المحتوى الرئيسى

دمشق ليست القاسم الوحيد بين طهران وموسكو

11/27 15:00

لا شك أن الملف السوري كان محور محادثات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المرشد الإيراني علي خامنئي على هامش قمة منتدى الدول المصدرة للغاز في الأسبوع الماضي, إلا أن زيارة بوتين إلى طهران بعد مرور ثماني سنوات تقريبا حملت ثقلا جيوقتصاديًا كبيرا بتمحورها حول ملفي الطاقة والنقل.

وتأتي الاتفاقيات السبع التي وقع عليها الطرفان تتويجا لسلسلة اللقاءات التي عقدها مسؤولو البلدين خلال الأشهر الماضية.

وتستهدف موسكو وطهران زيادة حجم التبادل التجاري بينهما بعد رفع نظام العقوبات. فحتى الآن لا يرقى حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى إستراتيجية علاقاتهما سياسيا، مقارنة بحجم التبادل التجاري بينهما وبين الصين.

السكك الحديدية والصادرات غير النفطية

ووفقا لهيئة الجمارك الإيرانية, كانت روسيا في عام 2010 الشريك التجاري التاسع عشر لإيران، وبلغ عجز الميزان التجاري الإيراني 836 مليون دولار.

ثم أصبحت موسكو في عام 2012 الشريك الحادي عشر، بتصدير إيران سلعا بقيمة 500 مليون دولار تقريبا واستيرادها سلعا من روسيا بقيمة أكثر من 1.7 مليار دولار، ليبلغ عجز الميزان التجاري 1.2 مليار دولار.

أما في عام 2014 فقد تقدم ترتيب روسيا في قائمة شركاء إيران التجاريين إلى المركز الثامن عشر (بفارق مركز واحد مقارنة بعام 2010).

وفي العام الماضي، صدرت طهران سلعا إلى موسكو بقيمة 285 مليون دولار في مقابل واردات بقيمة 685 مليون دولار. ولكن بالرغم من انخفاض حجم التبادل التجاري إلى مستوى عام 2010 تقريبا، فإن الميزان التجاري قد تحسن في العام الماضي بالنسبة للجانب الإيراني بتراجع العجز إلى النصف، حيث وصل إلى 400 مليون دولار.

وكان رجب حسنوف, رئيس مجلس الأعمال الإيراني الروسي, قد صرح في أواخر يناير/كانون الثاني من العام الجاري، بأن حجم التبادل التجاري بين الطرفين يمكن أن يصل إلى 2-2.5 مليار دولار في عام 2015. وقال وزير الطاقة الروسي ألكساندر نوفاك في الاجتماع الحادي عشر للجنة التعاون الاقتصادي المشترك بين إيران وروسيا التي عقدت في بداية شهر سبتمبر/أيلول من العام الجاري، إن حجم التبادل التجاري يجب أن يصل إلى 10 مليارات دولار سنويا.

وفيما يتعلق بالاستثمارات, فقد اتفق الطرفان سابقا على حزمة من المشروعات الاستثمارية التي تبلغ قيمتها 35-40 مليار دولار.

ليس بعيدا عن ملف التبادل التجاري بين البلدين, تترك الصراعات الجيوسياسية في المنطقة خيارات أقل في يد إيران عندما يتعلق الأمر بتصدير غازها الطبيعي, وهو ما يدفعها نحو المزيد من التعاون والتنسيق مع موسكو.

ونقلا عن وكالة أنباء تسنيم الإيرانية، قال بيجن زنغنه وزير النفط الإيراني في مؤتمر صحفي على هامش قمة منتدى الدول المصدرة للغاز، إن بلاده تدرس خيارات أخرى لتصدير غازها إلى أوروبا غير خيار تصدير الغاز من خلال تركيا التي تفرض تسعيرة نقل مرتفعة.

ويشير زنغنه إلى أن بلاده ستقوم بتصدير غازها إلى أوروبا في صورة غاز مسال. لكن لعدم امتلاك إيران منشآت جاهزة لتسييل غازها في الوقت الحالي، فإنها تتفاوض مع عُمان لاستخدام منشآت التسييل الخاصة بها في ظل بقاء 23% من سعتها غير مستخدمة.

وتأتي أهمية تعزيز التعاون الإيراني مع روسيا حول ملف الطاقة عموما وتصدير الغاز الطبيعي المسال خصوصا، في سياق احتمال تنافس البلدين على ذات الأسواق في أوروبا وشرق آسيا مستقبلا، في الوقت الذي تحافظ فيه موسكو على حصة ضعيفة من سوق الغاز الشرق آسيوية من جهة، وتتآكل فيه حصتها الأوروبية بفعل عوامل جيوسياسية.

وبسبب انخفاض سعر النفط, تعطل مشروعان لتسييل الغاز في شرق روسيا (فلادفوستوك وسخالين) مع انتظار ثالث (نوفاتك يامال) لعقود التمويل النهائية. لكن في المقابل, صرح الرئيس فلاديمير بوتين يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني في القمة بأن بلاده تستهدف الاستحواذ على 13% من حصة الغاز المسال العالمية.

ويفرض إقليم جنوب القوقاز أيضا ذاته على أجندة التنسيق والتعاون بين طهران وموسكو. حيث يشير مدير المركز الأذربيجاني لدراسات النفط, إلهام شعبان, إلى رغبة القيادة الجورجية في استيراد غاز من روسيا وإيران للوفاء باحتياجات تبليسي الداخلية عام 2016.

لكن هناك مخاوف سياسية تبديها بعض الأطراف من استيراد الغاز من شركة غازبروم الروسية. يُشار إلى أن وزير الطاقة الجورجي, كاخا كلادزي, قد صرح في 7 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري بإمكانية استيراد تبليسي الغاز من إيران من خلال شبكات الخطوط الأذرية أو الأرمينية. غير أن خبراء -وفقا لشعبان- يرون صعوبة نقل الغاز الإيراني إلى جورجيا لسيطرة موسكو فعليا على شبكات خطوط الغاز الأرمينية, على الأقل.

أما أرمينيا, حليفة روسيا, فتستحوذ على أهمية اقتصادية بالنسبة لطهران نظرا لكونها إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي المتاخمة لها حدوديا. إذ تسعى الإدارة الإيرانية حاليا إلى تطوير علاقاتها الاقتصادية مع يريفان وخاصة في مجال الطاقة.

ووفقا للتقارير, نتج عن زيارة إسحاق جهانجيري, نائب الرئيس الإيراني, في أكتوبر/تشرين الأول, إحياء مشروع خط كهرباء يعمل بجهد عال يربط بين إيران وأرمينيا وجورجيا، فضلا عن خط ثالث يربط بين إيران وأرمينيا.

لكن توسيع إيران أطر تعاونها الاقتصادي والطاقي مع دول إقليم جنوب القوقاز يحتاج إلى تنسيق بينها وبين موسكو، ليس فقط لاعتبار الأخيرة الإقليم ضمن مجالها الحيوي ولكن ومع فرض الغرب عقوبات على موسكو وتراجع حصصها من تصدير الغاز تدريجيا في أوروبا, تزداد حاجة الإدارة الروسية إلى توسيع حصصها السوقية في مناطق أخرى كجنوب القوقاز.

وأخيرا, ستشكل اتفاقيات تبادل المواد النفطية الجانب الأهم من العلاقات الاقتصادية بين البلدين على المدى القصير، نظرا لعدم حاجتها إلى بنى تحتية غير موجودة كخطوط غاز.

وقبل أن توقف طهران هذا النوع من الصفقات في عام 2010 نظرا لعدم ربحيتها في ذلك الحين, كان الجانب الإيراني يتلقى مواد نفطية في موانئه الشمالية في بحر قزوين من أذربيجان وتركمانستان وكزاخستان للاستهلاك في الأقاليم الشمالية، مقابل توريد مواد نفطية لصالح هذه الدول من خلال موانئ إيران الواقعة في الخليج.

السكك الحديدية والصادرات غير النفطية

تمثل مشاريع الربط بين إيران وروسيا من خلال شبكة من الخطوط الحديدية والطرق، أحد الأبعاد الجيوقتصادية المحورية في تنمية التبادل التجاري بين البلدين على المدى البعيد. ففي ديسمبر/كانون الأول 2014, تم افتتاح خط قطار يربط بين إيران وتركمانستان وكزاخستان كجزء من مشروع ممر الشمال الجنوب الذي يهدف إلى ربط روسيا ودول آسيا الوسطى بالموانئ الإيرانية في الخليج. ووفقا للتقديرات، تبلغ سعة النقل المبدئية للخط 3-5 ملايين طن متري من البضائع، لترتفع على المديين المتوسط والبعيد إلى 10-12 مليون طن.

وتقدم إيران -وفقا لحسين عاشوري- نائب رئيس الهيئة الإيرانية للسكك الحديدية, تخفيضات تصل إلى 35% لدول آسيا الوسطى التي تنقل بضائعها إلى ميناء بندر عباس من خلال شبكة سككها الحديدية.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل