المحتوى الرئيسى

هالة لمين تقرصن «فايسبوك» سمانتا س.

11/20 03:15

يختلف معرض التشكيلية التونسية هالة لمين (1984) «الحياة غير السرّية لسمانتا س.»، عن غيره من المعارض. يتعدّى كونه معرضاً يجمع تشكيلة لوحات، إلى فضاء لطرح إشكاليات مركزية عن تحوّلات شبكات التواصل الاجتماعي، وتعامل الأفراد مع المضامين والمعطيات المادية التي تتيحها تلك الشبكات.

انطلق المعرض قبل أيّام في «غاليري عمّار فرحات/ عائشة غورجي» (سيدي بو سعيد ـ تونس)، ويستمرّ حتّى 3 كانون الأوّل المقبل. تترّكز إشكالية المعرض حول مادته نفسها. إنّها لوحات تستوحي ثيماتها أو تجسيداتها من المعطيات الشخصية لصفحة مستخدمة أميركية على «فايسبوك» اسمها سمانتا س. انتقت لمين صفحة سمانتا بشكل عشوائيّ، لتبني عليها مشروعها. نتحدث، هنا، عن مادة هائلة مجموعة طوال أربعة وثلاثين شهراً، بين ربيع 2014 وآب 2015 وتشتمل على منشورات ومعلومات شخصّيّة وتحديدات مواقع جغرافية، وأكثر من 333 صورة.

تشرح هالة مشروعها لسمانتا س.، في رسالة موجزة ومفاجئة عبر «فايسبوك»، بعثتها قبل أسابيع. تخبرها أنّ الهدف الرئيسي من المعرض هو الحديث عن التداول الحرّ للمعطيات الشخصيّة المتاحة على الشبكة، والهويّات الافتراضيّة لمستخدمي الموقع. تخبرها أنّ اختيار صفحتها عشوائي طبعاً، وأن الأمر بالطبع ليس مزحة مريضة، بل إنه مشروع فني جادّ. وتقترح عليها التواصل عبر سكايب لمزيد من نقاش، مؤكّدةً لها أنّها لن تكشف اسمها الكامل لأحد. وقالت لمين لموقع «هافنغتون بوست مغرب» إنّها تواصلت مع سمانتا عبر سكايب. كما أنشأت صفحة على «فايسبوك» لشخصيّة وهميّة تدعى «سامنتا س.»، نشرت عبرها اللوحات المستوحاة من الشخصيّة الحقيقيّة.

في العمق، يكون سؤال الخصوصيّة وحقّ التعامل مع معطيات هي في الأصل ملك صاحبها الحصريّ، هو السؤال الأول والبديهي الذي يطرحه نشاط هالة لمين. هل نتحدثّ، في هذا الحيّز، إذن، عن « قرصنة فنّية»؟ تجسّس؟ تصرف «لا قانوني» بأملاك الغير؟ أو انّ المتاح على الشبكة، تحت خانة العمومية، هو مشاع «للتدوال الابداعي الحرّ» فنا ورسماً وسوى ذلك؟

بالنظر إلى آخر إحصائيات «فايسبوك» فإنّ 350 مليون صورة تتوزع يوميّاً على الشبكة. هذا الرقم الضخم يجعل مسألة التعامل مع مجمل ما ينشر عبر الموقع بالغة التعقيد، لناحية تحديد قواعد وآليات حقوقية تلزم المستخدمين في مختلف أنحاء العالم. قوانين ما زالت في طور التجريد، تؤطر هذا المجال الحديث، وهو في الأصل مساحة مبتكرة لتجاوز أشكال الترسيمات المعيقة لإمكانيات الإبداع والخلق.

من البديهي القول إن الخصوصية منتهكة، في هذا الحيز العشوائيّ؛ وأن يُفاجَأ المرء بيومياته مطروحة على العموم في سياق إجباري من النقد الفنيّ، في بلد آخر، أو ضمن أي إطار مختلف، هو أمر مزعج ومربك في آن. على أن إشكالية هذا التجاوز، تحيلنا إلى إشكالية شكل الخصوصية الفردية بتفصيلاتها وآفاقها السوسيولوجية، في حقبة تكاد شبكات الإعلام الجديد فيها تكون نسيجاً أساسياً من الأنسجة التي تشكّل وترسّم ميول الفرد ونظرته إلى الآخر. ذلك فضلا عن سؤال أيّ آخر؟ زد على ذلك أن هذه الميديا تكاد أيضاً تصير، حياة موازية للفرد، من شأنها أن تحجب أنماطا سائدة من عيشه الواقعي الحيثيّ.

لطالما كانت هالة لمين، على حد قولها، مهجوسة بالنظر إلى هذه الشبكة باعتبارها صوراً وتفصيلات شخصية، كتابة وتعبيراً، تعكس حيوات موازية. الفكرة، على جدّتها ليست الأولى للرسامة. في العام 2011، أنتجت كتابا يشتمل على صور مجموعة من أصدقائها، نشرت على «فايسبوك».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل