المحتوى الرئيسى

المثلث المعادي لروسيا... عمى "أحجام" وأضغاث أحلام

11/28 11:01

في ظل التدهور الدراماتيكي الذي تشهده العلاقات بين موسكو وأنقرة بسبب إسقاط الطائرة الحربية الروسية من قبل سلاح الجو التركي يلوح في الأفق احتمال تشكيل تحالف تركي أوكراني ضد موسكو.

وتدل مؤشرات عديدة إلى أن السلطات الأوكرانية الحالية تسعى إلى الاستفادة من التطورات الأخيرة، حيث بدأت كييف بتوجيه رسائل واضحة لأنقرة مفادها أن الطرفين بإمكانهما التوحد في مواجهة عدو مشترك يمثله "الدب الروسي".

الرسالة الأوكرانية الأولى لأنقرة وجهها في 24 وفمبر/تشرين الثاني الرئيس السابق وسكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني حاليا ألكسندر تورتشينوف، الذي "ألهمته" تصرفات أنقرة المتعلقة بمسألة إسقاط قاذفة "سو24" من قبل المقاتلات التركية، إلى دعوة العسكريين الأوكرانيين إلى أن يحذوا حذو نظرائهم الأتراك، أي إلى إسقاط طائرات القوات الجوية الفضائية الروسية في حال انتهكت الأخيرة المجال الجوي الأوكراني.

من جانبه، تقدم غينادي بالاشوف، مستشار الرئيس الأوكراني ورجل الأعمال، باقتراح منح لقب بطل أوكرانيا للطيارين الأتراك الذين أسقطوا الطائرة الروسية، وبغض النظر عن أن قبول أنقرة هذه "الهدية" يعد أمرا شبه مستحيل، فمن الممكن أن تؤدي مثل هذه الخطوات إلى تقارب إيديولوجي ملموس بين حكومتي أردوغان وبوروشينكو.  

أما نقطة انطلاق لتحقيق هذا التوجه على مستوى عملي، فتتمثل بتصريحات دينيس غوراك، نائب مدير شركة "أوكروبورونبروم" الأوكرانية والخاصة بإنتاج المعدات العسكرية، الذي أعلن في مؤتمر "Turkey Defence Week 2015" العسكري الدولي الخميس 26 نوفمبر/تشرين الثاني أن بلاده تعتزم تنمية الصناعة البحرية في التعاون مع شركاء كييف الأتراك "من أجل تعزيز الأمن والقدرات الدفاعية في مياه البحر الأسود"، مشيرا إلى أن هذا الاتجاه سيشكل أحد أهم الجوانب للتعاون بين البلدين.

وشدد غراك أيضا على أن كييف تعول على تقديم الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، التي شارك ممثلون عنها في هذا المؤتمر، مساعدات لتطوير قدرات أوكرانيا العسكرية، بما في ذلك بالدرجة الأولى تزويد جيش البلاد بأحدث المعدات العسكرية.

وفي هذا السياق، تستطيع تركيا التي يقوم شركاؤها الغربيين، ولا سيما الولايات المتحدة، يتوريد كميات ضخمة من المعدات العسكرية لجيشها، الاستجابة على طموحات كييف.

تجدر الإشارة إلى أن هذه المخططات جاءت بعد إبرام كييف وأنقرة في وقت سابق من العام الجاري عددا من الاتفاقات الخاصة بالمشاريع المشتركة في مجالات الفضاء وإنتاج الطيران وصناعة المدرعات، الأمر الذي يشكل أساسا قانونيا رسميا للتعاون العسكري بين البلدين.

من جهة أخرى، يشير بعض المراقبين إلى أن كييف قادرة بدورها على تعويض الواردات الغذائية الروسية إلى تركيا في حال علقت موسكو العلاقات الثنائية في هذا القطاع.  

أما المجال الثالث، وهو ربما الأكثر أهمية، لتعزيز التعاون بين كييف وأنقرة فيتمثل بقضية شبه جزيرة القرم، حيث كانت تركيا تسعى دائما على مدى تاريخ علاقاتها مع روسيا إلى تقويض مواقف الأخيرة هناك عن طريق دعم التتار المعارضين للسلطات الروسية.

وبعد عودة القرم للدولة الروسية امتنعت أنقرة عن الإدلاء بتصريحات قاطعة حول هذه المسألة، إلا أن هذا الأمر لا يعني على الإطلاق أن حكومة أردوغان استسلمت للواقع الجديد، حيث عززت تركيا دعمها سياسيا وماليا لمجلس شعب تتار القرم المعارض لروسيا.

وفي إطار هذا النهج أجرى الرئيس التركي قي شهر أغسطس/آب للعام الجاري في العاصمة أنقرة ما يسمى بـ "المؤتمر العالمي لتتار القرم".

وعلى خلفية التطورات الأخيرة التي طالت العلاقات الروسية التركية من المتوقع أن يقدم أردوغان، سعيا لاستعادة النفوذ الذي كانت الإمبراطورية العثمانية قد تتمتع به في القرم، مزيدا من الدعم لنظيره الأوكراني فيما يخص بزعزعة استقرار الأوضاع في شبه الجزيرة.   

من الواضح بالتالي أن التقارب بين كييف وأنقرة من أجل مواجهة الكرملين يعد أمرا لا مفر منه في حال مواصلة التصعيد للعلاقات الروسية التركية، إلا أن التحالف الجديد المضاد لروسيا، على ما يبدو، لن يقتصر على لاعبَين بل وسيضم على اللأرجح بشكل أو بآخر طرفا ثالثا وهو تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي، الذي يقوم بدور حالف غير معترف به لتركيا في السياسات التي تمترسها الأخيرة في الشرق الأوسط.

التوجه الأوكراني نحو تعزيز العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية مع تركيا ضد موسكو يشير إلى استعداد كييف للانغماس في التعاون مع "الدواعش" لمكافحة روسيا التي تعتبرها السلطات الأوكرانية الحالية عدوا رقم واحد لها.  

وأعرب المسؤولون الأوكرانيون عن موقفهم هذا من خلال التصريحات والتصرفات، حيث دعا سابقا، على سبيل المثال، مستشار وزير الداخلية الأوكراني أنتون غيرلشينكو في رسالة نشرها على صفحته في "الفيسبوك" إلى نشر صور العسكريين الروس الذين يشاركون في عملية القوات الجوية الفضائية الروسية بسوريا، وذلك من أجل تمكين مقاتلي المجموعات المتطرفة من الانتقام منهم نتيجة للضربات الروسية على مواقع مسلحي التنظيمات الإرهابية.

وجدير بالذكر أيضا أن وسائل الإعلام قد نشرت مؤخرا معلومات عن شراء شبكة مجهولة من المتطرفين منظومات "كولتشوغا" للدفاع الجوي في أوكرانيا والتي تم نقلها لاحقا إلى مقاتلي "الدولة الإسلامية" في سوريا.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل