المحتوى الرئيسى

مقطورة متنقلة.. مسرح لحكاية السينما في بلجيكا

11/03 02:15

لن يكون «ابتكار» حراكٍ سينمائي «جديد» مغايراً لمألوفٍ أوروبيّ ـ غربيّ في البحث الدائم عن كلّ ما يُساهم في تطوير لغة التواصل البصري بين الناس. الـ «ابتكار»، بحدّ ذاته، لن يكون جديداً دائماً، لكنه يتّخذ شكلاً تجديدياً على مستوى تفعيل الحراك، من أجل ردم هوَّة ما بين الناس والسينما (إن كانت موجودة في الغرب عموماً)، أو تقصير المسافة بين الطرفين (وهذه حاضرةٌ أحياناً، خصوصاً على مستوى العلاقة المرتبكة بين أكثر من جيل «شبابيّ» والسينما بتاريخها وأفلامها وحكاياتها القديمة تحديداً، لانجذاب هؤلاء إلى التجاريّ ـ الاستهلاكيّ المتداول.

في 5 تشرين الثاني 2015، يبدأ تنفيذ مشروع جديد في مدنٍ بلجيكية عديدة، بهدف استعادة حالة قديمة تتمثّل بـ «ذهاب السينما إلى المُشاهدين». تقليدٌ منسيّ إلى حدّ ما (شهد لبنان مثلاً، في أعوام عديدة سابقة، اختباراً كهذا، يتمثّل بـ «كارافان» ينتقل بين مدن مختلفة لعرض أفلام متنوّعة أمام جمهور لم يكن كبيراً غالباً)، يُراد له أن يولد مُجدَّداً بفضل جهود معنيين بِهَمٍّ ثقافي ـ فني لا يقف عند حدود السينما، لأنه يختبر حيويته عبر موسيقى الجاز أولاً. المنتج البلجيكي سيدريك مونّوا يُطلق «ملهى الجاز» في العام 2014، «كي يروي الحكاية العميقة والمديدة والمختلفة للنوع الموسيقيّ هذا»، كما في تعريفٍ «رسميّ» للمشروع. لكن الملهى المذكور يُفترض به أن يكون متحرّكاً، «لأن سرد الحكاية تلك يتمّ في مقطورة تجرّها سيارة من مكان إلى آخر في مدن تستقبل المشروع». داخل المقطورة هذه، «هناك صالة عرض مشهديّ تستوعب مئات المقاعد للمُشاهدين، بالإضافة إلى خشبة عرض وديكورات مصنوعة لأعمال مسرحية، ومقصف للشرب، وحمّامات أيضاً».

النجاح الجماهيري للمشروع الموسيقيّ، المعتَمِد على ميزانية تساوي 500 ألف يورو، يدفع منتجه إلى التفكير بنوع فنيّ آخر لمباشرة تنفيذه: «300 عرض بمقاعد مليئة برمّتها بأناسٍ يرغبون في متابعة الحكاية الجميلة للجاز، رقمٌ لا يُستهان به»، يقول مونّوا، الذي يختار الفن السابع هذه المرة للبدء بجولة مناطقية في بلجيكا، باسم «ملهى الصُوَر». يتعاون مع المخرج الفرنسي فرانسوا دو كاربنتري، صانع «ملهى الجاز»، ومُقدِّم عرضٍ أوبرالي في الهواء الطلق، صيف العام 2015، مستلاًّ من «تان تان ومجوهرات كاستافيور». يتعاون أيضاً، في الدور الأول والأساسي، مع الممثل السينمائي والمسرحي والتلفزيوني الفرنسي (أيضاً) جان ـ بيار كاستالدي، الذي يرتدي زيّ الراوي لاستعادة تفاصيل حكاية الفن السابع. في دردشةٍ منشورةٍ في الصحيفة اليومية البلجيكية «لو سوار» في 2 تشرين الثاني 2015، يقول كاستالدي: «يجب إعلام الناس أني موجود مادياً. لعلّ المشاهدين يستغربون رؤيتي على خشبة مسرح، لأنهم ينتظرون مشاهدتي على الشاشة (في المشروع هذا). لكن الأمر متعلّق بعملٍ مسرحي»، يحكي شيئاً كثيراً من عالم السينما، وعنه.

لن يكون كاستالدي وحيداً على خشبة «ملهى الصُوَر»، لأن هناك 3 بلجيكيين يُكمِلون معه المشهد المطلوب: أوريلي ريمي، وكريستوف دولير، وبولين بريزي. أما المشروع بحدّ ذاته فمتمثّل بتقديم عمل مسرحي مرفق بلقطات مُصوَّرة تُعرض عبر الـ «فيديو»، يتضمّن محطات أساسية كبرى في تاريخ السينما، منذ بداياتها الأولى حتّى ستينيات القرن الـ 20: «نتوقّف عند هذه المحطة التاريخية عمداً، لأننا نعتبر أن الفن السابع بعدها يصنع جدلاً كبيراً، إذ إن كلّ شيء قيل أو تمّ فعله»، يقول كاستالدي. في المقابل، يحتوي العمل المقدَّم على تفاصيل متعلّقة بكواليس صناعة الصورة السينمائية، وبأفلام كبيرة ومهمّة يُمكن إدراجها بسهولة في خانة الأفلام الكلاسيكية التي تسم التاريخ بلحظات تحوّل أو تبديل أو تغيير إيجابي. هناك حكايات صغيرة ومتفرّقة عن «أفراح» عالم التمثيل والإخراج والإنتاج، كما عن «المصاعب والآلام والمآسي» التي يشهدها الفن السابع خلال أكثر من 60 عاماً من عمره بقليل: «أحد نجاحات مشـــروع كهذا كامنٌ في تحريض المشاهدين على مـــشاهدة أو إعادة مشاهدة أفلام متحوّلة إلى معالم أساسية»، يؤكّد المــمثل الفرنسي، الذي يُشدّد على أن تجربة كهذه مختلفة تماماً عن المعنى المتداول والمعروف للتمثيل المسرحي، إذ إن المـــسافة بين المشاهدين وبيــــنه قصيرة جداً، «وعليّ أن أُتقن ـ منذ اللحـــظة الأولى ـ كيـــفية أسرهم في العالم السينمائيّ هذا. إنه تحدٍّ».

نرشح لك

Comments

عاجل