المحتوى الرئيسى

التكنولوجيا والبشر، من يقود من؟! - ساسة بوست

10/20 13:41

منذ 10 دقائق، 20 اكتوبر,2015

“انها قادمه، ولا اعتقد ان من الممكن ايقافها”، هكذا عبرت ماري لوجيبسين الباحثه في مختبرات غوغل اكس التابعه لشركة غوغل قبل عامين وهي تبشر العالم بولاده نظارات “جوجل كلاس” الذكيه.

لكن ما وقع هو العكس تمامًا، فلم يمض عام واحد علي طرحها في الاسواق بثمن 1500 دولار، حتي اعلنت غوغل بدايه العام الجاري وقف تسويق نظاراتها الذكيه حتي اشعار اخر بسبب الاقبال الضعيف عليها من الجمهور.

بدا الامر صعبًا علي الفهم لحظتها، بالنسبه لمسؤولي الشركه نتيجه الصدمه غير المتوقعه، فالنظاره الذكيه مثلت طريقه جذريه جديده للغايه للتواصل مع العالم، عبر ما يشبه شاشه كمبيوتر متصله بالانترنت علي جبينك، وتستطيع التقاط الصور والفيديو والصوت بطريقه فوريه، ناهيك عن سهوله التحكم بها بمجرد اشارات بالاصبع او الصوت، دون ان ننعزل عن العالم كما الشان مع الهاتف والحاسوب، بيد ان كل ذلك لم يجعلها تحظي بقبول لدي جماهير مستهلكي الادوات التقنيه. تم تفسير ذلك بان هذه التكنولوجيا سابقه لاوانها ولم يصل المجتمع البشري بعد للتكيف معها بمرونه.

 فهل اصبح البشر عاجزين حقًّا عن مواكبه تطور التكنولوجيا السريع؟

لنجيب عن السؤال سنحاول طرق ثلاثه جوانب اساسيه، وهي علاقه التكنولوجيا بالبشر، وطبيعه التكنولوجيا التي نمتلكها اليوم، وكيف ستبدو التكنولوجيا مستقبلًا.

التكنولوجيا والبشر، من يطور من؟

يقول احد اوائل المنظرين الاجتماعيين للتطور التكنولوجي، وهو الامريكي مارشال ماكلوهان، بان الوسيط التكنولوجي هو نفسه الرساله، ويقصد بذلك ان الوسائط التكنولوجيه بطبيعتها تختزل مضمونًا معينًا في ذاتها، بحيث تخلق بيئه جديده تساهم في تغيير طريقه تفكير الانسان ورؤيته، وهكذا فان الجيل الذي تربي مع الراديو والصحف، يختلف في تفكيره ونمط حياته عن  الجيل الذي نشا في احضان الانترنت والهواتف الذكية.

بهذا المنظور تكون التكنولوجيا مؤثره في تحديد نمط حياه الانسان وطريقه تفكيره، وهو ما يثير فزع البعض من طبيعه تكنولوجيا اليوم، والغموض الذي يكتنف حول تاثيراتها علي حياتنا.

يتحدث كيفين كيلي في هذه المحادثه الشيقه عن كيف تؤثر التكنولوجيا في حياتنا، يمكنك متابعتها لمعرفه اكثر في هذا الجانب. لاظهار الترجمه انقر علي substile اسفل الفيديو.

بالمقابل فظهور ادوات تكنولوجيه ما لا يرتبط فقط بتحقيق التراكم المعرفي الكافي لاخراجها الي الوجود، وانما ينبغي ايضًا ان تتوافق مع الجانب الاجتماعي للافراد والا سيلفظونها، فقد ظهرت العديد من الاختراعات التي اهملت من قبل المجتمعات، نظرًا لعدم تلبيتها الحاجات الاجتماعيه والنفسيه الحقيقيه للافراد بمرونه كافيه، اذ ان لكل اداه وظيفه مزدوجه، اجتماعيه واخري تقنيه وظيفتها البحته.

بهذه الطريقه تساهم المجتمعات ايضًا في توجيه بوصله تطور التكنولوجيا نحو الاشياء التي تحتاجها اكثر، وتلفظها حينما لا تتوافق مع الطبيعه الاجتماعيه للافراد، انه نوع من الديموقراطيه التي من خلالها يستطيع الجمهور السماح لتكنولوجيا معينه ان تواصل تطورها بالاقبال عليها، او الكف عن استهلاكها وبالتالي اهمالها، وبهذا المعني يصبح الناس هم من يطورون التكنولوجيا وهم من يحدد اتجاهاتها.

بدا البشر باستعمال الادوات منذ العصور البدائيه، فكان يصنع ادوات بسيطه من اجل اداء مهام بطريقه اقوي، وما فتئ يطور ادواته عصرًا بعد عصر حتي يومنا هذا، لكن ما حصل في العقود الاخيره، هو انه اصبح يطور ادواته علي مستوي مجرد، بخلاف العصور الاخري التي كان فيها التطوير علي المستوي الفيزيائي فقط.

بدخول البشر عصر الاتمته والرقميات، بدات تتلاشي الحدود بين عقل الفرد والادوات التي يستعملها، بل ان تكنولوجيا اليوم اصبحت امتدادًا لعقولنا، بحيث لا يمكن لكثير منا القيام بالعديد من عمليات التفكير بدونها، صارت الادوات تؤدي وظيفتها بطريقه فائقه الدقه والقوه والسرعه بل انها تتحول شيئًا فشيئًا من طبيعتها الغبائيه الي اكتسابها درجه من ذكاء.

لناخذ مثالًا علي ذلك الهاتف الذكي، وهي الواسطه التكنولوجيه التي تميز عصرنا هذا، بفضله اصبحنا نخترق الزمان والمكان، ونفوض اليه الكثير من مهامنا، ويختزن داخله صندوقًا من كل الادوات القديمه: التليفون، والتليفزيون، والراديو، والسينما، والكتاب المطبوع، والاسطوانه، والجريده، والمجله، والخطاب، والتلغراف، والمحادثه، والمكتبه، والمدرسه، والمحاضره، وماكينه الصرف الالي، والكمبيوتر، وادوات اخري لا حصر لها.

يشرح الباحث الانثروبولوجي جان شيباس طريقه تعامل البشر مع الهاتف حيث يتجاوز ذلك الوظيفه التقنيه الي ابعاد اخري، لنتابع ما يقول.

انه بمثابه ثقب اسود يجتذب اليه يومًا بعد يوم مع تطور تقنياته وتطبيقاته المزيد من الادوات والوظائف، ليصبح وسيطًا ساخنًا يغمر حواسنا بمجرد لمسه، خالقًا بيئه اصطناعيه.

الي اين تتجه التكنولوجيا اليوم؟

عوده الي موضوع نظارات “جوجل جلاس” التي لم تلق رواجًا، بالرغم من قيامها بنفس الوظائف والمهام التي يقوم بها الهاتف الذكي بطريقه اكثر فوريه ومرونه، يجدر بنا في هذا الحال تتبع خط تطور التكنولوجيا عامه، حيث نستشف من ذلك ان التكنولوجيا تزداد مع الوقت فوريه ورمزيه وشموليه في وظائفها.

يقوم سيرجي برين احد المسؤولين في شركة جوجل، باعلان لتكنولوجيا النظارات الذكيه.

وهذا ما تحققه النظارات الذكيه ايضًا، لكن يبدو ان جوجل تسرعت في هذه النقله النوعيه علي مستوي الرمزيه بالتحديد، فالناس بالرغم من كونهم اصبحوا اكثر تطبيعًا مع العالم الافتراضي، الا انهم ما يزالون غير مستعدين كفايه للتخلي عن الحدود الواقعه بين العالم الطبيعي والافتراضي والدخول في عالم “الواقع المعزز”، كما ان البشر اعتادوا منذ عصور بعيده استعمال ايديهم اثناء استخدام الادوات وما يزالون كذلك مع الهاتف الذكي، بيد ان النظارات الذكيه تكسر هذه العاده المتاصله القديمه في الانسان، وربما لهذا السبب لم ينتشر بعد استعمال السيارات ذاتيه القياده، وهي تكنولوجيا متوفره حاليًا.

لدي الشركات التقنيه في وادي السيلكون ما اسماه مايكل ساكزاس «عقده بورج»، وهو الاعتقاد شبه الديني بان تكنولوجيا الكمبيوتر قوه لا يمكن ايقافها، تحملنا الي عالم افضل، والخاسرون فقط سيكونون من الغباء بحيث يقاومون التكنولوجيا، هذا الاعتقاد يجعلهم يمضون في طريقهم دون الالتفات الي مدي رغبه الناس بهذا الطريق اصلًا، ودون تحديد واضح وشفاف لتاثيرات هذا المسار علي حياتنا الاجتماعيه، او علي الاقل حجم الجرعه التي نحتاجها.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل