المحتوى الرئيسى

"عقبة بن نافع" و"راعي الغنم"...كابوس يقض مضاجع سكان الجبال

10/23 10:35

لم يمر علي اعلان السلطات التونسيه، القضاء علي معظم قيادات كتيبه "عقبه بن نافع"، جنوبي البلاد، سوي 3 اشهر ونيف، حتي ظهرت الكتيبه من جديد عبر اعدامها راعي اغنام، في محافظه القصرين (وسط غرب)، في حادثه القت بظلالها السلبيه علي سكان المنطقه الذين بدا البعض منهم بالنزوح.

وبعد اختطافه بيومين في جبل "سمامه" بمحافظه القصرين، اعلنت كتيبه عقبه بن نافع عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، في الـ14 من الشهر الجاري، اعدامها لراعي الغنم، نجيب القاسمي.

ويقع جبل سمامه، قرب جبل الشعانبي الذي تتحصن فيه الكتيبه، المرتبطه بتنظيم القاعده في بلاد المغرب الاسلامي.

وقالت الكتيبه في تغريده لها "نعلن مرحله جديده في الصراع مع الطواغيت واعوانهم واوليائهم الذين يعاونون بالابلاغ عن المجاهدين"، في وقت اعادت فيه نشر تحذير اطلقته في سبتمبر/ايلول الماضي، جاء فيه: "ننصح المغرر بهم من الرعاه، وحراس الغابات والمتعاونين مع حكومه الرده، الا ينخدعوا بوعود الطاغوت".

وقبل هذه الحادثه، اعتقد مراقبون ان الكتيبه قد انتهت، لاسيما بعد اعلان وزير الداخليه التونسي، ناجم الغرسلي،  في الـ 13 من تموز/يوليو الماضي، القضاء علي معظم قياداتها خلال عمليه امنيه تم تنفيذها ضد عناصر وصفها بـ"الارهابيه"، في محافظه قفصه، جنوبي البلاد.

وذكر الوزير في مؤتمر صحفي، انذاك، ان العمليه التي جرت في العاشر من الشهر نفسه "اسفرت عن مقتل 5 عناصر ارهابيه، ابرزهم مراد الغرسلي، المُكني بابي البراء، والذي خلف الجزائري، خالد الشايب، الملقب بلقمان ابو صخر، في قياده التنظيم، بعد مقتل الاخير في عمليه امنيه مماثله في مارس/اذار الماضي، بمحافظه قفصه".

الاناضول زارت منطقه جبل سمامه، والتقت عددًا من سكانها بينهم عائله الراعي، والذين عبروا عن مخاوفهم من عوده هذا التنظيم، في الوقت الذي بدا فيه البعض، في حزم امتعته والرحيل من المكان، خوفًا علي حياته.

"كنا نعيش هنا بدون ماء صالح للشرب وقلنا لا مشكله.. نتحمل السير دون طريق تصلنا بالمدينه وقلنا لا مشكله.. بطاله وفقر ومنسيين، ايضاً ليس مشكله، لكن هذه المره ياتينا الذبح!"..كلمات اختزلت بها المسنه محبوبه، والده نجيب، احساسها بعد فاجعتها الاخيره بنجلها.

وتساءلت في حديثها مع الاناضول: "ما الذي يُبقينا في هذه المنطقه؟ (   ) بعض الاغنام سنبيعها ونهجر المكان".

ما عبرت عنه محبوبه، تحدث عنه الكثير من اهل المنطقه، الذين تساءلوا عن الضامن لهم من ان هذه المجموعات "الارهابيه" لن تستهدف المنازل والاطفال والفتيات.

الهادي القاسمي، قال: "وراء هذه الربوه منزل عمي الذي شحن اليوم ادباشه (اغراضه)، ورحل، خوفًا علي حياته وحياه ابنائه".

اما يوسف القاسمي، الذي يعمل بمدينه القصرين (تحمل اسم المحافظه نفسه)، فانتقد موقف السلطات، قائلًا: "يبدو اننا كمواطنين هنا، لا نعني شيئا للسلطات، هددوا ثم نفذوا (يقصد الكتيبه) ولا يوجد من يطمئننا علي حياتنا، نحن خارج حسابات الجميع، اصبحنا ضحايا، واصبح الخوف يلازمنا".

واضاف: "الجميع هنا مستاء ومذهول وخائف، ولا حل الا الهجره، لا نستطيع مواجهه السلاح، ولا بوادر لحمايتنا".

وتابع معربًا عن استغرابه من رد فعل السلطات: "كان الامر عادي، فعندما تحركوا (المسؤولون) زاروا منزل المرحوم نجيب، ولكن المساله تتعلق بالمنطقه باكملها، كيف نؤّمن علي انفسنا بعد هذه الحادثه".

سامي، شقيق الراعي، اصبح يخاف علي حياته من الموت علي ايدي عناصر الكتيبه، كما يقول: "كنت دائمًا ارافق اخي في رعي الاغنام بالجبل، اليوم اصبحت مهددًا، سواء في المنزل او خارجه، فقدنا مرعي اغنامنا نهائيًا، وفقدنا بذلك ما يساعدنا علي التصدي للتكاليف المرتفعه لتربيه الحيوانات".

لكنه بدا اكثر اصرارًا من غيره، علي البقاء، شرط توفر "الاطمئنان والامن"، مستطردًا: "اذا ما اظهرت الدوله الاهتمام بالامن، مثل توفير دوريه مراقبه قريبه من المنطقه، والاهتمام بالسكان وظروف حياتهم، وقتها سنتمسك بارضنا، وخلاف ذلك سيهيمن الخوف علينا وسيزداد".

غير انه اردف بقوله: "لا شيء تغير علي المستوي الامني، والاكثر ايلامًا، هو ان السلطات العليا في البلاد لم تولِ اهميه ولا اعتبارًا لما حدث لاخي، حيث لم يحضر اي مسؤول حكومي جنازته (رغم حضور محافظ القصرين)".

ليتدراك سامي برهه، ويقول انه معني بالابلاغ عن هؤلاء المسلحين "لتوقي شرهم"، مضيفًا "في النهايه هم لن يربحوا معركه الترهيب والتخويف وان نجحوا في نشر الخوف".

ولم يصدر عن السلطات الرسميه اي بيان يؤكد فيه او ينفي، ما ذكرته الكتيبه حول تعاون نجيب مع قوات الامن، لكن عائله الراعي تؤكد ان نجلها وبحكم توغله يوميًا داخل الجبل كان يتصل بالسلطات لمعرفه ما اذا كان هناك قصف في الجبل ليتفاداه.

ويقول سامي ان شقيقه "كان علي اتصال بالجهات الامنيه والعسكريه، وان الجيش كان يبلغه اذا ما قرر قصف الجبل حتي لا يكون هدفًا".

وخوفًا او حذرًا، لا يجيب احد من العائله بشكل قاطع ما اذا كان نجيب معنيًا بالتعاون مع السلطات الامنيه، خشيه انتقام الكتيبه، لكن الجميع يشتركون في التاكيد علي ضروره التدخل العاجل للقضاء علي هذه "الافه".

ويسكن جبال "الشعانبي"، و"السلوم" و"سمامه" والمناطق المحاذيه، نحو 50 الف شخص، وفقًا لاحصائيه صادره عن المعهد الوطني للاحصاء (حكومي)، العام الماضي، لكن هذه الارقام في تراجع، وذلك بعد اعلان السلطات ان المنطقه مغلقه، وشن عمليات عسكريه فيها تعقبًا لجماعات ارهابيه منذ 2013.

وفي مثل هذه المناطق الريفيه حيث ترتفع نسبه البطاله ولا تبدو الانشطه الزراعيه  قادره علي استيعاب الكثيرين، يلجا البعض الي النزوح للمدن الساحليه للعمل في مجال البناء، تاركين وراءهم الابناء والزوجات وحدهم، لكن بعد هذه الحادثه يصر اغلبهم علي ان الامر الان اصبح خطرًا وغير مامون، بعد تهديد الكتيبه.

يسري الدالي، باحث امني، قال للاناضول ان "كتيبه عقبه بن نافع بقتلها نجيب القاسمي وتبنيها العمليه، ترسل رسائل محدده، منها انها باتت تشعر بتهديد فعلي من السكان، بعد قطع الاسناد اللوجستي الذي استفادت منه لفتره طويله عبر شبكات من بينها التهريب".

واضاف: "الكتيبه ووفقًا لابحاث امنيه، كانت سخيه في تقديم مقابل للدعم والمؤونه، وجرّت الكثيرين من المواطنين للتعاون، وقد تمكنت الاجهزه الامنيه من تفكيك هذه الشبكات، وهو ما دفع الكتيبه للقيام بعمليات سطو علي المنازل، والمحلات في مرحله اولي حتي وصلت الي الاختطاف".

واستطرد بقوله: "رساله اخري وجهتها الكتيبه لساكني المناطق القريبه من الجبال بان تعاونوا معنا، او مصيركم الموت، وهي رساله يجب ان تتلقفها الجهات الحكوميّه".

وراي الباحث الامني انه كان يجب علي الجهات الحكوميه، بعث رساله طمانه للسكان، بان الدوله تقف الي جانبهم.

لكن ذلك، بحسب الدالي، لم يحصل، اذ اضاف "لم يحضر اي مسؤول حكومي جنازه نجيب، وهو امر غريب يؤكد ان الطمانه لم تصل للسكان، وهو امر قد يخدم الكتيبه ويساعدها في ترهيب الاهالي".

الجهات الحكوميه، ورغم ان تمثيلها في جنازه الراعي، كان ضعيفًا، واقتصر فقط علي حضور محافظ القصرين، الشاذلي بو علاق، الا ان كاتبه (وزيره) الدوله المكلفه بملف الشهداء وجرحي الثوره، ماجدولين الشارني، زارت لاحقًا، عائله الفقيد، لتقديم التعازي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل