المحتوى الرئيسى

هل تستفيد مصر حقًّا من صفقة السفن البحرية «ميسترال»؟.. 8 أسئلة تشرح لك الأمر - ساسة بوست

10/29 18:16

منذ 21 دقيقة، 29 أكتوبر,2015

في 24 سبتمبر 2015 أبرم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي فرانسوا هولاند اتفاقا يقضي بشراء مصر حاملتي طائرات من طراز “ميسترال” بمبلغ 950 مليون يورو، الصفقة أثارت الكثير من الشكوك حول الأسباب لشراء مثل هذا النوع من السفن، ومدى قدرة مصر العسكرية والفنية في الاستفادة الكاملة من مميزات وإمكانات الميسترال، وفي هذا التقرير نسلط الضوء على تلك الصفقة بالسرد والتحليل محاولين الإجابة عن تساؤلات هامة تتمثل أبرزها في: لماذا أقدمت مصر على شراء الميسترال؟ وما هي أهم الإمكانات التي تتمتع بها الميسترال؟ وإلى أي مدى تستطيع مصر الاستفادة من تلك الإمكانات فنيا وعسكريا؟

(1) كيف تأثرت العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا من الصفقة؟

لولا صفقة البيع مع مصر لتكبدت فرنسا خسائر بنحو 1.1 مليار يورو. وفي حال إتمام الصفقة مع القاهرة فإن خسائر فرنسا من هذه الصفقة قد تنخفض إلى ما بين 200 مليون و250 مليون يورو

هكذا أكدت “لا تريبيون” ثاني أكبر يومية اقتصادية في فرنسا، عقب إبرام الصفقة مع الجانب المصري، وهو ما يؤكد الأهمية الاقتصادية للصفقة بالنسبة للجانب الفرنسي تأتي هذه الاستفادة جنبا إلى جنب مع صفقة الرافال التي بلغت قيمتها 5.2 مليار دولار.

وتأتي تلك الصفقات لتعزيز العلاقة بين البلدين، علاقة تبلورت بشكل أقوى بحضور الرئيس الفرنسي في حفل مشروع قناة السويس الجديد كضيف شرف في أغسطس الماضي، وكان أقوى شخصية اعتبارية حضرت الحفل من خارج مصر، ويرى محللون ومنظمات غير حكومية فرنسية ومصرية، أن الاستفادة الاقتصادية التي تحققها فرنسا من تلك الصفقات تقابلها استفادة سياسية يحققها نظام السيسي الذي يكتسب رصيدا جديدا في شرعيته، وهو مانفاه “هولاند” عندما قال: “إنه يدافع لدى نظيره المصري عن الرؤية الفرنسية لحقوق الإنسان، لافتا “أن صفقات التسلح لا تمنع أن نكون صريحين فيما بيننا”.

(2) هل هناك علاقة بين صفقة ميسترال والتقارب المصري الروسي؟

الحديث عن “الميسترال” لم يبدأ من 2015 ولكنه بدأ من الأساس في 2011، إذ طلبت روسيا من فرنسا تصنيع حاملتي طائرات من طراز “ميسترال” ، وأبرم البلدان عقدا ينص على تسلم روسيا الحاملة الأولى في نوفمبر 2014، و الثانية هذا العام بقيمة إجمالية 1.2 مليار يورو، وهو ما لم يتم بسبب الخلاف الذي اندلع بين أوروبا وروسيا بعد الأزمة الأوكرانية التي انتهت بضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014، وهو الخلاف الذي يعد “الأسوأ بين روسيا والغرب بعد الحرب الباردة” بحسب محللين، وهو ما دفع شركاء فرنسا لاعتبار إتمام الصفقة سيقوض جهود عزل موسكو وهو ما أدى إلى إلغائها.

وبموجب فسخ العقد وإلغاء الصفقة فإن باريس ستدفع تعويضات لموسكو قدرها 950 مليون دولار، قيمة الصفقة بين فرنسا ومصر، كما يتوجب على الجانب الفرنسي تفكيك الأسلحة والمعدات الروسية التي ركبت على الحاملة الأولى وإعادتها إلى روسيا، وبذلك تزداد الحاجة المصرية لروسيا، ولم تتأخر الأخيرة في تقديم عروض لمصر لشراء رادارت و طائرات معدات مرتبطة ب”الميسترال”.

لدى روسيا مٌعدات مكملة لميسترال لا تستطيع مصر الاستغناء عنها، مما قد يؤدي إلى قدر من السيطرة الروسية على “الميسترال” المصرية، ومما يدعم ذلك الرأي الخبرة العسكرية الروسية التي تحتاجها مصر و التعاون العسكري القائم بين البلدين، وتطابق رؤى البلدين في عدد من القضايا الإقليمية في (سوريا على سبيل المثال) مما قد يشير إلى إمكانية استخدام الميسترال “عسكريا” في المناطق الساخنة في الشرق الأوسط بالتعاون مع روسيا.

(3) الصفقة لمساعدة السعودية عسكريا بحرب اليمن؟

أفاد مصدر حكومي فرنسي بأن السعودية ستساهم في الصفقة لافتا إلى أن “التمويل السعودي في شراء الميسترال سيكون مهما” ، وهو الأمر الذي يرجح من إمكانية الاستعانة بالميسترال من قبل التحالف الدولي الخليجي الذي يشن غارات جوية باليمن في مواجهة “الحوثيين” وأنصار الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح ودعم الرئيس اليمني “عبد ربه منصور هادي”، تلك الغارات التي شاركت فيها مصر بعد بدايتها وبمرور الوقت تضائل الدور المصري تدريجيا.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه من المتوقع – بحسب صحف فرنسية – بعد استلام مصر لحاملتي الطائرات ستنشر حاملة في البحر الأحمر تجاه “اليمن”، وأخرى في البحر المتوسط تجاه ليبيا.

ويتسق الموقف المصري السعودي تجاه الأزمة في اليمن، ويختلف تجاه الوضع في سوريا وليبيا.

(4) ما هي إمكانات الميسترال؟

تتعدد المهام والإمكانات التي تتمتع بها سفينة الميسترال، إذ تتمتع السفينة بقدرات هجومية برمائية عالية تستخم في العمليات الكبيرة بالإضافة إلى القدرات الدفاعية القوية المزودة بأحدث الرادارات لكشف الأهداف البعيدة والتعامل معها، كما يمكن أن تستخدم في العمليات الإغاثية والإنزالات واعتبرها “مستشفى” بحرية، وتتشابه إمكانات الميسترال مع حاملة طائرات أمريكية، ولكن ثمن وحجم طاقم الطراز الأمريكي LHD يبلغان سدس الميسترال.

تبلغ حمولة “الميسترال” ويبلغ طولها 200 متر وعرضها 32 متر، وتبلغ مساحة السطح 5200 متر مربع، ويسع ذلك السطح 16 طائرة مروحية “ثقيلة” أو 35 طائرة مروحية خفيفة، ويمكن أن تستوعب السفينة 4 زوارق صغيرة أو حوامتين كبيرتين، و40 دبابة قوية من طراز “MBT”، ذلك بالإضافة إلى 450 مجند من الممكن أن يصلوا إلى 900 مجند في بعض العمليات.

يبلغ طاقم السفينة 180 شخصا وتمتلك السفينة 69 سريرا للمرضى، تسير السفينة بسعة 28 كم في الساعة وتبلع سرعتها القصوى 35 كم في الساعة، تضم السفينة منظومة simbad الصاروخية للدفاع الجوي ذلك بالإضافة رشاش من عيار 12.7 ملم.

(5) متى استخدمت فرنسا «الميسترال»؟

في السنوات الأخيرة، استخدمت فرنسا الميسترال” في دعم سياستها الخارجية. فعلى سبيل المثال، خلال حرب لبنان عام 2006، استخدمت الميسترال للمشاركة في إجلاء المواطنين الفرنسيين من هناك وبعد عامين، قدمت السفينة نفسها إمدادات ومساعدات إنسانية لضحايا إعصار نرجس في ميانمار. وفي عام 2011، تم نشر طائرات هليكوبتر حربية من نوع “تونير” “وتيجر” قبالة السواحل الليبية لدعم التدخل العسكري الفرنسي في أثناء الثورة الليبية.

(6) هل تحتاج مصر حقا لـ«الميسترال»؟

إن القاهرة لا تحتاج سفنا من هذا النوع، لأنه وببساطة لا يوجد من تحاربه مصر باستخدامها مثل هذه الحاملات.

هكذا أكد ألكسي فينيكو الخبير الأمني والباحث في معهد مشاكل الأمن العالمي التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ونفى “فينيكو” حاجة مصر بالأساس لهذا النوع من السفن – المصممة لتنفيذ عمليات برمائية كبيرة – في مناطق الصراع بالشرق الأوسط، موضحا: “أين ستقوم مصر بهذه العمليات؟ في ليبيا؟ ولكن الحدود بين الدولتين برية وليست بحرية، في إسرائيل؟ ولكن العلاقات بين الدولتين في الوقت الرهن ليست بالسيئة، وإسرائيل متفوقة جويا في كمية ونوعية الطائرات وخبرة الطيارين، متسائلًا في سوريا؟ لتنفيذ عمليات واسعة النطاق لن تحتاج سفنا من هذا النوع”.

من ناحية أخرى يرى خبراء أن شراء سفن الميسترال يأتي في إطار سعي مصر والسعودية لتشكيل قوة التدخل السريع العربية المشتركة، وأنه يمكن أن تستخدم في الصراع في اليمن أو حتى في أي عملية إنزال بحري في ليبيا بتنسيق دولي، إضافة إلى كون مصر سوف تكتسب قدرا لا بأس به من الوجاهة بامتلاكها لهذه القطع المتقدمة.

(7) وإن احتاجتها .. هل تستطيع مصر التعامل معها؟

“تٌشغيل السفن الحربية يتطلب مهارات متعددة تقنيَا وفنيًا وصناعيًا ومهنيًا، وونظام متطور للإدارة يشكل تلك العناصر والخبرات في وحدة متاملة وفعالة.. يمكن بناء السفن بشكل سريع نسبيا، ولمن المهارات والإمكانات المٌتلطبة لتشكيل بحرية قوية يمكن بنائها خلال سنين طويلة من استثمار تلك المهارات” – كتاب القوة البحرية: دليل القرن ال21 (إصدار 2013)

يحتاج تشغيل سفينة كالميسترال إلى قدرات مٌعقدة قد تفتقر مصر للقدر الكافي منها، فخبرة مصر محدودة في التعامل مع سفن أصغر بكثير من الميسترال، فأكبر السفن البرمائية العسكرية التي تمتلكها مصر هي 3 سفن إنزال بولندية من نوع “بولونتشي” يبلغ طولها 70 متر سعتها التحميلية 830 طن، في مقال 200 متر طول و21 ألف طن سعة تحميلية ل”الميسترال” ، كما أن الدعائم الأساسية للأسطول المصري الذي يعتمد على فرطاقات من أنواع “نوكس” و”بيري”-التي تم شرائها من الأسطول الأمريكي- تستوعب 4 آلاف طن فقط، أما الفرطاقة الفرنسية “فريم” أقرب الفرطاقات للميرستال يبلغ طولها 140 متر وتستوعب 6 آلاف طن، فقد أدخلتها مصر إلى اسطولها حديثا في يونيو الماضي هي فترة وجيزة لا تستطيع من خلالها مصر أن تكتب من خلالها خيرة واسعة في إدارة السفن الحربية من هذا النوع الكبير.

وتفيد تقارير متخصصة بأن مصر للديها قوة بحرية صغيرةو ليس لديها ما يكفي من الخبرة والإمكانات للتعامل مع الميسترال والعمليات البرمائية التي تتميز بها السفينة، فيمكن أن لمصر أن تستفاد على نطاق ضيق من العمليات البرمائية (إنزال قوات خاصة عن طريق الهيليكوبتر على سبيل المثال، وليست لديها القدرة على العمليات واسعىة النطاق كالمهمات المواجهية التي يتم إطلاقها مباشرة من البحر لتحقيق الأهداف على البر.

وهذا يتسق مع حقيقة أن فرطاقة الإنزال البرمائية “بلونتشي” التي تمتلكها مصر تستطيع حمل180 جندي و 6 دباباب فقط، كما عن فرطاقة من طراز”فيدرا” التي تمتلك منها مصر 9، تستطيع حمل 100 مجند و3 دبابات فقط، وهي أرقام ضئيلة بالنسبة لقدرات الميتسرال العلاقة التي تستطيع حمل من450 : 900 مجند و40 دبابة، ويشير التباين في الأرقام إلى تباين أيضا في نطاق العمليات التي تستطيع مصر اجرائها بالميسترال.

وفي سياق متصل، يقول كينيث بولاك خبير الدفاع للشرق الأوسط:”إن الجيوش العربية-بما في ذلك مصر- دائما ما تٌظهر عدم القدرة من الاستفادة الكاملة من المعدات العسكرية التي تمتلكها” ويضيف بولاك في كتابه (العرب في الحروب: الفعالية العسكرية 1948-1991 ) وتم إصداره عام 2004:”إن هذا النقص في المهارات الفنية والتقنية بالإضافة إلى نقاط الضعف العسكرية الأخرى لدى الجيوش العربية من المرجح أن تستمر.”

(8) متى بمكن أن تكون مصر قادرة على استخدام ميسترال؟

عندما تقدم دولة على ابرام صفقات عسكرية يشراء سفن متقدمة وحديثة ك”الميتسرال”، يعقب ذلك الشراء فترة زمنية “طويلة”-تستغرق في المتوسط 3حوالي سنوات- من التدريب التقني والمهني للإلمام بالقدرات التشغيلية والقدرة على الاستفادة من الإمكانات الكاملة للسفينة، قبل أن يتم نشر تلك السفن في السواحل التي تريدها الدولة التي اشترتها.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل