المحتوى الرئيسى

ختام مؤتمر مكتبة الإسكندرية «الثقافة العربية.. استحقاقات مستقبل حائر»

12/01 11:06

ألقى الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، مستشار رئيس السودان، الكلمة الختامية لمؤتمر «الثقافة العربية... استحقاقات مستقبل حائر» الذي نظمته مكتبة الإسكندرية في الفترة من 16-17 نوفمبر 2015، وشارك فيه باحثون وأدباء ومفكرون من 22 دولة عربية، وخبراء من منظمات ثقافية عربية.

واستهل «عثمان» كلمته قائلاً: إنه خلال مشاركته الأسبوع الماضي في ندوة مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت رد على إشفاق المتحدثين وإحباطاتهم حول ما يجري في العالم العربي، وعن غياب مصر عن قيادة الأمة في محنتها الحالية، بأن مصر ستجتاز الأزمات التي تواجهها كما اجتازت هزيمة حرب 1967 بانتصار أكتوبر 1973، وستعود أقوى مما كانت عليه وتقود الأمة العربية إلى انتصاراتها وأمجادها.

وأشار «عثمان» إلى أن ما نشهده في مكتبة الإسكندرية من نهضة ثقافية، ومن امتلاك لتقنية متقدمة، واستشراف للمستقبل، وما دار في مؤتمر «مقترحات لوضع إطار للسياسة الثقافية في مصر» الذي سبق هذا المؤتمر «الثقافة العربية: استحقاقات مستقبل حائر»، يؤكد ما ذهبت إليه مصر من دور ريادي نتطلع إليه جميعا.

هذا وقد تضمنت فعاليات اليوم الختامي للمؤتمر عقد جلستين متوازيتين كانت إحداهما بعنوان «المجتمع والثقافة العربية.. تساؤلات المستقبل»، وتولت إدارتها الدكتورة رفيعة غباش، أستاذة الطب النفسي بدولة الإمارات، وتحدث خلالها الدكتور محمّد أبو حمّور، الأمين العام لمنتدى الفكر العربي عن الثقافة العربية وبناء المجتمع، مشيرًا إلى أن الإصلاح الثقافي في الحياة العربية يتطلب إعادة البناء في كل مجال من مجالات هذه الحياة سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو في المجتمع والسلوكيات الاجتماعية، وطريقة التفكير وأكد «أبو حمور» أن العمل الثقافي المؤسسي هو عمل ينبغي أن يكون تكامليا على مستوى الدول، وضمن الإطار الإنساني الأشمل، ولكنه في الأصل حصيلة مساهمات من أطراف متنوعة، تُصاغ في اطار استراتيجيات وخطط قادرة على التفاعل مع البيئة الاجتماعية بمختلف مكوناتها.

ومن جانبه أكد الأستاذ الدكتور نادر سراج، أستاذ اللسانيات بالجامعة اللبنانية، أن الصورة الناقلة للشعار والمنقولة فضائيًا وعنكبوتيًا، تمتلك ايجابيات خاصة بها مكنتها من تجاوز قاعدة التواصل اللغوي المباشر، وأدت إلى تبادل أسرع للمعلومات، وبلورت نوعًا تواصليا متميزا بالرغم من أنه غير متعدل ومتكافئ.

وأشار «سراج» إلى أن النمط التواصلي الجديد رجح كفة وسائل الإعلام، غير المتكافئة في العلاقة بين طرفي عملية التواصل، حيث إن تدفق المعلومات والصور يأتي من طرف واحد، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية تتميز بأنها أفسحت المجال للمتلقي كي يرد بشكل فوري عل مخاطبه، وتمكين المتابعين من رصد وقياس مناسيب التأثر والتأثير بين طرفي عملية التواصل.

وبدوره أشار المؤرخ التونسي خالد عبيد إلى أن النهضة العربية منذ القرن التاسع عشر في مقابل نجاح التجربة في اليابان بالرغم من اننا لدينا التحدي إلى التقدم ولكنه تحدٍ لفظي لم يصل إلى مرحلة الفعل، بالإضافة إلى اننا نبرر أخطاءنا بنظرية المؤامرة، والحقيقة ان هناك عيبًا بداخلنا مكنها من اختراقنا ومنع تطلع المنطقة إلى مستقبل أفضل، وهذا يتطلب تكاتف النخبة في الوطن العربي، لتكون عابرة لمنطقتنا العربية إلى التقدم.

وتطرقت الجلسة الثانية إلى الدراسات الإنسانية وإشكاليات مستقبلها في الوطن العربي، وتحدثت خلالها الدكتورة دينا عبد السلام، مدرس بكلية الآداب، جامعة الإسكندرية عن موقع دراسة العلوم الإنسانية في الجامعات المصرية مقارنة بالعلوم الطبيعية ونظرة المجتمع لها على أنها علوم رفاهية لا جدوى لها من ورائها، وكيفية تغيير تلك النظرة الظالمة من خلال التعليم والإعلام والمثقفين، تحدثت أيضًا عن النشر والترجمة في مجال العلوم الإنسانية، وكيفية دعم الباحثين في مجال الدراسات الإنسانية، كما تناولت دور العلوم الإنسانية في مواجهة التطرف، حيث يتيح حوارًا مع الآخر، وتحفز على التفكير والشك في الثوابت.

وتطرق الدكتور عبدالله الخطيب، الملحق الثقافي السابق للمملكة العربية السعودية في دولة فرنسا وإسبانيا وسويسرا، خلال الجلسة إلى اشكاليات مستقبل الدراسات الإنسانية في الوطن العربي، وابتعادنا عن العلوم الإنسانية في ظل حاجة الوطن العربي إليها.

وتناول «الخطيب» أيضًا مأزق العلوم الإنسانية في الوطن العربي، وهو شيطنة هذه العلوم بسبب خوف السلطات السياسية والدينية بالإضافة إلى حالة الفهم غير الواضح لأهمية هذه العلوم في العالم العربي، مشيرًا إلى أن الخروج من هذا المأزق يتطلب ضرورة تحقيق الإصلاح التعليمي بجميع مراحله، كذلك إتاحة حرية الرأي والتعبير، ودعم البحث العلمي والأكاديمي في هذه العلوم، بالإضافة إلى توفير فرص عمل من خلال إنشاء المراكز البحثية المتخصصة في هذه العلوم

كانت مكتبة الإسكندرية قد شهدت الاسبوع الماضي افتتاح مؤتمر «الثقافة العربية استحقاقات مستقبل حائر»، والذي شارك فيه ما يزيد على 300 مثقف مصري وعربي.

افتتح المؤتمر كل من الدكتور واسيني الأعرج، الكاتب الجزائري والأستاذ في جامعتي الجزائر والسوربون، والدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور خالد عزب، رئيس قطاع المشروعات المركزية بمكتبة الإسكندرية، والدكتورة منى فياض، الكاتبة والأستاذة الجامعية.

وأعلن الدكتور إسماعيل سراج الدين في بداية المؤتمر عن ثلاث مبادرات جديدة ستبدأها مكتبة الإسكندرية لخدمة الثقافة العربية، وهي: مشروع «ذاكرة الوطن العربي» على غرار مشروع ذاكرة مصر المعاصرة الذي تنفذه مكتبة الإسكندرية، ومبادرة «ديوانية الشعر العربي» التي ستبدأ في يناير 2016، ومبادرات الشراكة مع المؤسسات الثقافية في الوطن العربي والتي تهدف إلى تضافر الجهود ضد القوى الظلامية وأفكار التطرف.

وقال الدكتور خالد عزب إن المؤتمر الذي يعقد لأول مرة يشهد مشاركة مجموعة كبيرة من المثقفين والمفكرين العرب من مختلف الدول العربية، كما يشارك خلاله عدد من المثقفين من موريتانيا لأول مرة في مكتبة الإسكندرية. وأعرب عن سعادته بحضور الدكتور واسيني الأعرج، مبينًا أنه من أوائل المثقفين الجزائريين الذين حرصوا على زيارة مصر في أعقاب مباراة كرة القدم بين منتخبي مصر والجزائر، وقدم يومها روحًا عربية وأدبية تتجاوز كل الخلافات.

وتحدث الدكتور واسيني الأعرج عما أطلق عليه «الوضع البائس» الذي تعيشه المجتمعات العربية، مبينًا أن الثقافة أصبحت جزئية ثانوية، وتدهورت القضية الثقافية في ظل التفكك العنيف للدولة العربية التي لا تتيح فرصة لبناء منظومة ثقافية جديدة وأكد أن مسألة «الانفصال» هي من القضايا المهمة التي يجب أن نتأملها حينما نتطرق إلى الثقافة العربية، فقد عانى المشروع الثقافي العربية من أزمات كثيرة وممارسات غير صحيحة، فالممارسات السابقة تحتاج إلى وقفة وإلا سنعيد إنتاج المعوقات السابقة.

ولفت إلى أن تلك الممارسات تعود بنا للقرون الوسطى والتيارات المتطرفة، مؤكدًا أن علاقة تلك التيارات بالثقافة علاقة متطرفة وتدميرية، وأن الثقافة هي المستهدف الأساسي من الحوادث الإرهابية حول العالم كالحادث الأخير في باريس.

وشدد على أن الدولة لا يمكن أن تقوم بدور الرقيب على الثقافة، بل يجب أن تكون مساهمة ومشاركة في العملية الثقافية، ومن هنا يأتي السؤال: كيف نجعل من الثقافة وسيلة للمواطنة؟

وأكد أن النقد يجب أن يكون جزءاً أساسياً في المشروع الثقافي العربي القادم، كما يجب أن نتخطى الرؤية التقديسية للأشياء وأن نتمكن من نقد ما أنتج سابقًا.

وأضاف: «يجب أن ننظر للمسألة الثقافية من بعدها المتعدد. هل العنصر الديني مازال فاعلاً؟ ماذا نريد من المجتمع؟ كيف نتمكن من خلق جيل مميز؟ وشدد في نهاية كلمته على أن المشروع الثقافي العربي يحتاج رؤية تعددية، رؤية واضحة من طرف الدولة المتبنية لمشروع المواطنة، وجهداً متكاتفاً من المثقفين.

من جانبها، تحدثت الدكتورة منى فياض عن مفهوم الثقافة، مشيرة إلى أنها تتفق مع التحليل الانثروبولوجي لمفهوم الثقافة، والذي يتضمن البعد الثقافي المخفي، فالثقافة تؤثر على وجودنا ونظرتنا للأشياء، وهي تعد وسيلة للرؤية والتأويل والنظر والتعامل مع العالم، وتحتوي على الأدوات والمواثيق والمعتقدات.

وأكدت أن الأفكار هي المحرك الأساسي لحياتنا، وهي التي تنظم المواثيق بجميع أنواعها. وأشارت إلى أننا في عالمنا العربي نحترم العلم دون الاهتمام بالمعرفة والخلفية التي أنتجت هذا العلم، كما أننا سمحنا بالغزو الثقافي الذي جعلنا نستخدم المنتجات الغربية دون معرفة كيفية انتاجها وشددت على أهمية الاهتمام بالتربية والمعرفة مثل الاهتمام بالعلم، فهؤلاء الذين يقومون بتنفيذ أعمال إرهابية حصلوا على تعليم تقني عالي دون معرفة أسباب ابتكار التقنيات والحرية الفكرية التي سمحت لهذا الانتاج الفكري.

ولفتت إلى مجموعة من الجوانب التي يجب الاهتمام بها لمواجهة العوائق في مجتمعاتنا العربية: وأهمها الديمقراطية وتأمين الحريات ومكافحة الرقابة بكافة أشكالها، والإصلاح الديني على مستوى العالم العربي، والمشاركة السياسية، وإصلاح التربية والتعليم، وتحفيز الابتكار والعمل والإنجاز، وحماية حرية التعبير، ومواجهة النقص في إنتاج المعرفة، ومواجهة القصور على الصعيد التربوي، والاهتمام بالتربية المدنية، والعمل على تكوين رأي عام فاعل.

وألقى الدكتور إسماعيل سراج الدين كلمة حول إنجازات مكتبة الإسكندرية في العام الأخير، مبينًا أنها استقبلت عدداً أكبر من القراء والزوار من داخل وخارج مصر، حيث بلغ حوالي مليون زائر حتى الآن، كما وصل عدد الفعاليات المقامة سنويًا إلى 1100 حدث، وبلغ عدد الكتب في المكتبة 2 مليون كتاب، كما أصدرت المكتبة 431 عنواناً جديداً منذ عام 2002.

وأكد أن المكتبة استطاعت أن تحقق تقدماً ملحوظاً في التواصل مع المدارس والجامعات، كما أنها تقيم العديد من الأنشطة التي تدعم الحوار وتروج لقيم السلام والتسامح. ولفت إلى أن المكتبة استطاعت أيضًا أن تواكب تغير أنماط الاتصال والقراءة، حيث تتيح محتويات مواقعها الإلكترونية على الأجهزة المحمولة. 

وتحدث عن الدور الذي أخذته مكتبة الإسكندرية على عاتقها بالتعاون مع المثقفين والمفكرين المصريين والعرب، لمكافحة التطرف والإرهاب، حيث قام المثقفون والمفكرون بتشكيل تحالف لمواجهة التطرف، بدأ بمؤتمر «نحو استراتيجية عربية لمكافحة الارهاب والتطرف» الذي أقيم بمكتبة الإسكندرية في بداية هذا العام.

وأكد أن المكتبة تقوم بعدد كبير من المشروعات التي تحارب التطرف الفكري، ومن أهمها مشروع «إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامي الحديث»، والذي يهدف إلى إحياء التراث الإسلامي الحديث، والمحافظة عليه، والمساهمة في نقله للأجيال المتعاقبة، وتقديم نماذج ورؤى حضارية تسهم في خروج أمتنا من حالة التراجع التي تعيشها، والتأكيد على أهمية التعاون فيما ينفع البشرية، من خلال طرح الآراء المستنيرة للمفكرين والإصلاحيين من أبناء العالم العربي والإسلامي»..

وجاء ضمن جلسات المؤتمر جلسة التراث العربي المهدد. ترأس الجلسة الدكتور اسماعيل الفحيل، الخبير الدولي في التراث اللامادي بدولة السودان، والذي أبدى تفاؤله بالمستقبل وانه يأمل توحيد جهودنا نحو رؤية واضحة وبرامج عمل واضحه لمستقبل أفضل، وتقدم بالشكر للدكتور اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية لهذه الدعوة الكريمة.

وتم خلال اللقاء تبادل الآراء حول الثقافة وبالتحديد التراث العربي المهدد والمستقبل الحائر، بالتركيز علي التراث المادي والتراث المعنوي الذي ينمي عند الأفراد والجماعات الانتماء.

بدأ الدكتور محمد الجمل، أستاذ الحضارة والآثار بجامعة الإسكندرية بطرح موضوع التراث الاثري المندثر في سوريا، وقال إن سوريا هي مهد للعديد من الحضارات مثل الآرامية والكنعانية وغيرها وبها أهم المباني في مدينة دمشق وحماه وحلب والبصرة وتدمر والتي تنطق بتاريخ وحضارة عظيمة ويأتي هنا السؤال من المسئول عما يحدث في سوريا؟ وقال إن هناك ثلاث جهات مسؤوله وهم: النظام الحاكم ،الدولة الإسلامية «داعش» والعالم هو الشريك الثالث لتلك الاحداث.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل