المحتوى الرئيسى

ضحايا الرئيس

11/09 01:53

فاجأني بأنه أقرب إلى اللطف وكنت انتظرت منه الفظاظة ورأيته مرحاً وكنت انتظرت منه التجهّم والعبوس وسمعت انه لا مبالٍ عابث، وكنت افترضته عقائدياً متصلّباً، فهذه هي الصفات التي تخطر لنا عن شاعر صدام حسين. ليس سوى صورة صدام حسين تلوح خلفه وتدل عليه، صدام القاسي الذي لا يطيق مرح رفاقه ويعتبره خفة لا تليق بقائد سياسي، يمكننا أن نقول إنه كان شأن أسلافه من الشعراء يلتحق بحاشية الأمير ويختص بمدحه. لكن ذلك ليس عذراً لشاعر معاصر، انه اقتراع للديكتاتورية، اقتراع للذبح. ليس ذلك عذراً ولو أنه ينبغي أن لا يعمينا عن قيمته كشاعر. سجن أزرا باوند ونبذ سيلين، ولكن ذلك لم يحل دون لاعتراف بقيمة الرجلين، لكن مثال باوند وسيلين يصح ولا يصح في حال عبد الرزاق عبد الواحد. لا نشك في أن لمؤلف «الحر الرياحي» قيمته كشاعر، لكنه بالتأكيد لا يطاول معلمين كبـــيرين في فنّهما كباوند وسيلين. كــــلاهما انتصر للفاشية لكنهما لم يكرّسا فنهما لمديح هتلر، كما كرّس عبد الواحد شعره ونفسه لمديح صـــدام، ثم أن هذا التكريس آذى شعر عبد الرزاق عبد الواحد، إذ صار شاعر «الحر الرياحي» وقصائد من المستوى ذاته يجترّ التراث الشعري المدحي العربي بكل مبالغاته وبكل نمطيته.

صحيح أن المرء لم يكن مخيَّراً زمن صدام حسين وكان على الشعراء والأدباء الذين لم يغادروا العراق أن يفاضلوا بين مديحه وبين السجن أو المنفى، إلا أن عبد الرزاق عبد الواحد لم يكن فقط ذلك المضطر، فقد ارتضى أن يكون شاعر صدام الخاص ولم يضِقْ بهذه المهنة بل بارى غيره عليها وتنعّم بها وبالغ فيها.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل