المحتوى الرئيسى

مرجم: ممنوع الاقتراب! (الأجواء الإيرانية تحت حماية منظومة S-300 الروسية) - ساسة بوست

11/18 18:32

منذ 1 دقيقة، 18 نوفمبر,2015

أدركت إيران في وقت مبكر أنها ستصبح قوة إقليمية كبرى، وسعت لشغل موقع متفوق بين جيرانها في المنطقة، وخاصةً تركيا ومصر وإسرائيل من ناحية، وبين القوتين النوويتين الهند وباكستان من ناحية أخرى. وهذا لن يكون إلا ببناء قوات مسلحة قوية، وتعزيز قدراتها التسليحية.

وهذا الأمر ليس سهلًا، فقد كان نظام الشاه يحصل على ما يريد من سلاح، من أجل حراسة المصالح الأمريكية في المنطقة، حتى أن الرئيس الأمريكي نيكسون قد منحه شيكًا على بياض لشراء ما يحتاج من سلاح خلا القنبلة النووية، كما سُمِح له بتنويع مصادر سلاحه. بينما عانت إيران الثورة الأمرين من التضييق والحصار المضروبين عليها بواسطة المجتمع الدولي عبر قرارات عقوبات مجلس الأمن، فاعتمدت القوة العسكرية الإيرانية على أسلحة محلية الصنع محاكية لمثيلاتها التي تنتجها الدول الكبرى، أو استخدام ما بقي من سلاح منذ عهد الشاه وتحديثه، أو مستوردة من روسيا والصين في أحسن الأحوال.

في هذا الإطار كان توقيع صفقة إيران مع روسيا لتوريد منظومة الدفاع الجوي S-300، إنجازًا عظيمًا في سبيل حراسة الأجواء الإيرانية، وتعزيز دفاعاتها الجوية، وحماية منشآتها العسكرية، والنووية. هذا في ظل ضعف الدفاعات الجوية الإيرانية الحالية، التي تعاني من فجوات في التغطية، وتعرضها الدائم لتهديدات إسرائيلية بتوجيه ضربات جوية للمنشآت النووية.

حاليًا تعتمد منظومة الدفاع الجوي الإيرانية بشكل أساسي على سلاح مدفعية مضادة للطائرات متقادم، وصواريخ سام من طراز SA-2، و SA-4، وصاروخ HQ-7، و صواريخ Crotale الفرنسية، وi-hawk، و Rapier البريطانية. كما تمتلك أعدادًا ضئيلة من الصواريخ الروسية الحديثة مثل:  TOR M1 (SA-15)، وPantsir s1 (SA-22). هذا بالإضافة إلى امتلاك إيران حوالي 250 طائرة مقاتلة من طرز مثل: F-4، و F-5، و F-7 الصينية، و MIG-29.

وقعت إيران صفقة شراء منظومة S-300 مع شركة روس أوبورون إكسبورت عام 2007م، تلتزم الشركة بموجب العقد المبرم بين الطرفين، بتوريد منظومة الدفاع الجوي الصاروخية S-300، وبلغت قيمة الصفقة 800 مليون دولار تقريبًا.

لكن في يونيو 2010م صدر قرار مجلس الأمن رقم 1929، بفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية على إيران، وبعد صدوره بثلاثة أشهر، أعلنت روسيا أنها لن تنفذ العقد، وأصدر الرئيس الروسي وقتها ديمتري ميدفيدف قرارًا بإلغاء تسليم إيران منظومة S-300، وأعادت روسيا إلى إيران دفعتها الأولى التي بلغت 166.8 مليون دولار.

لم تقف إيران مكتوفة الأيدي، وحاولت المقاومة لنيل حقها في تقوية قدراتها العسكرية، فرفعت دعوى ضد الشركة الروسية، أمام هيئة التحكيم والمصالحة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي يقع مقرها في جنيف، وطالبت بتعويضات قدرها 4 مليارات دولار، تعويضًا عن إلغاء الصفقة.

من جانبٍ آخر، شرعت إيران خلال سنيِّ أزمة تسليم منظومة S-300 لإيران، في تصنيع منظومة دفاع جوي خاصة بها شبيهة بمنظومة S-300، أطلقت عليها اسم باور-373.

