المحتوى الرئيسى

أزمة "نداء تونس" تُنذر بشتاء سياسي ساخن

11/06 16:35

عادت الخلافات الداخلية في حزب "نداء تونس" لتطفو على السطح من جديد، مثيرة مخاوف من تفكك الحزب الحاكم الذي يحاول لمّ شمل قياداته المتصارعة منذ الانتخابات الأخيرة، ما ينذر بشتاء سياسي ساخن في البلاد.

وحزب "نداء تونس" الذي يتمتع بالأكثرية في مجلس نواب الشعب، يُعتبر حزباً فتياً، أسسه الباجي قائد السبسي، في يونيو/حزيران 2012، قبل أن يفوز الأخير في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد أواخر 2014، ويستقيل من الحزب، ما أفرز صراعاً على مواقع اتخاذ القرار فيه، قبل انعقاد مؤتمره التأسيسي الذي يُفترض أن تخرج عنه قوانين داخلية وهياكل منتخبة، لكن الخلافات حول موعده مازالت قائمة.

ويتمثل الصراع هنا بين فريقين: أحدهما موالٍ للأمين العام للحزب محسن مرزوق، والآخر يتبع لحافظ السبسي نائب رئيس الحزب ونجل الرئيس التونسي، ويتهم الفريق الأول حافظ السبسي بالسعي إلى وراثة رئاسة الحزب، فيما يتهم الأخير الطرف الثاني بـ"عدم مشروعية نيلهم قيادة الحزب".

الأحد الماضي وصلت الخلافات بين الفريقين إلى تراشق الاتهامات فيما بينهما بـ"استئجار منحرفين" هاجموا اجتماعاً كان سيُعقد للمكتب التنفيذي للحزب، في فندق بمدينة الحمامات (شرق).

وأظهرت صور بثتها وسائل إعلام محلية قيام عدد من الأشخاص لم تُعلن هويتهم، بمهاجمة الأعضاء الحاضرين، ومنعتهم من الدخول، فضلاً عن تكسير مدخل مقر الاجتماع الذي تم إلغاؤه فيما بعد.

ويشارك "نداء تونس" (العلماني) بـ7 وزراء في حكومة الحبيب الصيد، قبل استقالة لزهر العكرمي، الوزير المكلف بالعلاقات مع مجلس نواب الشعب، الشهر الماضي، ويعمل ضمن ائتلاف حكومي يجمعه بأربعة أحزاب.

ويضم الائتلاف الحاكم: "نداء تونس" بـ(86 نائباً في البرلمان)، و"النهضة" (الإسلامية) بـ69 نائباً، و"الاتحاد الوطني الحر" (ليبرالي) بـ16 نائباً ، و"آفاق تونس" (ليبرالي) بـ8 نواب، من إجمالي 217 نائباً في مجلس نواب الشعب (البرلمان).

وأمس الأول الأربعاء، أعلن 30 نائباً بالبرلمان عن حزب "نداء تونس"، خلال مؤتمر صحفي، تجميد عضويتهم داخل الحزب، مشيرين إلى أن قرارهم هذا يهدف بصفة أولية إلى عدم التشويش على عمل اللجان داخل البرلمان.

وقالوا إنهم يجرون مزيداً من المشاورات في اجتماعات أخرى حول إمكانية تقديم استقالاتهم "في حال عدم تصحيح المسار داخل الحزب"، داعين إلى عقد اجتماع للمكتب التنفيذي لحركتهم.

كما هدد هؤلاء بالانسلاخ نهائياً من الحزب ومن الكتلة البرلمانية، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه داخل الحزب، الأمر الذي يهدد بفقدان "نداء تونس" للأكثرية النيابية أمام "النهضة"، ثاني قوة في البرلمان.

ويرى جيلبار نقاش، المفكر والكاتب التونسي، أن المشاكل التي يمر بها حزب "نداء تونس" كانت منتظرة، وستتواصل، قائلاً: "شخصياً كنت أنتظرها منذ الانتخابات، أي بعد خروج السبسي وتوليه منصب رئيس للجمهورية".

وأضاف نقاش أن "الحزب غير منسجم، حيث يتكون من عدد من التوجهات السياسية، ولا يتبنى رؤية واضحة".

ووفق هذا المفكر، فإن الحزب "تشكّل لهدف واحد، وهو الصراع مع الإسلاميين، وعندما نجح في الانتخابات ووصل إلى السلطة واكتشف أنه يتقاسمها مع النهضة بدأت مشاكل القوى الداخلية تظهر وتتطور".

ويضم "نداء تونس" في صفوفه نقابيين (قيادات نقابية)، ويساريين، وليبراليين، ودستوريين (كانوا ينتمون لحزب التجمع الدستوري الذي كان يرأسه الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011.

غير أن نقاش استبعد أية تداعيات للأزمة التي يمر بها الحزب، مستطرداً: "لن يكون هناك تأثير ملموس وواضح على الحكومة أو البرلمان، لأن هاتين السلطتين لم تتخذا بعد قرارات مباشرة تغيران بها الوضع الحاضر، فالحكومة خاوية".

البعض ذهب إلى أبعد من الاختلاف على مواقع اتخاذ القرار داخل الحزب الحاكم، وأشاروا إلى الصراع من أجل النيل بكرسي رئاسة البلاد، وهو ما كشف عنه النائب البرلماني عن الحزب، عبدالعزيز القطي، في تصريحات إعلامية، بقوله إن "محسن مرزوق منذ توليه الأمانة العامة بصدد تنفيذ أجندة خاصة بطموحاته الشخصية، واليوم اتضح أن طموحاته تستهدف مباشرة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي ومؤسسات الرئاسة".

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من قبل مرزوق (اليساري) حول هذه الاتهامات.

ليلى أولاد علي، النائبة في البرلمان عن حزب "نداء تونس"، قالت للأناضول: "الرئيس السبسي قام بدعوتنا، وتأسف عما حدث من عنف في مدينة الحمامات، وطلب تحقيقاً في ذلك".

وأضافت النائبة "الرئيس أراد أن يبقى على مسافة من الحزب، ولكن الرسالة التي وجهها هي الدعوة إلى التوافق، وبرأيه لن يفصل في ذلك إلا المؤتمر التأسيسي".

وفي هذا الصدد، دعت أولاد علي إلى التوافق، قائلة: "هذا هو مبدأنا، ولا حل آخر غيره، وفي حال عدم توافق القيادات فستكون هناك مشكلة كبرى على مستوى الحزب، وخيبة أمل تجاه الشعب الذي انتخبنا، لكن تبقى لديّ ثقة بأنهم سيتعقلون ويغلّبون مصلحة الحزب".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل