المحتوى الرئيسى

من الجزائر لسوريا.. هل مطامع فرنسا السبب في هجمات باريس؟

11/15 09:05

باتت العاصمة الفرنسية أول أمس ليلتها في رعب شديد بعد الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها بعدة مناطق في ذات التوقيت أدت لمقتل ما يزيد عن 120 شخصًا وإصابة 205 آخرين، 99 من بينهم في حالة خطيرة.

ما يحدث بالعاصمة الفرنسية الآن هو جزء قليل مما جنته يداها من قبل في بعض البلدان الأخرى، فهي شنت العديد من الحروب المريرة والاحتلالات العسكرية لعدة بلدان كالجزائر ومالي وساحل العاج وموريتانيا والنيجر وكاميرون وغينيا وتشاد والجابون ومدغشقر وجزر القمر، وفي آسيا احتلت فرنسا الهند الصينية وكمبوديا وفيتنام.

كان قد استمر الاستعمار الفرنسي للجزائر قرابة القرن والنصف من 5 يوليو 1830 وحتى 5 يوليو 1962 وأدى لاستشهاد ما يزيد عن مليوني شخص، استغلت حينها فرنسا حادثة المروحة الشهيرة ( طالب الداي حسين القنصل الفرنسي شارل دوفال خلال زيارته لقصره بدفع الديون المقدرة بـ 20 مليون فرنك فرنسي، عندما ساعدت الجزائر فرنسا حين أعلنت الدول الأوروبية حصارًا عليها بسبب إعلان فرنسا الثورة الفرنسية، فرد القنصل على الداي بطريقة غير لائقة بمكانته فرد الداي حسين بطرده ولوح بالمروحة فبعث شارل العاشر بجيشه بحجة استرجاع مكانة وشرف فرنسا".

لقد كان الشعب الجزائري رافضًا الاستعمار الفرنسي جملة و تفصيلًا، حيث واجهت فرنسا ثورات شعبية عديدة منها ثورة أحمد باي بن محمد الشريف في الشرق، ثورة لأمير عبد القادر في الغرب، فاطمة نسومر في القبائل، و ما كانت تخمد واحدة حتى تثور الأخرى، حتى اندلعت ثورة التحرير الجزائرية في 1 نوفمبر عام 1954 التي حررت الجزائر من الاستعمار .

وعملت فرنسا خلال احتلالها للجزائر على إيقاف النمو الحضاري والمجتمعي للجزائر مائة واثنتين وثلاثين سنة، وحاولت طمس هوية الجزائريين الوطنية، وتصفية الأسس المادية والمعنوية التي يقوم عليها هذا المجتمع، بضرب وحدته القبلية والأسرية، واتباع سياسة تبشيرية تهدف إلى القضاء على دينه ومعتقده الإسلامي، وإحياء كنيسة أفريقيا الرومانية التي أخذت بمقولة "إن العرب لا يطيعون فرنسا إلا إذا أصبحوا فرنسيين، ولن يصبحوا فرنسيين إلا إذا أصبحوا مسيحيين"، وكان التوجه الفرنسي يعتمد على معاداة العروبة والإسلام، فعملت على محو اللغة العربية، وطمس الثقافة العربية والإسلامية، وبدأ ذلك بإغلاق المدارس والمعاهد، ثم تدرج مع بداية القرن العشرين إلى منع تعلم اللغة العربية باعتبارها لغة أجنبية، وعدم السماح لأي شخص أن يمارس تعليمها إلا بعد الحصول على ترخيص خاص وفي حالات استثنائية، ومن ناحية أخرى عملت على نشر الثقافة واللغة الفرنسية، واشترطوا في كل ترقية اجتماعية ضرورة تعلم اللغة الفرنسية، كذلك عملوا على الفصل بين اللغة العربية والإسلام، والترويج لفكرة أن الجزائريين مسلمون فرنسيون.

أقدمت فرنسا على سلسلة من الغزوات العسكرية منذ عام 1859 حتى عام 1885 عندما أصبحت البلاد كلها جزءًا من مستعمرة الهند الصينية الفرنسية، وفرضت الإدارة الفرنسية تغييرات سياسية وثقافية هامة في المجتمع الفيتنامي على غرار النظام الحديث في الدول الغربية، وطورت نظام التعليم وراجت الديانة المسيحية بشكل واسع في المجتمع الفيتنامي، وتركز معظم المستوطنين الفرنسيين في الهند الصينية وطورت الإدارة الفرنسية مايسمى باقتصاد المزارع لتشجيع الصادرات من التبغ والشاي والقهوة، وتجاهلت دعوات متزايدة من أجل الحكم الذاتي والحقوق المدنية.

وفي سنة 1941، ظهرت حركة التحرر الشيوعية القومية "فيت مين" والتي وسعت إلى استقلال فيتنام عن فرنسا، وكذلك مقاومة الاحتلال الياباني، وقد لقي نحو 2 مليون فيتنامى، أي حوالي 10 ٪ من السكان مصرعهم خلال مايسمى بمجاعة فيتنام.

وعلى الرغم من قلة الخسائر الفرنسية خلال تلك الحرب، إلا أن الفرنسيون وحلفاؤهم من الجيش الوطني الفيتنامي قد خسروا بالنهاية معظم المواقع الإستراتيجة المهمة.

أرسلت فرنسا قواتها للتدخل عسكريًا في ساحل العاج على إثر الأزمة العميقة التي شهدتها الدولة الجنوب أفريقية منذ العام 2002 بعد اندلاع حرب أهلية مدمرة بين الخصمين المتصارعين: الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو وحلفائه المسيطرين على المناطق الغربية والجنوبية، والمتمردين المسيطرة على الشمال.

وأعلنت فرنسا أن تدخلها جاء لحماية الجالية الفرنسية الموجودة هناك، مقدرة بنحو عشرين ألف شخص، لكنها مع الوقت أصبحت تلعب أدوارًا أكبر لصالح هذا الطرف أو ذاك.

وبدأت القوات الفرنسية بالتدخل إثر أحداث 2002 بنحو ألف جندي فقط، ثم تطورت لاحقًا لتصل إلى نحو خسمة آلاف جندي، وتم سحب بعض هؤلاء ليستقر أمرها في الوقت الحالي على نحو ألف فقط.

ورغم أنها أعلنت أن قواتها لن تتدخل في الصراع، بدأت السلطات الفرنسية مبكرًا وقبل نهاية العام 2002 في التصدي لقوات المتمردين، وخاضت معها اشتباكًا مسلحًا لمنعها من التقدم نحو المواقع التي تسيطر عليها الحكومة، أدت لمقتل 30 شخصًا.

ومع ذلك، بلغ التوتر بين معسكر غباغبو والقوات الفرنسية أوجه أواخر عام 2004 حين قصفت قوات الجيش التابعة لغباغبو مركزًا للقوات الفرنسية أدى لمقتل تسعة فرنسيين وجرح عدد آخر منها، ولكن القوات الفرنسية لم تتأخر في الرد، حيث قامت وعلى الفور بتدمير كل سلاح الجو العاجي المكون من نحو سبع طائرات عسكرية.

وفي 2011 طرد الرئيس لوران غباغبو سفيري بريطانيا وكندا من البلاد.

في عام 2011 عاد الآلاف من المقاتلين الطوارق الذين يقاتلون في ليبيا بعد سقوط نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، وبحوزتهم أسلحة ثقيلة ليبدأوا الاستعداد لثورة جديدة بهدف إقامة دولة للطوارق في إقيلم أزواد وفي نهاية العام نفسه أسست الحركة الوطنية لتحرير أزواد بعد اندماج الحركة الوطنية للأزواد والحركة الطارقية لشمالي مالي.

وبعد سيطرة عدد من الجماعات بينها أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا على كونا وخوف الحكومة المالية من تقدمها نحو العاصمة باماكو طلبت الحكومة المالية من فرنسا التدخل العسكري لوقف زحف الجماعات الإرهابية لتنشر فرنسا بعض قواتها ضمن ما أطلقت عليه اسم "عملية سيرفال أو القط المتوحش" في 11 يناير 2013، وهكذا شنت الطائرات الفرنسية ميراج ورافال المقاتلة ضربات جوية طالت حزامًا واسعًا من معاقل الإرهابيين يمتد من غاو ويمر بكيدال في شمال شرق مالي بالقرب من الحدود مع الجزائر ويصل بلدة ليرا في الغرب بالقرب من الحدود مع موريتانيا.

وبدا واضحًا أن العمليات الواسعة النطاق للقوات الفرنسية لها أهداف أخرى. فقد كانت مالي مستعمرة فرنسية قبل استقلالها عام 1960، وبعد استقلالها حافظت الدولتان على علاقات خاصة، فيمكن القول إن التدخل العسكري الفرنسي في مالي، لا يهدف إلى إعادة الاستقرار فحسب، بل إلى الحفاظ على النفوذ الفرنسي في منطقة غرب أفريقيا والقضاء على المخاطر الأمنية التي تهدد المصالح الفرنسية في المنطقة، حيث تتمتع فرنسا بمصالح اقتصادية لا يمكن تجاهلها في مالي والدول المجاورة لها، في حين تمتلك مالي موارد معدنية مثل الذهب والحديد والبوكسيت، ويشكل الذهب أهم صادرات البلاد الرئيسية، وبالإضافة إلى ذلك، تمتلك مجموعة "أريفا" الفرنسية العملاقة للطاقة النووية حق استخراج اليورانيوم في النيجر المجاورة لمالي والذي يلبي أكثر من ثلث حاجات محطة الطاقة النووية الفرنسية من المواد الخام، لذا يمكن القول إن المصالح الاقتصادية تدفع فرنسا لضمان استقرار منطقة غرب أفريقيا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل