المحتوى الرئيسى

باسم محمد حسن يكتب: التحكيم بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان: قصة الصراع السياسي | ساسة بوست

11/08 20:53

منذ 3 دقائق، 8 نوفمبر,2015

“قضية التحكيم”إحدى أبرز الوقائع السياسية في التاريخ الإسلامي، المؤرخون يعتبرون أن نشأة السياسة الإسلامية الحديثة ظهرت في الصراع الذي دار بين ”الإمام علي بن أبي طالب” و”معاوية بن أبي سفيان” على الخلافة، وبالرغم مما كتبه العديد من المؤرخين عن تلك الأحداث إلا أن بعضها حمل العديد من المغالطات التاريخية وربما تحامل ضد أحد الطرفين أحيانًا!

في هذه المقالة سوف نستعرض 7 نقاط حول قضية التحكيم وماجرى في تلك الأحداث لكي نستطيع إدارك الصورة الكاملة التي جرت في عصر”الفتنة”.

بدأ الصراع بين علي ومعاوية بعد مقتل الخليفة ”عثمان بن عفان” فقد أصدر ”الإمام علي” أمرًا بعد توليه الخلافة بإسقاط الولاة الذين عينهم عثمان من قبل ومنهم سعيد بن العاص والي الكوفة، ومعاوية بن أبي سفيان والي الشام فرفض وأصر على عدم مبايعة عليّ قبل القصاص من قتلة ابن عمه عثمان،

وكان رأي عليّ أن يُبايع أولًا ثم تأتي خطوة القصاص لاحقًا وهو ما رفضه معاوية بالطبع فانقسم الصحابة إلى ثلاث أقسام، الطائفة الأولى: طلحة والزبير وعائشة ومعاوية، ترى هذه الطائفة أنه يجب التعجيل بالقصاص من قتلة عثمان .. الطائفة الثانية: فئة علي بن أبي طالب ومن معه ويرون حسم الخلافة أولًا ثم القصاص لاحقًا .. الطائفة الثالثة: يمثلها سعد، وابن عمر، وأبو هريرة، ومحمد بن مسلمة، والأحنف، وأسامة بن زيد، وأبو بكرة الثقفي، ومعظم الصحابة، وترى هذه الطائفة اعتزال الجميع!

في النقطة السابقة يعتقد البعض أن معاوية قد خرج على الحاكم بذلك الرفض وأصبح سببًا في بداية الفتنة وهذا ليس صحيحًا فلقد كان معاوية يعلم ما يحدث لعثمان وقد حذره مرارًا من خطورة بعض المتآمرين ونصحه أن ينقل الخلافة إلى بلاد الشام بعيدًا عنهم فرفض عثمان ذلك ولما شعر معاوية بصدق إيمان عثمان طلب منه أن يكون هو ”ولي الدم”، أي: من يطالب بالقصاص من قتلته لأنه من بني أمية أيضًا فأعطاه عثمان ولاية الدم وشهد على ذلك عبد الله بن عباس.

ولذلك كان معاوية متعصبًا لرأيه لأنه رأى في عدم القصاص إهدارًا لدم ابن عمه عثمان، أما عليّ فليس صحيحًا أنه رفض أن يسلم قتلة عثمان لمعاوية كما يدعي الشيعة وأنهم بايعوا الإمام فكيف يسلمهم بعد إعطائهم الأمان؟!

ولم يثبت ذلك تاريخيًا فالإمام انتظر استقرار الأمور في المدينة ثم يبدأ البحث عن قتلة عثمان فعليًا وكان أيضًا يعلم أن المتمردين في المدينة يسيطرون على تجمعات العوام وينشرون الشائعات ولو بدأ القصاص دون دعم من الصحابة فربما تتحول المدينة إلى ساحة للقتال والحروب ضد المتمردين والأمر ليس هينًا، ولذلك كانت وجهات النظر المختلفة سببًا في الصراع.

خرج علي بن أبي طالب بجيشه قاصدًا بلاد الشام لمقابلة معاوية والتشاور بشأن البيعة، فما كان حتى خرج المعسكر الثاني من الصحابة بزعامة ”عائشة رضي الله عنها والزبير وطلحة” من المدينة إلى العراق للقتال ضد قتلة عثمان الذين تجمعوا هناك ولما علم عليّ بذلك قرر تعديل وجهته إلى العراق أيضًا فتلك الخطوة اعتبرها خطيرة وهي أن يقوم معسكر آخر محسوب على الخلافة باتخاذ قرارات دون أوامره، وتذكر الكتب الشيعية أن عليًّا قد قرر قتال معسكر عائشة رغم نصيحة ”الحسن” ابنه له بعدم الذهاب بالجيش إلى العراق.

وهذا ضرب من ضروب الكذب للشيعة ورغم أن الحسن نصحه بذلك فعلًا إلا أن عليًّا قرر الخروج فقط ليرد الصحابة إلى المدينة وحتى لايعطي شرعية للقتلة عبر التفاوض معهم ونرى ذلك في أنه عندما وصل إلى وادي ذي قار أنزل ”القعقاع بن عمرو” للتفاوض مع طلحة والزبير في مدينة ”البصرة” على شروط الرجوع ونجح فعلًا في إقناعهم بذلك!

رأى معسكر الشر في العراق من القتلة أن اتحاد ”علي وعائشة والزبير وطلحة” يمثل خطورة عليهم وعلى حركة التمرد التي أشاعوها في البلاد. وكان يضم المعسكر ”علباء بن الهيثم وعدي بن حاتم وسالم بن ثعلبة القيسي وشريح بن أوفي والأشتر”،

وهم قتلة عثمان الأصليين حسب الروايات، فخرجوا في ظلام الليل ومعهم العديد من الأتباع وأشعلوا القتال في كل جبهة من المعسكرين فصاحوا أن (عليًّا قد خان الهدنة) وصاح الخائنون في معسكر علي (أن الزبير وطلحة يحاولون قتل الإمام) فتقاتل الجيشان وأدرك ”عليّ” فورًا أنها خيانة لما رأى أن الجيش يدافع عن ”الجمل” الذي تركبه ”السيدة عائشة” رضي الله عنها،

ولذلك قرر الانتهاء سريعًا من تلك الكارثة فأمر بذبح الجمل وتخليص عائشة ولما انتهت المعركة التي استغرقت 4 ساعات كان المعسكران قد خسرا آلاف الجنود أبرزهم الصحابي طلحة بن عبيد الله.

هنا فهم الزبير القصة وأن رأي ”علي”  كان الأولى في عدم التصالح مع الخونة فقرر الخروج قاصدًا المدينة معتزلًا الفتنة .. لكن تبعه رجل هو ”عمرو بن جرموز” فقتله وهو يصلي. وانتهت معركة الجمل بتحقيق انكسار حاد في المعسكر الإسلامي بقيادة علي وتحقيق نصر معنوي لجيوش العراق. لكنه وقبل أن يسير ”علي” لبلاد الشام اتخذ من ”الكوفة” عاصمة للدولة الإسلامية بدلًا من المدينة.

للمرة الثانية ينصح ”الحسن بن علي ابن أبي طالب” أباه ألا يذهب للقتال ضد ”معاوية” مما فيه خطورة على المسلمين وإراقة الدماء لكن أيضًا تشير الكتب إلى أن معاوية خرج هو الآخر بجيشه في منطقة ”صفين” من بلاد الشام وبدأت المراسلات بين ”علي” و”معاوية” على السمع والطاعة والقصاص، لكن لم تكلل بالنجاح فبدأ القتال بين الطرفين سقط على إثرها من معسكر علي ”الصحابي عمار بن ياسر”

وقد شاع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ” ويح عمار .. تقتله الفئة الباغية” فعلم “أنصار معاوية” أنهم على خطأ واجتهادهم غير صحيح لكن لا نستطيع هنا أن نطلق الكفر على جيش معاوية فلقد ذكر أيضًا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار أنه “سيموت في قتال بين فئتين مؤمنتين” وهنا قرر معاوية بتخطيط من ”عمرو بن العاص” أن يحتكم إلى ”القرآن الكريم” فيما يعرف بواقعة ”التحكيم” ووافق عليها علي بن أبي طالب.

كانت رؤية معاوية أن يتم تحكيم القرآن بين الطرفين وتنتهي القصة بذلك فاختار طرفًا مفاوضًا من جيشه هو ”عمرو بن العاص” بينما اختار ”علي بن أبي طالب” المفاوض ”أبو موسى الأشعري” لتقع بينهم عمليه التحكيم.

وللأسف فإن المناهج الدراسية في مصر وغيرها من الدول العربية تشير وبشكل مهين إلى أن ”عمرو بن العاص” كان ماكرًا ومخادعًا وأن علي وجيشه حققوا انتصارًا عليهم فلجأ إلى تلك الحيلة لكي يضمن عدم تفوقهم.

ولا أعلم كيف سمحت الوزارة بتدريس هذه النصوص الفارغة، كما أنها زعمت أن ”عمرو بن العاص” قد خدع ”أبو موسى الأشعري” في التفاوض ووافق على شروط نقضها فيما بعد، وهذا ليس صحيحًا بالمرة ولم نره إلا في كتب المدلسين والشيعة فقط!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل