المحتوى الرئيسى

سرقات الأساتذة

11/10 11:02

وردتنا المقالة التالية من عـــبد المجيد زراقط يتهم فيه أستاذة جامـــعية بســـرقة أدبية من كتبه. ننشره انـطلاقاً من حق التعبير، المضمون بالطبع لكل مَن يريد الردّ والنقــــاش.

لا يذهب الظنُّ بكم بعيداً، فالسَّرقة المعنيَّة، هنا، هي سرقة أبحاث جامعيَّة، هذا النوع من السَّرقة يحدث في كثير من الأحيان، ولكنَّه كان هذه المرَّة مختلفاً، فقد يسرق طالب مبتدئ مقطعاً، أو صفحة، أو صفحتين، وقد يفعل ذلك باحث محترف، أمَّا أن تقوم أستاذة جامعية بما قامت به هذه المرَّة، فأمر مختلف وفظيع...

ما حدث هو أن نعمة ناصر المصري شعراني، وهي أستاذة جامعيَّة، تدرِّس، وتشرف على إعداد رسائل ماستر في اللغة العربيَّة وآدابها، سطت على كتب أساتذة جامعيِّين آخرين، واستولت على دراسات منها، وألَّفت منها كتاباً وضعت اسمها عليه بوصفها مؤلِّفته، إضافة إلى استيلائها على دراسة من هذه الدِّراسات، وضمَّنتها كتاباً آخر لها، مثَّلت فيه فصلاً كاملاً.

استولت الأستاذة الجامعيَّة على ستة أبحاث كاملة، من كتاب عبد المجيد زراقط ، «في الرواية، وقضاياها»، الصادر عن دار الغدير، في طبعة أولى، العام 2011، هي: «تأسيس نوع أدبي جديد»، (ص. 11 ـ 34)، «في نشأة الرواية اللبنانية ـ العربية وتطورها» (ص. 35 ـ 109)، «المغمورون» (ص. 210 ـ 225)، «رحلة البحث عن الهويَّة والجذور في ثلاثية يوسف حبشي الأشقر»، (ص. 226 ـ 244)، «قراءة في نماذج من روايات محمد جبريل» (ص. 245 ـ 268)، ونقلتها، كما هي حرفيَّاً، إلى كتابها «الرواية نبض الماضي والحاضر، نشأة الرواية في الأدب العربي»، الصادر عن المؤسسة الحديثة للكتاب، في طبعة أولى، العام 2015، وأدرجتها في الصَّفحات الآتية على التوالي: (35 ـ 53)، (57 ـ 150)، (235 ـ 247)، (248 ـ 262)، (263 ـ 281).

كما كانت قد استولت على بحث «في نشأة الرواية اللبنانية – العربية وتطورها» المنشور، إضافة إلى كتاب «في الرواية وقضاياها» في كتاب آخر لزراقط هو «في بناء الرواية اللبنانية»، الصادر عن منشورات الجامعة اللبنانية، في طبعة أولى، العام 1999، وأدرجته في كتاب آخر لها هو «القصة في أروقة التاريخ»، الصادر عن «جروس برس، ناشرون، في طبعة أولى العام 2013، (ص. 117 ـ 160).

إضافة إلى هذا استولت الأستاذة الجامعية على خمسة أبحاث، ونقلتها إلى كتابها «الرواية نبض الماضي والحاضر»، «بتصرُّف»، كما ذكرت في الهامش، وهذه الأبحاث لمتري بولس وفيصل درَّاج، نقلتها من كتاب بولس «في الفن القصصي»، ومن كتاب درَّاج وآخرون «نظرية الرواية والرواية العربيَّة».

قد يقول أحدهم: إن اقتباس الباحث، من هذا الكتاب، أو ذاك، أمر مشروع، وإجراء متَّبع في كتابة الأبحاث، فقد يكون ما قامت به «شعراني» نوعاً من الاقتباس المشروع.

صحيح أن الاقتباس، في كتابة الأبحاث، إجراء مشروع، شريطة أن يوضع «المقتَبَس» بين مزدوجين، وأن يُنسب إلى صاحبه، ويحال إلى الهامش، حيث يذكر مصدره، وتحدَّد الصفحات المقتبس منها، وأن يؤتى به لتوظيف معلومة، أو للاستشهاد، أو لتأييد استنتاج، أو لنقاشه، ويكون في العادة جملة أو جملاً عدَّة، أو فقرة أو صفحة...، ولا يكون، كما هو هنا نقلاً كاملاً لدراسات يتراوح عدد صفحاتها بين الست عشرة والخمس وسبعين صفحة، من دون وضع مزدوجين، ومن دون إحالة إلى الهامش، وتحديد الصفحات المقتبس منها، فما حدث ليس اقتباساً، وإنما سرقة كاملة الأوصاف.

بغية التمويه، تحيل «شعراني»، في مرَّات قليلة، إلى الهامش، تدوِّن اسم الكتاب الذي أخذت منه واسم صاحبه، ورقم الصفحة، ما يعني أنها اقتبست من هذه الصفحة، لكن ماذا عن بقية الدراسة!؟ وماذا عن تعيين ما اقتبسته بوضعه بين مزدوجين؟ وهل تقتبس دراسة كاملة!؟

كما تحيل، في مرات أخرى، إلى الهامش، وتذكر اسم الكتاب وصاحبه وتضيف «عن...»، مثل قولها (ص. 36): «عبد المجيد زراقط، في الرواية وقضاياها، مركز الغدير، بيروت، ط. 1، 2011، ص. 12، عن جيرمي هاورثون....» أو «عن ميلان كونديرا...»، أو عن مجدي وهبة وكامل المهندس، أو عن غولدمان (ص. 40)، ما يعني أنها تأخذ المقتبس عن زراقط الذي أخذه عن هاورثون وكونديرا و...، وماذا عن بقية البحث الذي نقلته كاملاً وحرفياً؟

إن إحالتها تفيد أن المعلومة اقتبست وباقي البحث لها!

ثم إن إيراد هذا المقتبس بهذه الطريقة خطأ منهجي، إذ ينبغي أن تعود إلى المصدر، ولكن لمَ العودة إلى المصدر، أو أي مصدر، وأمامها أبحاث جاهزة لا يكلفها الاستيلاء عليها إلا تصويرها، وتقديمها للمطبعة.

واللافت، الطَّريف والمؤلم، إضافة إلى ألم السرقة، أنها لا تراجع ما تصوّره، فتحدث أخطاء، منها:

ـ لم تعرف أن «المغمورون» رواية، وليست بحثاً، ففي كتاب زراقط، تمَّ توثيق الرواية، «عبد السلام العجيلي، المغمورون...» (ص. 210) وفي كتاب شعراني جاء: «عبد المجيد زراقط، الرواية والقضايا العصرية، عن عبد السلام العجيلي...» (ص. 235)، والسؤال: أولاً من أين جاءت «والقضايا العصرية»، وثانياً إن «المغمورون» ليست بحثاً للعجيلي، وإنما هي رواية كانت موضوع بحث زراقط الذي استولت عليه.

ـ إن العنوان الرئيسي لدراسة أعمال محمد جبريل هو «كأن البلاد ليست لنا» (ص. 245)، وجاء هذا العنوان في أول الصفحة التالية لآخر صفحة من كتاب شعراني في نهاية هذه الدراسة (ص. 262)، من دون أن يكون لها معنى هنا، سوى أن الباحثة لم تقرأ، ولم تراجع، ما صوّرته واستولت عليه كأنه رزق سائب لم يكلف منتجه، تعب سنوات من البحث.

- عندما تستولي على دراسة «في نشأة الرواية اللبنانية – العربية وتطورها»، تجعلها في كتابها فصلاً يتألف من أقسام (ص. 115)، وتحيل في وسط السطر الرابع، إلى «نشأة الرواية اللبنانية، عبد المجيد زراقط، ص. 21» (ص. 117). وإحالتها تفيد أنها أخذت معلومة محدَّدة هي ما جاء في السَّطر الرابع من (ص. 21)، والواقع أنها سطت على الدراسة كاملة، إضافة إلى أنها لم تحل إلى الكتابين اللذين نشرت فيهما هذه الدراسة، وهما: «في بناء الرواية اللبنانية...» و «في الرواية وقضاياها».

والغريب أنها تستحلّ لنفسها السَّطو على ما أمضى باحثون أياماً طويلة صعبة لإنجازه وتحظر، في بداية كتابها، «نسخ هذا العمل، أو طبعه، أو تصويره... من دون إذن مسبق من الناشر»، فمن استأذنت عندما سرقت أبحاثاً ألفت منها كتاباً، وأعطت هذه الحقوق جميعها للنَّاشر!؟

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل