المحتوى الرئيسى

أحمد فتحي الجميل يكتب: ما بين السنن الإلهية والسنن الكونية | ساسة بوست

12/09 11:45

منذ 1 دقيقة، 9 ديسمبر,2015

توجد سنن إلهية وسنن كونية، بعض المسلمين يعتقد أن بإيمانه وتمسكه بالسنن الإلهية سيستطيع أن يحقق مراده دون أدنى تدخل من السنن الكونية مثل: “العمل والاجتهاد، والرؤية الصحيحة، والبذل، والعلم، والعمل، … وغيرها”، ويظن بأن اجتهاده في تسديد محور السنن الإلهية من: “صلاة، وصيام، ودعاء وتوسل،… وغيرها” هي الوحيدة القادرة على تخطي عتبات الزمن للفوز بتحقيق المراد بسبب البركة والقدرة والفطنة والطريق المنبسط الساهل.

السنن الربانية تعضد الجهد المبذول في السنن الكونية، لأن الله لا يكافئ المتخاذل والمتحذلق إن فشل في تحقيق السنن الكونية، وإلا لكان على المسلمين التمسك بالدعاء في المحاريب وترك باب العمل والعلم. الله لم يخذل الأمم غير المؤمنة به بسبب عدم إيمانهم به، كافأهم بسبب أنهم حققوا في السنن الكونية ما حققوا، فهم بذلوا وعملوا واجتهدوا وصنعوا، ولذلك فالعطاء من جنس العمل، بينما نقبع نحن تحت طائلة الحكم والأمثال التي تنتشر لكي تزكي للنفوس عطرًا بينما نحن في ميدان العمل والاجتهاد لا شيء.

هذه القصص والحكم الجميلة التي تحبها النفس المشجعة الباسطة للأمل، التي تنتشر من هنا وهناك؛ ما هي عامل مساعد ومعضد (إن صحت نسبتها) لمجهود مبذول وعمل واجتهاد ورؤية، غير ذلك فنحن نطلب من الله ما لا يُطلب، ونرجو منه ما لا يُرجى، فإيماننا نحن المسلمين بوجود السنتين الكونية والإلهية، فإن بذلنا في الأولى تأتي الثانية عاملًا مساعدًا ومعضدًا لها. كالطالب الذي يذاكر طيلة العام بأخذه بالسنن الكونية تكون السنن الإلهية معضدة لعمله بتوفيقه وإحلال البركة في وقته وبذله وحسن اختياره وسداده، بينما أن نقتنع بأن الله سينصر الطالب الفاشل طيلة العام بسبب دعواته ليلة الامتحان عن ظهر غيب بالتوفيق، وهو لم يأت من سنن العلم الكونية بشيء.

وفي السيرة النبوية أعظم مثال على ذلك الفارق ما بين غزوة بدر وغزوة أحد، غزوتان كان بهما النبي صلى الله عليه وسلم، انتصر المسلمون في الأولى بعدما أخذوا السنن الكونية في التمركز حول بئر بدر فسقى المسلمون ولم يسق كفار قريش، وثبتهم الله بقوله تعالى: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا فإن تكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين).

بينما في أحُد تمسك المسلمون بالسنن الكونية في اختيار جبل الرماة، وأول ما خالفوا أمر النبي بعدم النزول منه (عدم سماع كلام النبي – سنن إلهية) وترك المكان الذي يعد نسبة تفوق في (السنن الكونية) هزموا وخير البرية معهم النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: ( ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين).

وفي مشهد آخر في يوم حنين، إذ أعجب المسلمين كثرتُهم وقالوا من يقوى على هزيمة هذا الجيش بكثرة عددنا وعتادنا، فمني المسلمون بالهزيمة في بداية المعركة كما قال تعالى: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) ومن ثم تأتي المبشرات بعد الاستفادة من الدرس (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودًا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم) ـ

بهذه القاعدة تتضح لنا الرؤية ونستطيع أن نجيب على الأسئلة التي دائمًا ما تدور في أذهاننا مثل: لماذا لا يستجيب الله دعاءنا، لماذا لا ينصرنا الله بقوته، لماذا المؤمنون مستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها، وكل تلك الأسئلة نريد أن نجيب عليها بالسنن الإلهية ولا نسأل أنفسنا وماذا قدمنا في سننه الكونية لكي يجيبنا ويبعث لنا المدد. لم نقدم شيئًا، فلن يغير الله قواعده التي تحكم الدنيا بسبب أننا اتكلنا بأننا نعبده أو أننا أسلمنا إليه. قواعد الدنيا تتغير عندما يبعث الإنسان هذا التغير، فتجد المدد والعون الإلهي مصاحبًا للسنن الكونية للذي أمن وصدق وبقي على العهد.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل