وأسعارها لا تتعدى أربعين جنيها، وبالطبع هى دفايات رديئة ومجمعة محليا وغالبا بلا وسيلة أمان والوصلات رديئة وقد تتسبب فى ماس كهربائي أو تسرب غاز يؤدي للاختناق".

وتابع "ننصح غالبا الزبائن عند شراء الدفايات بضرورة فتح جزء من النافذة عند استخدم الدفاية بالغاز، وعدم وضع الدفاية على السجاد أو الموكيت أو بالقرب من المواد والمفروشات القابلة للاشتعال وأن تكون بعيدة عن والستائر والمفروشات، وعدم استخدام توصيلة كهربائية إطلاقًا والاكتفاء بإيصال سلك الدفاية الأصلى بالكهرباء مباشرة لأن ذوبان التوصيلة سبب رئيسي لأكثر الحوادث والحرائق نظرًا لعدم تحملها للجهد وللتيار الكهربائي.

وتحدث عبد السميع محمد، تاجر أجهزة كهربائية، أن المواطن يبحث عن دفاية رخيصة الثمن وفى نفس الوقت أمان، وهو أمر صعب، لأن الدفايات الهالوجين "الشعبي" أسعارها تصل لحوالي مائة جنيه ولكنها أقل أمانا من الدفايات الأخرى التركي أو المصري ويصل سعرها لحوالى 500 جنيه، والأعلى سعرا عن دفايات الزيت المصرية الصنع وتصل أسعارها لحوالى ألف جنيه، ولا يقبل عليها السوق الشعبي.

وصرح ماجد أحمد، رئيس شعبة الأدوات الكهربائية، أن السوق المصري يشهد ارتفاعا بأسعار الدفايات في الوقت الراهن نتيجة لارتفاع أسعارها بالخارج بسبب زيادة أسعار الدولار بالسوق السوداء، وأن مصر تستورد أكثر من 75% من الدفايات من الصين والباقي صناعة تركية وصناعات قادمة من دول الاتحاد الأوروبي، وقد زادت بنحو 50% وارتفعت الأسعار عن العام الماضي بحوالى 15 % .

"المستهلكون يكثفون من شراء الدفايات الصينية بسبب ما تتمتع به من خصائص أولها الشكل الجذاب والأرخص ثمنا والأكثر أمانا مقارنة بنظيرتها الأخرى، حيث يبدأ سعرها من مائة جنيه".

وتشرح دكتورة غادة النصر، أستاذ الأمراض الصدرية والجهاز التنفسي، أن من الشائع حدوث حالات اختناق جراء إجراء استنشاق غاز أول أكسيد الكربون الناتج عن التدفئة لأن هذا الغاز يتحد بالهالوجين فى الدم وهو المسئول عن نقل الأكسجين من الجو إلى الدم، وعند الاتحاد الشديد بينهما يؤدي ذلك إلى منع وصول الأكسجين إلى الدم وبالتالي الإصابة بالفشل التنفسي ثم فقدان الوعي، ومن ثم الوفاة، كما أن استخدام الدفايات الرديئة قد يؤدي التهاب الشعب الرئوية، ووسيلة للعدوى بأمراض الجهاز التنفسي حيث البقاء فى مكان مغلق.

وقالت "من الأفضل تركيب التكييف الذى يجمع بين السخن والبارد، حيث إنه أكثر عملية وأقل خطرًا، أو استخدام دفايات أكثر أمانا.

ونصح إمام عبد الله، موزع أجهزة كهربائية، بأنه لابد من شراء الدفاية معلومة المنشأ وذات شهادة ضمان، ولابد أن تكون تكون ذات توصيلات كهربائية جيدة ويراعى أن تكون معلومة البيانات فبيما يتعلق بقدرتها على التحمل ومكان التصنيع، حتى لا تتعرض للذوبان فى حال تعرض للتيار العالي، وكذلك لابد بالاستعانة بفنى كهربائي عند تشعيل الدفاية، أو حدوث أى عطل وتغير "الفيش" في حال هلاكه، وعدم استخدام محولات الجهد (الفولت) الكهربائية عند تشغيل المدافئ الكهربائية، وعدم إيصال المدفأة مع غيرها من الأجهزة بمقبس واحد باستخدام التوصيلات وعدم ترك سلك المدفأة عرضة للمشى فوقه، وإذا لاحظت حرارة صاعدة من الفيش أو رائحة غريبة عليك بإيقاف الدفاية والاستعانة بفنى الصيانة.

تابع: "لابد من ترك النوافذ مفتوحة عند استعمال مدفأة الغاز لأنها تؤدي إلى استهلاك كمية الأكسجين الموجود في الغرفة، مما ينتج عنه فقدان الوعي للنائمين، واختناقهم بأول أوكسيد الكربون، فقد يحدث خللا فيها أو في توصيلاتها فيؤدي إلى وفاة الشخص الموجود في الغرفة بسبب استنشاق الغاز المتسرب، أو غاز أول أو كسيد الكربون الذي ينتج عن عملية الاحتراق، إضافة إلى حدوث حريق لا سمح الله عند وجود مصدر حراري في حالة تسرب الغاز أو حدوث الانفجار نتيجة لفتح مصباح الكهرباء عند تشبع المكان بالغاز، كما إن المدفأة الكهربائية تتسبب في إحداث حريق إذا وجد بجوارها مواد سهلة الاشتعال وملاصقة للمفروشات أو بالقرب من المناضد الخشبية.

وأوضح دكتور حسن عبد المجيد، رئيس هيئة العامة للمواصفات القياسية، أن الهيئة وضعت مواصفة قياسية للدفايات المستخدمة في المنازل، وتختص هذه المواصفات بالحماية من المخاطر الشائعة الناتجة عن الأجهزة التي قد يواجهها الأفراد‏، وقد تضمنت المواصفات تعاريف لأنواع الدفايات الكهربائية للمنازل فهناك مثلا الدفايات ذاتية الوهج الضوئي وهي التي تحتوي علي عنصر تسخين ذي توهج واحد علي الأقل‏، وكذلك الدفاية المروحية والتي تتم حركة الهواء خلالها بواسطة مروحة‏، وقد أخذت هذه المواصفات بالمستوى المقبول عالميا للحماية ضد المخاطر الكهربائية والميكانيكية والحرارية والحريق والإشعاع للدفايات عند تشغيلها في ظروف الاستخدام العادية‏.‏

وتابع "حددت المواصفات إرشادات الصانع وظروف التشغيل غير العادية المحتمل حدوثها عمليا وذلك حماية من الخطر الممكن حدوثه بسبب التركيب بالقرب من الستائر أو المواد القابلة للاشتعال وكذلك الطريقة الصحيحة لتنظيف العاكس للدفايات وكيفية تغيير الشمعة المشتملة على عنصر التسخين المؤثر بالدفاية‏، كما نصت علي الارتفاع المناسب‏(1.8‏ متر‏)‏ لتركيب الدفايات المركبة علي ارتفاعات‏، وكذلك أفضل الأماكن التي تركب فيها بحيث لا تحدث منها أضرار مباشرة أو غير مباشرة‏،وتضمنت المواصفات أيضا طرق الصيانة الخاصة بالدفايات المملوءة بالزيت والاصلاحات التي تتطلب فتح خزان الزيت والذي يتم بمعرفة الصانع أو وكيله الخاص بالصيانة ويتم الاتصال به فور وجود تسريب للزيت وأيضا أوضاع المفاتيح المختلفة بالدفايات التي تركب علي ارتفاع عال علي أن تكون مرئية من مسافة متر واحد ويجب ألا يقل ارتفاع الحروف عن‏3‏ ملليمترات‏"

ويشرح دكتور نبيل أمين، خبير الأمن الصناعى، أن الدفايات لابد أن تتوافر فيها مجموعة من الاشتراطات للتأكد من أنه لن تسبب أي خطورة للأشخاص أو الأشياء المحيطة وهى مواصفات تتعلق بالحد الأقصي للارتفاع في درجة الحرارة لأسطح الدفايات وأسلوب التوصيلات الكهربائية والعوازل والمقاومة للصدأ والمتانة الميكانيكية ومقاومة الرطوبة‏، كذلك الاشتراطات الخاصة بتركيب الدفايات طبقا لتصميمها وأسلوب استخدامها وتطبيق لإجراءات الفحص والاختبار الواردة، لتجنب حوادث حوادث التماس الكهربائي بين الأسلاك التي يسري فيها التيار الكهربائي والجسم المعدني للجهاز الكهربائي.

وتابع: "تتسبب الدفايات في حدوث الحريق عادة إما بانصهار العازلية ممن خلال تلف وذوبان المادة العازلة للأسلاك أو نتيجة لقرب المسافة بين الأجزاء المكهربة أو كنتيجة لوجود أجسام موصلة بين تلك الأجزاء أو نتيجة للأحمال الكهربائية الزائدة المؤدية إلى ارتفاع درجة حرارة الأسلاك والكابلات ومن ثم احتراقها وانصهارها، ولتلافي تلك الآثار المدمرة تنص المواصفات القياسية الدولية واللوائح الفنية الخاصة بالتمديدات الكهربائية".