وقد ظهرت هذه المنظومة باور-373 في العرض العسكري في يوم الجيش 18 إبريل 2015م، وكانت منصات صواريخها تشبه كثيرًا منصات صواريخ منظومة S-300، أما الصواريخ المستخدمة فكانت تشبه صواريخ صياد 3، لكنها أضخم وأطول قليلًا، وقد كانت هذه المنصات محمولة على المركبة المصفحة ذي الجناح، وهذا يعني أنه من المقرر أن هذه العربات ستقوم بعبء حمل هذه المنظومة.

ومن الواضح أيضًا أن قرار مجلس الأمن لم يكن وحده هو الذي وراء إلغاء الصفقة، بل يبدو أن إسرائيل أيضًا ضالعة في قرار الإلغاء، للضغط على إيران لكبح برنامجها النووي. فقد شهدت العلاقات الروسية-الإسرائيلية طفرة ملحوظة على المستوى العسكري، منذ إبرام الصفقة.

ففي 2008م أوقفت إسرائيل تعاونها العسكري مع جورجيا، وحظرت تصدير الأسلحة الهجومية والطائرات بدون طيار إليها، بناءً على طلب روسيا، على خلفية سقوط طائرة بدون طيار إسرائيلية الصنع فوق أبخازيا. وفي 2009م باعت إسرائيل لموسكو طائرات بدون طيار، وازدهرت العلاقات في شهر سبتمبر من عام 2010م بتوقيع اتفاقية تعاون عسكري بين البلدين إسرائيل وروسيا.

بعد وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سدة الرئاسة مرة أخرى، حاولت روسيا حلحلة الأزمة مع إيران، ففي عام 2013م، أعلنت صحيفة كامرسنت الروسية أن الرئيس الروسي سيسافر إلى إيران في شهر أغسطس من العام نفسه، لعقد مباحثات مع الرئيس الإيراني المنتخب حديثًا حسن روحاني.

وبحسب ما جاء في الصحيفة، فإن المباحثات سوف تشمل نقطتين هامتين بالنسبة إلى روسيا، إحداهما هي اقتراح منظومة تسليم إيران منظومة ANTI-2500، بدلًا من منظومة S-300.

إلا أن الاقتراح قوبل بالرفض القاطع من قِبل إيران، وفي الحقيقة إن هذا الرفض من جانب إيران مثير للتساؤلات، فمنظومة ANTI-2500، هي منظومة دفاع جوي قديرة، تستطيع أن تستهدف 24 طائرة مقاتلة في مساحة 200كم، وبإمكانها التصدي لهجوم 16 صاروخ باليستي في وقت واحد، وكذلك لها القدرة على التصدي لصواريخ كروز، وتتمتع بمقاومة عالية في مواجهة الحروب الإلكترونية، والحملات السايبرية. وهو ما يكفل لإيران الحماية ضد أي اختراقات لمجالها الجوي، أو أي تهديدات تُوجه إليها.

ولا نجد تفسيرًا لهذا الرفض الإيراني، سوى ما نقلته صحيفة ريا نوفوستي (سبوتنيك فيما بعد) على لسان السيد محمود رضا سجادي السفير الإيراني لدى موسكو حينئذٍ، في معرض تأكيده على رفض إيران للاقتراح الروسي، حيث قال إن منظومة الدفاع الجوي المقترحة من قِبل روسيا، لا تتناسب ونظام إيران الدفاعي.

ثم شهدت الأزمة انفراجة في يناير 2015م، أثناء زيارة وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو إلى طهران، وقدمت وزارة الدفاع الإيرانية تقريرًا عقب لقاء وزيري دفاع البلدين جاء فيه: أن إيران وروسيا قد توصلتا إلى اتفاق لحل أزمة منظومة الدفاع الجوي الصاروخية S-300.

وفي 13 إبريل 2015م، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرارًا بإلغاء منع تسليم إيران منظومة S-300، القرار الذي يُعتبر بمثابة خطوة تجاه تحسين العلاقات الروسية-الإيرانية، وبدء تملك إيران لمنظومة S-300.

أثارت هذه الخطوة مخاوف الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن الجانب الروسي حاول تطمينهما، كما أكد بعض الخبراء العسكريين أن امتلاك إيران منظومة S-300 لن يغدو تغييرًا كبيرًا في موازين القوى، حيث أنها سلاح دفاعي في المقام الأول.

فبعد تصريح جوش إرنست المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض في مؤتمره الصحفي الذي عُقد في العاصمة واشنطن، أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أعرب عن قلقه في محادثاته مع سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي، بشأن تسليم روسيا منظومة الدفاع الجوي S-300 لإيران. كما انتقدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أيضًا القرار الروسي.

أكَّد سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي مدافعًا عن خطوة الكرملين، أن روسيا لا تريد أن تتحمل تكاليف مالية واعتبارية أكثر من ذلك، بمنعها تسليم منظومة S-300 لإيران. وقال إن التقدم في المفاوضات النووية، كان هو السبب في إلغاء قرار المنع، وأضاف أن تسليم هذه المنظومة لإيران لا يشكل أي خطورة على دول المنطقة.

ومن الجدير بالذكر أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية، تستطيع أن تحصل على معلومات حول هذه المنظومة، وقدراتها، وثغراتها، ومكامن ضعفها، عن طريق بعض الدول التي تستخدم هذه المنظومة، ولها علاقات جيدة مع هاتين الدولتين مثل: اليونان، وأوكرانيا، وسلوفاكيا.

ومن الجانب الإيراني توقع وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان أن إيران ستحصل على المنظومة خلال هذه العام الجاري أثناء زيارته لموسكو.

وفي بيان نشرته مجموعة الأسلحة الروسية روس تكنولوجي (روستيك) على موقعها الإلكتروني –وهي شركة حكومية تم إنشائها في عام 2007م لتساهم في تطوير وإنتاج الابتكارات الروسية ذات الطابعين المدني والعسكري وتصديرها، وتضم المجموعة أكثر من 700 مؤسسة إنتاجية – وضَّح المدير العام للمجموعة سيرجي تشيميزوف أن إيران ستتسلم نسخة مطورة من صواريخ S-300، عن التي كانت في عقد 2007م التي كانت منتجة في في تلك الفترة. إلا أنه لم يحدد النموذج الذي سيُنقل إلى إيران، ولا عدد الصواريخ، وتوقع أن تتنازل طهران عن الدعوى التي رفعتها ضد روسيا بعد تنفيذ المرحلة الأولى من العقد الجديد الذي دخل حيز التنفيذ.

فمنظومة S-300، هي منظومة صاروخية أرض-جو بعيدة المدى، قابلة للاستخدام في جميع الارتفاعات. تم إنتاجها لأول مرة في الاتحاد السوفيتي عام 1979م، ومنذ ذلك الحين والقوات المسلحة الروسية تنتج وتطور أنواعًا وتطبيقات مختلفة من هذه المنظومة. وربما تتسلم إيران منظومة S-300PMU التي تُعتبر أفتك النُظم الصاروخية التابعة لـ S-300 وأكثرها تقدمًا، حيث أن لها القدرة على تتبع حوالي 100 هدف وتدميرهم، كما أن زمن تجهيز هذا النوع من الصواريخ لا يتجاوز 5 دقائق تقريبًا، وهذا من المميزات الهامة في هذه المنظومة. كما ستمنح المنظومة إيران القدرة على استهداف المقاتلات، والطائرات بدون طيار، والطائرات الاستطلاعية، واعتراض القذائف الانسيابية مثل توماهوك، والصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى مثل الصواريخ الإسرائيلية أريحا، والصواريخ السعودية css2 وcss5.

(آلية عمل منظومة الدفاع الجوي S-300)

تتم آلية عمل المنظومة في البداية بقيام أجهزة الرادار الملحقة بالمنظومة – مداها 300 كم – بنقل المعلومات إلى مركبات التحكم التي تقيم الأهداف المحتملة. ومن ثَمَّ تصدر مركبة التحكم الأوامر لرادارات الاشتباك بإطلاق الصواريخ، ومن بين ست مركبات لإطلاق الصواريخ، تُرسل المعلومات إلى المركبة المتواجدة في الوضع الأفضل، لتطلق صاروخين متزامنين، ثم يوجه رادار الاشتباك الصواريخ للاشتباك مع الهدف، ويستطيع أن يوجه 12 صاروخًا مع 6 أهداف في وقت واحد.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل