المحتوى الرئيسى

القصة الكاملة لمناهج "تنظيم الدولة"

12/10 19:05

تحقيق صحفي عن حقيقة التعليم ومناهج التربية لتنظيم الدولة

من المهم جداً لمعرفة حقيقة ما يحدث على الأرض من نتائج أن نرجع الى الوراء خطوات قليلة لنعلم كيف وصل الوضع الى ما هو عليه الآن، في تحقيقنا عن مناهج تنظيم الدولة الإسلامية علينا في البداية وقبل الشروع في سرد ما يوجد في تلك المناهج وحقيقة تدريسها والمدارس التي تقدم هذه المناهج وأماكن تواجدها كان علينا أن نطرح المحور الاول.

رحلة إعداد مناهج تنظيم الدولة

قبل تاريخ ١٠ يونيو/حزيران ٢٠١٤ تاريخ سيطرة تنظيم الدولة على الموصل ثاني أكبر مدن العراق من ناحية عدد السكان والمساحة الجغرافية لم يكن أحد يتكلم عن إعداد مناهج خاصة بالطلاب، ولم يكن أحد يتوقع أن تطرح مناهج للمراحل الدراسية توافق فكر وطرح التنظيم الايديولوجي، فكل ما كان موجود هو عبارة عن تعليمات تطرح تحت توقيع ديوان التعليم توزع في الرقة وبعض المدن السورية، ولم تكن تتجاوز حينها غير منع بعض المناهج القديمة وتحريم الاختلاط بين الطلبة في المدارس وبعض التعليمات للمدرسين والمدارس وإرسال بعض عناصر التنظيم الى المدارس لغرض تجنيد الطلبة للقتال خاصة في المراحل الإعدادية.

بعد سيطرة التنظيم على الموصل حدث انقلاب كبير في منهجية التنظيم حول النظر الى ملفات التعليم فقد أصبح الامر ملحاً خاصة بعد أن أصبح ما يقارب ثلث سكان العراق تحت سيطرتهم وإعلانهم أنهم خلافة إسلامية، وبرزت مشكلة التعليم بشكل كبير جداً ما دفع التنظيم لاتخاذ خطوة كبيرة، وهي إعداد مناهج خاصة بدولتهم التي يروجون أنها أصبحت من الدول الكبيرة.

عقد ديوان التعليم في ولاية نينوى "الموصل" اجتماعاً موسعاً بغرض اختيار نخبة من كوادره والكوادر القريبة منه تعمل على إعداد مناهج خاصة وتم الطلب من اللجنة العمل بتفرغ كامل وستوفر لهم الإمكانيات لهذا العمل.

في تحقيقنا الخاص قدرنا أن نصل الى أحد الموظفين العاملين في المكتبة المركزية في جامعة الموصل الأستاذ سمير ع. م حيث قال: تم إبلاغنا بأن المكتبة المركزية في جامعة الموصل ستكون مقراً للجنة إعداد المناهج، وأن موظفي المكتبة سيكونون في إجازة طوال فترة عمل اللجنة. ويكمل الأستاذ سمير أننا منعنا حتى من زيارة المكتبة طوال فترة عمل اللجنة، وأن عدد اللجنة حسب الترتيبات الظاهرة في المكتبة المركزية تقارب الخمسين شخص في الاختصاصات المختلفة.

عملت اللجنة طوال ٩ أشهر لغرض إعداد مناهج تبين أنها فيما بعد مناهج بنسخة تجريبية، ويقول موظف في جامعة الموصل م. س إن التنظيم منع أي احد من الاقتراب من المكتبة المركزية طوال تلك الفترة، وأن وجبات الطعام كانت تصل بشكل منتظم الى داخل المكتبة لأعضاء لجنة الإعداد، وكانت قيادات من تنظيم الدولة تزور اللجنة بين فترة وأخرى.

بعد جهد متواصل لغرض الوصول الى أحد أعضاء اللجنة تمكنا من التواصل مع أقارب أحد أعضاء اللجنة وهو مدرس متقاعد لمادة الرياضيات يقول إنه أجبر على العمل في اللجنة بدافع من ابن أخيه، وهو أحد عناصر التنظيم، حيث علق على المناهج بأنها تجميع من مجموعة مناهج قديمة وإعادة صياغة للأمثلة بما يتوافق مع رغبات التنظيم إضافة للاختصار الشديد.

ويردف في كلامه لأحد أقاربه الذي نقل لنا المعلومات أن عناصر من ديوان التعليم وعدداً من الذين كانوا في لجنة الإعداد هم من المؤمنين بفكر التنظيم ولهم كلمة الفصل في أي وضع للمناهج، وكانت المناهج بمتابعة من رئيس ديوان التعليم الذي كان يشرف على اللجنة بشكل مباشر.

في الإصدار الذي بثه التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب تحت عنوان "عام على الفتح" في الذكرى السنوية الاولى له في سيطرته على مدينة الموصل تظهر واجهة بناية المكتبة المركزية في جامعة الموصل وأبواب قاعاتها الداخلية، وقد تم وضع عناوين مثل "لجنة مادة الجغرافية" و"لجنة مادة الرياضيات" دلالة على أنه مكان وضع المناهج الجديدة الذي اعتبرها التنظيم من أبرز إنجازاته خلال عام من دخوله مدينة الموصل وهي رسالة للجميع بأنه يبني دولة حقيقية بكل تفاصليها.

تمتد المدارس تنظيم الدولة بين دولتي "العراق وسورية" وتشكل الموصل والرقة حجر الاساس في الاراضي التي تقبع تحت سيطرة تنظيم الدولة، فهذه المدن لم تخرج من سيطرة التنظيم منذ دخولها ولا يوجد محاولات حقيقية لاسترجاع تلك المدن أو إخراج التنظيم منها، مما دفع التنظيم لفرض سياسات معينة وتنفيذ أجندته الخاصة بشكل واضح عن بقية المناطق التي يسيطر عليها.

هذه الصور مسربة من مدارس تنظيم الدولة تظهر فيها على لوح التعليم كلمة "كَتَبَ": فعل مضارع لأنه يقبل السين وسوف!

يقول مدرس اللغة العربية أ. ع في ثانوية المدرسين في الموصل، إن مستوى التعليم الذي يقدم اليوم في مدارس تنظيم الدولة لا يمكن أن يقال عنه تعليم أصلاً.

وفي تعليقه على الصورة الأخير قال إن هذا المدرس لا يستحق أن يقف أمام الطلاب ليقدم لهم معلومات خاطئة، وأردف قائلاً إنني أخشى أن تعود الأمية الى المجتمع العراقي والسوري بسبب الصراع الحالي.

وقالت جولييت توما: أكثر من مليوني طفل في العراق خارج المدرسة بسبب العنف، وأردفت المتحدثة باسم المكتب الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن أكثر من خمسة آلاف مدرسة في العراق غير قابلة للاستخدام لأنها دمرت أو تضررت أو تحولت إلى ملجأ، مشيرة في حوار مع مي يعقوب من إذاعة الأمم المتحدة إلى أن عدد الطلاب في الصف الواحد يصل إلى ستين طالبا.

ويقول خالد عبدالله، أحد طلاب الإعدادية الشرقية بالموصل، إنه ترك التعليم بسبب خوفه من عناصر التنظيم الذين يزورون المدرسة بانتظام البحث عن مقاتلين جدد، ما دفعه لترك التعليم والهروب الى تركيا للعمل.

في إحصائيات قمنا بها في مدينة الموصل والرقة فإن مدرسة واحدة من بين ثلاث مدارس لاتزال فاتحة أبوابها، حيث قمنا بأخذ عينات من مناطق مختلفة وصلت الى 20 عينة في الموصل و11 عينة في الرقة، ووجدنا أن نسبة المدارس التي يديرها التنظيم ولاتزال فاتحة الأبواب تصل الى حوالي ٣٥٪ وهذا يعكس حجم الإقبال الضعيف من الطلاب وعدم وجود كوادر تعليمية أيضاً، إضافة لعدم اعتراف العالم بشهادات تلك المدارس وضعف المادة العلمية وخوف الاهالي من تجنيد الابناء دفعهم لمنعهم من الذهاب للمدارس.

تعد أبرز جامعات التي يديرها تنظيم الدولة هي جامعة الموصل والانبار والفرات، وهي من أبرز وأهم الجامعات العراقية والسورية، وقد أصدر التنظيم من بداية دخوله لمدينة الموصل تعليمات بإلغاء مجموعة كليات وهي "كليات الحقوق، العلوم السياسية، الفنون الجميلة، الآثار، التربية الرياضية، قسم الفلسفة، قسم إدارة المؤسسات السياحية والفندقية". وتعد هذه الخطوة أحد أبرز القرارات التي اتخذها التنظيم بحق التعليم الجامعي.

وفي وقت لاحق قام التنظيم بفصل مجموعة الكليات الطبية لتكون خارج "ديوان التعليم" وترتبط مباشرة بـ"ديوان الصحة" لتكون المجموعة الطبية التي تضم "كلية الطب العامة، كلية طب الاسنان، كلية الصيدلة" منفصلة عن التعليم لتسمى الجامعة الطبية وفتحت في الموصل والرقة.

بينما صدر بيان بفصل الطلاب عن الطالبات وتحديد عدد معين فقط من الكليات المسموح للطالبات بدراستها وهي التربية والمجموعة الطبية.

بينما توقفت الجامعات الاهلية عن الدوام نهائيا وفتحت مواقع بديلة خارج سيطرة تنظيم الدولة فكلية الحدباء الجامعة بأقسامها توقفت نهائياً عن العمل داخل الموصل ونقلت كافة ملاكاتها وعملها الى مدينة كركوك كذلك كلية النور الجامعة.

بينما أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية كتاب تعد أي دوام أو امتحانات تحت ظل تنظيم دولة باطلة وغير معترف بها، الامر الذي دفع عدداً كبيراً من الطلبة لترك المدينة والتوجه الى مدن عراقية خارج سيطرة التنظيم للتقديم في امتحانات أعدتها الوزارة العراقية لتكون مواقع بديلة لطلبة جامعات الموصل والانبار وصلاح الدين، بينما لم يحدث تحرك لاحتواء طلاب سوريا من قبل النظام أو المعارضة.

وتعد الجامعات تحت حكم التنظيم شبه متوقفة رغم تقليصه لعدد سنوات الدراسة لتكون عامين في بعض الكليات وأربع سنوات لكلية الطب بدل ست سنوات، لكن عدم الاعتراف بها والتضييقات الحاصلة للطلبة وعدم وجود مناهج ومدرسين رغم تهديد التنظيم للكوادر التدريسية غير الملتحقة بالدوام بعقوبات تصل الى القتل ومصادرة الأموال، إضافة لحالة النزوح العامة التي حدثت بسبب دخول التنظيم للمدن التي يسيطر عليها حيث تصل الى التقديرات لنزوح ما يقارب ٤٧٪ من سكان تلك المدن الى خارجها.

ديوان التعليم لتنظيم الدولة الإسلامية

يعد ديوان التعليم من أول الدواوين التي أنشأها تنظيم الدولة للعناية بموضوع الطلبة من رياض الأطفال وحتى الجامعات، ووضع على رئاسة هذا الديوان شخصية مصرية تعرف بـ"ذو القرنين" كما يظهر في توقيعه لكتب والتعليمات الصادرة من ديوان التعليم تحت اسم "مسؤول ديوان التعليم".

ويعد ذو القرنين شخصية مثقفة ذات اطلاع واسع، حسب مصادر مقربة منه، وهو ألماني الجنسية من أصول مصرية غادر ألمانيا ملتحقاً بتنظيم الدولة ليشغل هذا المنصب بالذات، وتذكر تلك المناصب عنه أنه متابع قوي ومحاور عنيد، اتخذ ذو القرنين مقراً له في الموصل ويعد هو المشرف الاول على لجنة وضع المناهج لتنظيم الدولة.

قبل إعداد المناهج صدرت تعليمات للمدارس والكادر التعليم الذي يخضع لحكم التنظيم مفادها تغيير المناهج يدوياً كما مبين بالبيان التالي:

ثم فرض التنظيم على المدرسين دورات شرعية لغرض تثقيفهم بما يطلبه منهم التنظيم في تعليم الطلاب في المدارس.

وفي وقت لاحق أعلن ديوان التعليم عن حاجته لموظفين بسبب إعفاء الموظفين من ملاكات تدريسية من مناصبهم وتعيين بدل عنهم مدرسين يتم إخضاعهم لدورات سريعة لا تتجاوز ٦٠ يوماً قبل بدايتهم بالعمل كمدرسين ومعلمين في المدارس التي يسيطر عليها التنظيم.

كل هذه التغيرات ولم تصدر الى هذه اللحظة المناهج الجديدة التي يعتقد انها ستكون مفاجأة كبيرة وأنها ستحمل فكر ومنهجية التنظيم.

فترة التعليم في مدارس تنظيم الدولة

١٥ سنة كفيلة بأن تدخل جامعات التنظيم، حيث أصدر التنظيم تعليماته بتقليص سنوات الدراسة لتكون ٩ سنوات بدل ١٢ سنة كما يتبين في المرفق:

بعد انتظار دام أكثر من عام على وعود بتغير المناهج بدأت تظهر تسريبات عن مناهج تنظيم الدولة وكانت أغلفة الكتب أول ما تسرب:

ثم ظهرت بعض القصص حول تعليم الطلاب الذبح بالسكين وغيرها من القصص التي لم تستند الى الحقائق وفقط كان الامر حرب إعلامية دون وقائع حتى بداية العام الدراسي الحالي، حيث لم يستطع التنظيم طباعة الكتب للطلاب، لذلك قام بطباعة الكتب على أقراص مدمجة وتوزيعها للطلبة وهم بدورهم من يقومون بعملية الطباعة.

خلقت هذه الخطوة حالة من الاستهجان في أوساط الطلبة، ولكنها كانت طريقة جيدة لتسريب المناهج الى الخارج، حيث يمكن بسهولة إرسال المناهج الموجودة على قرص مدمج بصيغة "pdf" وكانت عبارة عن قسمين:

وهو قسم مخصص للأساتذة وليس للطلبة وجاء تحت عنوان "دليل المعلم" وهو عبارة عن مجموعة توجيهات خاصة بالمعلمين والمدرسين عن كيفية تقديم المادة المعينة، وكذلك عما يطلبه منهم التنظيم من تثقيف حول السلوكيات أو الإرشادات التي يرغبون في تطبيقها في المدارس.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل