المحتوى الرئيسى

جان ماري لوبن لـ إيلاف: الفرنسيون يعيشون تداعيات فشل حكوماتهم

12/08 08:57

لوبين نفى أن يكون تبنى سياسات معادية للمسلمين

جان ماري لوبن غاضب لقرار حزبه وسيلجأ الى القضاء

جان ماري لوبن يقترح قطع رؤوس الإرهابيين

جان-ماري لوبن يلجأ للقضاء بعد تعليق عضويته في حزبه

محاكمة جديدة لجان ماري لوبن في فرنسا

في حوار خصّ به "إيلاف"، رمى الفرنسي اليميني المتطرف جان ماري لوبن كرة الإرهاب في ملعب الحكومات الفرنسية، التي يتراكم عجزها عن حماية البلاد من الهجمات الإرهابية.

ليال بشارة من باريس: في حديث خاص بـ "إيلاف"، يرى جان ماري لوبن، مؤسّس حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في فرنسا، أن الشعب الفرنسي يعيش اليوم تداعيات إخفاق داخلي وخارجي للحكومات الفرنسية المتعاقبة المتواطئة مع التنظيمات المتطرفة، التي زعزعت استقرار الشرق الأوسط.

ودعا لوبين السلطات الفرنسية إلى الخروج من فضاء شينغين، وإعادة دراسة مجمل الإتفاقيات الأوروبية الموقعة على غرار المملكة المتحدة، لأن الإتحاد الأوروبي سلب فرنسا سيادتها الوطنية.

كما حث السلطات الفرنسية على إعادة التفكير بسياستها الخارجية مع بعض الدول المتهمة بتغذية الإرهاب داخل فرنسا وخارجها، باعتبار أن ذلك هو الطريق الصحيح لوضع حدّ لأزمة لاجئين غير مسبوقة تعانيها الدول الأوروبية.

ونفى لوبين بشدة أن يكون دأب على تبني سياسات عنيفة تنتقد الإسلام والمسلمين، ودعا في المقابل إلى وقف الإسلام السياسي في فرنسا المرتهن لدول عربية. واتهم ابنته مارين لوبين، زعيمة حزب الجبهة الوطنية، باعتماد خطاب سياسي مغاير لمعتقدات الحزب الأساسية، رغبة منها في الوصول إلى سدة الحكم، تاركًا إلى المستقبل الكلمة الفصل لتأكيد من كان على حق.

وقال إن الهدف من استطلاعات الرأي هو التأثير في قرار الناخب الحر في فرنسا، وأكد أن المواطن الفرنسي سئم من الأحزاب التقليدية، التي لا تقوم إلا بالمراوغة، وبات الفرنسي متأكدًا اليوم من مصداقية المواقف، التي دافعت عنها الجبهة الوطنية، التي ستنال تصويتًا كثيفًا في انتخابات رؤساء المقاطعات في 6 كانون الأول (ديسمبر) الجاري.

وفي ما يأتي نص حوار "إيلاف" مع لوبين:

أظهرت إعتداءات باريس الإرهابية خللًا أمنيًا مكّن الإرهابيين من التنقل بحرية وتنفيذ هجماتهم. هل الخطوات الأمنية والسياسية التي اتخذتها الحكومة الفرنسية توازي خطر الإرهاب على فرنسا؟.

أعتقد أن الخطوات التي اتخذتها الحكومة الفرنسية متأخرة نوعًا ما، وللأسف يعيش الفرنسيون اليوم تداعيات الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة الفرنسية على صعيد السياسة الداخلية، والتي أوجدت مشاكل إقتصادية وإجتماعية، وهي العامل الأساسي، الذي أدى بفئة من الشباب الضائع للوقوع في مستنقع الإرهاب، لكن لا يُمكنُ في المقابل إغفالُ السياسة الخارجية، التي أدت بطريقة أو بأخرى إلى ذلك.

فرنسا كانت متواطئة مع التنظيمات التي زعزعت إستقرار منطقة الشرق الأوسط، وسأسرد على سبيل المثال تصريحًا لوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قال فيه: "إن جبهة النصرة تقوم بعمل جيد في سوريا" (صحيفة لوموند 13 كانون الأول (ديسمبر) 2012). ويتحمل بعض السياسيين الفرنسيين، مع حلفائهم الأطلسيين، مسؤولية نشوء تنظيم داعش، الذي تبنى اعتداءات باريس، ومن هنا يجب ألا نغمض أعيننا عن رؤية الحقيقة وتنبيه الرأي العام الفرنسي إلى ذلك.

كان تعليق العمل باتفاق شينغين من الخطوات الفرنسية بعد اعتداءات باريس، ما تلاقى مع مطلبكم بخروج فرنسا من الإتحاد الأوروبي، هل تعتقدون أن الحالة الأمنية تفرض اليوم على السلطات الفرنسية إقفالًا دائمًا للحدود مع الدول الأوروبية؟

على فرنسا الخروج من فضاء شينغين وإعادة دراسة مجمل الإتفاقات الأوروبية الموقعة، وهو ما ستقوم به المملكة المتحدة. نسأل: لمَ لا تقوم فرنسا بذلك؟، خضعت بلادنا من دون  قيد أو شرط لقوانين الإتحاد الأوروبي، وتخلت في المقابل عن سيادتها الوطنية، فجميع القرارات تتخذ في بروكسل (مقر الإتحاد الأوروبي)، والفرنسيون يخضعون اليوم لقرارات الإتحاد الأوروبي وحلفائهم في حلف شمال الأطلسي. وتحتاج فرنسا اليوم أكثر من أي وقت مضى سيادتها الوطنية، عبر حماية حدودها، وانتهاج سياسة إنتعاش إقتصادي وإجتماعي، وهذا ما أطالب به منذ عقود. وأريد أن أكرر مجددًا أن ما تعيشه فرنسا اليوم هو ثمار سياسة كارثية دمرت الأمة.

قررت الحكومة الفرنسية التصدي لظاهرة التطرف في مساجد فرنسا، فهل الخطوات للحد من مظاهر التطرف كافية؟

في موازاة ما أعلنه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في إطار خطة لمكافحة الإرهاب، تقوم الحكومة الفرنسية بإبرام اتفاقيات مع الدول المتهمة بتمويل الحركات المتطرفة في بعض المساجد في فرنسا. جاهر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس منذ نحو شهر بالتوقيع على اتفاقيات مع السعودية بقيمة 11 مليار دولار، والرياض هي الدولة التي كافأت فرنسا على سياستها المعارضة لروسيا في ما خص الأزمة الأوكرانية بتمويل صفقة بيع بارجتي ميسترال الحربيتين إلى مصر، ناهيك عن اليمين التقليدي "حزب الجمهوريين" بزعامة نيكولا ساركوزي، الذي يتلقى مساعدات مالية من قطر.

لكن قطر والسعودية هما واجهة من يقوم بزعزعة إستقرار أوروبا على غرار ما يحدث في الوطن العربي، حيث قاموا بزعزعة استقرار ليبيا وسوريا، وهو ما أدى إلى نشأة تنظيمات شبه عسكرية إسلامية، كجبهة النصرة وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم الدولة الإسلامية أو داعش. هذا هو النفاق بذاته، وليس علينا اليوم التصدي لتداعيات هذه السياسات، لكن علينا العودة إلى الأسباب لتفادي وجود أو نشأة تنظيمات مماثلة. ويجب على السلطات الفرنسية أن تضبط مصادر التمويل والشبكات التي تقف وراء من يعمل على بث أفكار متطرفة، وهنا أدعو السلطات الفرنسية إلى تغيير سياستها الخارجية، واعتماد سياسة تقوم على التقرب أكثر من أصدقائنا وحلفائنا التقليديين.

هل تقاسمون من يرى أن نشأة التطرف في فرنسا تتحمل مسؤوليته الحكومات المتعاقبة التي فشلت في انتهاج سياسة تقوم على تنمية المناطق التي تسكنها غالبية من المسلمين الفرنسيين من أصول مهاجرة؟

لقد شهدت فرنسا موجة هجرة كبيرة باتجاه أراضيها منذ أواخر الستينات. واستمرت أزمة الهجرة حتى في خضم الأزمة الإقتصادية عام 70، على الرغم من أن فرنسا لم تكن مهيأة حينها، إن على صعيد دمجهم أو استيعابهم، وكان بعضهم يأتي من بلدان ذات ثقافات مختلفة عن الثقافة الفرنسية، والبعض الآخر من دول فرانكوفونية.

للأسف الشديد، لم يتحسن الوضع الإقتصادي في فرنسا في السنوات الماضية، لكن أفقدت موجة الهجرة المجتمع الفرنسي والغربي عامة مرتكزاته وقيمه، بينها الطائفية والأخلاقية، والكنيسة الكاثوليكية فشلت في أداء واجبها بالمساعدة على المحافظة على قيم المجتمعات، وقد تحولت العلمانية في فرنسا، التي تقوم على الفصل بين الدين والدولة، إلى ديكتاتورية مُلحدة أوجدت ركودًا نفسيًا وإجتماعيًا، والطبيعة الإنسانية تمقُتُ الفراغ، وهو ما يفسر اليوم في جزء كبير تطور الإسلام في فرنسا، وتمت تغذية التطرف عبر حملة إعلامية، تم التخطيط لها بدقة، إضافة إلى استخدام الخطاب الديني.

أدعو اليوم إلى إعادة التوفيق بين الفرنسيين وهويتهم الوطنية والثقافية للتخفيف من هذه المشكلة. وفي النهاية، يجب اتخاذُ إجراءات لوقف ظاهرة الهجرة ووقف العمل بالقوانين التي تجعل من عملية التجنيس حقًا مكتسبًا لكل فرد، إذا ما استوفى الشروط المنصوص عليها، والتي تعتبر أيضًا جزءًا من المشكلة.

لكنكم تعرفون بمواقفكم المنتقدة بقوة للإسلام في فرنسا؟

كلا، ليست لديّ مواقف عنيفة تنتقد الإسلام، ولا أسمح لنفسي بذلك، لأن الإسلام كالمسيحية واليهودية والبوذية وغيرها من الطوائف هي ديانة محترمة. ولكنني لا أقبل اليوم إستخدام الطوائف لغايات سياسية، وكما يقال هنا في فرنسا "الإسلام السياسي"، الذي تستعمله بعض الدول الخارجية لضرب مميزاتنا الوطنية والشخصية، ولا أعتقد اليوم أن المسلمين في السعودية أو في دول إسلامية أخرى يقبلون بتغيير هويتهم الوطنية مثلًا عبر ظاهرة التبشير المسيحي.

تعاني أوروبا وفرنسا اليوم أزمة لاجئين غير مسبوقة. ما الحلول التي ترونها كفيلة بوضع حد لهذه الأزمة؟

هناك ظاهرة ثنائية للهجرة اليوم. أولًا، هي ظاهرة كلاسيكية مرتبطة بأزمات سياسية وإقتصادية تأتي نتيجة تفشي سياسة الفساد في دول عدة، بتواطؤ حتى من قادة فرنسيين، لأنه ببساطة ليس هناك فساد من دون فاسدين، وهناك أيضًا المشكل الديموغرافي، فعدد السكان على كوكبنا قفز من 2 إلى 7 مليارات نسمة في وقت قصير.

ثانيًا، نحن نعيش اليوم ظاهرة جديدة، هم المهاجرون، الذين يهربون من الحرب في بلادهم، كما هي الحال في سوريا، ويتحمل المسؤولون الفرنسيون مسؤولية مباشرة في ذلك. ففي الأمس القريب، أدى التدخل العسكري الفرنسي إلى إطاحة نظام القذافي وزعزعة إستقرار البلاد، فانفتح الباب أمام موجة هجرة من أفريقيا باتجاه أوروبا، والتي كان القذافي يمنعها. والأزمة السورية اليوم ليست إلا نتيجة سياسة دراماتيكية من حكوماتنا ساهمت في زعزعة إستقرار الدول.

ولمواجهة ازمة اللاجئين، أدعو السلطات الفرنسية إلى تطويق الخروقات عبر ضبط حدودها، بعد الخروج من شينغين، واستعادة السيادة الوطنية، واعتماد فرنسا سياسة خارجية تتلاءم مع حلفائها التقليديين والإستراتيجيين، لا سياسة خضوع عمياء للولايات المتحدة.

فشل هولاند في تشكيل تحالف موحد يضم موسكو وواشنطن لضرب داعش في سوريا، فهل أنتم مع اقتصار العمليات العسكرية على الضربات الجوية؟

منذ آب (أغسطس) 2014، يقوم تحالف دولي بقيادة واشنطن ومشاركة فرنسية بعمليات عسكرية جوية لضرب تنظيم داعش، ولم يستطع بعد أن يحقق هدفه الأساس، وفي المقابل يواصل عناصر تنظيم داعش التنقل بحرية بين سوريا والعراق من دون رقيب أو حسيب، حتى من المقاتلات الأميركية، ونتساءل اليوم: كيف سمحنا لهذا التنظيم بالتنقل بحرية؟، كيف ولماذا سمحنا بتمويل هذا التنظيم المتطرف عبر شراء النفط منه؟.

أود أن أذكر هنا أن الجنرال الفرنسي فنسان ديبورت (جنرال سابق في الجيش الفرنسي) والجنرال الأميركي ليودز أوستين (من القيادة المركزية الأميركية) قالوا سابقًا إن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية نشأة تنظيم داعش.

أنا أسأل اليوم: هل إطلع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على هذه المعلومات؟، ولماذا لم يتحرك حين بادرت موسكو جديًا بضرب تنظيم داعش في سوريا؟، أرى اليوم أنه قبل اتخاذ قرار بإرسال قوات برية إلى سوريا، على الحكومة الفرنسية إتخاذُ قرارات سياسية جدية لمساعدة الحكومة السورية على بسط سيادتها على كامل التراب السوري وإعادة العلاقات الديبلوماسية والإستخباراتية بين البلدين. الأهم اليوم هو مكافحة الجهاديين، حتى أولئك الذين يذهبون من فرنسا إلى سوريا للقتال.

لا تزال الخلافات عميقة حول مصير بشار الأسد في أي حل سياسي للنزاع السوري. كيف ترون الحل السياسي؟، وهل محاربة الإرهاب تمر عبر التعاون مع النظام السوري؟

على السوريين أن يقرروا وحدهم مصيرهم من دون تدخل خارجي في شؤونهم.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل