المحتوى الرئيسى

"الفزعة"..سلاح فلسطيني يقاوم هدم الاحتلال للمنازل بالضفة

10/21 08:55

بلثام، وحجاره، وعبوات فارغه، وحاويات قمامه، يحرس شبان فلسطينيون في مناطق بالضفة الغربية، منازل مواطنين مهدده بالهدم من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيليه، في محاوله منهم للتصدي لهذه العمليه، تحت مسمي ما يطلقون عليه "الهبه" او "الفزعه" التي يعتبرونها احدي صور "التعاضد والتلاحم".

ففي مدينة نابلس، شمالي الضفه، يغلق شبان ملثمون، مع منتصف الليل، طرقات مؤديه الي عدد من تلك المنازل، بالحجاره، وحاويات القمامه، ويشعلون النيران،  متسلحين بالحجاره، والعبوات الفارغه والحارقه، يترقبون دخول قوات من جيش الإحتلال الإسرائيلي.

وكانت السلطات الاسرائيليه، سلمت الاسبوع الماضي، عائلات في نابلس، اخطارات بهدم منازل المعتقلين كرم المصري (في حي خله الايمان)، ويحيي حمد (في حي الضاحيه)، وسمير كوسا (حي الجبل الشمالي)، الذين تتهمهم بالمشاركه في عمليه قتل اثنين من مواطنيها، قرب مستوطنه "ايتمار"، مطلع الشهر الجاري، وهو ما تنفيه عائلاتهم.

وجاءت هذه الاخطارات في اعقاب تعليمات اصدرها رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بهدم منازل منفذي عمليات ضد اهداف اسرائيليه علي وجه السرعه، في محاوله منه لردع الفلسطينيين من تنفيذ مثل تلك الهجمات التي اودت بحسب احصائيات الي مقتل عدد من الاسرائيليين، وجرع العشرات.

في المقابل، دعت الفصائل الفلسطينيه، منذ عده ايام، عبر مكبرات الصوت في المساجد، المواطنين للحشد والرباط عند المنازل المهدده بالهدم، في نابلس، لحمايتها ومنع الجيش من هدمها.

الساعه كانت تقترب من الثانيه بعد منتصف الليل، بالتوقيت المحلي، (12 تغ)، والشاب ابو العز، يرابط بصحبه ثله من رفاقه، بالقرب من منزل احد المعتقلين، في حي "خله الايمان" بمدينه نابلس.

ابو العز (19عاماً)، يقول بينما كان يرتدي لثاماً علي وجهه:" منذ عده ايام ونحن نرابط هنا، نغلق الشوارع، ونشعل النيران في اطار المركبات الفارغه، ونراقب تحركات الجيش".

ويضيف ابو العز الذي كان يرابط بالقرب من منزل المعتقل كرم المصري، احد المتهمين بقتل مستوطنين اثنين، مطلع الشهر الجاري، "نهدف الي حمايه البيوت المهدده بالهدم، ومنع الجيش من تنفيذ مثل تلك القرارات، هذه بيوت اصدقائنا، وجيراننا (..) ما نقوم به عمل وطني".

ووفق ما يقوله هذا الشاب، فانه يرابط يومياً لحمايه المنازل: "ناتي الي هنا يومياً، ونبقي حتي بزوغ الفجر، استطعنا السبت الماضي منعهم (الجيش الاسرائيلي) من الوصول الي منزل المعتقل (كرم المصري)".

وعن دافعه يستطرد بقوله: "هذا عمل انساني واخلاقي، تدفعني اليه وطنيتي، كل بيت فلسطيني مهدد بالهدم، الاحتلال لا يحتاج الي مبررات لتنفيذ مثل هكذا افعال".

والي جانب ابو العز الذي فضل عدم الكشف عن اسم عائلته، تحسباً من الملاحقه الامنيه لهم، شاب اخر يخفي وجهه بالكوفيه الفلسطينيه، ويحمل بيده مقلاعاً، يساعده علي رشق الحجاره باتجاه القوات الإسرائيلية.

 و"المقلاع" عباره عن حبلين متوازيين، تتوسطهما وتربط بينهما رقعه، يوضع فيها الحجر، ويمسك القاذف الحبلين من طرفيهما، ويقوم بالتلويح دائرياً فوق راسه قبل ان يفلت احد الحبلين،‏ فيندفع الحجر في الهواء بقوه كبيره منطلقًا نحو هدفه.

يقول هذا الشاب الذي فضل هو الاخر عدم الكشف عن اسمه، لنفس الداعي الامني: "نحن هنا لحمايه المنازل المهدده بالهدم، يدفعنا الي ذلك اننا نواجه الاحتلال".

وعن امكانيه قدرتهم علي حمايه المنازل، يتابع بقوله: "نسال الله ان نستطيع ذلك، ولكن ما نفعله هو رساله للاحتلال، بان هذه العائلات ليست وحيده، وهؤلاء الشبان (المعتقلون) هم اخوتنا، وبيوتهم بيوتنا (...) سنعيق تنفيذ عمليات الهدم بكل قوتنا".

يُكمل الشاب حديثه بينما كان يعمل علي تسكير شارع يؤدي الي منزل (المصري)، باله حديديه، في محاوله منه لعرقله سير الاليات الاسرائيليه: "علي الاحتلال ان يعلم ان تنفيذ اي من مخططاته ليس بالامر السهل، عليه ان يري منا اولاً ما لا يتوقعه من مقاومه".

ووفق هذين الشابين، فان المنزلين الاخرين يتلقيان حمايه مماثله من قبل شبان، يسهرون يومياً، بالقرب منهما، في كل من حيي الضاحيه، والجبل الشمالي.

وتساهم هذه الحراسه الليليه من قبل الشبان، في رفع معنويات اصحاب البيوت المستهدفه، وعن ذلك بارك ايمن، احد اقارب المعتقل المصري، الهبه الشعبيه او ما يطلقون عليها باللهجه المحليه "الفزعه"، واعتبرها "تضامن وتعاضد ابناء الشعب الفلسطيني مع بعضهم البعض".

وقال المصري للاناضول: " هذا دور كبير ينم عن تكاثف وتعاون وتعاضد الشارع الفلسطيني في مواجهه المخاطر الاسرائيليه"، مشيراً الي ان نحو 30 فرداً يعيشون في منزل قريبه المهدد بالهدم.

ووصف ما يجري بانه "مناف للقانون الدولي والانساني"، داعياً السلطة الفلسطينية، وقواها الامنيه الي حمايه المنازل ايضاً، قائلا:" منازلنا تقع في المناطق المصنفه (ا) حسب اتفاق اوسلو وتعطي السلطه كامل الحق في الدفاع عنها، وحمايتها وفق الاتفاقيات".

واشار الي ان اقاربه قدموا اعتراضاً لدي المحاكم الاسرائيليه لايقاف قرار الهدم.

ووفق اتفاقيه اوسلو الثانيه الموقعه بين السلطه الفلسطينيه واسرائيل عام 1995 تم تقسيم الضفه الغربيه الي 3 مناطق "ا" و"ب" و "ج".

وتُمثل المناطق "ا"، 18% من مساحه الضفه، وتسيطر عليها السلطه الفلسطينيه امنيا وادارياً، اما المناطق "ب" فتمثل 21% من مساحه الضفه وتخضع لاداره مدنيه فلسطينيه وامنيه اسرائيليه.

فيما المناطق "ج" والتي تمثل 61% من مساحه الضفه، تخضع لسيطره امنيه واداريه اسرائيليه.

ويتكرر مشهد الحراسه الليليه، في بلده سلواد، الواقعه الي الشرق من رام الله، وسط الضفه الغربيه، وفي مخيم قلنديا الي الشمال من مدينه القدس، حيث عشرات الشبان يرابطون ليلاً، لمنع الجيش الاسرائيلي من هدم مساكن كان قد اخطرها بالهدم، وفق سكان محليين.

وكانت اللجنه الدوليه للصليب الاحمر، طالبت السبت الماضي، الحكومة الإسرائيلية "بالتوقف فوراً عن تنفيذ قرارها بهدم منازل لفلسطينيين في الضفه الغربيه، كاجراء عقابي بحقهم"، معتبره ان عمليات الهدم "ترتقي الي منزله العقوبه الجماعيه المحرمه دوليًا".

وسبق ان نجحت محاولات فلسطينيه مشابهه، في منع عمليات هدم، كانت احداها في مخيم شعفاط الواقع شرق القدس، العام الماضي، حيث تصدي فلسطينيون بالحجاره والعبوات الحارقه، لمحاوله هدم منزل ابراهيم العكاري الذي قتلته القوات الاسرائيليه بزعم محاولته تنفيذ عمليه دهس.

وفي قطاع غزه، ايضاً، نجحت عده محاولات خلال الحروب الاسرائيليه الاخيره، في تشكيل دروع بشريه حالت دون استهداف منازل، لدي تجمع مواطنين اعلاها عندما كان يُطالب الجيش الاسرائيلي، اصحابها باخلائها استعداداً لقصفها.

لكن في المقابل اخفقت محاولات اخري  في قطاع غزه، حيث لم تفلح اجساد المدنيين العزل خلالها في ان تقف حائلاً دون استهداف المقاتلات الاسرائيليه، لمنازل، بينها عائله كوارع في مدينه خانيونس (جنوب)، خلال حرب 2014، ما اسفر عن مقتل 7 فلسطينيين، وجرح اخرين، الي جانب عائله القيادي في حركه حماس، نزار ريان، في مخيم جباليا (شمال)، خلال حرب 2008-2009، ما اسفر عن مقتله مع زوجاته الاربع، و12 من اطفاله.

وفي القدس، هدم الجيش الاسرائيلي في السادس من اكتوبر الجاري، منزلي  غسان ابو جمل، ومحمد جعابيص، في حي جبل المكبر، جنوب شرقي المدينه، واغلق غرفه في منزل معتز حجازي، في حي الثوري ، جنوبي المسجد الاقصي.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل