المحتوى الرئيسى

ما هو الحيوان ذو الفرو الأكثر كثافة في العالم؟

10/20 12:29

ربما تكون الحيوانات التي يكسوها الفراء علي درجه فائقه من الوداعه واللطف، ولكن اتخاذها لهذا الوبر رداءً لاجسادها لا يستهدف بطبيعه الحال حملنا علي معانقتها.

بالنسبه لحيوان يعيش في اكثر بقاع العالم بروده، يبدو تمتع جسده بالعزل الحراري امرا اساسيا وحيويا لضمان بقائه علي قيد الحياه.

من بين السبل المُحقِقَه لهذا الهدف، ان يكون لمثل هذا الحيوان طبقه سميكه من الدهن تحت جلده. لكن بوسع كل من سبق له رؤيه احد حيوانات الفظ - وهو يتخبط في مناطق مختلفه من الشاطئ من فرط سمنته - يدرك انه يمكن ان تكون للسمنه مضارها كذلك؛ اذ انه لا يجتمع للحيوان البدين القدره علي الحفاظ علي جسده دافئا والابقاء علي حركته رشيقه.

وبوسع حيوان مثل الثعلب القطبي تحمل البروده القارسه التي تسود المناطق القطبيه في الشتاء، اذ ينجح في البقاء علي قيد الحياه خلال فترات طويله تصل فيها درجات الحرارة الي ما هو ادني من 20 درجه مئويه تحت الصفر، وذلك بفضل تمتعه ببعض الاليات المدهشه التي تُعينه علي التكيف مع الاجواء المحيطه.

ومن بين اكثر هذه الاليات تميزا؛ ذاك الرداء من الفراء الذي يكسو جسد الثعلب القطبي، والذي يبدل لونه من البني الي الابيض، ويزيد طوله للتكيف مع انخفاض درجات الحراره خلال فصل الشتاء الكئيب شديد البروده.

وفي بقاعٍ بعينها، يمكن ان تنمو هذه الطبقه الي ضعف طولها الاصلي. ويساعد الجزء السفلي منها – عندما يزيد طولها - علي عزل جسد الثعلب حراريا عن الارضيه شديده البروده، سواء عندما يجلس او يستلقي. ويمتد ذلك الي باطن اقدامه الذي يكون مكسوا بدوره بالفراء.

وعندما يلتف الحيوان حول نفسه علي شكل كره، يطوي انفه تحت ذيله، تاركا فرءاه شديد السمك فحسب مُعرضا لعوامل الجو الخارجي.

 يمكن للثعلب القطبي تحمل درجات حرارة منخفضه للغايه تصل الي 70 درجه مئويه تحت الصفر

ويقول ستِفن ميدجلي، الباحث في مركز الثعلب القطبي بمدينه سوذافيك الايسلنديه: " يتراوح الفراء الشتوي ما بين 45 - 60 ميليمترا (طولا)، ولكنه يوفر قدرا كبيرا للغايه من العزل الحراري مُقارنهً بطوله".

ويضيف ميدجلي: " في المجمل؛ يمكن للثعلب القطبي تحمل درجات حراره منخفضه للغايه تصل الي 70 درجه مئويه تحت الصفر. ومن المفاجئ دائما ان تعلم مدي خفه وزن الفراء (الذي يكسو اجساد هذه الحيوانات) عندما تحملها وكل هذا الفرو ملتف حول اجسادها الصغيره".

ويمكن القول ان هيكل هذه الطبقه من الفراء وبنيتها هو ما يجعل بوسعها حمايه الثعلب من مثل هذه الاجواء قارسه البروده، رغم ان سمكها لا يتجاوز بضع بوصات.

فهناك تحت الطبقه الخارجيه التي توجد فيها شعيرات الفراء الاكثر طولا، تقبع طبقه اخري اكثر نعومه وكثافه تمثل نحو 70 في المئه من الفراء ككل. ويؤدي ذلك الي حجز طبقه من الهواء تحت الجلد مباشره. ويشكل الهواء عنصرا جيدا للعزل الحراري، نظرا لانه لا يتسم بالكثافه الشديده، ولذا تتحرك الحراره عبره بوتيره بطيئه.

ويعمد العديد من الخبراء في شؤون المناطق القطبيه الي اللجوء الي هذه الحيله لتدفئه انفسهم. فمستكشفو هذه المنطقه يرتدون سترات محشوه اما بريش اوز عازل للحراره، او بالياف صناعيه تُحاكي هذا الريش.

وبعيدا عن بني البشر، ينمو لثيران المسك، وهي حيوانات متوطنه في غرينلاند ومنطقه القطب الشمالي الكندي، ستراتها الخاصه من الفراء. ويُعرف الفراء اللصيق بجلد هذه الحيوانات باسم "كي فييت"، وهو عباره عن طبقه من الصوف الناعم.

وكما هو الحال مع الثعلب القطبي، تنمو هذه الطبقه لتمنح الحيوان الدفء خلال فصل الشتاء، بينما تتساقط من علي جسده عندما ترتفع درجة الحرارة في الربيع.

 بامكان ثيران المسك التكيف مع درجات الحراره المنخفضه جدا

ويمكن لثور المسك الواحد ان يطرح عن جسده، وهو في طور البلوغ، ما يصل الي 3.5 كجم (8 ارطال) من هذا الفراء الداخلي، الذي يمكن غزله ونسجه ليشكل صوفا؛ يري الكثيرون انه الافضل في العالم من حيث القدره علي منح الدفء لمن يرتديه.

وبالنسبه لثيران المسك الكبيره في السن، يمكن ان تصل ما تُعرف بـ"الشعيرات الحارسه" - التي تتسم بالطول اساسا - الارض من فرط طولها، وهو ما يعني ان طول رداء الفراء الاشعث الذي يكسو تلك الحيوانات، يمكن ان يفوق المتر (ثلاثه اقدام) في بعض المناطق.

لكن لا تزال الفكره القائله ان ثيران المسك هي الحيوانات صاحبه الفراء الاغزر والاكثر كثافه في العالم غير مرضيه لغالبيه الناس. وهنا يتعين علينا ان نبدا بالتوافق علي تعريفٍ للفراء من الاصل.

فعلي سبيل المثال، من غير المرجح ان يعتبر المرء نفسه مُشعِراً او مكسوا بالزغب حتي اذا ما كان من بين من سايروا صرعه اطاله اللحيه. وبالمثل، لن يُطلق مثل هذا الشخص الوصف نفسه علي نعجه ما.

رغم ذلك، فان الفراء والشعر والصوف كلها في واقع الامر شيء واحد من حيث التركيب الكيمياوي؛ فهي ليست سوي بروتين ليفي يُعرف باسم "كيراتين"، يتكون منه كذلك الريش والاظافر والحوافر والقرون لدي الحيوانات والطيور.

ولذا يمكن القول ان هذه التكوينات الثلاثه؛ الفراء والشعر والصوف، لا تختلف سوي من حيث المسميات التي يطلقها البشر عليها.

وبحسب المفاهيم الشائعه؛ يتسم الفراء بالنعومه والسُمك والِقصر النسبي. اما الصوف فهو كثيف بدوره مثل الفراء، ولكنه يتالف من شعيرات وضفائر ناعمه واكثر دقه ونحافه، يمكن ان تنمو لتصبح اكثر طولا من نظيراتها المكونه للفراء.

في الوقت نفسه، من المرجح ان يكون الشعر متناثرا ومتفرقا بشكل اكبر وكذلك اكثر خشونه، ويمكن ان ينمو ليبلغ طوله مستويات مذهله.

وفي الوقت الحالي، تحمل سيده صينيه تُدعي سيه كيابينغ لقب صاحبه اطول شعر في العالم، اذ يماثل طول شعرها الذي يبلغ 5.62 مترا (18.43 قدما) طول احدي الزرافات تقريبا.

 يعد فراء حيوانات الشنشيله الاكثر نعومه علي الاطلاق في العالم

وبغض النظر عن المسمي الذي يعطيه المرء لهذه التكوينات – سواء فراء او شعر او صوف، فانها كلها تنبت من تجاويف وثغرات خاصه في الجلد يُطلق عليها اسم المسام. وتنعم الحيوانات ذات الفراء الاكثر كثافه اما بالكثير من هذه المسام¬، او تنبت لديها شعيرات متعدده من كل واحده من تلك المسام.

وهنا ناتي للحديث عن حيوانات الشنشيله، وهي حيوانات قارضه تعيش علي ارتفاعات تتراوح ما بين 3000 – 5000 متر (9800 – 16400 قدم) فوق سطح البحر، وذلك في سلسله جبال الانديز بامريكا الجنوبيه.

وتكتسي هذه القوارض بفراء شديد الكثافه حتي يتسني لها البقاء علي قيد الحياه في ذلك البرد القارس الذي يسود المناطق التي تعيش فيها. وتنجم كثافه هذا الفراء من حقيقه انه ينبت لهذا الحيوان اكثر من 50 شعره رفيعه ودقيقه من كل واحده من المسام المتناثره في جلده. ويعد فراء حيوانات الشنشيله الاكثر نعومه علي الاطلاق في العالم.

وبطبيعه الحال لم يصرف ذلك انتباه الصيادين عن تلك الحيوانات. فقد ادرج الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعه كلاً من الشنشيله طويله الذيل، والشنشيله قصيره الذيل علي قائمة الحيوانات المهدده بالانقراض بشده، نظرا لتعرضها لعمليات صيد مكثفه للغايه منذ القرن التاسع عشر.

وبدورها باتت ثعالب الماء علي شفا الانقراض علي نحو خطير وذلك بسبب فرائها السميك، الذي يتكيف بشكل خاص مع طبيعه حياتها شبه المائيه.

وينقسم فراء هذه الحيوانات بدوره الي طبقتين: احداها طبقه عزل حراري داخليه تحميها طبقه من الشعيرات الحارسه المضاده للماء. ويحول ذلك دون ان تمس المياه جلود تلك الحيوانات، وكذلك يؤدي الي ابعاد البروده عنها.

ولعل هذا المزيج الذي يوفره فراء ثعالب الماء، ما بين تدفئه الحيوان وحمايته في الوقت نفسه من وصول الماء اليه، هو بالتحديد ما جعله مطلوبا بشده.

اما ثعالب البحر، التي تعيش في منطقه المحيط الهادي الشمالي، فقد كادت ان تنقرض بفعل عمليات الصيد، التي جعلت عددها في البريه لا يتجاوز نحو الفين حينما حُظر الاتجار في فرائها عام 1911.

وفي ورقه بحثيه جري نشرها عام 2010؛ قارن باحثون بين كثافه الشعر الموجوده في فراء ثعالب الماء الاوراسيه ونظيرتها في ثعالب البحر.

ووجد الباحثون ان لدي ثعالب الماء الاوراسيه ما يربو علي 80 الف شعره في كل سنتيمتر مربع من جلد كل منها، بينما يصل هذا العدد الي مستوي مذهل في ثعالب البحر اذ يبلغ نحو 140 الف شعره لكل سنتيمتر مربع.

 ثعلب البحر هو الكائن ذو الفراء الاكثر كثافه علي سطح الارض

وبالمقارنه بذلك، تبين ان عدد الشعر الكائن في فراء كل من الثعالب القطبيه وحيوانات الشنشيله يصل الي 20 الف شعره في كل سنتيمتر مربع من جلودها. اما ثور المسك فلا يتجاوز العدد لديه 420 شعره لكل سنتيمتر مربع بدوره. وهنا يتضح بجلاء ان ثعلب البحر هو الكائن ذو الفراء الاكثر كثافه علي سطح الارض.

ولكن لماذا يحظي هذا الحيوان بذلك؟ يُعزي هذا الامر الي تاريخ الفصيله التي ينتمي اليها، وكذلك طبيعه البيئه التي يعيش فيها.

بدايه تجدر الاشاره الي ان كل الثدييات المائيه تستطيع الحفاظ علي اجسادها دافئه، بفضل وجود طبقه من الشحم والدهن تحت جلودها؛ باستثناء ثعالب البحر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل