المحتوى الرئيسى

الملك الظاهر بيبرس

10/24 20:20

بعد استتاب الامر للمماليك في حكم مصر بقياده السلطان ايبك بدا امر اقطاي يستفحل و احس السلطان عز الدين أيبك بزياده نفوذه خاصه بعدما طلب من ايبك ان يفرد له مكاناً في قلعة الجبل ليسكن به مع عروسه شجرة الدر فقرر قتله بالتعاون مع مملوكه سيف الدين قطز و المماليك المعزية فاستدرجه الي قلعه الجبل و اغتاله و القي براسه الي المماليك البحريه الذين تجمعوا تحت القلعه مطالبين بالافراج عنه و كان ذلك سنه 652 هـ / 1254م ففر المماليك البحريه من مصر الي سوريا و الكرك و سلطنة الروم السلاجقه و اماكن اخري و كان في مقدمتهم بيبرس و قلاوون الالفي و بلبان الرشيدي و سنقر الاشقر الذين فروا الي دمشقعاد بيبرس لمصر بعد ان ولاه سيف الدين قطز منصب الوزاره عام 1260 ميلاديه ليشتركا معا في محاربه المغول الذين كانوا في طريقهم الي مصر بعد اجتياحهم المشرق الاسلامي ثم العراق و اسقاطهم الدوله العباسيه في بغداد و قد ارسل “هولاكو” رسلا لقطز يحملون كتابا فيه تهديد ووعيد ان لم يخضعوا له. فعقد سيف الدين قطز اجتماعا مع وجهاء الدوله و علمائها و تم الاتفاق علي التوجه لقتال المغول اذ لا مجال لمداهنتهم و قد اختلي قطز ببيرس البندقداري الذي كان امير الامراء و استشاره في الموضوع فاشار عليه بان يقتل الرسل و ان يذهب الي كتبغا متضامنين فان انتصرنا او هزمنا فسوف نكون في كلتا الحالتين معذورين فاستصوب قطز هذا الكلام و قام بقتل رسل المغول و قد زاد من عزيمه المسلمين وصول رساله من “صارم الدين الاشرفي” و قد وقع اسيرا في يد المغول اثناء غزوهم الشام ثم قبل الخدمه في صفوفهم اوضح لهم فيها قله عددهم وشجعهم علي قتالهم وان لا يخافوا منهم و قد استفاد قطز من رحيل “هولاكو” الي فارس علي راس معظم جيشه بعد سماعه بوفاه اخيه الخان الاعظم فمن تبقي في الشام من عساكر المغول تحت قياده كتبغا يتراوح ما بين 10 الاف الي 20 الف رجل قام سيف الدين قطز بتقسيم جيشه لمقدمه بقياده بيبرس و بقيه الجيش يختبئ بين التلال و في الوديان المجاوره كقوات دعم او لتنفيذ هجوم مضاد او معاكس فقامت مقدمه الجيش بقياده بيبرس بهجوم سريع ثم انسحبت متظاهره بالانهزام لسحب خياله المغول الي الكمين و انطلت الحيله علي كتبغا فحمل بكل قواه علي مقدمه جيش المسلمين و اخترقه و بدات المقدمه بالتراجع الي داخل الكمين و في تلك الاثناء خرج قطز و بقيه مشاه و فرسان الجيش و عملوا علي تطويق و محاصره قوات كتبغا فعندئذ استعر القتال ولم يمض كثير من الوقت حتي هزم الجيش المغولي و قتل معظمهم بمن فيهم قائدهم كتبغاو بعد انتصار قطز علي المغول في عين جالوت ساق ورائهم لتحرير باقي مدن الشام فتحررت دمشق و حماه و حمص و ارسل بيبرس ليطرد التتار من حلب و يتسلمها و وعده بنيابتها فلما طردهم منها و تسلمها المسلمون استناب عليها غيره و هو “علاء الدين ابن صاحب الموصل” و كان ذلك سبب الوحشه التي وقعت بينهما فاقتضي قتل السلطان قطز سريعا فبعد عوده السلطان قطز من معركه عين جالوت منتصرا قاصدا مصر وصل ما بين الغزالي و الصالحيه فضرب دهليزه و ساق خلف ارنب  وساق معه بيبرس و معه الامراء الذين اتفقوا علي قتله فشفع بيبرس في شيء فشفعه فاخذ يده ليقبلها فامسكها و حمل عليه الامراء بالسيوف فضربوه بها و القوه عن فرسه و رشقوه بالنشاب حتي قتلوه ثم كروا راجعين الي المخيم و بايديهم السيوف مصلته فاخبروا خبرهم فقال بعضهم من قتله؟ فقالوا: ركن الدين بيبرس فقالوا له:انت قتلته؟ فقال: نعم فقالوا انت الملك اذاًبعد مبايعه بيبرس علي ملك مصر اواخر ذي القعده سنه 658 هـ دقت الطبول فرحا بذلك ودخل قلعه الجبل وجلس علي كرسيها وقد لقب نفسه اول مره بالقاهر فقال له الوزير: ان هذا اللقب لا يفلح من تلقب به تلقب به القاهر بن المعتضد فلم تطل ايامه حتي خلع وسملت عيناه ولقب به القاهر صاحب الموصل فسم ومات فعدل عنه حينئذ الي الملك الظاهر ثم شرع في مسك كل من يري في نفسه الرئاسه من اكابر الامراء حتي مهد الملكاراد بيبرس ان يضفي الي حكمه نوعا من الزعامه و النفوذ علي البلاد الاسلاميه و لكي يمنح دولته الفتيه نوعا من الشرعيه عمد الي احياء الخلافه العباسيه في القاهره ليقيلها من الانتكاسه التي اصابتها في بغداد علي يد المغول و عليه فقد ارسل في طلب احد ابناء البيت العباسي فوصل الي القاهره “ابو القاسم احمد بن الظاهر بامر الله” في رجب 659 هـ/يونيو 1261 م حيث قوبل بالتكريم و الاحترام و بعدها بايام عقد السلطان بيبرس مجلسا عاما بالديوان الكبير بالقلعه و استدعي كل اعيان البلد ثم قام السلطان امام الجميع فبايع الخليفه علي العمل بكتاب الله و سنه رسوله و علي الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و علي الجهاد في سبيل الله فتبعه الجميع بالمبايعه و لقب الخليفه المستنصر و قد شهد عهده نهضه معماريه و تعليميه كبيره حيث عمل علي انشاء العديد من المدارس في مصر و دمشق و منها المدرسه الظاهريه في دمشق التي بنيت عام 676 هجريه و ضمت المدارس مكتبات ضخمه كالمكتبه الظاهريه كما انشا عام 665 هجريه جامعا عرف باسمه الي اليوم في مدينه القاهره و هو جامع الظاهر بيبرس و الذي ما زال قائماً الي اليوم و تعرف المنطقه حوله باسم حي الظاهر و انشا مسجدا اخر ايضا باسمه في مدينه قليوب و لا بزال المسجد موجودًا حتي الان و يسمي الميدان الموجود فيه “ميدان بيبرس” بمدينه قليوب البلد كما عمل بيبرس علي انشاء الجسور و القناطر و الاسوار و حفر الترع و الخلجان و انشا مقياسا للنيل و قام باعمال اخري كثيره مثل تنظيم البريد فخصص له الخيل و بني كثيرا من العمائر اهتم بيبرس بتجديد الجامع الازهر فاعاد للازهر رونقه و قام بحملات من الترميم و التجميل حتي عاد له جماله و مكانته مره اخري و اعاد خطبه الجمعه و الدراسه الي الجامع الازهر بعد ان هجر طويلا و نصب اربعه قضاه شرعيين واحدا من كل مذهب من مذاهب السنه الاربعه بعد ان كان القضاء مقتصرا علي قاضي قضاه شافعي و في خارج مصر قام بعدد من الاصلاحات في الحرم النبوي بالمدينه المنوره و قام بتجديد مسجد ابراهيم في الخليل وزار بيت المقدس يوم الجمعه 17 جمادي الاخره 661 هـ / 1262 م فقام بتجديد ماقد تهدم من قبه الصخره و جدد قبه السلسله و زخرفها و رتب برسم مصالح المسجد في كل سنه خمسه الاف درهم و انشا بها خانا للسبيل نقل بابه من دهليز كان للخلفاء المصريين بالقاهره و قد زار بيت المقدس في شعبان سنه 664 هـ / 1265 م و اجري عليها تعميرات اضافيه و عمل علي اقامه دار للعدل للفصل في القضايا و النظر في المظالم ايضا قام بتوسعه مسجد الصحابي خالد ابن الوليد في مدينه حمصان العداء بين المماليك و المغول لم ينقطع منذ وقعه عين جالوت فبعد وفاه بدر الدين لؤلؤ والي الموصل و حليف المغول في شعبان 656 / اغسطس 1258 م خلفه ابنه الملك الصالح اسماعيل الذي هادن المغول اول الامر ثم انقلب عليهم و طردهم من الموصل و ارسل اخاه الي مصر لطلب المساعده من بيبرس ثم ذهب بنفسه و نسق معه فارسل “هولاكو” اليه جيشا تعداده عشره الاف فارس بقياده صندغون فحاصره فيها و ما ان علم بيبرس بذلك حتي ارسل اليه نجده تعدادها سبعمائه فارس وامر بخروج العساكر من دمشق و حلب فخرج صاحب حلب و هو شمس الدين البرلي في سبعمائه فارس من الغز و اربعمائه من التركمان و مئه من العربوقد ظل مغول فارس يتحينون الفرصه للحرب و خاصه “اباقا ابن هولاكو” الذي واصل سياسه ابيه العدائيه تجاه المسلمين فيما اتسمت سياسته مع الصليبيين بالود لكن الظاهر بيبرس وقف لهم دائماً بالمرصاد و استطاع ان يكسر شوكتهم مما دعا ابغا الي طلب الصلح و لجا في طلبه الي الترغيب و التهديد لكن بيبرس كان يعلم جيداً ان الصلح مع المغول امر لايرضي المسلمين و ذلك بسبب ما فعلوه في بغداد. و رغم ذلك واصل المغول هجماتهم علي الساجور لكن بيبرس ردهم خائبين ثم ما لبثوا ان هاجموا عين تاب لكن بيبرس هزمهم و هكذا قام بكسر التتار في اخرها عندما تحالف المغول مع سلاجقه الروم في اسيا الصغري فاعد حمله كبيره سنه 675 هـ لغزو سلاجقه الروم و في موقعه ابلستين حلت الهزيمه الساحقه بالمغول و حلفائهم من السلاجقه و قد فر زعيم السلاجقه بعد ان قتل عدد كبير من رجاله ورجال المغول ثم دخل بيبرس قيساريه، ودعي له علي منابرها وقدم له امراء السلاجقه فروض الولاء و الطاعه و قيل ان ابغا لما سمع بما فعله بيبرس برجاله في موقعه ابلستين اسرع الي هناك ليشتد غضباً بما وجده من الاف القتلي من المغول في حين لم ير احدا من السلاجقه مما جعله يامر بقتل ما يزيد علي مائتي الف من المسلمين السلاجقهو قد حقق الظاهر بيبرس انتصارات عديده علي المغول في موقعه البيره و حران و رد هجمات المغول المتتابعه علي بلاده الي ان قضي عليهم عند بلده ابلستين و ذلك في عام 675 هـ و بذلك حقق بيبرس ما كان يبتغيه من تامين لجبهته الخارجيه و حدود دولته و قد دام حكمه حوالي سبعه عشر عاماًتوفي الظاهر بيبرس يوم الخميس 27 محرم من عام 676 هجريه  2 مايو 1277 ميلاديه و دفن في المكتبه الظاهريه في دمشق تولي من بعده اكبر اولاده ناصر الدين الحكم الا ان اولاد بيبرس لم يدم لهم الحكم طويلاً ثم تولي الحكم المنصور قلاوون

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل