المحتوى الرئيسى

قانون "القنب الهندي".. فرض للنظام أم أداة لإسكات المعارضين في تونس؟

10/24 16:45

اعادت حادثه اعتقال ثم تبرئه مغني الراب التونسي كلاي بي بي جي، الذي اشتهر باغانيه المعاديه للسلطه، من تهمه استهلاك ماده القنب الهندي، او ما يُعرف بالعامية التونسية بـ"الزطله"، الجدل القائم حول جدوي النصوص القانونيه والعقوبات السالبه للحريه التي تضمنها الفصل 52 من قانون المخدرات في تونس.

فيما لم يرَ قانون المخدرات الجديد النور حتي اللحظه، رُغم اقرار وزير العدل، المعفي من مهامه مؤخراً، جهوزيته كي يتم عرضه علي مجلس الشعب للتصويت عليه.

بعض المحامين والنشطاء في مجال حقوق الإنسان ذهبوا الي التحذير من خطوره القانون القديم، كما دعوا الي تنقيحه، معتبرين انه اصبح اداه قانونيه في يد كل من يمتلك السلطه في تونس لاسكات كل صوت معارض او ثائر، علي حد وصفهم.

وتحظي ظاهره استهلاك ماده "الزطله" المخدره بارتفاع ملحوظ في صفوف المراهقين في تونس داخل الوسط المدرسي، حيث ينشط مروجو هذه الماده، بهدف الايقاع بضحاياهم من المراهقين، كما بلغ عدد مستهلكيها في البلد، وفق دراسه اجرتها جمعيه "فورزا تونس"، بنحو 3 ملايين شخص، 30% منهم اناث.

الناشط الحقوقي والمدوّن التونسي عزيز عمامي كانت له تجربه خاصه في عالم السجون التونسيه بعد ان تم ايقافه بتهمه تعاطي "الزطله" في شهر مايو 2014 وتم بعدها تبرئته.

يقول عمامي في تصريح لـ"هافينغتون بوست عربي" ان اغلب التهم التي وُجهت له من قبل رجال الشرطه "كانت كيديه، وهدفها الاساسي تصفيه حسابات السلطه مع الاصوات المعارضه ومعه شخصياً".

ويضيف ان هذه التهم وُجهت له بعد اطلاقه حمله "انا ايضاً حرقت مركزاً"، التي كانت تهدف حينها لمسانده كل الموقوفين علي ذمه قضايا حرق مراكز الامن خلال الثوره.

ويري عمامي ان النصوص الجزائيه في تونس، وليس فقط قانون المواد المخدره، هي بمثابه السلاح القانوني بيد الشرطه، "يوجهونها كما يشاؤون لكل من يتجرا علي نقد او تجاوز واقع سلطتهم اليوميه في المجتمع، سواءً كان مدوناً او مغني راپ او تاجراً"، ويؤكد انه "يكفي ان تكون مواطناً بالمعني الحقيقي كي تصير مستهدفاً".

ويذهب الي اعتبار ان قانون المخدرات في تونس يحتوي في العديد من جوانبه سماحاً "بالاعتداء المباشر علي الحرمه الجسديه للاشخاص الموقوفين"، واضاف: "بالنسبه لي لم اطالب يوماً باستبدال العقوبات، بل طالبت بالتخلي عن التجريم نهائياً، فالحشيش عاده استهلاكيه، قد تكون جيده او سيئه، لكنها لا ترتقي لدرجه الجريمه، اذ انها لا تنطوي علي اي اعتداء، وهو ما يميز الجريمه عن غيرها من الممارسات المجتمعيه".

واعتبر عمامي ان هذا القانون، باتباعه اجراء التحليل، الذي صار من التقاليد القضائيه، علي عينه تؤخذ قسراً في غالب الاحيان، "يتجاوز اساس القانون، الذي يقول ان المتهم بريء الي ان تثبت ادانته، وان البينه علي من ادعي. اي انه ليس من المعقول ان يكون الشخص مجبراً علي تقديم عينه من جسده ليثبت براءته من عدمها، بل علي من ادعي عليه ان يثبت ادانته".

مبادره "السجين 52" والمطالبه بتنقيح القانون

المحامي غازي مرابط، العضو المؤسس لمبادره "السجين 52"، يقول لـ"هافنغتون بوست عربي": "كنا اول من اطلق مبادره السجين 52 في مارس 2014، التي دعونا خلالها الحكومه الي تنقيح القانون 52 من النصوص الجزائيه والتخفيف من عقوبه مستهلكي ماده "الزطله"، كما طالبنا خلالها باطلاق حوار وطني شامل بهدف تعديل القانون".

ويضيف ان القانون رغم صرامته "لم ينجح عبر اساليبه الزجريه في التصدي لهذه الافه التي انتشرت بشكل رهيب بين صفوف الشباب، لاسيما المراهقين منهم، كما دعونا الي استبداله بعقوبات اقل حده علي غرار السجن مع تاجيل التنفيذ او تسليط عقوبه ماليه اكبر او عقوبه العمل لفائده المصلحه العامه".

ثلث سجناء تونس تهمتهم استهلاك المخدرات

واكد المحامي مرابط ان نحو ثلث قضايا الموقفين والسجناء في تونس متعلقه بجرائم استهلاك مواد مخدره، "وهذا دليل علي ارتفاع نسبه استهلاك المواد المخدره بتونس بشكل كبير رغم وجود القانون".

مرابط انتقد في الوقت ذاته "تلفيق بعض القضايا الباطله والتهم الكيديه المتعلقه باستهلاك "الزطله" لمجموعه من موكليه؛ بهدف اسكات الاصوات الحره والمعارضه للسلطه"، علي حد وصفه.

التعامل مع مدمن المخدرات كمريض وليس متهماً

وفي هذا الصدد، تقول النائبه بشري بلحاج حميده، رئيسه لجنه الحقوق والحريات بمجلس الشعب، انها كانت ولا تزال من المنتقدين للقانون الزجري الخاص باستهلاك المواد المخدره، وتحديداً ماده الزطله التي اقرها المشرّع التونسي.

واوضحت انها دعت الي "ضروره استحداث عقوبات بديله في جرائم المخدرات، واعتبار المستهلك مدمناً ومريضاً وجبت معالجته، لا مجرماً تجب معاقبته والزج به السجن".

بلحاج حميده دعت القضاه الي ترك المشتبه باستهلاكهم لهذه الماده المخدره بحاله سراح، واضافت: "اتضح بالتجربه ان الحلول الزجريه مع مدمني المخدرات لم تعط اي نتيجه ايجابيه، ففي كل بلدان العالم يقع التعامل مع مدمني هذه الماده وغيرها باتباع اساليب العلاج وليس معاقبتهم، فالادمان مرض ويعالج بمد يد المساعده والمداواه وليس عن طريق رمي المستهلكين في السجون".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل