المحتوى الرئيسى

دراكيولا.. يخاف من البشر

10/27 08:35

ميزة أفلام التحريك، أنها تطلق الخيال إلى آخر ودى. من الممكن أن يطير المرء، أو يتمدد جسمه وينكمش ويتكور. تتبعثر أطرافه ثم تتجمع ليواصل سيره. لكن هذه المرة، يكمن الخيال فى فكرة مبهرة، جديدة تماما، تقلب الرؤية السائدة عن «دراكيولا»، رأسا على عقب، وتقدم ما لم يخطر على بال، منذ كتب برام ستوكر روايته الشهيرة عن مصاص الدماء، ملك الظلام، الكونت دراكيولا عام ١٨٩٧، وذاع صيتها، واعتبرت إحدى تجليات الأدب البريطانى فى العصر الفيكتورى. ثم جاء تقديمها واستيحاءها بتنويعات مختلفة عشرات المرات فى عالم الأطياف.

هنا فى «فندق ترانسلفانيا»، بجزءيه، أول ٢٠١٢، والثانى ٢٠١٥، تطالعنا مع الافتتاحية، اللقطة التقليدية، المصبوغة بمزيج من الأزرق مع الرمادى، لقصر الكونت القابع على قمة الجبل، بستائره المسدلة على نوافذه وأبوابه، يحيطه الضباب، وأشجار الغابة.

بداخله، يعيش دراكيولا مع ابنته الوحيدة، الرقيقة ذات العيون الواسعة، اليتيمة الأم، التى تلقى حنانا مضاعفا من والدها، ولكنها تضيق ذرعا بالعزلة المفروضة عليها، وعلى القصر كله. لاحقا يفسر لها دراكيولا ما غمض عليها، يحكى لها عن البشر الذين أطلقوا شائعة ظالمة وصدقوها. الشائعة تقول إن دراكيولا وسلالته من مصاص الدماء. وذات يوم، يهجم الناس على القصر، يشعلون النيران فى جنباته، يدمرون كل ما تصل له أياديهم، ولقيت الأم حتفها قتيلة حريقة. ومن يومها، قرر دراكيولا الاعتزال، والعيش مع الوحيدة فى ذلك القصر البعيدة عن ظرور الناس، الذين يسقطون أخلاقياتهم الوحشية على دراكيولا وسلالته.

هذه الفكرة المبتكرة، اللامعة، تمنح «فندق ترانسلفانيا» ألقا خاصا، وتجعله مختلفا عن مجمل الأعمال التى تصدق تلك الفرية التواصلة.

الفندق أقامه دراكيولا لاستقبال أقاربه وأحبائه، ممن تصورهم أوهام البشر كوحوش ضارية، بينما هم، فى الحقيقة، كائنات مسالمة. ويتعمد فنان «الجرافيك»، إضفاء ملامح طيبة على هؤلاء المضطهدين. مثلا، العم «فرانكشتين»، الضخم، صاحب الكرش المنطلق، بأطرافه الموصولة بخيوط سوداء، يكتسى وجهه بوداعة محببة، يوحى بالسكينة والسلام، وعلى طول الفيلمين، تطلق الابنة اسم «العم فرانك» على فرانكشتين، وينادى البعض على دراكيولا بكلمة «دراك» فقط. مما يؤكد على بعديهما الإنسانى.

فى الفيلم الأول، تلتقى ابنة الكونت المعزولة، نافيس، بالفتى البشرى التائه، جونى. يخفق قلبها بحبه، لكن والدها يعترض بشدة، فالفتى من سلالة مختلفة، يفتقر إلى مهارات الدراكيولا، فهو لا يستطيع الطيران مثل الخفاض، ولا تسلق الجدران مثل الجرذان. لكن الأب «دراك» يرق قلبه فى النهاية، ويوافق على الزواج، وفى ليلة الزفاف السعيد، تجتمع عائلة «دراكيولا»، على رأسهم العم «فرانك» الطيب، وذئاب، وموتى أحياء.

الفيلم الثانى، أو الجزء الثانى من «فندق ترانسلفانيا» يبدأ بزفاف «نافيس» إلى «جونى» دراكيولا، فى حالة رومانسية، يغنى لابنته الغالية أغنية بالغة العذوبة، تقول كلماتها «دائما ستكونين بالنسبة لى كضوء القمر ـ ودائما سأحبك ـ سنكون فى غاية السعادة ـ لأننا عرفنا أن الحب يفسح مكانا لأفضل الأشياء».

سريعا، يأتى الوليد، دينس، يشبه والده تماما، بجمال ملامحه، وشعره الأحمر، بالرغم من أن جده «دراك» يزعم أنه يطابقه تماما فى الشكل.. «فندق ترانسلفانيا»، لا يخلو من المفارقات الكوميدية.. وربما أعمقها تتمثل فى خوف «دراكيولا» من البشر، شأنه فى هذا شأن والده العجوز «فلاد»، الذى يأتى من بعيد لحضور عيد ميلاد أحد سلالته، وأول ما يفعله، باهتمام، هو فحص فم «دينس»، بحثا عن الأنياب التى لا يجدها، فالطفل، نصف بشرى.. ولاحقا، حين يتقبل الجد الكبير الأمر، يبين أن أسنانه كلها، بما فيها الأنياب، صناعية، وأنه يهدف بها إثارة ذعر البشر، لأنه أصلا، يخشاهم.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل