المحتوى الرئيسى

«طفل الأربعاء».. فيلم مجرى يعزف على فكرة تدمير الذات والرغبة فى استعادتها!

11/16 10:14

«طفل الأربعاء».. أطروحة فنية للسينما المجرية بكل ما تحتويه من استغراق فى التفاصيل، والميل إلى التصوير الخارجى، وإعطاء فرصة للمشاهد فى الإبحار داخل أعماق الأبطال، فثمة أعمال فنية تعزف على القلب والعقل معًا فى وقت واحد تلك الأعمال هدفها الأول تبصيرى لما يحدث فى تلك المجتمعات الخارجة منه، وهذا ينطبق بقوة ووضوح مع عمل المخرج والمؤلفة لى لى هورفاث فى فيلمها «طفل الأربعاء» الدائر حول أم فى سن المراهقة، متمردة مصممة على استعادة حضانة ابنها الصغير. رغم كل الظروف الواقفة ضدها بداية من أنها غير متزوجة، ليس لها عائلة، فهى نتيجة علاقة عابرة لأمها، تعيش مع شخص غير مسئول، ومن الخارجين على القانون، الذى يعلمها السرقة السريعة، هى فى جوهرها إنسانة جميلة ورائعة تريد حياة نظيفة وطبيعية من أجل طفلها، تعمل على نبذ العادات السيئة والعلاقات غير السوية رغم أن هذا ليس بالأمر السهل.. أنها فتاة جميلة، ولكنها صعبة المراس تبلغ من العمر 19 عاماً تعيش مع صديقها التافه Krisz (زولت انتال)، فى مشروع سكنى متهالك على مشارف بودابست. ذكية ولكنها تمارس التدمير الذاتى لنفسها تكمل حياتها القاحلة مع بعض التهرب هنا وقليل من السرقة هناك... على فترات متباعدة تسافر «ماجا» إلى دار الأيتام حيث يعيش ابنها البالغ من العمر 4 سنوات، حالمة أن يعيش معها فى يوم من الايام، على الرغم من أنها تفتقر إلى خطة لتحقيق هذا الهدف. مديرة دار الأيتام متعاطفة بشكل واضح مع رغبتها، ولكن العائق أمامها أنها لا تملك مصدر رزق والحياة مستقرة تجعل دار الايتام توافق على طلبها... ويظهر الحل من خلال جارتها فى السكن (أناماريا نيميث) التى تحكى لها عن خطة القروض الصغيرة لأصحاب المشاريع التى تدار من مركز المجتمع المحلى، وتنطبق الشروط على ماجا. ولكنها تقرر المحاولة لتلتقى بالأخصائى الاجتماعى حذرين يانوس Thuroczy وتكون بداية العلاقة بينهما غير مبشرة، لكون ماجا متمردة على القواعد واللوائح وتعد هذه مشكلة كبرى، ولكنها تقبل فى نهاية المطاف، وتقرر فتح مغسلة ملابس. الأزمة الحقيقية تكمن فى أنها يجب أن تنفذ مشروعها ضمن مجموعة مكونة من أربعة، وإذا فشل عضو واحد يفقد الثلاثة تلقائياً حصتهم، وبذلك يحاول الثلاثة دفعها دفعا نحو النجاح، ورغم أن الخطوات الاولى كانت جيدة وقامت بعمل المغسلة، ولكن صديقها الذى أصبح يغار عليها ويخشى من خروجها من حياته يقوم بتكسير المغسلة قبل افتتاحها، وقبل حضور المحكمين يتم أصلاحها... أننا فى تلك الدراما الاجتماعية الواقعية طفل الأربعاء (A szerdai gyerek) نعيش ميلودراما ناعمة، مفعمة بالاحاسيس الانسانية، ومن أجل ذلك جعلت المخرجة الطفل الصغير «أبكم» لتلعب لغة العيون الدور الرئيسى فى العلاقة بين الأم والابن الرافض الساخط على أمه فى البداية، والذى يقترب منها رويداً رويداً وخاصة مع إصرارها على الوصول إليه بكل الطرق، أن تلك الفتاة التى كتبت عليها الأمومة قبل الأوان فكانت بمثابة المنقذ والترياق لها من أزمتها الانسانية والاجتماعية. والعلاقات العاطفية فى حياة تلك الفتاة تقع فى خطين متوازيين، الأول سبب رئيسى لأزمتها الحياتية متمثل فى هذا الشاب الذى علمها السرقة وتعيش معه حياة لا إنسانية، والعلاقة الاخرى مع المشرف الاجتماعى الذى آمن بها، وحاول بشتى الطرق مساعدتها، وكاد أن يفقد حياتها بسببها... ولقد استطاعت المخرجة باستخدامها اللقطات القريبة المركزة على العلاقة بين الابن وأمه أعطاء الفيلم لمحة إنسانية حزينة وراقية.. ولقد تحركت الكاميرا فى الفضاء الرحب حول دار الأيتام بحرية أضافت للفيلم رؤى جمالية تعطى انطباعاً بحالة البراءة والخواء التى تعيشها البطلة.. إن المخرجة فى هذا العمل تجعل المشاهد فى حالة من التفاعل الوجدانى مع البطلة وقصتها محاولاً معها إيجاد الحلول، بل ويصل به الحد إلى درجة إيجاد الحلول لمشاكلها، وهذا هو أجمل ما فى تلك النوعية من الأفلام.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل