المحتوى الرئيسى

جذور الصراع فى سوريا «7»

10/21 12:18

العجز الشعبي تجاه مساله تعديل الدستور السوري من اجل تولي بشار الاسد السلطه خلفا لابيه حافظ، خلق اجماعا ظاهريا علي تجميل الماساه، او بمعني اصح، اكسب الوضع قناعه اضطراريه.

بعد ذلك خرج البعض ليؤكد ان بشار هو الرئيس الضروره في هذا الوقت، لا لشيء سوي لان ابيه هو حافظ الاسد، الذي حكم البلاد لاكثر من 30 سنه، كان فيها الامر والناهي، سواء في الوطن المزدحم بالصراعات، او في حزب البعث، الذي تمكن تماما من مفاصل الدوله.

كان الرائج اعلاميا في سوريا وقتها هو التفاؤل بوصول جيل جديد الي السلطه، لاسيما مع التغيير الذي بدا يطرا في سلطه بعض الممالك العربيه وقتها، من تولي الملك عبدالله عرش الاردن، خلفا لوالده الملك حسين، وتولي الملك محمد السادس عرش المغرب، خلفا لوالده الملك الحسن، ولم يكن الملكان الشابان قد تعدا السادسه والثلاثين من عمرهما عند توليهما عرش بلديهما.

في خطاب تسلم بشار للرئاسه في يوليو عام 2000، سال القائد الشاب الجديد ان يقدم له افكارا جديده، وان يجدد له افكاره القديمه، ثم بعد خمسه ايام اصدر مرسومًا يدعو الي اقامه فروع للتكنولوجيا والانترنت في جامعات سوريا الاربع، وقال نصا في خطابه ذلك: "ان الفكر الديمقراطي يستند الي اساس قبول الراي، وهو طريق ذو اتجاهين"، مشيراً الي انه "لا يجوز تطبيق ديمقراطيه الاخرين علي انفسنا، بل يجب ان تكون لنا تجربتنا الديمقراطيه الخاصه بنا المنبثقه من تاريخنا وثقافتنا وشخصيتنا الحضاريه".

ظهر علي بشار في بدايه عهده انه يهوي الكلام والتنظير والحذلقه بالتعبيرات، كما ظهر عليه حبه وشغفه بالتكنولوجيا والعولمه والتقدم في كل المجالات، وكذلك ظهر ايضا اهتمامه بمواقف حسن نصر الله امين حزب الله اللبناني.

كل هذا، وخصوصا المظهر الثاني، جعل المثقفين والسياسيين يقومون بمراجعات لسياسات حكومتهم، بعد ان ضربتها رياح التغيير الشبابيه التقدميه المتمثله في بشار، لذا دعا بشار هؤلاء للتعاون بالراي، وبشكل ديمقراطي حر، وهو ما سماه البعض بمسمي "ربيع دمشق"، تاثرا بـ "ربيع براغ"، الذي قاده دوبتشك في تشيكوسلوفاكيا اواخر الستينيات.

شهدت سوريا بالفعل خلال فتره ما سُمي بـ"ربيع دمشق"، انفتاحاً سياسياً وفكرياً واجتماعياً، وهي التي امتدت من 17 يوليو 2000، وهو تاريخ اول خطاب للرئيس السوري الشاب، حتي 17 فبراير 2001، وهو تاريخ انتهاء هذا الربيع، حيث قامت اجهزه الامن بتجميد نشاط المنتديات الفكريه والثقافيه والسياسيه.

وعلي قصر الفتره، 7 اشهر تقريباً، الا انها شهدت مناقشات سياسيه واجتماعيه ساخنه من ناحيه، ومن ناحيه اخري فقد كان لها صدي ما زال يتردد في النقاشات السياسيه والثقافيه والفكريه السوريه حتي اليوم.

في نهايه سبتمر من عام 2000، وبعد مرور شهرين تقريباً علي بدء الربيع، صدر بيان سمي "بيان الـ99"، وقع عليه 99 مثقفاً سورياً، طالبوا برفع حال الطوارئ، واطلاق الحريات العامه، والافراج عن المعتقلين السياسيين، وفي مطلع عام 2001 صدر بيان اخر من مجموعه من المحامين السوريين طالب بمراجعه دستوريه شامله، وبالغاء القوانين والمحاكم الاستثنائيه واطلاق الحريات العامه.

تزايد ظاهره المنتديات السياسيه والفكريه في مختلف المدن السوريه، بمشاركه من مختلف الاطياف، بما فيها شخصيات من حزب البعث، وعلي الرغم من رفض السلطات اعطاء "منتدي جمال الاتاسي" لمؤسسته سهير الاتاسي، والذي يديره تيار عربي ناصري معارض ترخيصاً بنشاطاته، الا انه تابع اجتماعاته، واعلن انه منتدي مستقل عن الاحزاب، وقام بتعيين المحامي حبيب عيسي ناطقاً باسمه. في اليوم التالي صدر الرئيس السوري عفواً عن مئات المعتقلين من جميع التيارات الاسلاميه واليساريه.

مع نهايه شهر يناير من العام 2001 صرح وزير الاعلام عدنان عمران بان "دعاه المجتمع المدني استعمار جديد"، وفي 18 فبراير شن عبد الحليم خدام، نائب الرئيس السوري انذاك، هجوما علي المثقفين بقوله "لن نسمح بتحويل سوريا الي جزائر او يوغوسلافيا اخري"، فيما وجهت قيادات حزب البعث وقيادات الجبهه الوطنيه التقدميه حمله مضاده للمنتديات، وبالفعل نجحت هذه الحمله في دفع السلطات الي الاعلان عن تعليق انشطه المنتديات، ووضعت شروطا لعقدها تتمثل في اخذ الاذن قبل 15 يوما من الموعد، مرفقه بقائمه تضم اسماء الحضور ونسخه من المحاضره التي ستلقي، وهو ما يمثل مطالب تعجيزيه بدي للبعض انها تهدف لوقف النشاطات بدل تنظيمها.

فمن بين 70 منتدي كان موجودا قبل فرض تلك القيود، سمح لاثنين فقط بالاستمرار، هما منتدي سهير الريس، النائبه البعثيه في اللاذقيه، ومنتدي جمال الاتاسي في دمشق.

ومع نهايه فبراير 2001، وجه بشار نفسه انتقاداً للبيانات السياسيه، وقال انه لم يقرؤها بل سمع عنها، واضاف: "شخص يخاطبك من خارج بلدك فمن الطبيعي ان لا تهتم به، النقطه الثانيه، سُميت بيانات مثقفين، هل هم مثقفون فعلاً ام ماذا؟".

فيما اصدر الاخوان وثيقه تبنت معظم اطروحات بيانات المثقفين، ودعت الي العمل السلمي تحت سقف التعدديه السياسيه، وسميت وثيقتهم "ميثاق الشرف الوطني"، وطرحت للنقاش علي المعارضه وعلي السلطه.

الا ان ذلك اصطدم بما صرح به الاسد في منتصف مارس، اثناء حضوره مناورات للقوات المسلحه، فقال: "في سوريا اسس لا يمكن المساس بها، قوامها مصالح الشعب واهدافه الوطنيه والقوميه والوحده الوطنيه، ونهج القائد الخالد الاسد والقوات المسلحه".

وفي منتصف ابريل صدرت الوثيقه الثانيه للجان احياء المجتمع المدني تحت عنوان "توافقات وطنيه عامه"، ومن بعدها ظهر بيان لـ185 مثقفاً ومُبعداً يتضامنون مع البيانات الصادره داخل الوطن، ومطالبين باطلاق الحريات العامه، والسماح بعوده المبعدين، وبعد ايام يرد مصطفي طلاس، وزير الدفاع السوري السابق، بقوله: "اننا اصحاب حق ولن نقبل بان ينتزع احد منا السلطه، لانها تنبع من فوهه بندقيه ونحن اصحابها، لقد قمنا بحركات عسكريه متعدده، ودفعنا دماءنا من اجل السلطه".

ومن جانب اخر يعلن عدد من الناشطين السوريين تاسيس جمعيه لحقوق الانسان، وينتخبون المحامي هيثم المالح، رئيساً لها.

وكان ربيع دمشق فرصه راي فيها الكثيرون طريقاً نحو التغيير الديمقراطي في سوريا، بالتوافق ما بين السلطه والمجتمع، ما قد يجنب البلاد الكثير من العثرات، خصوصاً بوجود معارضه سوريه وطنيه، تؤمن بالتغير السلمي والتدريجي، وظهور موقف من قبل الاسلاميين، يتلاقي مع مواقف المعارضه الاخري.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل