المحتوى الرئيسى

لماذا يتزايد العنف ضد المبتعثين السعوديين في الخارج؟ - ساسة بوست

11/30 21:05

منذ 13 دقيقة، 30 نوفمبر,2015

القتل، السرقة، الاختفاء، الاعتداء، تلك الأحداث المأسوية أصبحت تخص المبتعثين السعوديين للدراسة في الخارج، ووصل الأمر إلى حد اعتبار العام 2014 الأكثر بشاعة ومأسوية في هذا الصعيد بسبب كثرة وقوع مثل تلك الجرائم فيه.

تقع العديد من الحوادث بحق المبتعثين السعوديين، ليس آخرها ما حدث قبل يومين عندما تعرضت مبتعثة سعودية بمدينة هاكنساك الأمريكية للطعن بعد أن تحرش بها لفظيًا شخصان، ونزعا حجابها ووصفاها بالإرهاب. هذه الحوادث تثير المخاوف حول مصير المبتعثين اليوم، وذلك رغم محاولات الحكومة السعودية بالتأكيد على أن الأمر مجرد حالات وليست ظاهرة.

(1) بداية.. ما هو برنامج الابتعاث السعودي للدراسة في الخارج؟

بهدف بناء كوادر محترفة تخدم سوق العمل السعودي، انطلق برنامج الابتعاث للدراسة في الخارج في السعودية عام1347 هـ، أي في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.

اليوم هناك مائتا ألف طالب وطالبة سعوديين مبتعثين للدراسة في دول العالم، بهدف دعم الجامعات السعودية، والقطاعين الحكومي والخاص، وتزويدها بالكفاءات المتميزة، ومن أبرز الدول التي يُبتعث إليها السعوديون الولايات المتحدة وبريطانيا، إذ يُرسل إليهما أغلب الطلبة السعوديين، ويوجد في بريطانيا وحدها أكثر من13 ألف طالب وطالبة، كما يتوزع المبتعثون السعوديون على إيطاليا، ألمانيا، كندا، أيرلندا، فرنسا، إسبانيا، تركيا، وكوريا الجنوبية، الولايات المتحدة، جمهورية الصين الشعبية، اليابان.

ويشتمل برنامج الابتعاث السعودي على التعليم الجامعي (البكالوريوس) والعالي (الماجستير والدكتوراه)، ورغم أن أغلب المبتعثين يدرسون الهندسة بمجالاتها المختلفة، إلا أنهم موزعون أيضًا على تخصصات عملية أخرى مثل الطب بتخصصاته، والصيدلة، والتمريض، وأيضًا تخصصات كالحاسب الآلي والقانون، والمحاسبة، والتجارة الإلكترونية، وذلك كي يشكلوا في المحصلة التخصصات التي يحتاجها سوق العمل السعودي.

(2) ما هي الأسباب التي تقف وراء العنف ضد المبتعثين السعوديين في الخارج؟

شهد العامان الماضيان حوادث بحق المبتعثين السعوديين وصفت بأنها “الأكثر مأسوية”، إذ حملت وسائل الإعلام السعودية بشكل مستمر أخبارًا عن عمليات الخطف والقتل والدهس والاختفاء، وعن الأسباب التي تقف وراء تلك الجرائم يمكن ذكر ما يلي:

“إن أحد الخطوط الرئيسة في التحقيق في الجريمة هو أن الفتاة كانت ترتدي العباءة والحجاب”، هكذا عقب محرر الحوادث بصحيفة “التايمز” البريطانية “شون أونيل” على مقتل السعودية المبتعثة في بريطانيا، ناهد المانع.

فرغم تعدد الأسباب التي تقف وراء قتل السعوديين في الخارج، وقعت بعض هذه الجرائم بدافع التمييز العنصري والكره للمسلمين، قُتلت المانع طعنًا أثناء ذهابها إلى جامعة في كولشستر، وذكرت صحيفة “التايمز” في 19 يونيو 2014، أنها “استهدفت بسبب ارتدائها الزي الإسلامي التقليدي”.

يقول الملحق الثقافي السعودي في النمسا، الدكتور علي صقر؛ أن “المبتعثين السعوديين يواجهون مشكلة التمييز العنصري في جامعات ست دول أوروبية هي النمسا والمجر والتشيك وسلوفاكيا ورومانيا وسلوفينيا، والتمييز العنصري يأتي ضمن ست صعوبات على الأقل تواجه 600 مبتعث سعودي يدرسون في جامعات تلك الدول”.

أما أستاذ قسم العلوم السياسية بجامعة الملك عبد العزيز، أحمد البرصان؛ فيوضح “يوجد توجه عنصري داخل الولايات المتحدة الأمريكية والإعلام الغربي والعالمي تجاه الإسلام، فهناك فوبيا وخاصة ربطهم العرب بالإسلام، وبالتأكيد يوجد عنصرية ضد المسلمين”.

أحد المبتعثين الذين قتلوا، تسبب إعلانه عن بيع سيارته بقتله وسرقة سيارته، وقتل آخر عندما أطلق عليه لصان النار من أجل سرقته وهو يتسلم مبلغًا ماليًّا عن طريق الصراف الآلي.

السعوديون في الخارج لا يخفون ثراءهم، بل يتفاخرون بحياة الرفاهية في كل تحركاتهم، فحتى إذا اضطر أحدهم بسبب ضعف منحة الإعاشة التي تُدفع له بالعيش في حي فقير، فهو عرضة للسرقة من قبل فقراء هذا الحي المنحرفين أحيانًا.

لذلك كان الدافع وراء الكثير من الجرائم التي ارتكبت بحق المبتعثين السعوديين “السرقة”. حسام إبراهيم، مبتعث سابق درس في جامعة “ليدز”، يرى أن “المبالغة في الملبس واعتياد ارتداء المقتنيات الثمينة بشكل ملحوظ في المكان غير المناسب أو في بلد يكثر فيها الفقراء يجعل من المبتعث محطًا للأنظار وهدفًا لكل مجرم أو لِص”، ويضيف “المبتعث بمجرد وضع قدميه في دولة الابتعاث يصبح جزءًا من مجتمع الدولة، فيكون عرضة لما قد يتعرض له أي من المواطنين من جرائم قتل أو سرقة وغيرها، ويزداد تعرضه لذلك بازدياد نسبة الجريمة في المدينة التي يقطنها”.

ويحمل المختصون المسئولون السعوديون مسئولية متابعة القنصليات والسفارات للطلاب السعوديين، ويقول الأكاديمي السعودي الدكتور حمد القميزي “للأسف لا توجد متابعة كافية من القنصليات أو الملاحق التعليمية في السفارات، فهي لا تتابع أين يسكن الطالب ولا كيف يقضي حياته خارج الجامعة، ولهذا يجد الطالب السعودي نفسه وحيدًا ويضطر للتعامل مع كل شيء بنفسه وقد يقع في خطر دون أن يدري”.

صورة سلبية تنتشر إلى حد ما عن المبتعثين السعوديين، إذ ينظر إلى البعض منهم أنهم ينصهرون في بوتقة المجتمع الغربي، فيأخذون بالتردد على الملاهي والبارات، ويتعاطون

المخدرات ويشربون الخمور، وفعلًا وقعت بعض الجرائم بسبب الانحراف.

تحدث أحد الدعاة السعوديين في لقاء تلفزيوني أن “70 إلى 80% من المبتعثين السعوديين في بريطانيا يتعاطون الخمر”، أما المشرف على قناة “فور شباب” الداعية علي العمري فيقول “بعض المناطق التي يقيم فيها مبتعثون تؤثر عليهم سلبًا من الناحية الأخلاقية، وضياع القيم والمبادئ بنسبة تصل إلى 90% من أعداد الطلاب الذين ينحرفون بأشكال مختلفة، فمنهم من يشرب الخمر، ومنهم من يلحد والعياذ بالله، وفي النقيض توجد مناطق مضيئة من الشباب السعودي إلى أعلى درجة من درجات الإضاءة من الحفاظ على قيمهم وأخلاقهم وسمتهم وعاداتهم”.

ورغم أن الحكومة السعودية تؤكد خضوع المبتعثين إلى برنامج توعوي حول جوانب دينية وتعليمية وأخلاقية، إلا أن مساعد مدير إدارة شؤون الابتعاث المكلف بوزارة التعليم سابقا، عبد العزيز آل عبد اللطيف؛ يؤكد أن “السلوك السيء لبعض المبتعثين مثل الشرب والمخدرات والمخالفات المرورية والمخالفات في الفيزا والمضاربات، كل ذلك يتسبب أحيانا في حدوث مشاكل”، ونفت الحكومة السعودية عزمها إخضاع الطلبة لبرنامج فحص وكشف “إدمان المخدرات، وشرب الكحوليات”، لمواجهة ما يُشاع حول الانحراف الأخلاقي أو السلوكي للمبتعثين، لكنها قالت أن الأمر يبقى اقتراحًا مطروحًا.

هل أصبح المبتعثون هدفًا للتجنيد من قبل تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»؟

كان المبتعث السعودي، مشعل صالح السحيمي؛ يدرس اللغة الإنجليزية في أحد معاهد “سيدني” الأسترالية. اختفى السحيمي في سبتمبر الماضي، وبعدما استغرقت رحلة البحث عنه بضعة أيام اكتشف أنه انضم لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ونشرت مجلة يصدرها التنظيم إلكترونيًا صورًا للسحيمي وهو تحت رايتها.

لم يكن السحيمي أول المبتعثين السعوديين الذين اختفوا ثم ظهروا في دولة تحت سيطرة “داعش”، ويؤكد مبتعثون سعوديون أن “هناك استهدافًا منظمًا يقوم به تنظيم “داعش” للطلبة المبتعثين، من خلال إغراقهم بالرسائل الإلكترونية والمطبوعات والإصدارات التي يصدرها”.

ويشير عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود سابقًا، يوسف العصيمي؛ إلى “أن إصدار “داعش” مطبوعات أمرٌ يتعلق بالتنظيم الإرهابي نفسه، إلا أننا يجب أن نتنبه لحماية أبنائنا المبتعثين في الخارج، من خلال إطلاق خطة لتحصينهم، تزامنًا مع ما قام به طلبة سعوديون، في الانضمام إلى تلك التنظيمات التي لا تمت للإسلام بصلة”.

وتابع العصيمي “إن الإعلام لا يزال المؤثر الأول على فكر الشباب وتشكيل توجهاتهم. وقال هذا الأمر يرفع من حمى الخوف على مبتعثينا في الخارج، والمسافرين إلى تلك الدول، فلا يمكن تتبع أحوال الناس ومعرفة كل ما يقومون به وما يستهويهم من أماكن للتنزه أو التثقيف لقراءة ما يمكن قراءته، إلا أن الحذر واجب”.

ومن أبرز أحداث العنف التي وقعت ضد المبتعثين السعوديين:

في مدينة “جولد كوست” بأستراليا، قضى المبتعث السعودي سلطان العمري – 30 عامًا – بضعة سنوات في دراسته، وتوقف عن كل شيء في نوفمبر 2012، إذ اختفى العمري عن أصدقائه وجامعته وبيته.

وبقي اختفاء العمري لغزًا حتى عثر عليه بغابة قرب مدينة أوستن الأسترالية. كانت جثته متفحمة، إذ لم يُكتف بقتل العمري، بل أحرقت جثته، وأشعلت النيرات بالمنطقة التي أخفيت فيها الجثة بهدف إخفاء معالم الجريمة كما قالت الشرطة الأسترالية.

وتشير مصادر إعلامية أن العمري قتل على أيدي إحدى العصابات الإجرامية بأستراليا، وتحديدًا عصابة مخدرات.

بعد بضعة شهور من انتقاله إلى ولاية كانساس للدراسة في جامعة ويتشيتا، قتل المبتعث ريان إبراهيم (23 عامًا) بالقرب من جامعته.

فبينما كان ريان يمارس حياته الطبيعية في الابتعاث، ذهب لاستلام حوالة مالية شهرية عند أبراج فيرمونت القريبة من حرم الجامعة، ومباشرة بعد سحب المبلغ المالي من الصراف الآلي، هاجمه شخصان وسرقا نقوده ثم أطلقا النار عليه، فأصيب بأربع رصاصات إصابة خطيرة، ثم فارق الحياة متأثرًا بجراحه.

وقد اعتقلت السلطات الأميركية كلا من إيساياه كوبريدج (23 عامًا) والفتاة إيبوني (19 عامًا) ووجهت لهما تهمة القتل العمد.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل