المحتوى الرئيسى

أين تذهب مساعدات بريطانيا المالية الخاصة بسوريا؟ - BBC Arabic

10/28 15:48

تنفق وزارة التنمية الدولية البريطانية ما يربو على مليار جنيه استرليني من المساعدات على سوريا، لكن السؤال هو أين تذهب تلك المساعدات وإلى أي مدى يستفيد بها السوريون المفترض أنها مقدمة لمساعدتهم؟ سؤال يطرحه سيمون كوكس في متن التقرير التالي.

كم هو صعب بالفعل تحديد طرق إنفاق تلك المساعدات التي تقدمها وزارة التنمية الدولية البريطانية لسوريا؟

إذا تصفحت موقعا معنيا بالتنمية تابع للوزارة فستجد أن مبالغ مالية يجري التبرع بها لجمعيات خيرية ووكالات الأمم المتحدة أمثال منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) وبرنامج الأغذية العالمي.

وتتيح الوزارة عرضا تفصيليا يوضح الجهة التي حصلت على التبرعات وفي أي الدول تنفق الأموال.

لكن ماذا عن تفاصيل المبالغ المالية التي أنفقت بالفعل على المشروعات؟

يعد مجلس اللاجئين النرويجي خير مثال نبدأ به، لقد حصل المجلس على 17 مليون جنيه استرليني من وزارة التنمية الدولية البريطانية للإنفاق على مشروعات في الأردن ولبنان. واستخدمت تلك الأموال في تجديد منازل يملكها أردنيون يستخدمونها لتوفير مأوى مجاني للاجئين بدلا من الخيام على مدى نحو عامين.

وحتى الآن استطاع المجلس تجديد 1300 منزل وتوفير مسكن لنحو 4500 أسرة سورية، مثل أسرة عبد الرحمن الذي فر من سوريا مع زوجته وأطفاله الثلاثة عام 2012، قائلا إنه كان يخشى على حياته.

وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية اعتمد عبد الرحمن على مساعدات مجانية، نظرا لعدم السماح للاجئين السوريين بالعمل. وقال إن منزله الجديد بمثابة خطوة كبيرة

للأمام، مضيفا :"توفير منزل جديد للاجئين السوريين بدلا من خيمة، يشعرنا بالفعل بكرامة واستقرار".

وتضع وزارة التنمية الدولية البريطانية قيودا صارمة على نسب انفاق التكاليف غير المباشرة في الميزانية . ففي حالة مجلس اللاجئين النرويجي تمثل النسبة 8.6 في المئة وتنفق هذه الأموال في مقر المجلس وفي الأردن.

وقالت كاترين أوزبورن، مستشارة الحماية بمجلس اللاجئين النرويجي في الأردن :"إنها تكالف تنفق، على سبيل المثال، على استئجار مكتبنا والسيارات التي ليست على علاقة مباشرة بالمشروع لكن يحتاجها المكتب لمواصلة إدارة مهامه".

وتحصل أكثر من 12 منظمة، من أمثال مجلس اللاجئين النرويجي و"أوكسفام" و"أنقذوا الأطفال" على ما يزيد على 230 مليون جنيه استرليني من الحكومة البريطانية للعمل في سوريا والدول المجاورة لها. لكن هذه المؤسسات الخيرية تقتطع خُمس الميزانية المخصصة لسوريا في وزارة التنمية الدولية البريطانية.

فغالبية الميزانية، نحو 600 مليون جنيه استرليني، تذهب إلى مؤسسات كبيرة تابعة للأمم المتحدة، مثل برنامج الأغذية العالمي الذي يحصل على معظمها، منها 227 مليون جنيه استرليني تستخدم في أغراض الغذاء داخل سوريا وكوبونات صرف الغذاء التي يستخدمها اللاجئون لشراء الغذاء في الأردن ولبنان.

كما يسهم برنامج الأغذية العالمي، مثل جميع الوكالات الأممية، في نشر معلومات بشأن المساعدات على الموقع.

وبالنسبة للوضع في سوريا أشارت معلومات تفصيلية بشأن ميزانية برنامج الأغذية العالمي أمكن العثور عليها بسهولة على الموقع إلى أن 24 مليون دولار أنفقت على كوبونات صرف الأغذية لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر عام 2012.

ويوضح ذلك أن 7 في المئة أو 1.5 مليون دولار أنفقت على مصاريف إدارية خاصة بمسؤولين في مقر برنامج الأغذية العالمي في روما. ويبدو أن ذلك نموذجا بالنسبة لجميع ميزانيات وكالات الأمم المتحدة.

كما أنفقت 21 في المئة إضافية، أو 2.3 مليون دولار، على نفقات فريق العمل في المنظمة، خصصت أكثر من النصف على فريق العمل والمستشارين الدوليين. وهكذا أنفق نحو ثلث الميزانية على فريق العمل والإدارة.

وقالت عبير عطيفة، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي للشرق الأوسط، إن هذا المستوى من التكاليف غير المباشرة ليس شائعا، مضيفة " نحن ندير عملية بالغة الضعف عندما يتعلق الأمر بسوريا وجميع الطوارئ الأخرى في مهامنا. أكثر من 90 في المئة من التمويل الممنوح ينفق مباشرة على كوبونات صرف الأغذية للاجئين".

من جانبها أجرت كلوديا وليامسون، خبيرة اقتصاد في جامعة ولاية ميسيسبي الأمريكية، عددا من الدراسات المعنية بالتكاليف غير المباشرة والكفاءة في قطاع المساعدات، وتوصلت إلى أن وكالات الأمم المتحدة أقل شفافية حتى الآن.

وأضافت : "إذا توافرت لدينا معلومات بشأن ميزانية كل وكالة، فسنكون سعداء بذلك. فبالنسبة لأغلب الوكالات الثنائية، وكذا المساعدات بين الدول، يمكن الحصول على مثل هذه المعلومات، لكن الوكالات المتعددة، لاسيما وكالات الأمم المتحدة، هي التي دأبت على عدم تقديم تقرير بذلك وعدم النشر على الإنترنت فضلا عن عدم استجابتها لنا وتزويدنا بهذه المعلومات".

توصلنا إلى أن مشروعات المساعدات قد تحصل أحيانا على نحو نصف الأموال المدفوعة فقط بواسطة الحكومة.

يذهب ما نسبته 7 في المئة في المقام الأول إلى مقر الأمم المتحدة، و15 في المئة من الأموال المتبقية تدفع لتغطية تكاليف (الموظفين، السيارات، المكاتب) الخاصة بالوكالة التابعة للأمم المتحدة، إلى جانب تخصيص ما تصل نسبته إلى 25 في المئة من الأموال الباقية لتغطية نفقات التكاليف المباشرة للمؤسسة الخيرية أو المجموعة الأخرى وما يتبعها من (موظفين وسيارات وأمن)، هذا فضلا عن تخصيص 5 في المئة كمصاريف مقاول في حالة دفع أموال لمقاول لأداء العمل.

وتعد وكالات الأمم المتحدة منظمات عملاقة، ومعظم أعمالها تخضع لعقود مبرمة بالفعل مع مؤسسات خيرية ومجموعات أخرى. والوكالة التي تنهض بمهام تنسيق جهود الإغاثة هي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وتسجل المفوضية جميع الوافدين الجدد في الأردن ولبنان وتركيا، كما تدير مخيمات مثل مخيم الزعتري في الأردن، فضلا عن توزيع أموال نقدية على اللاجئين لشراء ضرورات الحياة اليومية.

وهناك الكثير من الاحصاءات بشأن عدد الأشخاص الذين يحصلون على مساعدات من المفوضية فضلا عن بيانات بشأن المشتريات الفردية للمنظمة والتي سجلت ما يزيد على 100 ألف دولار. لكن ما هو غير معلن هو تلك البيانات التفصيلية للميزانية والتي تشير بالضبط إلى كيفية استخدام المساعدات المالية البريطانية في الأردن.

يقول كيليان كلينشمدت، الذي يعمل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على مدار عقدين وعمل مراقبا لمخيم الزعتري حتى أكتوبر/تشرين الأول 2014، إن هناك سلسلة من العقود التي تبرمها المفوضية مع المؤسسات الخيرية والمجموعات الأخرى بغية تنفيذ مهام نيابة عنها .

وقد تستعين إحدى المجموعات بمقاول محلي لأداء أعمال بالفعل على الأرض، وكل حلقة من هذه السلسلة تحصل على نصيب من الأموال من أجل تغطية النفقات والمهام الإدارية.

وحقيقة أن نصف الميزانية قد ينفق على تكاليف غير مباشرة بمثابة صدمة لأندرو هاربر، رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن. لقد شارك بتبادل معلومات عن الميزانية التفصيلية للتمويل الخاص ببرنامج المساعدات المالية النقدية الذي يهدف إلى تحويل أموال مباشرة إلى اللاجئين.

وقال هاربر : "الدفعة الأخيرة من الأموال التي حصلنا عليها من وزارة التنمية الدولية البريطانية بلغت نحو 10 مليون جنيه استرليني. وسوف تغطي نفقات 24 ألف أسرة على مدى أربعة شهور هنا. ينفق منها نحو 1.6 في المئة على تكاليف فريق العمل ومكاتب المفوضية وعناصر ذات صلة. ونحن نسعى بالفعل إلى تحديد طريقة تفضي إلى خفض تلك التكاليف".

ويعتبر ذلك أمرا غير عادي نظرا لعدم وجود مؤسسات خيرية أو مقاولين مدرجين.

استطاع دوريان لاغورديا عمل تقييم لعمليات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن ولبنان، وواجه صعوبات مماثلة في التوصل إلى معلومات تفصيلية.

وقال : "مجازا نحن نضرب رؤوسنا في الحائط عندما نبحث في هذه القضية، إن طريقة عمل هذه الميزانيات ومستندات التمويل في الأمم المتحدة فضفاضة جدا. أعتقد أن القضية الأكبر بالنسبة لنا والتي قضينا وقتا في بحثها هو ما يتعلق مباشرة بمساعدة اللاجئين وما يعتبر تكاليف غير مباشرة، وكذا تكاليف الإدارة العليا، وبدراسة هذه الأرقام تيبن وجود اعتبارات كثيرة ينبغي للمرء أن يأخذها في حسبانه".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل