المحتوى الرئيسى

الاقتصادي المصري نجيب ساويرس "محاصر" في كوريا الشمالية

11/24 12:24

إذا أردت يوما أن تذهب إلى كوريا الشمالية، فعليك أن تلتزم بما يفرضه نظامها الحاكم الشمولي المنغلق من تحريم كل ما يقترب من الحريات، وتوقع ردود فعل الحاكم الموصوف بـ"الديكتاتور الصغير" كيم جونج أون، رئيس هذه البلاد.

تعبير الحصار اختارته إحدى أبرز الصحف الأمريكية لتوصيف وضع ساويرس. هذه الشهرة التي اكتسبها نظام "كوريا الشمالية" لم تنبه الملياردير المصري نجيب ساويرس، فيحذر من مخاطر اللعب مع الديكتاتور، بضخه أكثر من 500 مليون دولار، في شبه الجزيرة الكورية، وفي قطاعين إستراتيجيين مرتبطين بالأمن القومي الكوري.

"نجيب" أوسط أبناء الأب أنسي ساويرس، مؤسس مجموعة شركات "أوراسكوم" والمعروفة بـ"الأوراسكومات"، اختار عبر شركته مصرية المنشأ، وإحدى أثقل الشركات المدرجة في البورصة المصرية وزنا، ألا وهي "أوراسكوم للاتصالات"، المشاركة في قطاع الاتصالات في تلك الدولة التي تلفظ كل ما هو خارج حدود سلطتها.

"كوريو لينك" هو اسم المولود المهجن بين أموال المليارير المصري والحكومة الكورية، التي باتت الآن، وبعد مرور 7 سنوات، على إنشاء هذا الكيان المشغل لشبكة الهاتف المحمول في كوريا الشمالية، وكأنها ترغب في الطلاق بعد أن اكتسبت خبرات إدارة هذا القطاع الاستراتيجي.

الحكومة الكورية بدات في التضييق على "ساويرس" منذ أيام قليلة، عبر رفضها تحويله حصة أوراسكوم للاتصالات في أرباحها من "كوريو لينك" التي بلغت تكلفة إنشاءها نحو 400 مليون دولار، بحسب موقع الهيئة العامة للاستعلامات.

ومن المعلن أن "ساويرس" يمتلك حصة مسيطرة في "كوريو لينك" للاتصالات، تصل إلى 75%، بالإضافة إلى مشروعات أخرى في البلد ذاتها، منها شراكة في مصنع "سانج وون" للأسمنت، بقيمة 115 مليون دولار، فضلا عن المساهمة في فندق "ريو كيونج".

ووفقا لتوقعات مصادر وثيقة الصلة بشركة "أوراسكوم للاتصالات"، فإن تكهنات قيادات الشركة في مصر، ذهبت إلى استشعار الخطر من الحكومة الكورية، في تطلعات الدولة لفرض سيطرتها على الشركة، بعد أن شربت أسرار إدارة القطاع، وكيفية تكرار التجربة بمفردها، دون مستثمر أجنبي.

واستعانت المصادر، في تصريحات خاصة لـ"مصر العربية"، بحدث لم يطرأ على أذهان المحللين والمراقبين للموقف، إذ شهد شهر مارس الماضي، إعلان وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عن زيارة وفد كوري، برئاسة سين هونج تشول، نائب وزير خارجية كوريا الشمالية، للقرية الذكية، للاستفادة من التجربة المصرية في إنشاء وإدارة القرى الذكية، بجانب التركيز على مجالات تنمية صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أبرزها البرمجيات.

امتدت الزيارة إلى عدد من الشركات الموجودة بالقرية مثل شركة "أكسيد" لخدمات التعهيد، ومركز توثيق الترات الحضارى والطبيعي، لتكتمل منظومة التعلم عن قرب، بكيفية إدارة هذا القطاع الاستراتيجي. ما يطرح تساؤلا عن احتمال وجود دور لأحد أجهزة الدولة المصرية في العصف بمصالح رجل الأعمال المصري، ومنح كوريا الشمالية ضوءا أخضر لمهاجمة استثماراته.

وبعد مرور ما يقرب من 8 أشهر، بدأت "كوريو لينك" تلمع في عيون الحكومة الكورية، إذ نضج المولود، وصار عملاقا محليا، يغطي أكثر من 3 ملايين مواطن، وأصبح الاقتصاد الكوري يعتمد في جزء كبير منه على "شبكة ساويرس"، ما أثار شكوكا لدى هذه الدولة الرافضة لإمكانية تحول القطاع للعبة سياسية فيما بعد.

كوريا الشمالية هي الشطر الشمالي، من شبه الجزيرة الكورية، تبلغ مساحتها 120 ألف كيلو متر مربع، وعدد سكانها وفق آخر إحصاء 25 مليون مواطن، ويبلغ ناتجها الإجمالى 45 مليار دولار، ومتوسط دخل الفرد 2500 دولار شهريا.

لم تستقر آثار أزمة "كوريو لينك"، داخل حدود شبه الجزيرة الكورية، بل امتد ليطال صغار وكبار المستثمرين بالبورصة المصرية، ليهبط السهم بنسبة 2.9%، ثم 6% في تداولات الإثنين الموافق 23 نوفمبر، رغم نفي "ساويرس" على الفضائيات وفي بيان رسمي، أنباء تأميم الحكومة الكورية لحصة أوراسكوم في "كوريو لينك".

وطلبت الهيئة العامة للرقابة المالية، التي تراقب على البورصة المصرية، من شركة "أوراسكوم للاتصالات"، أن تكون أكثر إفصاحا وشفافية، عن أمتها في كوريا.

لكن "الواشنطن بوست"، الصحيفة الأمريكية الشهيرة، والتي كشفت عن الأزمة، ذكرت أن "ساويرس" محاصر هناك، وترفض حكومة كوريا الشمالية تحويل أموالها، إلا بعملتها المحلية المعروفة بـ "وون"، والغير متداولة دوليا.

وتصر الحكومة الكورية، المفروض عليها عقوبات دولية، على تحويل أرباح الشركة من الـ"وون" إلى الدولار باسعار السوق السوداء لديها، والتي تشهد فارقا كبيرا بين السعرين الرسمي والموازي، إذ يعادل كل  100 وون 1 دولار أمريكي، وهذا ما يمثل خسارة كبيرة قدرتها مصادر وثيقة الصلة بـ"أوراسكوم للاتصالات" بنحو 400 مليون دولار.

وتعد "كوريو لينك" هي المشغل الأول لخدمات المحمول في كوريا الشمالية، وتحديداً في شهر ديسمبر 2008، إذ وقع 6 آلاف مشترك عقودا لخدمة الهوتف المحمول، رغم اشتراط موافقة الحكومة على حصول أي مواطن على هذه الخدمة.

وما أشبه اليوم بالبارحة، إذ تعرض نفس الملياردير المصري، لواقعة مشابهة، مع الحكومة الجزائرية، ونزاع حول شركة "جيزي"، المشغل للهاتف المحمول في الجزائر، قال على إثرها، العام الماضي 2014، إنه لن يقوم بضخ استثمارات جديدة في الجزائر مرة أخرى، وذلك بسبب هذه الأزمة.

وأضاف ساويرس، خلال مداخلة على إحدى الفضائيات المصرية،: "جرحي لم يندمل"، واصفا ما حدث في الجزائر بأنه قضاء على حلمه، موضحاً أن حلمه كان يتمثل في بناء شركة اتصالات عربية، تكون من أكبر 10 شركات اتصالات في العالم.

وتابع: "بالفعل وصلت شركتي في الاتصالات إلى قائمة أكبر شركات العالم، ولكن الحكومة الجزائرية، كسرت كل القوانين"، مشيرا إلى أنهم قضوا على الاستثمارات الخاصة به في الجزائر".

إلا أن ساويرس وجد عزاء القضاء على استثماراته بالجزائر في شركة الاتصالات الإيطالية، حيث قال ساويرس إنه قام بشراء شركة "تيليكوم إيطاليا"، وهي كانت المشغل الثالث في إيطاليا، بالإضافة إلى تحقيقها خسائر كل عام، ونسبتها في السوق صغيرة.

وأضاف أن قيمة تلك الخسائر كانت تمثل من 60 إلى 70% من قيمة رأس المال للشركة، واصفاً شراءه للشركة بأنها كانت أكبر صفقة في تاريخ أوروبا. ولفت ساويرس إلى أن هذه الصفقة كانت وراء انتشار نظرة عنصرية حياله فحواها: من يكون ذلك العربي الذي يشتري شركة خسرانة ويعمل على تشغيلها مرة أخري؟

لفت ساويرس إلى أن الصحف الإيطالية شنت حملة قوية ضده، وقامت بنشر رسوم كاريكاتير فيها شيئاً من العنصرية تجاهه، مصورة إياه في صورة الراكب على الجمال ومعه حقيبة أموال.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل