المحتوى الرئيسى

«حسن فتحي» ملحمة معمارية سياحية تجاهلتها الحكومة.. «القرية» تحولت إلى وكر للمجرمين.. وخبراء يحذرون من اختفاء معالمها

12/03 10:07

تعتبر قرية حسن فتحي بمدينة باريس بالوادي الجديد، إحدى القلاع المعمارية، وتعد من أهم المزارات البيئية، حيث شيدت المدينة على مساحة 18 فدانًا، وتبعد عن مدينة الخارجة حوالي 85 كيلو مترًا، وتضم العديد من الإنشاءات والمباني التي شيدت على الطراز البيئي بالطوب اللبن، وتتضمن مدرسة للفنون، وعددًا من مراسم الفن التشكيلي، بالإضافة إلى سوق تجارية كبيرة على جوانبها عدد من الكافيهات، فضلاً عن غرف مهيأة للمعيشة تتناسب مع درجات الحرارة في جميع فصول السنة.

قرية حسن فتحي بباريس الوادي صرح سياحي مهجور ينعق فيه البوم‎يقول محمد مخيمر، أحد الأهالي، إن القرية تعتبر من المعالم السياحية التي تشتهر بها مدينة باريس، وبالرغم ما أنفق عليها من مليارات الجنيهات، إلا أنه لم يأت بعد المسئول الذي يتفهم طبيعة القرية البيئية، ويعرف الهدف الذي صممت من أجله أو يدرك ما كان يدور بخاطر العالم المعماري العالمي الراحل حسن فتحي، ولم يفكر أي مسئول لماذا اختار هذه الربوة لإنشاء تلك القرية عليها؟

ويضيف الشيخ زين الصاوي، والذي عاصر بناء تلك القرية، أن المهندس العالمي حسن فتحي كانت له رؤية مستقبلية من إنشاء هذه القرية لم يدركها أي مسئول، علماً بأنه عرض على أكثر من محافظ يتولى المسؤولية بالوادي الجديد فكرة تشغيل القرية، إلا أنه لم يستمع له أحد.

وأوضح أن كل محافظ يتولى المسئولية بالوادي الجديد، تكون زيارة قرية حسن فتحي أولى زياراته بالمحافظة، وحينها يصرح بتصريحات لو تم تنفيذ جزء منها لكانت القرية لها شأن آخر، بدلاً من كونها مهجورة ينعق فيها البوم ليل نهار، فضلاً عن كونها ملاذا آمنا لمدمني المخدرات ومأوى لخفافيش الظلام.

وأكد أحمد أبو طبيله من أهالي باريس، أنهم يخشون على أبنائهم وبناتهم من المرور بجوار القرية، خوفاً عليهم من الخارجين على القانون وقطاع الطرق الذين يسكنون القرية.

وطالب مجدي معاذ ناشط حقوقي، بضرورة محاسبة المسئولين عن إهدار هذا الصرح المعماري، وإن كانت الحكومة، لا تستطيع الحفاظ عليه فالشباب أولي بالمحافظة عليه، وتساءل إن كان من حق المسئولين إهدار المليارات من الجنيهات فمن حقنا أن نأمن على أبنائنا وبناتنا من هذا المكان الذي كان نعمة وأصبح نقمة بفضل تجاهل المسئولين؟.

واستنكر أهالي باريس صمت المسؤولين تجاه ما يحدث من إهمال ذلك الصرح المعماري الفريد، والذي طالته يد الإهمال على مرأى ومسمع من الجميع، متسائلين: لماذا لم يتم عمل مدرسة للفنون التشكيلية بالقرية أو حتى تشغيلها كمزار سياحي.

من جانبه يقول المهندس صلاح حسان مدير عام مديرية الثقافة بالوادي الجديد، إن القرية بها عمال أمن تابعين لقطاع الفنون التشكيلية يتناوبون الحراسة بصفة مستمرة، مشيراً الي أن القرية تستفبل دائماً أفواج من الفنانين التشكيلين ونحن بصدد استقبال وفد من الفنانين الخميس المقبل لزيارة القرية.

وأكد حسان أن القرية بها جناح مجهز لاستقبال مثل هذه الوفود في اي وقت بشأن عمل دراسات من أجل تشغيل القرية بالكامل في المستقبل القريب.

أستاذ بالجامعة البريطانية: حزين لانهيار منزل "حسن فتحي" وتحوله إلى "مقلب زبالة"وأبدى الدكتور أحمد راشد، مدير مركز الاستدامة ودراسات المستقبل بالجامعة البريطانية، حزنه الشديد لما وصل إليه حال منزل "حسن فتحي"، من حالة انهيار، وتحوله إلى مقلب قمامة بقريته التي شيدها عام 1946، بمحافظة الأقصر.

وقال "راشد": "أنا أملك صورا لمنزل حسن فتحي في التسعينيات عندما كنت اعد رسالة الدكتوراه، وكان من أروع ما درسته في الخارج هي تجربة حسن فتحي، وتتبعت بعض الانهيارات بالقرية، لكن عمري ما تخيلت أنها توصل للحالة دي".

وأضاف: "حسن فتحي، كان عامل البيت ده مزار علشان الناس تعرف إزاي هو استطاع أن يستخدم الأدوات المتاحة في تشييد هذه القرية، وكان هناك دارسون من جميع أنحاء العالم يحضرون الى هنا لتوثيق هذا النمط المعمارى خطوة بخطوة".

وتابع "راشد" قائلا: "هناك بُعد إنساني في الطراز المعماري لحسن فتحي، فكان يهدف فن البناء لديه، توصيل رسالة عن كيفية استطاعة الإنسان أن يتعايش في البيئة المحيطة".

وأكد راشد أن السبب الاساسي في هدم المنازل، هو ملكيتها للدولة، ولا يوجد "صك ملكية" للاهالي، فبدأوا يتخلون عن الشكل المعماري للقرية، واحلال الطوب الاحمر بدل "الطين" لاعادة تشييد منازلهم من جديد، حتى لا تتمكن الدولة من استردادها مرة أخرى.

استشاري: ما حدث بقرية "حسن فتحي" معركة بين "الطين" و"الخرسانة"ويصف الدكتور حمدي سطوحي، استشاري معماري، ما حدث في قرية المهندس حسن فتحي بالأقصر، بأنها "معركة بين الطين والخرسانة، وبين الهوية والحداثة".

وقال "سطوحي"، في تصريحات لـ"صدي البلد": "هذه المعركة فاز بها الاستعمار الثقافي والجهل وعدم إدراكنا لهويتنا العربية، ولكن المعركة لم تنته، فحسن فتحي كان فلسفة للحفاظ على الهوية المصرية أمام الاستعمار الثقافي".

وأضاف: "قبة منزل حسن فتحي لم تقع بهذا الشكل لمجرد حدوث انهيار في الجدار، ولكن هناك تعمد واضح لحدوث انهيار كامل بهذا التراث المعماري".

وتابع: "حسن فتحي كانت له فلسفة مهمة جدا هي الحفاظ على التراث، والمشاركة في تشييد المنازل على الطريقة النوبية، واستخدام الأدوات المتاحة في البيئة، واستحضار الهوية العربية لتكون حصنا أمام الاستعمار الثقافي الأوروبي، فالمسئول الأول عن هدم المنازل هو غزو الثقافة الغربية للعرب".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل