المحتوى الرئيسى

لماذا تعد اتفاقية المناخ الأخيرة "تاريخية"؟

12/14 19:34

- انشاء أسواقًا عالمية لتسعير الكربون وتداول أرصدته بين الدول

أقر ممثلو 195 بلدا في المؤتمر العالمي لتغير المناخ، السبت الماضي في العاصمة الفرنسية باريس، اتفاقا دوليا للتصدي للاحتباس الحراري عده المراقبون "غير مسبوق"، وقد أعلن رئيس قمة المناخ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس تبني 195 للاتفاق على وقع عاصفة من التصفيق استمرت دقائق.

"بلومبرج" أوضحت أن الاتفاق انطوى على العديد من النتائج الهامة، والتي تم التوصل إليها لأول مرة، بعد 6 سنوات على مؤتمر كوبنهاجن الذي فشل في التوصل إلى اتفاق مشابه. 

وستجري مراسم توقيع الوثيقة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك في 22 أبريل 2016 ، إلا أنها لا تدخل حيز التنفيذ إلا بعد المصادقة عليها من قبل 55 بلدا تطلق ما لا يقل عن 55% من الحجم الكلي للغازات الدفيئة.

وبموجب الاتفاق، تعتزم 18 دولة إنشاء "أسواق كربون دولية" للمساعدة في الإسراع بتقليص الانبعاثات الكربونية، عبر تطبيق معايير وإرشادات لتسعير الوقود الأحفوري، وللتعامل فى أرصدة الكربون، لضمان الحد من التلوث والحفاظ على البيئة.

ويستهدف تسعير الكربون إعادة تحميل عبء الضرر على المسؤولين عنه، والذين يمكنهم الحد منه، وبدلا من إملاء أسماء الجهات التي يجب أن تخفض انبعاثات الكربون ومكانهم وكيفية ذلك، فإن تسعير الكربون يعطي إشارة اقتصادية ويقرر الملوثون بأنفسهم ما إذا كانوا سيحدون من الانبعاثات، أو يحدون من نطاق نشاطهم المسبب للتلوث أو التوقف عنه أو الاستمرار في التسبب في التلوث ودفع الثمن. 

وستعتمد أسواق الكربون الجديدة على السماح للدول التى لم تتمكن من تقليل انبعاثاتها الكربونية بتعويض ذلك بطريقة تطوعية، عن طريق شراء الأرصدة من الدول الأخرى التى استطاعت تخفيض انبعاثات ثانى أوكسيد الكربون إلى الحد الذى لايسبب أى أضرار للبيئة.

وذكرت وكالة بلومبرج إن مجموعة الدول الـ 18 ستبدأ فى إنشاء هذه الأسواق وستصم أستراليا و كندا و شيلى و كولومبيا و ألمانيا و نيوزيلندا و بنما و آيسلندا و إندونيسيا و إيطاليا و اليابان و المكسيك و هولندا و نيوزيلندا و بابوا نيوغينيا و كوريا و السنغال والولايات المتحدة الأمريكية.

لكن الدول المصدرة للبترول مثل السعودية والدول المنتجة الأخرى ومنها فنزويلا، تعارض تسعير الكربون أو إنشاء أسواق الكربون، وترفض تطبيق حلا يعتمد على آليات السوق، غير أن شركات متعددة الجنسيات مثل BP العملاقة للبترول ويونيليفر للمنتجات الاستهلاكية طالبت بالتوصل إلى اسلوب تتفق عليه دول العالم لتسعير الغاز المسئول عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ويقول العلماء إنه السبب الرئيسي في ارتفاع درجة حرارة الأرض، لتحفيز محطات الكهرباء والمصانع حول العالم للتحول إلى استخدام أنواع أنظف من الطاقة.

وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، إنه سيسعى إلى بناء تحالف للدول الراغبة في تسعير الغاز، في خطوة قد تؤدى إلى ربط نظام تداول انبعاثات الاتحاد الأوروبي وأسواق كربون مجموعة الـ 18، علاوة على برنامج التداول الصيني المقرر ظهوره في عام  2017 والذي سيصبح الأكبر في العالم.

ولكن اتفاق باريس لم يتطرق إلى تسعير الكربون إلا في الجزء غير الملزم من النص، والذى جاء فيه إن الدول تقر بأهمية توفير الحوافز لأنشطة تقليص الانبعاثات بما في ذلك أدوات مثل السياسات المحلية وتسعير الكربون مع  إمكانية إنشاء آلية لتوزيع الأرصدة، وبدرجة ما تسهيل ربط برامج تداول الانبعاثات المحتملة بين الدول خلال السنوات القادمة.

ومع ذلك فإن اتفاقية قمة المناخ فى باريس لم تستخدم لغة قوية ملزمة، حتى تضمن رضا جميع الدول المشاركة فى القمة، ولاسيما أن بعض الدول المشاركة في مؤتمر باريس كانت تعارض أي دور للأسواق في مكافحة تغير المناخ، كما أكد جيف سوارتز مدير السياسة لدى الرابطة الدولية لتداول الانبعاثات والذى يؤكد إن عملية تسعير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ستتحقق بأسرع ما يمكن وسيكون هناك أكثر  من أسلوب لتسعير ثاني أكسيد الكربون.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الاستثمارات العالمية على احتياجات الطاقة إلى حوالى 68 تريليون دولار بحلول عام 2040 لتعزيز الطاقة الخضراء فى أنحاء العالم، حتى بدون اتفاقية المناخ، رغم أنها قررت انهاء اعتماد الاقتصاد العالمي على الوقود الاحفوري المستمر منذ عقود طويلة، وذلك للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارى الأرض وتفاقم الانبعاثات الكربونية التى تلوث الهواء.

و يمثل الاتفاق بادرة قوية لسكان العالم وإشارة محتملة للمديرين التنفيذيين والمستثمرين بتوقع إنفاق تريليونات الدولارات لاستبدال الطاقة المعتمدة على حرق الفحم بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، على أن تتعهد الدول الغنية ببذل المزيد من الجهود للحد من الانبعاثات وتوفير مليارات الدولارات الإضافية لمساعدة لدول الفقيرة في التحول إلى اقتصاد صديق للبيئة.

 وسيتعين على الدول أيضا الوصول لأفضل إنجاز ممكن في مسألة انبعاثات الغازات بأسرع وقت ممكن  وتحقيق توازن بين مستويات انبعاثات الغازات التي يتسبب فيها الإنسان وبين امتصاصها بواسطة الغابات أو المحيطات  بحلول النصف الثاني من القرن الحالي.

 ورغم أن قمة باريس تمثل أول اتفاق عالمي للتغير المناخي يلزم دول العالم سواء الغنية أو الفقيرة بالسيطرة على الانبعاثات المسؤولة عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب، ويضع هدفا شاملا على المدى الطويل للقضاء على الانبعاثات الضارة التي أضرت بكوكب الأرض منذ الثورة الصناعية، إلا أن الكثيرين من أعضاء الحزب الجمهورى الأمريكى يرون اتفاقية باريس محاولة خطيرة لتهديد الرخاء الاقتصادي من أجل مستقبل غير مضمون حتى لو كان أقل تلوثا.

ولكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وصف اتفاق المناخ الذي تم التوصل إليه في باريس بأنه قويا وتاريخيا و يمثل أفضل فرصة لإنقاذ كوكب الأرض من آثار التغير المناخي العالمي، وأضاف أن الشعب الأمريكي يمكنه الآن أن يفخر لأن هذا الاتفاق التاريخي تقدير للقيادة الأمريكية على مدى السنوات السبع الماضية والتى حولت الولايات المتحدة إلى القائد العالمي لمكافحة التغير المناخي لإنقاذ كوكب الأرض.

وطالبت كريستين لاجارد رئيسة صندوق النقد الدولي  الحكومات بأن تحول الكلمات إلى أفعال، ولا سيما بتطبيق سياسات تحقق تقدما فعليا في تعهداتهم بتخفيف آثار تغير المناخ وتطبيق سياسة تسعير الكربون بشكل صحيح.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل