المحتوى الرئيسى

عقب 30 عاما .. أمريكا تفرج عن بولادر جاسوس إسرائيل "البطل"

11/20 08:42

تفرج السلطات الأمريكية، اليوم الجمعة، عن الجاسوس الإسرائيلي "جوناثان بولارد" بعد 30 عاما من اعتقاله على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح إسرائيل، في وقت يدور جدل في شأن إمكان تخلي بولارد عن جنسيته الأمريكية للانتقال للعيش في إسرائيل.

وبولارد، الذي فاوض على مصيره أكثر من خمسة رؤساء حكومات إسرائيلية وأربعة رؤساء أمريكيين منذ عام 1985، يخرج اليوم "بإطلاق سراح مشروط" يحظر عليه استخدام الانترنت ويمنعه من مغادرة الولايات المتحدة لمدة 5 سنوات، ما لم يسمح الرئيس

باراك أوباما له بمغادرة البلاد. ورجحت تقارير إعلامية أن يكون تم تجهيز وظيفة وسكن لبولارد في منطقة نيويورك.

وفي المقابل طلب وكلاء بولارد من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، السماح له بالقدوم إلى اسرائيل فور الإفراج عنه مقابل تنازله عن الجنسية الأمريكية.

ومن جانبها قالت زوجة "بولارد"  في تصريحات لها أمس" ننتظر بفارغ الصبر الإفراج عن زوجي، ما نحتاجه اليوم هو اقفال حقب الحزن التي مررنا بها".

لكن وفقاً لأقاربه، يود الجاسوس السابق الإقامة في إسرائيل مع إستير زيتز، اليهودية الكندية التي تزوجها في السجن. وطلب اثنان من أعضاء الكونغرس من وزيرة العدل لوريتا لينش إعادة النظر في قرار حظر مغادرة الجاسوس الأراضي الأميركية. وأوضح النائبان اليهوديان عن ولاية نيويورك جيرالد نادلر وإليوت إنغل أن بولارد على استعداد للتخلي عن جنسيته الأميركية للسفر إلى إسرائيل.

ووفق جدول وزارة العدل، كان من المقرر الإفراج عن بولارد السبت، لكن الموعد تضارب مع العطلة الأسبوعية لدى اليهود، ما حتّم إطلاق سراحه الجمعة.

وسيخرج بولارد (61 سنة) اليوم من زنزانته في السجن الفيديرالي في بوتنر ولاية كارولينا الشمالية، حيث أمضى نحو ثلاثة عقود ، بسبب تدهور حالته الصحية، بعد خضوعه إلى عمليات جراحية خلال فترة سجنه في الكبد والمعدة.

وكان القضاء الأميركي حكم على المحلل السابق في البحرية الأميركية، وهو من مواليد تكساس وحصل على الجنسية الإسرائيلية عام 1995، بالسجن المؤبد عام 1987 بعد إدانته عام 1984 بتسريب آلاف الوثائق المصنفة "سرية للغاية" إلى إسرائيل في شأن أنشطة تجسس الولايات المتحدة على دول عربية خصوصاً.

وساعدت الوثائق التي نقلها بولارد إلى إسرائيل في تفجير مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس عام 1985، وكذلك في قتل الرجل الثاني في المنظمة خليل الوزير (أبو جهاد) في تونس عام 1988.

لكن بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإن التجسس أسفر عن أضرار كبيرة لمصالحها خلال الحرب الباردة. ووفقاً لبعض التقارير الإعلامية، فإن بولارد قد يكون سلّم دولاً أخرى غير إسرائيل معلومات حاسمة ربما انتهى بها المطاف للوقوع بأيدي الاتحاد السوفياتي في حينه.

خلف القضبان، أصبح بولارد رمزاً لليمين الإسرائيلي، إذ تبنى جزءٌ كبير من الإسرائيليين قضيته وتحول إلى "بطل" في إسرائيل، فاطلق اسمه على كنيس في حي سلوان في القدس الشرقية.

 وقال دانيال لوريا، رئيس جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية إن "شخصا يحاول مساعدة إسرائيل، ويعاني بسبب ذلك، هو مزيج بين البطل والشهيد".

وقال دبلوماسي إسرائيلي رفيع سابق لوكالة فرانس برس إنه في السنوات التي تلت الحكم عليه في عام 1987، كان موقف الحكومة الإسرائيلية النفي في حين أن الجمهور الإسرائيلي كان يشعر بالتناقض إلى حد كبير.

وأضاف أن الحكومة لم تعترف بأنه كان يعمل لصالحها، كما كان بولارد يحمل الجنسية الأمريكية فقط في ذلك الوقت، وكان من شان المطالبة باطلاق سراحه وضع اليهود الأمريكيين تحت المجهر. وتابع الدبلوماسي رافضا الكشف عن اسمه "كان الموقف الرسمي أن نفضل التغاضي عنه". وأوضح أنه لم يكن هناك أي ضغط جدي من الإسرائيليين للمطالبة بتغيير ذلك.

ومع ذلك، أبان التسعينات، بدأ بعض اليمينيين الإسرائيليين اعتبار بولارد بطلا قوميًا يهوديًا يدفع ثمنا باهظا ظلما. وبدأ بولارد يرتدي القلنسوة اليهودية في السجن، بحسب الدبلوماسي، ويقدم مطالب عامة عندما كانت تتاح له الفرص النادرة. وأكد المصدر "لقد تحدث من السجن دائما بنبرة قومية عن رغبته في مساعدة إسرائيل". بدورها، كانت استير التي تزوجها في السجن تدافع عنه علنا.

أما مارك شاو الذي وضع كتابا عن القضية، فيعتقد أن مثل هذه التصريحات عقدت الأمور بالنسبة لرؤساء الولايات المتحدة لكي يفرجوا عنه. وعندما رغب بيل كلينتون في ذلك، هدد رئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) بالاستقالة. وأضاف شاو "اطلقت استير بولارد النيران التي أبقت القضية في عناوين الصحف عندما كان من المحتمل أن تكون في الصفحات الخلفية ليتم التوصل إلى اتفاق".

وفي إسرائيل، أدى تعزيز موقف اليمين في عام 1995 إلى منح بولارد الجنسية الإسرائيلية. وقال الدبلوماسي "إنه البطل بالنسبة لليمين ووسط اليمين".

والجهود الأخرى التي تم بذلها للإفراج عنه لم تلجأ إلى تصويره بطلا، وتضمنت تجنيد إسرائيليين يساريين وحتى الساسة في الولايات المتحدة مثل هنري كيسنجر، في مقارعة أن حكم المؤبد كان ظالما.

كما فعلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الأمر نفسه، وحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحصول على اطلاق سراحه في محادثات السلام. وعندما قام أوباما بأول زيارة إلى إسرائيل كرئيس للبلاد عام 2013، وقع مئة ألف اسرائيلي عريضة تدعو لإطلاق سراح بولارد.

وزار بنيامين نتانياهو زار بولارد في زنزانته عام 2002، وحاولت حكومات إسرائيلية متعاقبة الإفراج عنه بعدما منحته إسرائيل الجنسية عام 1995. غير أن وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية (سي آي إيه) اعترضت في الماضي على الإفراج عنه، وهو ما لم يحصل في إدارات بيل كلينتون وجورج بوش، في حين هدد مدير "سي آي إيه" السابق جورج تينيت بالاستقالة في حال الإفراج عن بولارد، ودعا إلى عدم التسامح مع جريمة التجسس.

منذ اعتقاله في نوفمبر 1986 يسعى داعمو "بولارد" إلى إطلاق سراحه ، ورفض رؤساء الولايات المتحدة بعناد منح العفو أو تخفيف الحكم عن بولارد في حين تعتبر إسرائيل ان سجنه لفترة طويلة من جانب حليفها الاستراتيجي يبقى أمرًا غير مبرر. 

واستخدم بولادر كورقة في بعض المساومات المقترحة المتعلقة بإطلاق سراح سجناء فلسطينيين أو مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية لوقف الاستيطان، كما عرض وزير الخارجية جون كيري العام الماضي، غير أن البيت الأبيض أوقف هذا الطلب، وجرى استمهال الإفراج عنه بعد الاتفاق الإيراني.

إلا أن توقيت إطلاقه والتسريبات التي سبقته توحي بأن الخطوة تأتي في سياق إرضاء إسرائيل بعد الاتفاق النووي الإيراني، ومساعي إصلاح العلاقات من خلال زيادة المساعدات العسكرية الأميركية إلى خمسة بلايين دولار سنوياً، والتي مهد لها لقاء الرئيس باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الأسبوع الماضي. كما تعطي هذه الخطوة الرئيس الأميركي ونواب الحزب الديموقراطي دفعاً قبل انتخابات عام 2016، بما هي انعكاس لقوة العلاقة الأميركية - الإسرائيلية وطي صفحة السجال في شأن الاتفاق النووي.

وخلال اعوام كان السجين بيدقا في بعض المساومات المقترحة المتعلقة باطلاق سراح السجناء الفلسطينيين أو مفاوضات السلام "الاسرائيلية" الفلسطينية ، ففي ربيع العام المنصرم كانت هناك مساعي باطلاق سراح  بولارد في غمرة في التحركات التي يبذلها وزير الخارجية الامريكي جون كيري لانقاذ عملية السلام المتعثرة، فقد وصفت الصحف العالمية بولارد العامل الرئيسي لإنجاح خطة السلام.

 وكانت الصفقة التي جرى بحثها تتضمن العناصر التالية: اطلاق سراح جوناثان بولارد قبل عطلة عيد الفصح وتمديد المفاوضات مع الفلسطينيين لعام 2015، لكنها باءت بالفشل بعد شن إسرائيل حرب عسكرية على قطاع غزة بعد شهرين من مساعي كيري التفاوضية.

واصطدمت الجهود الإسرائيلية المستمرة للافراج عنه دائما برفض واشنطن حتى ان رئيس وكالة المخابرات المركزية (سي اي ايه) السابق جورج تينيت هدد بتقديم استقالته في احد الايام.

وقال مايكل برينر، مدير مركز "إسرائيل" للدراسات في الجامعة الاميركية في واشنطن لفرانس برس "لقد اراد الرؤساء الاميركيون ان يتخذوا ذلك مثالا للقول انه لا يمكنهم التسامح تجاه تجسس تقوم به دولة صديقة".

وهناك اختلاف حيال المدى الحقيقي للاضرار التي تسبب بها بولارد للولايات المتحدة، بحسب راي الناس اذا كانوا في واشنطن او تل ابيب.

وقال افرايم انبار من مركز الدراسات الاستراتيجية بيجن السادات لفرانس برس "من الصعب تقييم الاضرار".

 ويبقى الغموض سائدا حول نوايا بولارد عندما سيفرج عنه، ويرفض وكيلاه اليوت لاور وجاك سميلمان الرد .  

ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية لم تعد الولايات المتحدة تلقي بالا للملف الفلسطيني الإسرائيلي وخير دليل تهميش باراك أوباما في خطابه لفلسطين،  لذلك تحاول الإدارة الأمريكية الابتعاد عن الملفات الساخنة التي من الممكن أن تبعثر أوراقها قبيل الفترة الانتخابية من أجل بقاء الحزب الديمقراطي الذي انتج أوباما مقبول لدى الشعب الأمريكي، كذلك يحاول أوباما إرضاء الحكومة الإسرائيلية بأي ثمن لأنه يعلم أن الإسرائيليين لهم نفوذ في المقاعد الأمريكية من الممكن أن يشكلوا على حزبه خطرا بالغا، فمن أجل ذلك الإدارة الأمريكية صامتة أمام الانتهاكات الإسرائيلية  في الأراضي الفلسطيني، كذلك دفعت ثمنا باهضا في سبيل إسكات إسرائيل عن الاتفاقية الأمريكية الإيرانية بشأن النووي التي عقدت في مدينة لوزان مؤخرا. كما يراه المراقبون.

وأجمع محللون ومتابعون مختصون بالشأن الإسرائيلي على أن الموافقة الأمريكية على إفراج الجاسوس الإسرائيلي، جاءت استكمالا للعروض الباهضة التي قدمتها أمريكا لإسرائيل في ضمان لجمها عن الملف الإيراني النووي.

في حين رأي البعض أن هذه  الموافقة  أتت لتحريك الملف الفلسطيني، خاصة بعد دخوله منذ مطلع أكتوبر الماضي في هبة جماهيرية سخنت المنطقة، لذلك تسعى الأدراة الأمريكية إرضاء نتنياهو  في سبيل توقفه عن الانتهاكات الإسرائيلية بحق مدن الضفة والقدس.

الدكتور عدنان أبو عامر المختص بشأن الإسرائيلي اختصر حديثه : "  هذا الافراج متفق عليه مسبقا، ولا  علاقة له بأي مساعي  لتحريك الملف الفلسطيني".

كذلك الحال للخبير الإسرائيلي محمد مصلح حين  استبعد ان تكون تلك التنازلات الأمريكية من أجل فلسطيني فقط جاءت لضمان إسكات إسرائيل عن الملف النووي، قائلا: " القضية الفلسطينية لم تعد في سلم أولويات أمريكا".

أما عليان الهندي المختص الإسرائيلي الثالث  يدعم حديث من سبقوه  قائلا : "  لا يوجد أي حسن نية أمريكية بشأن الفلسطيني، فسكوتها عن الإعدام الميداني وباقي الانتهاكات خير دليل".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل