المحتوى الرئيسى

صفية سري تكتب: تاريخ الحروب التركية الروسية | ساسة بوست

10/27 18:26

منذ 5 دقائق، 27 أكتوبر,2015

حذَّر محللون عسكريون أمريكيون، من اندلاع حرب واسعة جرَّاء كثافة العمليات العسكرية في الأجواء السورية بعد الضربات الجوية الروسية .

وقال “بوب بيير”، محلل الشؤون الاستخباراتية والأمنية بشبكة “CNN”: “إن هناك العديد من العمليات العسكرية التي تقوم بها عدة أطراف في سوريا في آنٍ واحد، الأمر الذي يرفع من احتمال وقوع خطأ ما بين الروس وأمريكا وتركيا، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرب واسعة”.

وأضاف “بيير”: “أعتقد أن الخطر كبير، لا أعتقد أن الروس قد يقدمون على مهاجمة الطيارين الأمريكيين بصورة متعمَّدة، ولكن وقوع خطأ هو ما يثير قلق الجميع في الجيش، باعتبار أنهم قد يسقطون طائرة روسية أو العكس، أو في حال دخلت إحدى الطائرات إلى المجال الجوي التركي وتم إسقاطها من قِبَل الأتراك، الأمر الذي قد يقود إلى مواجهة عسكرية كبيرة”.

ومن جانبه أكد “ريك فرانكونا”، المحلل العسكري بالشبكة على أن الأمر مثير للقلق؛ حيث إن الأجواء السورية عبارة عن مزيج، أو وصفة ممتازة لوقوع كارثة؛ حيث يُحلِّق فيها الطيران الروسي والأمريكي والتركي والخليجي في آنٍ واحد، وفي كل مرة يكون لديك هذا العدد من الطائرات التي تعمل في مساحة محددة فإنه ستكون هناك مشاكل”.

انتهى الخبر، ولم ينتهِ التحليل، فبين السطور يختبئ الطمع الروسي وشوقه لعودة الحرب بينه وبين الأتراك، ويخشى البعض مواجهة هذه الحقيقة. وما يؤكد ذلك اختراق الطائرات الروسية للأجواء التركية ثلاث مرات، حسب ما أعلنت الدولة التركية.

وبالعودة للتاريخ، فقد خاض العثمانيون (الأتراك حاليًا) والقياصرة (جمهورية روسيا الاتحادية الآن)؛ ما يتجاوز الحروب العَشْر عبر التاريخ،

فقد استطاعت الحروب العثمانية الروسية التي بدأت بصورة شرسة في عهد السلطان محمد الرابع (1676 – 1681م) واستمرت بعدها لمائتي عام حتى بداية تولي السلطان عبد الحميد الثاني (1877 – 1878 م)؛

استطاعت هذه الحروب أن تسيطر على المشهد الأوروبي الشرقي وأن يكون لها بالغ الأثر في بقاء الوضع مضطربًا حتى قيام الحرب العالمية الأولى والتي – وفي مصادفة غريبة – أدّت في النهاية إلى انهيار كلتا الإمبراطوريتين العثمانية والروسية برغم انتصار الأخيرة في الحرب.. ولكنّ العثمانيين انتصروا في أغلبها.

كانت البداية الحقيقية عام 1570م ، في عهد السلطان سليم الثاني، عندما تحرّك الوزير الأعظم صوقللو – محمد باشا – لدعم (خانية أستراخان) المسلمة ضد جيوش قيصر روسيا إيفان الرابع (إيفان الرهيب) فكان أن حقّق المسلمون انتصارهم الأول ضمن ثلاثة انتصارات وحيدة حقّقها العثمانيون في مواجهاتهم مع الروس، والذي لم يلبث أن آل في النهاية إلى انتصار عسكري روسي مع بعض المكاسب التجارية للعثمانيين.

انتظر العثمانيون بعدها قرابة قرن من الزمان حتى التقوا مرة أخرى مع الإمبراطورية التي بدت أنها تناطحهم وتنازعهم القيادة في أوروبا، لكن العثمانيين لم يحالفهم النصر إلا مرتين، الأولى في بداية القرن الثامن عشر (1710 – 1711)، والآخرة في منتصف القرن التاسع عشر (1853 – 1856) وبمساعدة جيوش مصر وإنجلترا وفرنسا.

لذلك لم يكن غريبا أن تظهر الرسومات الكاريكاتيرية التي دائما ما أظهرت الدولة العثمانية بمظهر الضعيف الذي لا حول له ولا قوة أمام قوة الدب الروسي العملاق، بل أظهرت هذا الصراع كصراع عسكري حربي شريف تبارى فيه جنود الفريقين للدفاع عن وطنه وأراضيه.

هكذا كُتب التاريخ وهكذا صيغت قصة المواجهات والصراع الذي انتهى بزوال هاتين القوتين، ولكن هزيمة العثمانيين للقياصرة يبدو أنها مازالت تحتفظ بالثأر، ومازال ألم انتصار العثمانيين يؤلم الروس.

وبالنظر قليلا إلى ملابسات الصراع وتفاصيله، يبدو جليا كيف كانت شراسة هذه الهجمة الروسية المدعومة من إمبراطوريات أوروبا، الهجمة التي دائما ما أسمتها الصحف الأجنبية “الحرب المقدسة” أو “مواجهة الهلال والصليب”.

لم يكن الصراع شريفًا أو متكافئًا، لم تكن أوروبا حقا صادقة في مشاعرها تجاه الدولة العثمانية التي ظلّت بالنسبة لبريطانيا وفرنسا وغيرهما مجرد عضو فاسد يجب التخلّص منه، حتى أنه لم يمنعهم من التخلّص منه مباشرة إلا الخوف من تغول وتوغل روسيا وإغارتها على أراضيهم. لكن وبالرغم من ذلك الخوف، فقد قامت التحالفات المتتابعة مع قياصرة روسيا ضد العثمانيين المسلمين من أجل إرهاقهم والاقتطاع الدائم من أراضيهم.

كان ذلك واضحًا في (تحالف هابسبورغ، والنمسا، وبولندا، وليتوانيا، والبندقية) مع القيصر بطرس في نهاية القرن السابع عشر لينتصر هذا التحالف ويقوم بعدها – خوجة راغب – الصدر الأعظم العثماني بعمل هدنة طويلة مع عدوه الروسي اللدود انتهت بموت راغب واجتياح الروس لبولندا (1768 – 1774) وتحريضهم للصرب والجبل الأسود (وكانتا تابعتين للدولة العثمانية) ضد الحكم العثماني

فكانت معركة جديدة وهزيمة عثمانية جديدة انتهت بتوقيع الخليفة العثماني (عبد الحميد الأول) معاهدة ( كوتشك كاينارجي) إحدى أسوأ المعاهدات التي وقّعها العثمانيون والتي خسروا بموجبها السيطرة على الملاحة في البحر الأسود ثم شبه جزيرة القرم المسلمة.

عندما انهار الاتحاد السوفياتي، أصبحت منطقة البحر الأسود منطقة عالمية على نحو أكبر. وعملت الدول من خلال منظمات متعددة الأطراف مثل منظمة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود، وأنشأت نظام تضامن إقليمي لنزع فتيل الأزمات المحتملة فيما بعد الحرب الباردة.

وأكدت تركيا على دورها في الحفاظ على الاستقرار في منطقة البحر الأسود، بينما أكدت روسيا على قدرتها على تقديم الغاز الطبيعي للجميع. وفي ظل الهدوء النسبي الذي اتسمت به المنطقة، لم تول الأوساط الأكاديمية التركية والشعب التركي الكثير من الاهتمام بها خلال الأعوام العشرين الماضية، في حين اتجهت الأنظار نحو دور تركيا في الشرق الأوسط أو عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

في شهر مارس (آذار) من 2014، عندما استولت روسيا على شبه جزيرة القرم وأعلنت عن نيتها في «الاستفادة الكاملة من الإمكانات الجيوإستراتيجية التي تملكها شبه جزيرة القرم» ومواصلة تطوير أسطول البحر الأسود في روسيا

«حيث تُعد تلك خطوة مهمة للبلاد عندما جرى إلغاء عدد من الاتفاقيات مع أوكرانيا بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم خلال العام الماضي»، تغير كل شيء، وعلى نحو مفاجئ، وبدأ تاريخ ومرحلة جديدة من تاريخ العلاقات التركية الروسية، من خلال سماح العالم لروسيا بالتوسع مرة أخرى.

وبالعودة مرة أخرى لتاريخ الحروب بين الروس والعثمانيين، كان العثمانيون على موعد مع انتصارهم الأخير على روسيا حين تخلّت عنها أوروبا وحارب الإنجليز والفرنسيون وأرسلت مصر وتونس جيوشها لدعم العثمانيين، وقد كانت دهشة (نيقولا الأول) قيصر روسيا كبيرة حين علم بوقوف بريطانيا المسيحية مع العثمانيين ضده في حربه المقدسة والتي ادّعى أن هدفها هو السيادة على المقدسات المسيحية في القدس.

لكن بريطانيا – وكما جرت العادة – لم تكن حينها تنظر إلى الأمر إلا من خلال مصالحها التي بدت مهددة بالخطر إذا ما انتصر الروس وزاد طموحهم وميولهم التوسعية.

وما هي إلا عشرون عامًا حتى عاد التحالف الأرثوذكسي ليحارب دولة الخلافة وينتصر مجددًا، مجتثّا أراضيَ شاسعة من جسد دول العالم الإسلامي، فمُنحت مملكة النمسا البوسنة والهرسك

ونالت صربيا والجبل الأسود استقلالهم، وخضعت قبرص لسيطرة بريطانيا، ولم تكفّ روسيا وحلفاؤها عن إذكاء روح التمرد في باقي أقاليم البلقان، فكان أن جاءت حرب البلقان (1912) لتنقض على جسد الدولة العثمانية المتهالك فتقتطع منه ما تبقى له في أوروبا، ثم تأتي الحرب العالمية الأولى لتقضي عليه تمامًا.

ربما يظن البعض أن حرب روسيا المقدسة قد انتهت بسقوط العثمانيين، لكن الحقيقة أن هذه الحرب كانت في جوهرها ضد المسلمين أنفسهم لا دولتهم؛ فها هو ستالين يقوم بتهجير مئات الآلاف من الشيشان والأنجوش (فبراير 1944) في مشهد دامِ راح ضحيّته أكثر من 50% ممّن هجّروا، لتكون مأساة الشيشان مجرد حلقة في سلسلة طويلة من الاضطهاد والتهجير قام بها الروس ضد الشعوب المسلمة

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل