المحتوى الرئيسى

ظاهرة العنوسة بالمملكة: متى يمر القطار؟

11/26 12:27

تحولت ظاهرة العنوسة إلى كابوس يطارد الفتيات السعوديات ويؤرق حياتهن، وتتحطم عندها أحلامهن في عش الزوجية، لاسيما مع تنامي هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة، في وقت كشف فيه دراسة حديثة عن وجود 4 ملايين فتاة سعودية عانس العام الجاري مقارنة بنحو 1.5 مليون عانس في العام 2010.

عزت دراسة أجراها عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، الدكتور علي الزهراني، تزايد ظاهرة العنوسة، بالمملكة إلى استقلالية الفتاة واكتفائها بعملها والحالة الاجتماعية ومستوى التعليم، وعزوف الفتيات عن الزواج، بسبب الوظائف المتدنية للشباب ومسمياتها، وعدم قبولهن بمن هو أقل منهن في المستوى التعليمي والدراسي، في الوقت الذي تحمل فيه الفتاة شهادة جامعية أو دكتوراه أو أكاديمية وتشغل وظيفة ما.

على الرغم من أنه ليس هناك سن محددة متفق عليها للعنوسة، إلا أن وزارة الشؤون الاجتماعية السعودية، ترى أن العنوسة في المملكة تقاس حالياً بتجاوز الفتيات سن الثلاثين عاما .

ويقول خبراء وأساتذة علم الاجتماع إن ثقافة المجتمع والرأي الذي يتفق عليه المجتمع هو المحدد لذلك، وهذا الرأي قد يتغير مع مرور السنين، مشيرين إلى أن سن الزواج المفضل لدى الفتيات في فترة من الفترات كان يتراوح بين 16 و 17 عاماً، إلا أن مثل هذه السن لم تعد مناسبة حالياً لدى الناس، معتبرين أن السن المناسبة لزواج الفتاة ما بين الـ25 والـ30 عاماً، وإذا تجاوزت سن الثلاثين فإنه يمكن القول إنها دخلت في مرحلة العنوسة.

يصف الدكتور عبدالرزاق الزهراني أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود، رئيس الجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية سابقاً، الأرقام التي أعلنت أخيراً عن العنوسة في المملكة بأنها مؤشر على تعقد متطلبات الحياة، وصعوبة توفير الاحتياجات الأساسية لتكوين الأسرة مثل المهر والسكن والأثاث، والمصروفات اليومية. وربما يكون لحالات الفشل في تأسيس الأسرة المتكررة في محيط الشباب والشابات دور في الإحجام عن الزواج، والفتيات معظمهن يؤخرن الزواج إلى فترة ما بعد إنهاء الدراسة، وبعضهن تؤخره إلى ما بعد الحصول على وظيفة، وكثير منهن يمر بهن الوقت سريعاً، ويتقدم بهن العمر، ويفوتهن  قطار الزواج، فتبدأ تصرخ مثل تلك الدكتورة التي صرخت قبل عقدين من الزمن «خذوا الدكتوراه وأعطوني طفلاً»، لأن غريزة الأمومة استيقظت فيها بقوة في مرحلة متأخرة بعد أن فاتها قطار الزواج.

وقال الزهراني إن «غريزة الأمومة من أقوى الغرائز لدى كل أنثى، وهي عند بعض العلماء أقوى من غريزة الجنس، وأقوى من غريزة حب البقاء، ألا ترون الدجاجة تتحول إلى حدأة والقطة تتحول إلى لبؤة للدفاع عن صغارها».

وعن أهم أسباب العنوسة في المملكة، قال الزهراني إن هناك أسباباً كثيرة لعل من أهمها وأبرزها «رغبة الفتيات في مواصلة الدراسة، وصعوبة توفير المال لتأسيس بيت الزوجية من قبل الشباب، لكثرة البطالة بينهم  وضعف دخل نسبة كبيرة من الموظفين منهم، وغلاء المهور وارتفاع تكاليف إقامة حفل الزواج، ورغبة بعض الآباء في الاستفادة من رواتب بناتهم،  والإصرار على تزويج البنت الكبرى قبل أخواتها الأصغر عمراً، غلى الرغم من أن تلك الفتاة ربما تكون أقل قسطا من الجمال والمؤهلات مقارنة بأخواتها».

ووضع الزهراني 4 حلول لمشكلة العنوسة، أولها إقناع الفتيات أن وظائف المرأة الرئيسة في الحياة تتمثل في 3 حسب الترتيب هي: الأمومة، والعناية بالأسرة، وخدمة المجتمع خارج المنزل، مشيراً إلى معظم الفتيات يقفزن للوظيفة الثالثة ويتجاوزن الوظيفتين الرئيسيتين السابقتين، ويشعرن بالندم بعد فوات الأوان، فالأمومة هي الطريق الوحيد لحفظ النوع وتكاثر البشر، وتعاقب الأجيال. والعناية بالأسرة تعتبر من أجل وأعظم الخدمات التي تقدمها المرأة للمجتمع، فالمرأة التي تربي عدداً من الأولاد، وتقدمهم صالحين للمجتمع، تعتبر من أعظم النساء، ولهذا قال الشاعر حافظ إبراهيم رحمه الله: الأم مدرسة إذا أعددتها..   أعددت شعباً طيب الأعراق.

وأضاف: «علينا دائماً أن نغرس في نفوس الناشئة شابات وشباباً قيم الإسلام وتعاليمه الرفيعة القائمة على البساطة، وأن وظيفة الإنسان الأولى هي عبادة الله، وتأتي بعدها وظيفة عمارة الأرض، ومن أبرز تعاليم الإسلام في هذا الجانب تبسيط أمور الزواج، فقد قال صلى الله عليه وسلم لمن لم يجد مهراً «التمس ولو خاتماً من حديد» وزوج شخصاً بتعليم زوجه الفاتحة، وقال «أكثركن بركة أقلكن مهرا» وقال «تناكحوا تكاثروا، فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة». كما قال «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء»، وكلها تعليمات تحث على تبسيط المهر، والمبادرة إلى الزواج، وتخفيف التكاليف.

ولم يغفل الزهراني أهمية إبراز القدوة كحل للحد من العنوسة، وقال إن هناك أناس يعتبرون قدوة في هذا الجانب يجب إبرازهم والثناء على أفعالهم، فمنهم من دفع المهر أو معظمه لابنته، ومنهم من أعطى الزوج زوجته بعد حفل قران مبسط، ومنهم من نادى الشاب الذي رأى فيه الخير والرشد، وقدم له ابنته هديه بمهر متواضع وبسيط.

وطالب الزهراني الآباء بأن يساعدوا أبناءهم وبناتهم في هذا الجانب قدر الإمكان لتحصينهم، وإكمال نصف دينهم كما يقال، منتقداً العادات والتقاليد والتنافس في المظاهر لما لذلك من دور في تزايد ظاهرة العنوسة، وقال إن البعض يزيد  الطلبات على المتقدم لابنتهم بحجة أنها ليست ناقصة عن غيرها، ويظنون أنه كلما زادت التكاليف زادت قيمتها، وهذا غير صحيح، فهو يرهق الزوج ويكبله بالديون، وقد ينعكس ذلك على علاقته بزوجته فيقسوا عليها، لأنها في نظره سبب الضيق الذي يعيش فيه».

وعن إمكانية حصر مصطلح عانس بالمرأة فقط، خصوصاً أن تأخر سن الزواج هي ظاهرة عامة للرجل والمرأة، قال إن كلمة «عانس» لا تطلق إلا على المرأة، أما الشاب فيطلق عليه تعبير «متأخر في الزواج» وحتى كلمة عانس يتغير مفهومها، كما يتغير السن الذي تطلق عليه،  من جيل إلى جيل».

وتطرق أستاذ علم الاجتماع إلى التحولات الاجتماعية والثقافية في المجتمع السعودي، وتبدل اهتمامات المرأة نفسها، وتأثيرها في تفشي العنوسة، وقال إن هذه التحولات زادت من مستوى العنوسة في المجتمع، ولو طبقنا ما يأمر به الإسلام، لكان مجال المرأة هو الشؤون الداخلية للأسرة، ومجال الرجل هو الشؤون الخارجية وطلب الرزق، والنفقة واجب من واجبات الرجل، وفي مقابل ذلك جعل القوامة له، والرجل لا يتعرض لتغيرات عضوية مثل المرأة فهي تحيض، وتحمل، وتمر بفترة النفاس، وهناك فروق بيولوجية كثيرة تقتضي فروقاً في الدور في الحياة، وهناك نساء غربيات كثيرات يقلن لو نجد الرجل الذي يدفع جميع الفواتير لارتبطنا به وتفرغنا للأسرة فهي جنة أفرادها وخاصة المرأة.

ونبه إلى مخاطر العنوسة على الأسرة والمجتمع السعودي، حيث أن تفشي العنوسة يقلل من الخصوبة عند المرأة، وقد يغري بالانحراف، وفيها هدر للطاقات البشرية المتجددة للمجتمع.

إقرار بالمشكلة.. وتشكيك في الأرقام

رغم أن أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الملك سعود الدكتور سعود الضحيان، أقر بارتفاع نسبة العنوسة وتناميها في المجتمع السعودي، إلا أنه شكك في الأرقام المعلنة بوجود 4 ملايين امرأة عانس في المملكة، وقال إنه يجب الوقوف عندها، وعلى الدراسة التي أجريت في هذا الصدد لمعرفة آلية إجراء الدراسة والعينة المختارة وهل هي ممثلة للمجتمع السعودي كله، وكيفية اختيار العينة.

وتحدث الضحيان عن الأسباب التي تؤدي إلى العنوسة في المجتمع السعودي وقال إنها كثيرة وفي مقدمتها تغير النمط الأسري في المجتمع من أسرة تعيش في منزل واحد مسؤول عنها الأب، إلى أسرة تعيش في منازل متفرقة، ويتحمل كل شاب المسؤولية عن منزله، في وقت نجد الكثير من الشباب حالياً ليس لديهم الإمكانيات المادية لتكوين أسرة، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، والبذخ في الإسراف.

ومن الأسباب التي تؤدي إلى النوسة، أن الأسر لا تعي إمكانيات الفرد المحدودة، فتكلفه ما لا يطيق، ولاسيما مع ارتفاع سقف المطالب المعيشية والحياتية نتيجة الغلاء وتغلغل الفكر الاستهلاكي المتوحش إلى الحد الذي صعبت معه الحياة، ما يؤدي إلى تخوف الشباب من الإقبال على الزواج، خوفاً من وقوع الكثير من المشكلات التي قد يؤدي تكرارها إلى الكراهية ومن ثم الطلاق.

وأضاف أن شروط أهل الفتاة في كثير من الأسر تكون عقبة أساسية أمام الزواج، فهي شروط لا تأخذ في الاعتبار الأوضاع الاقتصادية للشباب، لا سيما وأنهم في بداية حياتهم، مشيراً إلى الشباب يبحثون حاليا عن زوجة موظفة تعينهم على الحياة وهو ما يؤخر سن الزواج، ويزيد نسبة العنوسة.

وانتقد الضحيان العادات المصاحبة للزواج في السعودية، والتي تدفع الكثير من الشباب إلى عدم التفكير في الزواج وما يترتب على ذلك في زيادة العنوسة، ومنها غلاء المهور وتكاليف الزواج المرتفعة من صالات أفراح ومجوهرات وأثاث وملابس وغيره، التي هي محل تفاخر وتباه بين الأسر السعودية، حيث يقوم بعض أولياء الأمور بتحميل الخاطب فوق طاقته حتى صار الزواج عند بعض الشباب من الأمور المستحيلة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع نسب البطالة، وغلاء المسكن، وقد بلغ المهر في بعض المناطق السعودية مستوى باهظاً ليس في قدرة الكثيرين إلا عن طريق الديون التي تثقل كاهل الزوج، متسائلاً: ما الفائدة التي سيجنيها العروسان من إنفاق مبالغ خيالية على الأفراح؟.

ووضع أستاذ علم الاجتماع ما اعتبره «وصفة» للحد من استفحال العنوسة في السعودية، في مقدمتها الاعتراف بوجود مشكلة العنوسة والعمل على حلها، حيث أنه بدون الاعتراف بتلك المشكلة فإنها ستبقى وتتفاقم مع مرور الوقت.

ورأى أن هناك محاولات تتم على استحياء لحل المشكلة، ونحن بحاجة إلى تدخل سيادي من ولي الأمر لمعالجة المشكلة، وأولها دعم الدولة للشباب، وتقديم الإغراءات لدفع الشباب إلى الزواج كما في الإمارات مثلاً، ومنها  المنحة التي يُقدمها صندوق الزواج وتُقدر بنحو 70 ألف درهم.

وبين أن علاج المشكلة يتطلب توفير السكن، وأن تكون هناك أولوية في الحصول على السكن والوظائف للشباب الذين يستعدون للزواج، وتقديم مكافآت مالية لهم، وتشجيع الزواج الجماعي حيث تتحمل الدولة التكاليف، موضحاً أن الزواج الجماعي موجود في بعض المناطق، ولكننا بحاجة إلى جعله ثقافة عامة في المجتمع، لتقليل تكلفة الزواج التي باتت باهظة في مجتمعنا.

ودعا إلى تجاوز المظاهر السلبية المتعلقة بالشروط التي يفرضها الناس على أنفسهم في طريق الزواج، وتجنب الأفكار المادية والتقييم المادي لكل مقدم على الزواج، وعدم المبالغة في تكاليف العرس، مشدداً على أهمية يكون علماء والأمراء ورجال الأعمال قدوة في عدم الإسراف في تكاليف الزواج والمهور.

وحول المبادرة التي طرحها أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل لتخفيف أعباء الزواج على الشباب، حيث وجه محافظي منطقة مكة المكرمة بعقد لقاء مع شيوخ القبائل لإعداد وثيقة تعالج ارتفاع المهور والحد من الإسراف في مناسبات الزواج، وتحديد مهر العروس البكر بـ 50 ألف ريال، و30 ألفاً للثيب، كأحد الحلول للحد من العنوس، رأى الضحيان أنها مبادرة صعبة التنفيذ، لأن الثقافات في المملكة العربية السعودية مختلفة ومن الصعب تطبيقها.

أما الدكتور عبدالرزاق الزهراني، فرأى أن تحديد المهور أمر مطبق منذ أكثر من 3 عقود في بعض محافظات منطقة الباحة (جنوب غرب شبه الجزيرة العربية) وكان ولا يزال له دور كبير في تسهيل الزواج على الشباب، وأضيف إليه مؤخراً الزواج الجماعي الذي يخفف التكاليف إلى أبعد الحدود، ولكنه لم ينتشر كثيراً، وأتوقع مع الصعوبات الاقتصادية، وتزايد الوعي لدى الناس أن يزيد انتشاره في المستقبل، وقبل 6 عقود تقريباً كان المتزوجون يتواعدون على إقامة الزواج في ليلة واحدة، وأذكر أنه في الثمانينات الهجرية تمت إقامة 27 عرساً مصغراً في قرية الأطاولة التي أصبحت اليوم مدينة وعاصمة لمحافظة القرى في منطقة الباحة.

وأيدت الناشطة الحقوقية فاطمة الأنصاري تحديد المهور، وأكدت أهمية وضع فئات مالية ثابتة للمهور من أجل القضاء على عنوسة 4 ملايين فتاة في المملكة.

وقالت إنه تم استراتيجية عمل بالتعاون مع عدد من الجهات المجتمعية للقضاء على المغالاة في المهور في المملكة، والتي تعتبر أحد أهم أسباب عدم إقبال الشباب علا الزواج وتزايد العنوسة التي أصبحت ظاهرة اجتماعية خطيرة.

وقالت إن الاستراتيجية تتضمن وضع فئات ثابتة للمهور نتطلع إلى أن تلقى دعماً من جميع الجهات ذات الصلة لتطبيقها، وقد وجدنا تجاوباً من الجمعيات الخيرية والكثيرين مع هذه الإستراتيجية، ونأمل أن تؤدي إلى إحداث تغيير على أرض الواقع.

اتفقت الدكتورة زينب أحمد السعيد الأستاذ بكلية التربية في جامعة سلمان بن عبدالعزيز، مع الزهراني والضحيان في تنامي مشكلة العنوسة، التي أصبحت في غاية الأهمية والخطورة، وحددت في بحث بعنوان «أسباب العنوسة وعلاجها في الشريعة الإسلامية في المجتمع المسلم»، 12 سبباً تقود إلى العنوسة، أولها تعليم المرأة، حيث أن بعض الفتيات تؤجل الزواج لتكمل دراستها العليا من الماجستير والدكتوراه فأحجم الشباب عن الفتاة المتعلمة خوفاً من تعاليها ورفضت هي الاقتران بمن هو أقل منها، وثانيها هو المغالاة في المهور والتكاليف المصاحبة للزواج.

وقالت السعيد إن ثالث أسباب العنوسة هو الزواج من الأجنبيات، بسبب غلاء المهور في المملكة وارتفاع تكاليف الزواج، فيلجأ الشباب الى الزواج من أجنبيات لان مهرهن أقل.

وانتقدت السعيد العادات والتقاليد العصبية القبلية الخاطئة ومنها أن البنت لابد أن تتزوج ابن عمها، وإصرار الأب أو الأم على ألا تتزوج الفتاة الصغيرة قبل الكبيرة، أو أن ابنتهما ما زالت صغيره على الزواج ولم تكمل بعد تعليمها الجامعة، معتبرة أن حصر الزواج في الأطر القبلية والجهوية فيه ظلم كبير للمرأة والرجل معاً، ويجب أن لا تكون أولوية القرابة عائقاً للزواج بين القبائل المختلفة في البلاد.

ومثلت شروط أهل العروسة والإصرار على مواصفات بعينها حول حفل الزفاف ومكان انعقاده عائقاً أساسياً أمام الزواج، وهي شروط لا تراعي الأوضاع الاقتصادية للشباب، مما يدفع الشباب بدوره إلى الهروب من الزواج وتكاليفه التي لا يطيقها، ولا تدفع معهم عجلة الحياة.

ومن أسباب انتشار العنوسة - حسب السعيد - الظروف الاقتصادية وأهمها البطالة السائدة حالياً بين فئات الشباب الذين هم في سن قابل للزواج، وانحراف الشباب، وعدم التزام الكثير من الفتيات، حيث تأثرت العديد منهن بالقيم الغربية الوافدة، مثل عدم التزامهن في ملابسهن ومجاراة الغرب في سلوكهن والاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة والعمل والأسواق، وانتشار ظاهرة ما يسمى بالصداقة بين الجنسين.

وتتضمن أسباب العنوسة سوء سمعة الأسرة، وعضل الأولياء، حيث يمنع الولي المرأة من التزوج بالكفء إذا رغب كل منهما في الآخر، وبعض أولياء الأمور يمنعون بناتهم من الزواج طمعاً في مهور خيالية يحصلون عليها من الزوج المرتقب، أو حتى لا تنقطع المكاسب المادية التي يجنونها من وراء وظيفة ابنتهم، إضافة إلى المبالغة في صفات الزوج، حيث ترفض بعض الفتيات الزواج لأنهن يردن مواصفات خيالية للزوج وهذا مخالف للشرع، ورفض الزوج المعدد، ووجود بدائل غير مشروعة، مثل الزواج العرفي وزياد إقبال الشباب على الإنترنت، وهي طرق بديلة وخاطئة لجأ إليها كثير من الشباب للتخفيف من الشعور بالأزمة والرغبة في الارتباط بالجنس الآخر.

وحذرت السعيد من عواقب العنوسة على الفرد والمجتمع، وأولها معاناة المرأة العانس من الوحدة والاكتئاب وتعرضها للأمراض والهواجس النفسية فتقضي النهار في هم وقلق، والليل في حزن وأرق، وحياتها كلها انتظار لمن ينتشلها من هذا العذاب، وانتشار الفاحشة، وسوء الظن بأسرة العانس، وكثرة أولاد الزنا، وانتشار ظاهرة الانتحار.  

وحول كيفية علاج ظاهرة العنوسة، أكدت السعيد أهمية التربية الإيمانية للأجيال من الفتيان والفتيات، وتكثيف القيم الأخلاقية في المجتمع، لا سيما في البيت والأسرة، وتيسير الزواج بعدم المغالاة في المهور، وتزويج الأكفاء، وترسيخ المعايير الشرعية لاختيار الزوجين، وترك العادات والتقاليد الدخيلة التي لا تتناسب مع قيم ديننا الحنيف، وتعدد الزوجات فهو أمر شرعه الله لصالح المجتمع، وأن على المرأة أن تقبل أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة باعتبار ذلك خير من العنوسة.

وعن دور المؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية للحد من تنامي العنوسة، طالبت السعيد هذه المؤسسات والجمعيات بأن تجند طاقاتها وجهودها لمواجهة تفشي هذه الظاهرة، وإعادة الاعتبار إلى شكل الزواج بوصفه رباطا أسريا وذلك من خلال، تنظيم الندوات والمحاضرات الدورية للتوعية بالمفهوم الإسلامي للزواج ولمحاربة شتي العادات والتقاليد التي عفا عليها الزمن، وإقامة الأسواق الخيرية المختلفة التي تساهم في توفير متطلبات بيت الزوجية بأسعار معقولة وبهامش ربح بسيط، أو تقديم المساعدات المالية والقروض الحسنة لراغبي الزواج، وأن يسعى المسئولون الى تشجيع الشباب على الزواج من أهل بلدهم.

مفتي السعودية: العنوسة نذير شر

 وصف الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء، تزايد  العنوسة في السعودية بأنه «نذير شر وبلاء ومصيبة» محذراً من أن التقارير التي تتحدث عن هذه الظاهرة سواء كانت دقيقة أو مبالغاً فيها، تدق ناقوس الخطر ولابد من إيجاد حلول لها.

كما حذر من أن حصول العنوسة في النساء وزهد الشباب عن الزواج يولد مشكلة خطيرة، لأن من لا يتزوج سيبحث عن إرضاء الغريزة بالطرق غير الشرعية، وهو يتسبب في جميع المشكلات»، مشيراً إلى أن مشكلة العنوسة موجودة وواقعية ولكننا لم نقدم الحلول لها، ولم نسع لإيجاد حلول لها، محملاً المسؤولية على الجميع كل حسب نطاق ولايته، وتضافر الجهود المجتمعية لحلها.

وقال آل الشيخ على موقعه الرسمي على الإنترنت في حديثه عن العنوسة «هناك العديد من المغريات والملهيات والمثيرات التي تجذب الشباب وتشغلهم وتحاول جرهم إلى الشهوات المحرمة» مؤكداً أن الزواج يحمي المجتمع من الآثار المدمرة التي قد تترتب على الإعراض عن الزواج من الشباب والفتيات.»

وتحدث عن أسباب العنوسة في المجتمع قائلاً: «من وسائل العنوسة امتناع بعض الفتيات عن الزواج بدعوى إكمال مراحل التعليم كلها، حتى المراحل العليا، وهذا تصور خاطئ، فالزواج لن يكون حائلاً بينها وبين إكمال تعليمها العالي بل قد يكون في الزواج عون لها على ذلك».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل